العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ

الفساد عندما يعدم الثقة... ويتحول "الحب" إلى "حرب" بحرف "الراء"

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

دائما ما يطرح سؤال مفاده: لماذا انعدمت الثقة بين جل المواطنين وجهود الوزارات الخدمية، وبات المواطن لا تخرج من فمه سوى كلمات الشك في ذمم المسئولين، والشكوى والتذمر من الأداء المهني وعدم الاكتراث بما تقوم به هذه الوزارات، على رغم أن العاملين فيها كوادر علمية بحرينية متخصصة تعمل بإخلاص وتفان لخدمة من يتذمرون منهم؟ من المتسبب في هذه الفجوة الشاسعة وعدم الثقة بين المواطن وهذه الوزارات، ولماذا يتحول "الحب" المفترض بين مواطن يخدم آخر إلى عداوة و"حرب" معلنة وخفية، فيلعن كلاهما حرف "الراء" سيفا مسلطا لفصل "الحب" فيصبح "حربا" وعداوة؟! تأملت هذا المشهد بفضول صحافي من خلال متابعة لصفحات القراء وكتاب الأعمدة والمقالات عن الفساد الإداري والمالي وما يخرج من تسريبات تشغل الرأي العام في البلاد، يضاف إليها من "الحقائق" أو ربما الـ "بهارات" التي من شأنها أن تثير غضب الناس و"الكفر" بكل ما يصدر عن هذه الوزارة أو تلك، والناس محقون في ذلك وغير محقين، فبينما يقرأ المواطن أن عدد مشروعات الصرف الصحي التي يجرى تنفيذها حاليا في البلاد مثلا تبلغ 21 مشروعا لإنشاء شبكات وخطوط الصرف الصحي بقيمة إجمالية تقارب 26,5 مليون دينار يضاف إليها 17 مقاولة من ضمن المشروع الوطني لإنتاج وإعادة استخدام مياه الصرف الصحي المعالجة، تخترق أذنيه قصة "طيران" 42 مليون دينار من بنك الإسكان من دون أن يعرف أحد إلى أين ذهبت؟ وفي جيب من استقرت؟، في حين يجرى الحديث أمام النيابة العامة عن سرقة حوالي مليون ونصف مليون فقط كموضوع لتجاوزات المدير العام السابق لبنك الإسكان الذي اشترى سيارة لكزس بدينار واحد بينما كان تقدير قيمتها السوقية 11430 دينارا، وباع سيارة "شروكي" بدينار واحد أيضا على المراقب المالي للبنك، في حين قيمتها السوقية تساوي 8790 دينارا، وباع سيارة "كراسيدا" بدينارا واحد على سائقه، وقيمتها السوقية 3561 دينارا بهدف "التشجيع ربما لمنتخبنا الوطني في منافسات كأس العالم !!"، ولو جمعنا قيمة مشتريات السيارات الثلاث بثلاثة الدنانير، و"يا محلا الرخص"، فإنها لا تكفي لشراء إطار مستعمل واحد وتركيبه على سيارة "سكراب"!! ولا نريد الخوض في موضوع "البي إم دبليو" ومحرك الطراد "18000" دينار والطراد نفسه وتذاكر السفر والاعفاءات الأخرى وبموافقة مجلس الإدارة والوزارة، بحسب أقوال المتهم.

في هذا الموضوع، يسجل لوزير الأشغال والإسكان فهمي علي الجودر موقفا شجاعا في محاربة الفساد الإداري في وزارته، باعتباره أول وزير بحريني يبدأ تنظيف وزارته وأثبت أن الحديث فقط عن "الفساد من دون مفسدين" لا يجدي ولا يشفي غليل المواطن، ومن ثم لا يتلاءم والمنطق، فجرجر إلى المحاكم أحد المتهمين الذين أوضحت وقائع تقرير ديوان الرقابة المالية حجما كبيرا من التجاوزات في مؤسسات الدولة.

ربما هذا التأسيس الصحيح في وزارة الجودر قد يرد الاعتبار وثقة الناس من الآن وصاعدا إلى وزارة الأشغال والإسكان بكوادرها البحرينية المتميزة، ليس في إدارة التخطيط ومشروعات الصرف الصحي، وإنما ضمن الخطة الاستراتيجية الطموحة إلى تزويد المناطق المتبقية من البلاد بالخدمات، وذلك بتكملة إنشاء الخطوط الرئيسية ثم إمداد المناطق المحيطة بالخدمات المتنوعة ضمن خطة زمنية مقترحة تنفذ على مراحل، وربما قبل الموعد المحدد لها، وكذا الحال بالنسبة إلى مشروعات الإسكان؛ لأن المال العام أصبح في أيد أمينة وشريفة.

وبالمناسبة، "يجرى حاليا تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع إعادة استخدام مياه الصرف الصحي بعد معالجته وستتراوح مدة هذه المرحلة ما بين خمس وست سنوات تقريبا وبكلفة تقديرية تبلغ قيمتها حوالي "45 مليون دينار بحريني"، إذ يقوم بتمويل هذا المشروع حكومة مملكة البحرين بمشاركة كل من الصندوق العربي للإنماء والصندوق الكويتي للتنمية والبنك الإسلامي للتنمية ويعد هذا المشروع من المشروعات المهمة في البلاد لما له من أهمية اقتصادية ونواح إيجابية مهمة على مختلف الأصعدة البيئية والاجتماعية والتنموية"، "من التقرير السنوي لوزارة الأشغال والإسكان". وإذا ما تم الكشف عن الـ 42 مليون دينار التي "طارت"، من بنك الإسكان وكشف المتجاوزين - الذين حتما ليسوا في شخص مدير عام بنك الإسكان وحده أو في صغار الموظفين، وإنما بحسب أقوال الذوادي فإن "جميع العمليات التي قام بها تمت الموافقة عليها من قبل مجلس إدارة البنك، مثال على ذلك القروض والمزايا الكثيرة من رواتب ومكافآت" التي وردت في تقرير "الوسط" المنشور في عدد الثلثاء 8 فبراير/ شباط الجاري، كما ورد أيضا في تقرير الرقابة المالية في وقت سابق - فإن مملكتنا ستؤسس بصورة صحيحة دولة قانون تعاقب كل من تطاول على المال العام أو نهب منه أو تستر أو أخفى معلومات عن تجاوزات ليس في بنك الإسكان فقط، بل في كل المؤسسات الرسمية موضع الشك وما أكثرها والتحقيق معهم بغض النظر عن مواقعهم والجهة التي تحميهم

العدد 891 - السبت 12 فبراير 2005م الموافق 03 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً