العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ

اللهم لا حسد... فسامحونا!

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

"يهمس أحد الشرفاء بأذني حين تفكر في الشعب فإنك. .. مجنون

وشيوعي

يا وطني الطيب كالماء

لماذا...؟

حين أفكر في شعبي

أصبح مشبوها..."

أبيات من "منشور سري" للشاعر العراقي أحمد جليل لويس.

يبدو أن التقرير المنشور في صحيفة "الوسط" السبت 15 يناير/ كانون الثاني الجاري، المنسوب إلى مصادر مطلعة صحيح 100 في المئة، والقائل: "إن وزيرا من الوزراء الخمسة الخارجين من التشكيلة الوزارية تسلم صكا بمبلغ ربع مليون دينار، فيما تسلم الوزراء الذين احتفظوا بحقائبهم، أو أعيد توزيرهم صكوكا بمبلغ 50 ألف دينار"، وهنا لا يحق لأحد التعليق إلا بالقول: "اللهم لا حسد" "ثلاث مرات"، أو "ارزقهم وزدهم يا رب من نعمتك بما تشاء وبغير حساب"!

إذا ما صح هذا التقرير وما تثيره الصحافة هذه الأيام، إلى جانب ما تلوكه ألسنة المواطنين ويخترق آذانهم من أن الحكومة المتمرسة في إغاظتهم على ما يبدو، تصرف 100 ألف دينار لكل وزير بحقيبة، و50 ألف دينار من دون حقيبة في شهر رمضان من كل عام، وبحسب ما جاء على لسان الناطق باسم كتلة الديمقراطيين في مجلس النواب النائب عبدالنبي سلمان، من أن كتلته سألت الوزير محمد المطوع عن هذه المسألة المخالفة للدستور واللوائح، إلا أنه "لم يجب"، فإن أمرا غريبا وغير طبيعي يجري أمام سمع ونظر المواطنين الذين يئنون من حال الإفقار المتعمد والمتعدد الوجوه، بسبب عدم وضع حد للفساد الإداري والمالي وحماية المال العام من الذين يعيشون في غنى فاحش لا يعرف للجشع حدودا.

فبينما السلطة التنفيذية تناشد المواطنين صباح مساء وترشدهم إلى الاقتصاد والترشيد "حتى في ماء الصنبور"، وإقفال حنفيات الماء وملاحظة تسربه بعين فاحصة حماية لـ "الاقتصاد الوطني والأجيال القادمة"، في مقابل دعوات إلى شد الأحزمة، نجد حنفياتها مفتوحة "علآخر" تسقي بساتين غير مثمرة لا تحتوي إلا أشجارا محروقة تنتظر إحلال مبان اسمنتية مكانها لتزحف على ما تبقى من اخضرار ومن سواحل وشطآن.

يبدو أن الحكومة شاطرة جدا في استخدام ذهب المعز بعد أن تخلت عن سيفه، لكنها من حيث لا تدري، أو ربما تدري تمارس نشاطا تحريضيا ضده لخلق جيل متطرف، بزرع بذرة شيطانية في صفوف الناس وزيادة الأحقاد الطبقية عليها وعلى الموالين لها، وهذه "الاحقاد" نقيض "للتسامح الاجتماعي" الذي تنشده أو تسعى إليه، وهي تعلم أن الناس إذا ما جاعت التهمت "وزير التموين وسيارته"، في حين يتحدث مسئول بسيط في مجالسه الخاصة ويبث إشارات مقززة عن المعارضة التي تنتقده باستمرار بالقول: "كلما انتقدتني المعارضة، كلما حصلت على هبات من المكارم... أراض بمئات الألوف من الدنانير وزيادة رصيدي في المصارف!".

إذا كان هذا الوزير أو ذاك، يكافآن على فشلهما أو تدني أدائهما، فإن هذه المكافأة وعدم المحاسبة هي المسئولة أولا وآخرا عن النفاق الاجتماعي المتعمد والمنتشر في صفوف البعض الكبير هذه الأيام، ودفع الناس إلى التطرف، تماما كما في القول الشهير للإمام الباقر "ع": "من كان ظاهره أرجح من باطنه خف ميزانه"

العدد 871 - الأحد 23 يناير 2005م الموافق 12 ذي الحجة 1425هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً