العدد 839 - الأربعاء 22 ديسمبر 2004م الموافق 10 ذي القعدة 1425هـ

العراق: الاستثمار وكلفة الأمن

محمد الاسباط comments [at] alwasatnews.com

راوحت الدعوات التي ظل يطلقها المسئولون العراقيون الموجهة إلى رجال الأعمال العرب للاستثمار في العراق والمساهمة في نهضته مكانها منذ أن وطأت قوات الاحتلال الأميركي أرض العراق وإلى الآن. ذلك لأن الجميع يعرفون ارتفاع كلفة الاستثمار في ظل انعدام الأمن وسيادة العقلية الأمنية العسكرية وآثارها السالبة على مناخ الإنتاج وعطاء العاملين.

غير أن الشركات الأميركية والغربية الكبرى وبعض الشركات العربية باشرت مغامرة الدخول في السوق العراقية المضطربة منذ أن دانت للقوات الأميركية السيادة على مجمل الأراضي العراقية.

وتفاوتت النتائج السالبة من شركة إلى أخرى فبعضها انسحب من المنطقة الأكثر اضطرابا في العالم والبعض خفف من وجوده في الأراضي العراقية وقلل عدد العاملين والخبراء إلى أقل حد ممكن في حين آثر البعض الآخر البقاء مع اتخاذ أقصى درجات الحذر الممكنة.

وهكذا ظل هاجس الأمن الذي رفع كثيرا من كلفة الاستثمار في العراق يؤرق كل باحث عن فرص استثمارية في أرض بكر ومعطاءة وواعدة لكنها مصابة في الوقت ذاته بلعنة اسمها الاحتلال الأميركي.

وفي هذا السياق ذكرت تقارير صحافية أن شركة «كونتراك انترناشيونال» الأميركية أعلنت انسحابها من جهود إعادة إعمار العراق بسبب الكلف الأمنية الباهظة، لتكون أول شركة أميركية كبرى تقوم بذلك، وفقا لما أوردت صحيفة «لوس انجليس تايمز» أمس (الأربعاء).

إذ قال رئيس الشركة كريم كامل طويق «لقد وصلنا إلى مرحلة أصبحت فيها كلف توفير الأمن باهظة جدا».

وكانت «كونتراك» التي يقع مقرها في «ارلينغتون» بفرجينيا حصلت على عقد بقيمة 325 مليون دولار للمشاركة في إعادة إعمار نظام النقل المدمر في العراق.

وكشف مسئولون أميركيون أنه تم التوصل إلى قرار كونتراك إنهاء أعمالها في العراق بالاتفاق مع الحكومة الأميركية الشهر الماضي إلا انه لم يتم الإعلان عنه في حينه.

وتعتبر كونتراك، ابرز عضو في مجموعة من الشركات حصلت على 12 عقدا كبيرا في إعادة إعمار العراق في 2004.

وإن كان هذا حال شركة من بلد الاحتلال فما بالك بشركة من بلد تدين شعوبه الاحتلال وتلعنه ليل نهار.

وهكذا تبقى مسألة «الأمن» المسألة الأكثر تعقيدا فيما يتصل بالاستثمار في العراق عقدة لا يحلها إلا العراقيون الذين يعرفون أكثر من غيرهم حاجتهم للاستثمارات الأجنبية الضخمة الموعودة.

غير أنهم لا يستطيعون التعاطي مع الأمر تحت أسنة الرماح في ظل وجود الاحتلال الذي ستذهب بزواله «العقدة» أو تقل مخاطرها على أقل تقدير

العدد 839 - الأربعاء 22 ديسمبر 2004م الموافق 10 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً