العدد 901 - الثلثاء 22 فبراير 2005م الموافق 13 محرم 1426هـ

دعوة إلى إيقاف معول الهدم

ردا على وزير الكهرباء والماء الشيخ عبدالله بن سلمان آل خليفة

جميل العلوي comments [at] alwasatnews.com

لم أكن أتوقع يا وزير الكهرباء والماء أن يكون ردك على ما نشر وقيل في الصحف وخصوصا فيما يتعلق بالانقطاع الشامل للكهرباء في ذلك الأثنين الأسود" بهذا الأسلوب الانفعالي أبدا.

كما لم أكن أتصور أن تتغير أقوالك لي شخصيا في لقاءات عابرة "إن ما قمتم به من جهود كبيرة على مدى سنوات عدة كان لها الأثر فيما وصلت إليه هذه الوزارة من مستوى متقدم وتطور".

والآن أود أن أرد على ما أوردته في إحدى الصحف المحلية الصادرة يوم السبت 15 يناير/كانون الثاني 2005 راجيا أن يكون صدرك رحبا لنقاش هادئ وصريح وأتمنى أن أرى ردكم واضحا ومحددا لمن تقصده فيما يتعلق بالفساد في السنوات الماضية متمنيا أن تقدم ما لديك من إثباتات إلى القضاء ليأخذ مجراه بدلا من الاتهام العام والتهديد، ملوحا بما لديك من مستندات.

أيها سعادة الوزير أرجو أن تطمئن أن وزارة الكهرباء والماء ليست مستهدفة من أناس يقصدون الإساءة إليها وانما ما كتب عن جميع الوزارات والمؤسسات الحكومية ما هو إلا نتيجة تذمر وعدم رضا من ممارسات المسئولين في هذه الوزارات وما كتب عن وزارات أخرى أكثر بكثير مما كتب عن وزارة الكهرباء والماء وهذا حق لكل مواطن في أن يكتب عن قضايا يراها تحتاج إلى أن يقوم بإيصالها للمسئولين للعمل على حلها إن أمكن، ولعلك تتفق معي في ان جميع المؤسسات يجب ان تعمل بشفافية إذ إن موازناتها تصرف من المال العام ولذلك فإن على القائمين عليها أن يكونوا على استعداد للنقد والمساءلة وخصوصا ان سكان البحرين يدفعون رسوما مقابل ما تقدمه وزارة الكهرباء والماء من خدمات وعليه فإن المحاسبة والمساءلة أكبر بكثير من وزارات أخرى تقدم خدماتها مجانا ومن دون مقابل.

إن أسباب تأخر دول العالم الثالث هي عدم الاعتراف بوجود المشكلة وبالتالي لا يمكن البحث في أي حل لها. كما أن من يعمل معرض للخطأ ومن طبيعة الإنسان أنه لا يرى أخطاءه وإلا قام بتلافيها "وجل من لا يخطئ" وبالتالي فإن تقبل النقد البناء والحوار الجاد وتقدير الرأي الآخر مهم جدا للعمل المخلص أما المكابرة والتهديد والتلويح فهو سلاح الضعيف يا سعادة الوزير.

ان العمل في أية وزارة ليس جهدا فرديا وإنما هو جهد جماعي ومرتبط بوزارات أخرى تؤثر على عملها مثل وزارة المالية وديوان الخدمة المدنية كما أن الأمور في الحكومة تسير ضمن سفينة واحدة ولا يمكن لأي فرد فيها أن يحرك دفتها بحسب رغبته الخاصة. وتسهيلا على القراء الأفاضل فإنني سأتناول الردود بحسب تسلسلها في المقابلة المذكورة:

أولا: الاثنين الأسود

إن حادث "الاثنين الأسود" حدث فعلا ولكنه لن ينتهي حتى يطلع شعب هذا البلد الطيب على حقائق الأمور وأن يتم اتخاذ جميع الخطوات لتلافي تكرار ما حدث وما تردده عن إمكان حدوث مثل هذه الانقطاعات، وأنها حدثت في بعض دول العالم، فإن هذا صحيح ولكن يجب أن نقتدي بالدول التي لم يحدث بها انقطاع وليس العكس، وأن نعمل بقدر الإمكان لتلافي حدوث مثل هذه الحوادث أو على الأقل التخفيف من حجمها وهذا ممكن جدا إذا أصلحنا وضعنا الداخلي وبنينا الإنسان ذي الكفاءة والانضباطية والعمل بمعنوية عالية وبشرف وأمانة وإخلاص لصالح وطنه وليس لصالح فرد أو أفراد.

ثانيا: الفساد والتمييز الطائفي

لقد ذكرت أن الخلل الفني الذي وقع ليس له علاقة من قريب أو بعيد بالفساد الإداري والمالي. صحيح ان التقرير المقتضب المنشور شرح الأسباب الفنية للحادث ولكني أكرر ما قلته سابقا في تعليقي على التقرير ليس انتهازا للفرصة للتشهير بالوزارة وإنما لإظهار الحقائق للعمل على حلها. أما ممارسات الفساد فهي واضحة وتناولها الناس والمؤسسات العالمية بشكل مستفيض في مناسبات مختلفة وتبعات الفساد في جهاز مثل الكهرباء والماء كبيرة جدا ولا تنعكس تبعاتها بشكل مباشر وفي اللحظة نفسها وإنما تؤدي إلى تراكمات تظهر من دون حسبان وفي فترات لاحقة عندما يرتفع الطلب.

أما الموضوع الآخر فهو الطائفية، وكما هو معروف فإنها لا تمارس فقط في وزارة الكهرباء والماء وإنما في جميع وزارات ومؤسسات الدولة وإنني أكرر وأقول لك إنني على استعداد أن أضع يدي بيدك الوثائق لوقف ممارسة التمييز الطائفي البغيض على أساس ما جاء في دستور المملكة الباب الثاني مادة "4" ويكفي تطبيق ما نص عليه الدستور بأمانة وإخلاص من دون اجتهاد منك ومني في تحديد معنى الطائفية وتكافؤ الفرص.

وهنا أود أن أورد مثالين فقط وأرجو أن تجيبني عليهما الأول يتعلق بإنهاء خدمات المدير المالي عبدالكريم العلوي هل هو بسبب الفساد أو بسبب قيامه بإفشاء الفساد القائم في الوزارة بناء على طلب من وكيل وزارة الدفاع ورئيس اللجنة من قبل جلالة الملك، الشيخ محمد آل خليفة، إذ قدم لرئيس اللجنة جميع المستندات المتوافرة لكي يتم رفع تقرير هذه اللجنة إلى جلالة الملك المفدى، وبذلتم جهدا مشكورا بمعاقبة المدير المذكور بإحالته إلى التقاعد المبكر بدلا من تكريمه على ما بذله من جهود بناء على تكليف من اللجنة وبعد تقديم الضمانات له بعدم تعرضه لأية مساءلة من أحد.

إما المثال الآخر فهو تهميش المهندس سلمان خلف عن تقلده مناصب عليا في الوزارة بعد أن أهلته الوزارة علما وخبرة في مجال إنتاج الكهرباء في بريطانيا وأميركا وأثبت جدارته وقدرته الإدارية والفنية في مجال عمله في الوقت الذي تحتاج الوزارة إلى خبرة أمثاله وهي قليلة، وبدلا من ذلك فقد تم تعيينه مديرا لإدارة المعلومات التي لا تضم أكثر من 20 فردا بينما كان مسئولا يدير مئات من المهندسين والفنيين. هل هذا هو مبدأ تكافؤ الفرص ووضع الشخص المناسب من دون تمييز في المكان المناسب بحسب ما نص عليه الدستور؟

وهناك أمثلة كثيرة تناولت الكثير من خيرة المهندسين الذين تم تهميشهم "عبدالغني خلف، عادل التاجر، عبدالعزيز العلوي، سعيد العسبول" في الوقت الذي تمت ترقية أفراد إلى مناصب قيادية اعتمادا على الاستثناءات الدارجة من دون أدنى معايير للخبرة والكفاءة والقدرة الإدارية، هل جاء هذا العمل عن طريق المصادفة أو ضمن مخطط واضح لتهميش وإبعاد أبناء الطائفة الشيعية من وزارة الكهرباء والماء، وبودي لو تكرمت بوضع النقاط على الحروف وتوافينا من دون عموميات كم عدد الأفراد العاملين لدى الوزارة حاليا في الوظائف القيادية من الشيعة والسنة ليكون النقاش أكثر موضوعية.

أما اتهامك بما عانته الوزارة خلال فترة السبعينات والثمانينات من الفساد الإداري والمالي والطائفية فإنني أود أن أترك موضوع اتهامك بالفساد أيا كان نوعه إلى القضاء.

أما موضوع اتهامك بممارسة الطائفية فأرجو أن تبرره بالأرقام في تلك الفترة لأعداد الشيعة والسنة مقارنة بما هو عليه الوضع حاليا، علما ان تعيين أو ترقية أي فرد في الوزارة لا يتم إلا بعد الاستفسار والموافقة من قبل مباحث أمن الدولة آنذاك ومن ثم يتم عرض المرشح للوظيفة أو الترقية من قبل الوزير على سمو رئيس الوزراء للموافقة عليه ومن ثم يقوم الوزير باعتماد التعيين، كما ان تعيين الوزراء فما فوق يرجع إلى موافقة سمو رئيس الوزراء أولا ومجلس الوزراء ثانيا ثم تصدر القرارات والمراسيم الخاصة بشأنها.

وهنا أود أن أذكرك انك هنا تطعن في صدقية الوزير السابق ماجد الجشي وأترك الأمر لرده شخصيا، أما منصب الوكيل فهو منصب تنفيذي كما تعرف أنت جيدا وبالتالي فهولا يقرر وإنما ينفذ أوامر قد يوافق أولا يوافق عليها.

كما أود أن أبين لك يا سعادة الوزير ان مرحلة السبعينات والثمانينات حتى منتصف التسعينات، كانت مرحلة عمل دؤوب وتحديات كبيرة أثمرت عن نقلة نوعية إذ بلغ نمو الطلب على الكهرباء نحو 30 في المئة في منتصف السبعينات وتمت خلال هذه الفترة زيادة قدرة الإنتاج وشبكات النقل والتوزيع نحو ستة أضعاف ما كانت عليه، أما التحدي الآخر وهو الاهم ليس في تاريخ الكهرباء والماء فقط وإنما على الدولة ككل فهو تدريب وتأهيل الكوادر البحرينية تأهيلا عاليا وعلى كل المستويات حتى بلغت نسبة البحرنة إلى 100 في المئة في الوظائف القيادية و90 في المئة من مجمل الوظائف الأخرى البالغة 3680 في العام 1995 بينما كانت 41 في المئة من مجمل الوظائف العامة في العام ،1975 وهذه النسب لم تصل لها أية مؤسسة صناعية في البحرين. لقد تم انجاز كل هذا العمل مع الأخذ في الاعتبار تأمين استمرارية التيار الكهربائي باعتمادية عالية. علما أن البرنامج الموضوع آنذاك كان يهدف للوصول إلى تحقيق بحرنة شاملة لجميع الوظائف في العام ،2002 والسؤال المطروح لك ونحن في العام ،2005 ما انجازاتكم بالنسبة إلى البحرنة اليوم، ولماذا مازالت حملات التوظيف تتم من الخارج على رغم توافر البديل في البحرين؟

إن هذا العمل الجبار لم يأت مصادفة وإنما بالتخطيط الشامل والمتابعة والإدارة العالية الأداء والعمل ضمن نظام مؤسسي كفريق واحد ولا تؤخذ القرارات بشكل فردي تسلطي وكانت تعقد اجتماعات دورية على كل المستويات تتم فيها مناقشة موازنة الوزارة وكلف الانتاج ومعايير الأداء وبرامج التدريب والتطوير كما تم تشكيل لجان متخصصة تشرف على عمليات التوظيف والترقيات وأمور التدريب وبرامجها والابتعثات ضمن معايير مختلفة كسنوات الخدمة والكفاءة وغيرها، ولا يحق لاي مسئول التدخل في توصيات اللجان التي عادة ما تعتمد من قبل الوزير من دون النظر إلى لون أو شكل الموظف كما هو حاصل الآن، كما لم يحدث في العهد الذي ذكرته أن تمت ترقية أو توظيف أي فرد من دون أية معايير تذكر ومن دون علم مدير الإدارة المعني بل بمشاركته في جميع المراحل.

ثالثا: تهميش الكفاءات الفنية

أنا لم أتهم وأنما ما أقوله واقع فعلا وبودي أن توافيني بالأرقام وليس بالعموميات وأتمنى أن تغلق أبواب الوزارة في وجه الطائفية البغيضة بدلا من تكريسها داخل باب مغلق.

رابعا: العودة إلى انقطاع الكهرباء

أتمنى أن يتم تلافي التقصير الذي حدث نتيجة لعدم توافر الصيانة اللازمة بحسب الأسس المهنية وتوفير وفحص أجهزة الوقاية والحماية بشكل دوري لتكون فعالة وقت الحاجة إليها كما ذكر في التقرير.

خامسا: أسباب انقطاع الكهرباء

أليس من حق شعب هذا الوطن الغالي أن يعرف ماذا تم بخصوص المتسبب في هذا الحادث الذي أدى إلى شل جميع أوجه الحياة في المملكة وخصوصا بعد تحديد السبب والمتسبب.

سادسا: تأخير إرجاع الكهرباء

أرجو منكم قراءة التقرير الذي يوضح القصور والتأخير في إرجاع التيار الكهربائي بتمعن مع شكري وتقديري لما بذله جميع العاملين لإعادة التيار إلى البحرين.

سابعا: خطط الطوارئ

لم تذكر واما ورد في التقرير بخصوص عدم وجود خطة محدثة للطوارئ ما أدى إلى الإرباك في مواجهة مثل هذه الحوادث، كما لم تتعرض إلى الأسباب التي أدت إلى بناء محطة الحد بنواقص كثيرة جدا منها عدم إدراج وحدة لتشغيل المحطة من الصفر في حال انقطاع شامل للكهرباء، وهذه من أساسيات وأبجديات أي مشروع لمحطة إنتاج كبيرة من الممكن أن تتعرض إلى الانفصال عن الشبكة كما حدث، وعللت بعدم وجود هذه الوحدة لعدم وجود اعتمادات مالية كافية علما بان كلفة المرحلة الأولى من محطة الحد "التي تم التفاوض بشأنها من دون وضع مواصفات لها ومن دون وجود مؤسسة استشارية" وكما هو معروف وبحسب تقرير معد من قبل البنك الدولي فهي كلفة أكثر بكثير من ما يجب لمحطة بتلك المواصفات وهذا ما أعنيه بالنسبة إلى موضوع الفساد الذي لا تتبين نتائج القصور الناتجة عنه إلا بعد فترة من الوقت.

ثامنا: اللجنة غير حكومية

ذكرتم أن اللجنة كانت برئاسة نائب رئيس الوزراء وكنت معه بصفتك وزيرا للكهرباء والماء وكذلك بعض المسئولين من الوزارة، ولكن كان مع اللجنة بعض المسئولين والفنيين من شركة "ألبا". إذا أين هي الحيادية في لجنة تضم القاضي والمتهم والجلاد. لقد كنت أنت طرفا أساسيا أول و"ألبا" طرفا أساسيا ثانيا في التحقيق في أسباب انقاطع التيار الكهربائي عن البلاد بشكل كامل لفترة طويلة طالت حياة كل فرد على هذه الأرض الطيبة سواء كان شخصا عاديا أو مؤسسة تعرضت لخسارة كبيرة. أين صوت هؤلاء الناس ومن سمعه من أعضاء اللجنة؟، أنت هنا تدافع دفاعا مستميتا وتتهم بعض الناس بالإساءة إلى الوزارة، ألا تعلم أن هؤلاء الناس هم شعب هذا البلد الطيب وقد تضرروا كثيرا من تكرار الانقطاعات وخصوصا في ذلك اليوم الأسود. أليس من حق هؤلاء الناس مساءلة هذه الوزارة؟ أليس من حقهم على الاقل ان ينتقدوا هذه الوزارة وخصوصا مع كون هؤلاء الناس يدفعون كلف الخدمات التي تقدمها الوزارة.

ما هو رأيكم في التقرير ونقاط الضعف التي بينها، أليس لهؤلاء الناس الحق في معرفة الإجراءات التي اتخذت من قبل اللجنة بخصوص المتسبب في المشكلة وبخصوص ما تبين في وزارتكم من قصور واضح بينه التقرير وتحديد المسئولين ومحاسبتهم؟

وهل تم عرض التقرير المعد من قبل الاستشاري على جميع المسئولين في الوزارة لتحديد أوجه القصور للعمل على وضع الحلول وبرامج تنفيذها؟.

تاسعا: موضوع التدريب والتأهيل

أرجو منكم مراجعة أن تراجع التقرير الذي نشر والذي يؤكد عدم قيام الوزارة بتدريب العاملين في مركز التحكم قبل أن تفند هذا الموضوع بأنه اتهام.

إن معجزة الإصلاح التي قام بها جلالة الملك لم تكن وليدة يومها وإنما جاءت بعد تبصر ونظرة تحليلية لمشكلات تراكمية في هذا البلد الغالي، ومن ثم أقدم جلالته بكل ثقة وجرأة على إطلاق مسيرة الإصلاح الخيرة، وهذا ما هو مطلوب من كل مسئول أن يقوم بتحديد المشكلات وعندها يبدأ عملية الإصلاح في مؤسسته لينضم إلى سرب جلالة الملك المفدى.

أرجو أن نعمل معا لإيقاف معول الهدم ونبدأ البناء لينعم شعب هذا الوطن الطيب بحياة كريمة ومستقبل زاهر بعيدا عن الطائفية البغيضة والفساد وسوء الإدارة.

وكيل وزارة الكهرباء والماء سابقا

العدد 901 - الثلثاء 22 فبراير 2005م الموافق 13 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً