العدد 954 - السبت 16 أبريل 2005م الموافق 07 ربيع الاول 1426هـ

هجمة جديدة على البحرين

يوسف البنخليل comments [at] alwasatnews.com

بعد إعلان توقيع حكومة البحرين اتفاق التجارة الحرة مع الإدارة الأميركية في سبتمبر/ أيلول ،2004 أصبحت العلاقات الخليجية - الخليجية في مرحلة جديدة تميزها اللانمطية. ففي السابق كانت هذه العلاقات الإقليمية تتمحور حول نفوذ وتأثيرات السياسة الخارجية السعودية، إلا أنها بعد المساعي الانفرادية لتوقيع اتفاقات تجارة حرة ثنائية بين بلدان المجلس والولايات المتحدة زاد هامش الحرية المتاح للحكومات الخليجية لممارسة أدوار أكبر على صعيد السياسة الخارجية.

ومن هنا يمكن ملاحظة تطور الأدوار الإقليمية للسياسة الخارجية البحرينية، والكويتية والإماراتية والعمانية وكذلك القطرية التي سبقت بلدان المجلس الأخرى بعد أن نجحت في لعب دور إعلامي مهم عبر قناة "الجزيرة" الفضائية.

طبعا، لتغير السياسات الخارجية الخليجية سلبيات وإيجابيات في ظل تزايد حريتها الإقليمية والدولية، إلا أن أهم سلبية هي تأثيرها على العلاقات الخليجية - الخليجية التي أشرنا إلى أنها تعيش مرحلة من اللانمطية. ويمكن ملاحظة هذه السمة في صعوبة تحديد محددات هذه السياسة لجميع بلدان المجلس بشكل مشترك، وهو ما انعكس بجلاء في نشوب نزاعات وخلافات كامنة بين عدد من دول المجلس.

قد لا تظهر هذه النزاعات إلى العلن، ولكنها واضحة للمراقبين، ولها مؤشرات كثيرة أبرزها التراشق الإعلامي الذي يظهر من كبار المسئولين الخليجيين الذين يرفضون الكشف عن هوياتهم باستمرار، وما إن تهدأ تداعيات هذه التصريحات حتى يعود هؤلاء المسئولون من جديد إلى إثارة قضايا أخرى مختلفة، ولكن بتحليل تلك التصريحات والمواقف نجد أنها مرتبطة ببعضها بعضا، وهي ترمي في الأساس إلى تأكيد رفض منح المزيد من الاستقلالية لدول مجلس التعاون في مجال السياسة الخارجية والعلاقات الإقليمية والدولية.

لم تكن البحرين بعيدة عن هذه الاشكالية البتة، وقد يرجع سبب ذلك إلى أنها كانت أولى البلدان الخليجية التي سعت إلى توقيع اتفاق تجارة حرة منفردة مع الولايات المتحدة، وكانت أولى التجارب الناجحة في عقد الاتفاق حتى الآن. وبعد أن تمكن جلالة الملك من احتواء التباين في المرئيات بين الحكومة البحرينية ونظيرتها السعودية خلال قمة مجلس التعاون الأخيرة التي عقدت نهاية العام الماضي، ظهرت الكثير من المواقف والتصريحات التي حاولت في أحايين كثيرة المساس بثوابت وأسس العلاقات البحرينية السعودية التاريخية الراسخة. وقبل أيام قليلة ظهرت آخر الهجمات على مملكة البحرين عندما صرح أحد المسئولين الخليجيين، بأن موافقة حكومة البحرين على افتتاح الغرفة التجارية الأميركية في العاصمة المنامة يعد تجاهلا لمواقف دول الخليج، وخصوصا أنها رفضت طلبا أميركيا سابقا بفتح فروع للغرفة التجارية الأميركية تقدمت به واشنطن خلال العام .2003 وعموما، تتركز التحفظات الخليجية على مشروع افتتاح مقر للغرفة التجارية الأميركية في ظل وجود غرف تجارية عربية أميركية بواشنطن، فضلا عن وجود غرف عربية مشتركة مع الأوروبيين كل على حدة، وبالتالي فإن قبول المنامة بفتح فرع لهذه الغرفة من شأنه أن يضعف الدور الذي تقوم به تلك الغرف. أما المبررات الأميركية فتتمثل في تزايد احتياجات الشركات الأميركية لإيجاد مقر دائم لهم في منطقة الخليج يتابع شئونها. تعتبر الهجمة الجديدة على البحرين مثالا واضحا على تأثير استقلال السياسات الخارجية الخليجية على العلاقات البينية الخليجية، ولكن لا يبدو في الوقت المنظور أن هناك توجها من بلدان المجلس لمعالجة هذه التأثيرات بشكل جدي، وجميع الخيارات المطروحة ما هي إلا محاولات لتجميد مثل هذه الموضوعات والقضايا التي تثير الكثير من الخلاف حتى إشعار آخر ربما يأتي بتداعيات أكثر سلبية

العدد 954 - السبت 16 أبريل 2005م الموافق 07 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً