العدد 838 - الثلثاء 21 ديسمبر 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1425هـ

قمة وصمت وانتظار وتجميد

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

قمة مجلس التعاون الخليجي تحتاج إلى خبرة خاصة للتعامل معها. فهي قمة صامتة في أكثر أوقاتها، والصحافيون يتضورون جوعاً من قلة المعلومات، ولكنهم يمتلئون من فضل أنواع الطعام والشراب، ولذلك فإنهم يمتلئون أكلاً ويزيد وزنهم بينما يبدأون نسيان السبب الذي جاءوا من أجله لأن المعلومات أقل من الصفر. وعليه فلا غرابة أن تبحث الفضائيات عن أي شخص ليعلق على القمة، حتى لو كان قابعاً في زاوية من زوايا لندن. والحق يقال، فإن البعيد عن القمة ربما يكون أفضل من القريب لأنه سيحافظ على وزنه ومستوى أكله ولذلك فإنه سيكون أكثر صفاء في التخمين والتعليق على التخمين.

الساعة الحادية عشرة من صباح أمس كان موعد البداية، ولكن واقع الحال هو أن الجميع دخلوا قاعة النور في فندق الريتز كارلتون بحسب الوقت ليكتشفوا أنهم سينتظرون حتى بعد الواحدة والنصف بعد الظهر لكي تبدأ الجلسة الختامية.

بعد أن يطول الانتظار والانتظار تجمد عضلات الأرجل على عظامها فتبدأ الجلسة الختامية ويُلقى البيان الختامي ليقول - بصورة فعلية - إن أهم الموضوعات (السوق الخليجية المشتركة والعملة الخليجية الموحدة) تم تجميدها وعليها أن تنتظر تماماً كما انتظر الجميع في القاعة في صمت وتجمدوا في مقاعدهم بانتظار الفرج والإفراج عن البيان.

التصريحات شحيحة من الناحية الرسمية، ولكنها غير شحيحة من جوانب أخرى. فمكان الاجتماع يضم تقريباً كل الوزراء وأهم شخصيات الدولة وكل السفراء وكبار المسئولين الخليجيين. والانتظار يعتبر من أفضل وسائل التعليم والحوار بين المنتظرين.

الأسئلة من كل مكان والأجوبة أيضاً. الموقف السعودي له مشروعية؛ لأن مجلس التعاون يمثل كتلة واحدة، وأية حوارات اقتصادية أو أمنية مع القوى الخارجية ينبغي أن تكون معها ككتلة وواحدة. ولكن ما هي الآلية والكيفية؟ وهل لدينا تجربة مماثلة؟ الجواب أن لدينا تجربة الحوار الاقتصادي بين مجلس التعاون والاتحاد الأوروبي. ولكن متى بدأت هذه الحوارات؟ اختلفت الأجوبة بين 14 سنة و 18 سنة، ولكن الجميع اتفقوا على أن نتيجة ذلك الحوار هو «الصفر» أو ما يقارب الصفر. إذاً، ماذا لو اتفق الخليجيون على الحوار الاقتصادي مع الأميركان ككتلة واحدة، فكم ستستغرق المدة؟... عشر سنوات؟... عشرين سنة؟ ربما لا يكون الوقت مهماً، لأن القمة تتصف بالصمت والانتظار وتجميد الأجسام على المقاعد.

ماذا عن الإصلاح والديمقراطية وحقوق الإنسان (رجلاً كان أو امرأة) والشفافية وحرية تدفق المعلومات والصراحة في قضايا الشأن العام؟ ولماذا يتم استخدام عبارات أخرى مثل «التحديث» و«التطوير» بدلاً منها؟ هل أن هذه الكلمات لم تصل بعد إلى القاموس السياسي لمجلس التعاون الخليجي؟

لا أعتقد أن الأجوبة ستنهال على الأسئلة أعلاه، لأن قمة التعاون تعمل على أسس مختلفة عن باقي القمم؛ فالصمت يتطلب الصمت، والانتظار يتطلب الانتظار، والتجميد يتطلب التجميد، ولكن المشكلة أننا نعيش في زمن لا يستطيع الانتظار كثيراً ولا يقبل بالصمت المطبق على الأنفاس ولا يتحمل التجميد... لأن العالم في حركة دائبة

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 838 - الثلثاء 21 ديسمبر 2004م الموافق 09 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً