العدد 828 - السبت 11 ديسمبر 2004م الموافق 28 شوال 1425هـ

تناقضات الإسلاميين والعلمانية

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

مؤتمر الإسلام والديمقراطية الذي أقيم في البلاد الأسبوع الماضي كان فرصة رائعة للجمع بين الإسلاميين والعلمانيين - إذا جاز القول- من القوى السياسية المختلفة الموجودة لمناقشة قضية مهمة مثل الديمقراطية. ولكن يبدو أن مثل هذه الفرص الثمينة والنادرة هناك من يحرص على تفويتها وعدم الاستفادة منها البتة.

ولا يقصد هنا عموم الإسلاميين من التيار الشيعي والسني، وإنما من الأخير تحديداً، فقيادات هذا التيار كان لها حضور رمزي على مدى يومي المؤتمر من دون المشاركة في مناقشات المؤتمر وحواراته. وهذه الحقيقة تخالف واقع قوة هذا التيار وحجم قواعده الشعبية والكفاءات التي يمتلكها وامتداداتها البرلمانية الواضحة.

ثمة إشكال لدى التيار الإسلامي السني، فهو يعاتب دائماً القاعدة العريضة من السنة، وحتى قواعده سواء كانت سلفية أم من الإخوان على فتورها وعدم مشاركاتها في المناسبات واللقاءات العامة وتفاعلها معها. ولكن كيف يمكن تحقيق هذا المطلب إذا كانت القيادات التي تدعو إلى ذلك هي أولى الناس ابتعاداً عن مثل هذه اللقاءات؟

فرصة مؤتمر الإسلام والديمقراطية كانت أكثر من ممتازة للتحاور بين الإسلاميين السنة والعلمانيين حول التحول الديمقراطي الذي يعيشه النظام السياسي البحريني حالياً، وهو فرصة مثالية للتعرف على نقاط الالتقاء والتباعد بالنسبة إلى كثير من القضايا السياسية المهمة بين الإسلاميين والعلمانيين.

قضية أخرى مرتبطة بالموضوع تشير إلى أنه في السابق كانت القطيعة بين الإسلاميين السنة والعلمانيين بسبب قوة المد اليساري وضعف التيار الإسلامي ومسألة التكفير والخطاب الحاد المتبادل في جملة من القضايا. ولكن الواقع تغير اليوم وانقلبت موازين القوى، ويبدو أن الإسلاميين السنة لديهم قناعة بضرورة نفي الآخرين كما فعل العلمانيون سابقاً وعدم التعامل معهم والعمل من أجل الذات لا أكثر.

هناك أسباب كثيرة تدعو إلى مد جسور التواصل المتبادل بين الإسلاميين السنة والعلمانيين حول قضية الديمقراطية. ومن معطيات النظام السياسي البحريني يمكن ملاحظة أن من أهم أسباب ضعف التنظيمات السياسية حال التشرذم في العمل وغياب التنسيق عموماً، وخصوصاً بين الجمعيات السياسية الإسلامية ونظيرتها اليسارية. ومنذ بدء الانفتاح لم يشهد الجانبان حواراً جاداً وتنسيقاً مستمراً بشأن مستجدات الساحة السياسية على الأقل فضلاً عن الحوار بشأن مفهوم الديمقراطية وطبيعة الديمقراطية المنشودة للمجتمع البحريني، وهو ما انعكس لاحقاً في كثير من المسائل منها: المقاطعة والمشاركة في الانتخابات، ميثاق التنسيق السياسي، قانون الجمعيات السياسية، قانون التجمعات العامة، وغيرها.

مثل هذه الظروف تدفع نحو القول بضرورة البدء في حوار جاد بين الإسلاميين والعلمانيين بشأن الديمقراطية والتعرف على الآراء والمواقف تجاه الكثير من القضايا المرتبطة بها بدلاً من الابتعاد عن مستجدات الواقع، فالإسلاميون السنة تحديداً لا يملكون خبرة سياسية سابقة ويملكون الشارع حالياً في حين أن العلمانيين يملكون خبرة سياسية سابقة ولكنهم يفتقدون الشارع. ومن هنا فإن ثمة معادلة صعبة ينبغي معالجتها، واستمرار الخلل فيها لن يزيد الأوضاع إلا سوءاً وتعقيداً في النظام السياسي

العدد 828 - السبت 11 ديسمبر 2004م الموافق 28 شوال 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً