العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ

2004 عام الأحزان السورية

فايز سارة comments [at] alwasatnews.com

.

قد يكون من الاعتيادي القول ان العام 2004 كان عاما حزينا في سورية، واعتيادية هذا القول ترتبط بأحزان عامة أحاطت بسورية، كما أحاطت بغيرها من البلدان العربية والإسلامية التي امتدت لتشمل مختلف دول العالم، بما تركته حوادث آخر العام 2004 من أحزان ناتجة عن الزلزال الآسيوي وما خلفه من دمار قاتل شمل بلدانا في آسيا، وامتد إلى إفريقيا، فيما ضربت نتائجه العالم كله، وجعلت خاتمة أيامه حزينة وبائسة.

وإذا تشارك السوريون في أحزانهم مع بقية العالم فيما تركه عليهم الزلزال الآسيوي من أثر، فقد كانت لأحزانهم دائرة أصغر، تجمعهم مع المحيط العربي والاسلامي، تأتي في تفاصيلها في الأوضاع المتفجرة الجاري تتابعها في أكثر من بلد عربي وإسلامي سواء في إطار ما يوصف بـ "الحرب على الارهاب" وتجري حوادثه في العراق وفلسطين وأفغانستان، أو في الصراعات الداخلية المتواصلة في أكثر من بلد، كما يحدث في السودان والجزائر والسعودية وبلدان أخرى. وفي الحالتين يتتابع مسلسل تدمير الإمكانات والقدرات البشرية والمادية لهذه البلدان سواء بفعل وممارسات قوى الاحتلال وخصوصا الأميركي - الاسرائيلي في العراق وفلسطين، أو بواسطة قوى محلية على نحو ما يحصل في الجزائر والسعودية، أو بمشاركة القوى الخارجية والمحلية على نحو ما يجري في أفغانستان.

أما الدائرة الثالثة في أحزان السوريين، فهي دائرة تخصهم وحدهم، وتتصل أساسا بأوضاعهم القائمة ومستقبل بلادهم، وهو أمر كان محط اهتمامهم بصورة ظاهرة وعلنية في السنوات القليلة الماضية على نحو خاص في إطار مساعيهم لمعالجة مشكلاتهم القائمة، والتصدي للمشكلات المحتملة في ضوء جملة الوقائع السياسية والاقتصادية والاجتماعية الظاهرة.

وأحزان السوريين في هذا الجانب، إنما تعود الى تقديرهم، ان العام 2004 رحل من دون ان يحققوا تقدما في معالجة ما هو قائم من مشكلات، وأنهم لم يستعدوا لمواجهة التحديات المقبلة. بل ان بعض المشكلات تفاقمت، وإمكانات السوريين على مواجهة التحديات تراجعت، وبذلك صارت ظروف السوريين في العام 2005 أصعب مما كانت عليه الحال في العام الراحل، وهذا سبب آخر لحزن السوريين.

وإذا كان من المتعذر في الحيز المتاح القيام بحصر لمشكلات السوريين التي لم تحل في العام الماضي، فإن من الممكن الإشارة الى بعضها. والأهم فيها، تمثله المشكلات السياسية، والتي بات حلها يتطلب تغيرا في العقل السياسي الحاكم وفي طريقة إدارة السياسة السورية في المستويين الداخلي والخارجي، وفي خلق ظروف أفضل للمشاركة السياسية للسوريين من خلال تغييرات قانونية وإدارية بينها إجراء تعديلات في الدستور السوري، تأخذ في الاعتبار التبدلات الجارية، إضافة الى إصدار قوانين جديدة مثل قانون جديد للاحزاب والجمعيات، وإطلاق الحريات العامة والصحافية، وطي ملف الاعتقال السياسي، ومعالجة أوضاع السوريين الموجودين في الخارج لأسباب قهرية، وإلغاء المحاكم الاستثنائية، وطي العمل بحالة الطوارئ المعمول بها منذ العام .1963

والجانب الآخر من الأحزان السورية متصل بما تتركه المشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي لم تحل من اثر في حياة السوريين، وبينها مشكلات الفقر والغلاء والتضخم والبطالة، وكلها شهدت تصاعدا ملموسا في العام ،2004 لدرجة يمكن معها القول إن السياسة الرسمية بمشاركة ظروف خارجية ساهمت في تفاقم تلك المشكلات على نحو ما أدت قرارات الحكومة في فرض رسوم ضرائبية جديدة، كان لبعضها تأثير في رفع الأسعار الى حدود النصف في سلع ومواد اساسية محلية.

لقد عجزت الحكومة عن اتخاذ إجراءات من شأنها معالجة الركود الاقتصادي، والتصدي بجدية لمشكلة البطالة التي تلف أكثر من مليون سوري، وتجاوز الفقر الذي قال اعتراف رسمي انه وصل الى نحو مليوني شخص. وإذا أضفنا هذه الحقائق الى الحقائق المتعلقة بالمشكلات السياسية، التي لم تجد لها حلولا ومعالجات في العام ،2004 فقد أدت جميعا الى تعميق حزن السوريين الذين لديهم من الأسباب الخارجية ما يجعلهم حزانى إضافة الى قلقهم على مستقبل بلدهم وأولادهم، كما قلقهم على حياتهم الحالية ولقمة عيشهم.

لدى السوريين أسباب كثيرة للحزن مستمدة من وقائع العام الراحل في دوائرها الثلاث المحلية والاقليمية والعالمية، لكن لديهم أملا كبيرا في ان العام المقبل 2005 ربما سيكون أفضل من سابقه وأحسن، ما يفتح بوابة لعام أفضل وإن كان كثير من المؤشرات يوحي باتجاهات أخرى

العدد 850 - الأحد 02 يناير 2005م الموافق 21 ذي القعدة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً