العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ

الهند واستقرار الخليج

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

استمرارا لحديثي في الأسبوع الماضي عن علاقة الهند بأمن الخليج، ومدى تأثير استراتيجيتها العسكرية الجديدة على الأمن والاستقرار في منطقة الخليج، وداخل بلدان مجلس التعاون تحديدا، فإنه يمكن القول ان هناك تأثيرات إقليمية وأخرى داخلية. التأثيرات الإقليمية ستظهر في تزايد حجم القوات الأجنبية في الخليج واحتمال تزايد الصراع فيما بينها. أما التأثيرات الداخلية، وهي الأهم، فمن المتوقع أن تزداد مطالبات الأقليات الهندية بمزيد من الحقوق، وقد تصل إلى درجة المطالبة بالمواطنة في بلدان مجلس التعاون، وخصوصا أن بعض بلدان المجلس منحت مئات العائلات الهندية المقيمة على أراضيها جنسيتها.

ومع تزايد اهتمام دول المجلس بالإصلاح السياسي والاقتصادي فإنه سيتاح للأقليات الهندية المزيد من الفرص للمطالبة بحقوق أكثر، وفي هذه الحال ستكون الحكومات في موقف محرج لأنها ستواجه في بعض الأحيان إشكالا في رفض هذه المطالبات، فعلى سبيل المثال سيطالب العمال الأجانب بإنشاء تنظيمات حقوقية تدافع عنهم وتسعى إلى تمثيلهم لدى الجهات الرسمية لمعالجة المشكلات التي يواجهونها، وفي هذه الحال فإن الرفض الحكومي الخليجي إنشاء مثل هذه التنظيمات سيكون صعبا لأن العمال الأجانب قد يلجأون إلى المنظمات الدولية لحقوق الإنسان لتمارس ضغوطا على حكومات الخليج من أجل السماح لهم بممارسة أدوار سياسية انطلاقا من مبادئ حقوق الإنسان.

وفي مثل هذه الأوضاع فإن عملية الإصلاح السياسي والاقتصادي داخل بلدان مجلس التعاون ستواجه تحديات كثيرة يمكن رصد أبرزها في الآتي:

- بطء عملية الإصلاح السياسي بسبب تزايد المخاوف من مطالبات الأجانب السياسية.

- تزايد دور الدولة في السيطرة على الحريات المدنية داخل النظام السياسي تخوفا من مطالبات الأجانب.

- تزايد النفوذ السياسي الأجنبي في الاقتصاد الوطني "تبلغ حجم تجارة دول مجلس التعاون مع الهند نحو 12,5 مليار دولار"، ومن العوامل التي ستساعد على ذلك نفوذ الهنود والأجانب الاقتصادي، والمساعي الدولية لتحرير التجارة العالمية، بالإضافة إلى مساعي مجلس التعاون لإقامة منطقة تجارة حرة مع الهند.

أيضا هناك تأثير آخر داخلي مهم، وهو سيناريو قد يكون صعب التنفيذ خلال السنوات العشر المقبلة، ولكنه على المدى الطويل بالإمكان أن يكون واقعيا. ويقوم هذا السيناريو على حقيقة تنامي الشراكة الهندية - الإسرائيلية، وسعي الأخيرة إلى توظيف هذه الشراكة في إنشاء نفوذ فعلي لها داخل دول مجلس التعاون ينتهي بالتطبيع الكامل.

فالفرصة مازالت متاحة لـ "إسرائيل" إذا استطاعت تقوية علاقاتها مع الهند التي بدأتها بإقامة علاقات دبلوماسية كاملة في العام 1992 لتستغل الوجود والنفوذ الهندي الكبير في منطقة الخليج، وتستفيد منه في الضغط على دول مجلس التعاون بإقامة علاقات أو تقوم بتأسيس بعض التنظيمات الهندية المتطرفة وتدعمها كي تقوم بعمليات تخريبية داخل هذه البلدان، وعندها سيكون موقف بلدان المجلس صعبا للغاية. ختاما، من المتوقع أن يشكل النفوذ الهندي في الخليج تحديا كبيرا لبلدان مجلس التعاون الخليجي خلال السنوات القليلة المقبلة، وهو ما يستدعي من بلدان المجلس الشروع في دراسة طبيعة هذا الوجود وكيفية التعامل معه بشكل لا يقبل الانتظار

العدد 912 - السبت 05 مارس 2005م الموافق 24 محرم 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً