العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ

فشل الحملات العسكرية الأميركية

عبدعلي محمد حسن comments [at] alwasatnews.com

عضو مجلس النواب

لم تستفد الولايات المتحدة الأميركية من نتائج الحملات العسكرية التي تشنها على الدول. ففي حربها مع فيتنام منيت بهزيمة فادحة وخرجت من فيتنام مندحرة وقد منيت بخسارة بشرية ومادية. وفي العام 1979 بعد انتصار الثورة الاسلامية في إيران جربت حظها في انزال حملة عسكرية أيام جيمي كارتر في طبس جنوب إيران لكنها لم تحقق نجاحا، فتحطمت آلتها العسكرية "ان ينصركم الله فلا غالب لكم"، كما انها لم تستفد من الحرب الضروس التي شنها صدام على إيران الإسلامية بمساعدة كثير من الدول، فكانت أشبه بحرب عالمية ضد دولة تقول: ربي الله، وقد حصدت هذه الحرب الاخضر واليابس، زهقت أرواح وتيتمت أطفال، وترملت نساء، حرب خاسرة انهارت فيها اقتصادات العراق وإيران وكان النصر قاب قوسين او أدنى لصالح إيران، لولا ان زودت الولايات المتحدة صدام بأسلحة الدمار الشامل، فاستخدمها ضد إيران، وحتى ضد شعبه في حلبه، فما كان من القيادة الايرانية الا ان أوقفت الحرب بعد ان مني صدام بهزيمة ساحقة، وبعد ان وضعت الحرب أوزارها راح يجمع ما تبقى من فلول جيشه زاحفا على جارته الكويت التي ساندته بكل الامكانات المادية والمعنوية ما حدا بقادة الكويت إلى الاستنجاد بالولايات المتحدة، وكان رئيسها آنذاك بوش الأب، فجاءت بأساطيلها من كل حدب وصوب، البوارج الحربية، وحاملات الطائرات، فلم يستطع صدام ان يقف امام جحافل الولايات المتحدة، فانهزم بعد ان قتل من الجيش العراقي آلاف الجنود، وبعد تحرير الكويت من صدام فرض الحصار الاقتصادي على العراق، وعانى الشعب العراقي من هذا الحصار، ومرت به سنوات عجاف، فتشتت في بقاع العالم، وخصوصا إيران التي احتضنت آلاف العراقيين المهاجرين الذين شنوا الحرب عليها، وكذلك سورية، ثم جاء بوش الابن فصنف العالم الى محورين: محور الشر، ومحور الخير، فمحور الشر هو الذي يعارض سياسته الاستعمارية، اما محور الخير فيتمثل في الولايات المتحدة، ومن حذى حذوها، وقد أعلنها حربا لا هوادة فيها على الاسلام والمسلمين، واعتبرها حربا صليبية وقد وجد بوش العراق فريسة سمينة بما يمتلك من ثروات نفطية هائلة، واغراه ضعف الجبهة الداخلية للعراق، وكراهية الشعب لصدام فتدرع بوش بأسلحة الدمار الشامل التي يمتلكها صدام، والولايات المتحدة هي التي زودت صدام بهذه الاسلحة، وخافت الولايات المتحدة ان بقيت هذه الاسلحة في يده ستشكل خطرا على دول الخليج العربي هذا هو الظاهر اما الباطن فانها تخاف على ربيبتها "إسرائيل"، وبذلك قامت بحملتها العسكرية مستعينة بالدول الأوروبية وبعض دول آسيا من دون الرجوع الى الامم المتحدة، فاطاحت بصدام وظهر بوش على شاشات التلفزيون مزهوا بالنصر وانه حرر العراق من طاغية زمانه وانه سيبسط الديمقراطية في العراق، بل في الدول العربية، لكن زهوه بالنصر، لم يدم، بل انبرى اليه الشعب العراقي الأبي، ووقف ضد المحتلين من الولايات المتحدة وأوروبا، لم يتوقع بوش من الشعب العراقي الا ان يرحب به ويفرش له الرياحين لا ان ينقلب عليه، وبذلك منيت الولايات المتحدة بخسارة فادحة، ففي كل يوم تنقل الطائرات الحربية القتلى والجرحى من الجيش الاميركي وقد موه على الشعب الأميركي انه انتصر، بينما يدفن بوش كل يوم اعدادا من الجنود الاميركيين من دون اعلام ذويهم، ومازال بوش يلعق غصة الهزيمة والفشل، فلا اسلحة دمار شامل، ولا ديمقراطية "التي كانت موعودة" وراح يتهم إيران مرة، وسورية مرة أخرى بانهما السبب في وقوعه في المستنقع العراقي، وحاول الخروج من هذا المأزق لكنه أصر على البقاء في العراق حتى آخر جندي أميركي، فالولايات المتحدة لم تستفد من الدروس القاسية التي تمر بها، ولم تتعظ من الفشل الذي منيت به فراحت تفكر في هجمة عسكرية على إيران متدرعة بالبرنامج النووي الايراني الذي يشكل في نظر بوش خطرا وتهديدا على حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

وقد صرح بولتون بأن واشنطن تدرس حاليا سبل تنسيق سياستها تجاه إيران مع دول الخليج العربية، فبوش يخاف على دول الخليج من إيران المسلمة فيزرع الرعب في قادتها لاستدارجهم لتأييده في شرعية الحملة العسكرية ضد إيران. ان الولايات المتحدة حقيقة لم تخف على دول الخليج لكنها تخاف على الحليف الاستراتيجي "إسرائيل" التي تنحر أبناء الشعب الفلسطيني وتهدم المساكن على رؤوس الابرياء، واذا ما اصر على الحملة العسكرية على إيران سيغرق هو وجنوده في مستنقع لا يعلم قعره الا الله وستضيع حساباته كما ضاعت بالامس، فإيران ليست العراق كما ذكر وزير الدفاع الالماني فولكر: "ان إيران ليست العراق وفي حال تعرض إيران لاعتداء عسكري ستكون له عواقب وخيمة، وخصوصا على الجنود الأميركيين المتمركزين في العراق... وستعم المنطقة فوضى لا أحد يتنبأ بنتائجها، فدخول الحرب قد يكون سهلا، لكن الخروج منها محفوف بالمخاطر، لأن الخروج ليس بيد المبتدء بها، وبذلك فان رئيس وزراء بريطانيا طوني بلير يعارض حملة عسكرية ضد إيران لانه يعلم مسبقا نتائجها، ولان الدرس القاسي الذي مر به طوني بلير من اشتراكه في الحملة العسكرية ضد العراق مازال مكتويا بنارها، فلا يريد ان يتورط في حرب ستكون دمارا ليس على المنطقة فحسب بل على العالم اجمع، وستكون لها نتائج لا تحمد عقباها وسترجع المنطقة الى التأخر والتخلف والفقر والدمار وستنهار اقتصادات دول الشرق الأوسط، فلو كانت القيادة الأميركية تمتلك عقلا حصيفا لما استمعت الى "إسرائيل" بشن هجمة على إيران، ولا يعتقد بوش ان الضربة التي سيوجهها الى ايران سينعم بالاستقرار بعدها وسيصيبه شرر سيقضي على حياته وسيركع كما ركع في 11 سبتمبر/ أيلول. ان الحملة العسكرية التي سيوجهها الى ايران ستقضي على منابع النفط في المنطقة وستشتعل المنطقة نارا وبذلك على عقلاء وقادة دول المنطقة الحذر الشديد وعدم ترك قادة الولايات المتحدة يتلاعبون بالنار، وما هذه المنطقة الا كسفينة ان تركوا بوش يخرقها غرق وغرقوا وان أخذوا على يده نجا ونجوا

إقرأ أيضا لـ " عبدعلي محمد حسن"

العدد 896 - الخميس 17 فبراير 2005م الموافق 08 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً