العدد 780 - الأحد 24 أكتوبر 2004م الموافق 10 رمضان 1425هـ

استقالة «العريبيين» خسارة للقضاء الجعفري

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

الاستقالة المشتركة التي قدمها كل من القاضي الشيخ عبدالحسين العريبي والقاضي الأكاديمي الشيخ علي العريبي تعتبر ضربة موجعة لمحاولات اصلاح مؤسسة القضاء الجعفري. وتتزامن هذه الاستقالة مع اشتداد الحوار بشأن موضوع تقنين الاحوال الشخصية، وهو الموضوع المرتبط مباشرة بالمحاكم الشرعية بشقيها السني والجعفري (الاحوال الشخصية لغير المسلمين تدار شئونها من قبل المحاكم المدنية).

قبل عام كنا نشتكي كثيرا من القضاة في المحاكم الشرعية، وحمدنا الله ان الجهات المعنية استجابت لاول مرة وعينت شخصيات مشهود لها بالخبرة وسمعنا الكثير من القضاة الذين دخلوا بطموح كبير، ولكننا صعقنا أمس عندما سمعنا عن استقالة اثنين ممن كان يؤمل منهما الخير. وقد كانت الحكومة طلبت من ثلاثة قضاة سابقين الجلوس في المنزل مع استمرار صرف المخصصات لهم، ولكن الآن ومع وجود الفراغ الذي أحدثته الاستقالتان فاننا نعود الى نقطة الصفر مرة أخرى.

هناك اسباب عدة ربما دفعت العريبيين إلى الاستقالة، منها تباطؤ الجهات الرسمية في الاستجابة لتنفيذ عدد من الاجراءات الاصلاحية التي وعد بها القضاة قبل تسنمهم المنصب.

مشكلة أخرى تكمن في عدم وجود كادر حقيقي للقضاة، فقد ترى من هو أخبر وأعلم أقل مرتبة (من ناحية الكادر) ممن ليس له مستوى مماثل، وهذا بحد ذاته يؤثر على النفسيات وعلى طريقة العمل داخل المؤسسة القضائية الجعفرية.

ومشكلة أخرى هي ان الذين دخلوا القضاء خالفوا أعرافا سائدة تتحذر من دخول المؤسسة الرسمية، وتعرض بعضهم، لاسيما الأكاديمي علي العريبي، الى حملات تشهير وتسقيط. وعلى رغم ان مثل هذه الحملات متوقعة فإن العريبي لايبدو انه استعد اليها نفسيا.

الوالد الشيخ عبدالأمير الجمري - عافاه الله - تعرض لحملات شرسة (اكثر ضراوة مما تعرض له العريبي بآلاف المرات) منذ دخوله القضاء الجعفري العام 1977 حتى إقالته (وهو أول شخص يقال لأسباب سياسية وبأسلوب غير دستوري وغير قانوني) في العام1988. ولم تهدأ الحملات التشهيرية الا بعد ان اعتقلته السلطة واعتقلت ابناءه، والحملة فعلاً كانت شرسة واشترك فيها اقرب المقربين قبل الاباعد. ولكنه تحمل كل ذلك لانه اعتقد بأهمية العمل في المجال الذي يمكن من خلاله خدمة الناس، بحسب تعبيره.

كان على «العريبيين» ان يضعا ايديهما مع اي طرف يود اصلاح الامور والعمل من الداخل قدر الامكان قبل الخروج او تقديم الاستقالة. فالمحاكم الجعفرية كانت أفضل بكثير مما هي عليه الآن وبسبب ما يجري فيها فإن سمعة ممارسة ما تطلبه الشريعة الاسلامية ليست حسنة مع انعدام القانون او اللائحة الداخلية ومع عدم الالتزام بأية اجراءات. فالامر الحالي متروك لكل قاض يحكم بما يراه، وهذا يصعّب على المحامين ان يدافعوا عن حقوق الناس في المحاكم، لأن المحامي يفترض وجود قانون او لائحة او مدوّنة او اجراء يرجع اليها، وهي جميعها معدومة في القضاء الشرعي.

اللوم يوجه إلى علماء آخرين ايضا، مثل السيد عبدالله الغريفي وغيره، من الذين يرفضون الدخول في المؤسسة، ويكتفون بالدعوة الى اصلاحها من الخارج ويعتبرون انفسهم مراقبين وكأن الامر يخص غيرهم فقط

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 780 - الأحد 24 أكتوبر 2004م الموافق 10 رمضان 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً