العدد 966 - الخميس 28 أبريل 2005م الموافق 19 ربيع الاول 1426هـ

المغاربة ينشغلون لأكثر من أسبوع بحفل ختان ولي عهدهم "الحسن الثالث"

تقاليد الختان في المناطق المغربية

انشغل المغاربة أخيرا بختان ولي عهدهم الأمير الحسن بن محمد الحسن "الثالث لاحقا" والذي احتضنته مدينة فاس أولى العواصم المغربية، لكن تفاعلاته امتدت لتعم مختلف المناطق والمدن المغربية، إذ واكبته حفلات ختان جماعية مجانية تخللتها هدايا من القصر الملكي للأطفال المختونين، توحدت في الفرحة واختلفت في التقاليد التي تميز كل منطقة عن الأخرى.

الحدث الفريد من نوعه والمتمثل في ختان أمير مشروع ملك بكل هذه الاحتفائية وتجنيد مختلف إمكانات الدولة له، كان من الطبيعي أن تواكبه كبريات محطات التلفزيون العالمية التي حجت لمدينة فاس التي يرجع تاريخ تأسيسها إلى العام "806/191 هـ".

**لماذا فاس دون غيرها؟

يعود سبب اختيار القصر الملكي المغربي إلى اختيار مدينة فاس لهذه الاحتفالات لتقاليد موغلة في القدم قدم النظام الملكي المغربي الذي يعتبر ثاني أقدم نظام ملكي في العالم بعد النظام الامبراطوري في اليابان.

في هذا الصدد يقول قال مدير التشريفات بوزارة القصور الملكية والتشريفات والأوسمة عبدالحق المريني إن العادة جرت عند الأسرة الملكية أن يزور الأمير المختون ضريح المولى إدريس الأزهر "تبركا وتيمنا بأول مؤسس للدولة العربية الإسلامية بالمغرب"، التي يعود تاريخها إلى العام "793/177 هجرية".

وأوضح المريني "أن زيارة الضريح تكون على صهوة جواد تفاؤلا واستبشارا بأن يصبح الأمير بعد ختانه فارسا مغوارا".

وأشار إلى أن زيارة ضريح من الأضرحة جرت بها العادة عند المغاربة، إذ يزور الطفل ضريحا قبل إجراء عملية الختان "تيمنا ببركة صاحبه الذي يكون وليا من أولياء الله، وذلك حتى تمر العملية في أحسن الظروف ويشفى الطفل المختون في أقرب الآجال".

وليلة الختان، يقوم الأمير المختون بزيارة ضريح مؤسس الدولة العربية الإسلامية الأولى في المغرب رفقة والده الملك والحاشية ويقوم الشرفاء الأدارسة بغسل الضريح الإدريسي وتعطيره بالبخور.

ويرى المؤرخون أن "مسجد الشرفاء" الصغير الذي أسسه المولى إدريس الثاني تحول عبر القرون إلى معلم ديني بارز بفضل الملوك العلويين أساسا، في القرنين الـ 18 والـ 19 الميلاديين. وهكذا أضحت زيارة ضريح إدريس الأزهر تعبيرا عن قيم ثقافية وروحية متجذرة منذ الطفولة في غالب الأسر الفاسية، فإذا كان هناك مكان مقدس في فاس، يشعر فيه الإنسان بروحانية عالية فهو ضريح مولاي إدريس الواقع في قلب المدينة العتيقة.

ويعد هذا الضريح الذي يطل من جهة على حي الشماعين "بائعي الشموع" ومن جهة أخرى على حي النجارين "حرفيي الخشب"، مرقد المولى إدريس الأزهر مؤسس وباني مدينة فاس العام 809 ميلادية.

وشكل قبر مولاي إدريس منذ القدم مركزا للعبادة يتوافد عليه الجميع وملجأ للقادمين من كل الآفاق. كما يقصده المؤمنون كل يوم لأداء صلاة الفجر وقراءة "دليل الخيرات"، ويعرف الضريح كل يوم خميس توافدا مكثفا للمريدين، وبحسب التقاليد فإن كل وافد على مدينة فاس لم يقم بـ"الزيارة" للضريح، فزيارته ناقصة بنظر الكثير من الناس.

وتفيد الوثائق التاريخية أن هذه الطقوس ليست حديثة العهد، فقد سارع الأمراء الزناتيون، الذين تولوا حكم المغرب بعد سقوط دولة الأدارسة "177 هـ - 213 هـ / 828م" إلى تحريم الطقوس التقليدية التي كانت تقام حول ضريح المولى إدريس الثاني. غير أنه تم إحياء هذه المظاهر خلال ترميم "مسجد الشرفا" العام 841 هـ /1147م، بعد أن تبين أن جثمان المولى إدريس لايزال على حاله، وقد أدى ظهور هذه المعجزة إلى إحياء هذه التقاليد التي تم تناسيها. فقد قام السعديون بتوسيع المقبرة إذ يرقد الجثمان. وعمد الفاسيون فيما بعد وبتشجيع من السلطان العلوي المولى إسماعيل إلى بناء الضريح الحالي من مالهم الخاص قبل أن يتولى المولى عبدالرحمن العام 1240 بناء الجانب الشرقي للضريح والمسجد الجديد، المسمى بـ "الجامع الجديد".

وسمح التاريخ للأجيال المتعاقبة بفهم الأسباب التي جعلت ضريح المولى إدريس يتحول إلى فضاء مقدس يطلق عليه "الحرم"، مكانا للعبادة وللزيارة بطقوس متعارف عليها.

ويرقد بهذا الضريح، جثمان إدريس الثاني، الذي تولى الحكم خلفا لأبيه سنة 793 م/188 هـ. ويقول المؤرخون إن المولى إدريس الأزهر كان ذا ذكاء ثاقب، إذ أنهى تكوينه الديني والأدبي في سن الحادية عشرة. وقد مكنته معرفته المعمقة بتعاليم الدين الإسلامي من إلقاء أول درس ديني، بصفته إماما، وذلك يوم اعتلائه الحكم. وتلقى إدريس الثاني - الذي يعتبره سيدي أحمد التيجاني "آدم الأولياء" - تربيته على يد المولى رشيد رفيق المولى إدريس الأول خلال فراره من بطش العباسيين بعد معركة فخ التي أطاحت بدولة الأمويين العام "749م/132 هـ".

وكان المولى إدريس الثاني خلال حكمه الذي دام 25 عاما إلى جانب كونه رجل دولة كبيرا يقرض الشعر. وكان يتمتع بثقافة واسعة مكنته من مواجهة الضغوط الخارجية وخصوصا تلك التي كان يمارسها العباسيون الذين سبق لهم اغتيال والده المولى إدريس الأكبر مسموما والخوارج.

وكان المولى إدريس الأزهر، المعروف بثقافته الواسعة، شجاعا مقداما دافع عن العقيدة الإسلامية. وهكذا قام هذا الرجل الورع التقي بتأسيس فاس، أكبر مدينة في الغرب الإسلامي عرفت طوال تاريخها فترات مشرقة من الإشعاع الروحي والعلمي. واشترى من قبائل زواغة ويازغة أراضي شيد عليها أول قاعدة للمدينة على الضفة اليمنى لواد فاس العام "808 /192هـ". وسنة بعد ذلك، بنى مسجده الأول بالمدينة "مسجد الشيوخ"، وعرف المولى إدريس كيف يقيم بمدينته توازنا تاما بين الدين والعلم والمظهر العمراني. وتوفي إدريس الأزهر سنة 213 ه وعمره لا يتجاوز 36 عاما.

الدار البيضاء والخطف على الختان!

استقر البيضاويون على غرار كل المغاربة، على المذهب المالكي الذي يعتبر الختان "واجبا" دينيا. وفضلا عن الوازع الديني تعتبر الأسر والعائلات في الدار البيضاء وضواحيها الختان مناسبة احتفالية بامتياز من منطلق أن ابنها لن يتمتع طيلة حياته سوى بـ "عرسين" هما الختان والزواج، لذلك تكتسي الأول مظاهر احتفالية خاصة، قد لا تقل أهمية عن الثاني.

وتنطلق اهتمامات العائلات البيضاوية بختان ابنها منذ الأسبوع الأول لولادته إلى بلوغه الرابعة أو الخامسة بشكل عام. وتستغرق مظاهر البهجة والاحتفال ما بين 3 أيام وأسبوعين إذ تخصص الأسر قسطا من موازنتها وفق وضعها الاجتماعي وإمكاناتها المادية، هاجسها الوحيد في ذلك هو الوفاء لصغيرها بهذا الواجب الديني. كما يتكفل محسنون من خلال جمعيات مدنية وخيرية بإعذار أبناء العائلات المعوزة والأطفال المتخلى عنهم في حفل جماعي غالبا ما يكون في فصل الربيع أو بمناسبة دينية مثل عيد المولد النبوي. ومن التقاليد التي اشتهرت بها هذه المدينة طيلة القرن الماضي تقليد الختان الجماعي الذي تقام له حفلات موسمية بضريح الولي سيدي محمد مرس السلطان يتكفل بها محسنون قبل ظهور الجمعيات المدنية والخيرية بسنين عدة.

وفضلا عن هذا، هناك ما يمكن تسميته بختان "الخطف" وهي عادة لاتزال قائمة في الأوساط الشعبية، إذ يقوم أحد أفراد العائلة بختان الطفل من دون علم أبويه.

التنوع السكاني الذي عرفته العاصمة الاقتصادية للمملكة منذ بداية النصف الأول من القرن الماضي أضاف إلى المناسبة رونقا خاصا جعلها تتميز بتعددية احتفالية من صحراوية وأمازيغية وشمالية وشرقية، ما يفسر استمرار كل أنواع فرق ومجموعات الطرب الشعبي التي أصبحت في غالب الأحيان تعمل بتنسيق مع ممولي الأعراس وأصحاب قاعات الحفلات.

وباقتراب هذه المناسبة تكلف الأسر البيضاوية نفسها عناء التحضير لحفلة الختان بما قد يشبه نفقات أعراس القران فتعد الأطباق المختلفة من الحلويات وشراء الملابس التقليدية الخاصة بالطفل وتحضير مستلزمات الوليمة من دجاج ولحم وربما يقتضي الأمر، بحسب الحال المادية للأسرة، شراء كبش أو عجل صغير أو متوسط وكراء الأواني إذا كان الحفل سيقام بالبيت أو بخيمة تنصب أمام المنزل.

وعلى رغم الطابع العام الذي أصبح يهيمن على الأوساط البيضاوية بلجوئها إلى الختان العصري، وذلك منذ العقدين الأخيرين، فإن الكثير من المتخصصين العصريين يعترفون بأنهم لم يستطيعوا إلى الآن تحقيق ما أنجزه الختان التقليدي الذي لايزال يحظى بثقة الأجيال السابقة.

ويروي أحد الختانين التقليديين، وهو حاصل على شهادتي اعتراف بممارسة مهنة الختانة من وزارة الصناعة التقليدية والخيرية الإسلامية، أنه قام بإجراء المئات من عمليات الختان من دون مصادفته أية مضاعفات سلبية على صحة الطفل كالنزيف أو غيرها من الحالات المقلقة التي أصبحت تثير مخاوف الوالدين.

ويحكي هذا الختان المتمرس عن مظاهر غريبة في مدينة فاس التي تعلم بها حرفة الختانة قبل أن يستقر بالدار البيضاء منذ أكثر من 40 عاما عن رجال كان يتم ضبطهم وهم يتلصصون على عمليات الختان الجماعي بالضريح إلى أن يفطن الحلاقون لأمرهم فيقبض عليهم ويتبين أنهم ممن لم يتم ختانهم في طفولتهم، إما لكونهم نشأوا أيتاما أو لكونهم تم التخلي عنهم في صباهم الباكر فيجري إعذارهم بالقوة.

ويكتسي حفل الختان طقوسا ورمزية خاصة لدى عائلات الدار البيضاء، فهي تقوم ليلة الإعذار بطلي رجلي الطفل بالحناء ولف خيط من الصوف يعلق به حجاب حول كوعيه وإلباسه زيا تقليديا وطربوشا قبل وضعه في حضن فارس على ظهر جواد اعتاد الرقص على إيقاع دقات الطبول وصوت المزمار ونفيخ النفار وترديد النساء "الصلوات على الجاه العالي" وهن لا تتوقفن عن الزغاريد في اتجاه المسجد تتقدمهن عربة محملة بهدايا يجرها حصان وعليها فتيات يرقصن بملابس تقليدية وخلفهن رجال يقودون الأضحية.

وفي لحظات قيام الحلاق في صبيحة اليوم الموالي بختان الطفل تنزوي الأم في غرفة مجاورة وهي تضع قدميها في إناء من الماء البارد حتى تنزل الآلة الحادة بردا وسلاما على المكان الحساس من جسد ابنها فيما تردد نسوة وبنات العائلة اللواتي أحطن بها أنشودة مشهورة تستعطف الحجام الرأفة بالصبي.

أما حكاية ذبح الديك فور عملية الختان أو قبلها فهي ترمز إلى إسالة دم الطير ليختلط دم الولد بدم أنثى يتزوجها في المستقبل، ويكون هذا الديك من نصيب "الحجام" وطيلة أيام الاحتفال يتلقى الولد وأسرته التهاني و الهدايا من الأقرباء والجيران ومن أصدقائه وصديقاته الصغيرات.

وسواء في عمليات الختان التقليدي أو العصري ينصح الحجام أو الممرض المختص الأبوين بترك الولد حرا في تحركاته بعد العملية، والاكتفاء بمناولته بعض المضادات الحيوية قبل أن يندمل الجرح خلال ثلاثة أيام بحسب المختصين.

وعلى خلاف الختانة العصرية في المصحات التي تكلف لوحدها ما بين600 درهم "60 دولارا" و5000 درهم "500 دولار" فإن "الحجام" يزاول هذه المهنة من منطلق الوازع الديني وتجود عليه عائلة الطفل بما تيسر، كل بحسب إمكاناته.

الختان الأندلسي في طنجة والشمال

يشكل حفل الختان أحد مظاهر التباين الكبير بين سكان الحواضر والقرى في ارتباطهم بالتقاليد في جهة طنجة وتطوان. فإذا كان السكان الحضريون يفضلون حصر حفل الختان داخل إطار عائلي ضيق فإن سكان القرى يحرصون دائما على أن يتم الاحتفال بذلك في احترام تام للتقاليد.

ووفقا لما هو متعارف في منطقة طنجة، عادة ما يتم إعذار الأطفال في ربيعهم الرابع. ويسبق عملية الختان حفل الحناء الذي عادة ما يقتصر فيه الاحتفال على النساء فقط، إذ يتم تخضيب يدي الطفل بالحناء وإلباسه أبهى الملابس التقليدية المغربية من جلباب وبرنوس و"جابدور" وطربوش وطني.

وعلى إيقاع الأهازيج والأغاني الشعبية التي تميز منطقة الشمال تتوالى الزغاريد وعبارات التبريك التي تصدح بها حناجر النساء في اتجاه أم الطفل المحتفى به التي عادة ما تلجأ إلى اعتماد بعض الطقوس المتعارف عليها في مثل هذه المناسبات، إذ تعمد إلى ربط القدم اليسرى لطفلها بوثاق من القماش يحمل قطعة من الفضة أو قطعة من العاج في محاولة لإبعاد أي سوء أو مكروه قد يلحق بفلذة كبدها. ومع حلول اليوم الموالي لحفل الحناء يأخذ الاحتفال طابعا أكثر روحانية ويحمل الطفل على صهوة جواد في موكب بديع لزيارة ولي من أولياء الله الصالحين في ضريح بالدوار أو الحي.

وتفرض التقاليد المتعارف عليها في المنطقة الشمالية للمغرب أن يزور المحتفى به ضريح سيدي بوعراقية طلبا للبركة، واحتراما لهذه التقاليد يكون الطفل ممتطيا صهوة الجواد برفقة أحد أقاربه عادة ما يكون العم أو الخال وليس الأب. وتتقدم الموكب فتيات صغيرات يحملن شموعا يتعين أن تبقى محتفظة بشعلتها لكي تضيء ضريح الولي وذلك على طول مسار الموكب الذي يسير على إيقاع دقات الطبول والمزامير وهتافات أطفال الحي. ومع ولوج الموكب الضريح يقدم الطفل المحتفى به إلى المقدم أو القيم على الضريح الذي يتقدم بالدعاء للطفل وأسرته وتلاوة آيات من الذكر الحكيم. وبعد تقديم الهدايا التي غالبا ما تكون عبارة عن شموع أو بعض القطع النقدية التي توضع داخل صندوق يجاور قبر الولي يعود الموكب إلى بيت الطفل، إذ يكون الموعد مع "الحجام".

وتستوجب الأعراف أن تكون عملية الختان من اختصاص حلاق القرية أو "الحجام"، وهي حرفة لا يمكن أن يمارسها هذا الأخير إلا بعد سنوات من التجربة على يد "معلم" مشهود له بالكفاءة من قبل السكان.

وتعد عملية الختان ظرفا عسيرا بالنسبة إلى النساء اللاتي يفضلن الانزواء في مكان من المنزل يحجب سماع صوت صراخ الطفل وهو بين يدي "الحجام" إذ تردد النساء أغنية من الموروث الشعبي المغربي تطالب الحجام بالتحلي بالرحمة والرأفة إزاء الطفل وهو يقوم بالختان يقول مطلعها "الحجام العار عليك راه ولدي بين يديك". وعقب الانتهاء من عملية الختان، يحمل الطفل ليوضع في الغرفة الرئيسية للمنزل إذ يلتحق به أبواه وإخوته لمؤازرته ومساعدته على تحمل آلام الجرح ورفع معنوياته. ا

ويبدأ الزوار من أقارب وأصدقاء وجيران في التردد على المنزل من أجل تقديم التهاني للأبوين، وزيارة الطفل إذ تفرض العادة أن يدسوا بعضا من النقود في محفظة تكون إلى جانبه. ويختتم حفل الختان في المساء بتنظيم أمسية للسماع "الطلبة" إذ يقوم أعضاء الزاوية أو القيمون على مسجد بتلاوة آيات من القرآن الكريم وترديد المدائح النبوية.

ومن أجل الاطمئنان على الحال الصحية للطفل يقوم "الحجام" بزيارات يومية للبيت ليعاين مدى نجاح العملية إلى أن يسترجع الطفل كامل عافيته ونشاطه. وبعد يومين من العملية يصطحب الأبوان الطفل إلى الضريح لتقديم الهدايا التي غالبيتها تكون عينية أو نقدية.

ويشكل حفل الختان في حد ذاته مناسبة للتعبير عن التضامن والتآزر بين أفراد الجماعة، ويتجلى ذلك من خلال لجوء بعض الأسر الميسورة بمناسبة إعذار طفلها الى التكفل بمصروفات عمليات ختان أطفال بعض الأسر المعوزة إذ تحرص الأسر الميسورة على أن يتم التعامل مع الأطفال على قدم المساواة في كل مراحل الاحتفال.

مراكش بينالمقدس وطقوس الاحتفالية

يبدأ الإعداد للختان ماديا في مدينة مراكش، ثاني العواصم المغربية، قبل اليوم الموعود بعدة شهور، إذ يتم إعداد لباس المختون من طربوش وفوقية وسروال قندريسي وبلغة وغيرها . وتتحرز الأم كثيرا عند شراء عدة الختان هذه حتى لا يعلم بذلك الطفل. ومع اقتراب ساعة الحسم يتم إعداد أصناف من الحلويات التقليدية. بعض التقاليد تفرض شراء ديك يذبح يوم الختان، ويطهى بالبصل والزبيب ليشرب المختون من مرقه لاسترجاع ما خار من قواه.

وهناك تقاليد أخرى، وإن كانت محدودة التداول، تعمد إلى جرح تاج الديك الأحمر العرف جرحا خفيفا حتى يسيل دمه، وكأن ذلك قد يخفف من آلام المختون أو يطفئ لوعة والديه. وفي اليوم الذي يسبق عملية الإعذار يذهب الطفل رفقة أمه إلى الحمام. وليلة اليوم نفسه يقام بالبيت حفل الحناء يتم خلاله تخضيب وسط كف الطفل بالحناء وسط جو احتفالي تغني فيه "اللعبات"، وهن شابات من بنات الحي برئاسة سيدة مسنة، أغاني شعبية تتخللها بعض المستملحات النسائية التي تروم إبعاد شبح الخوف عن قلب أم المختون.

ومن التقاليد التي تحتفظ بها ذاكرة المراكشيين خصوصا أيضا زيارة الطفل الموعود بالختان لأضرحة الأولياء السبعة لمراكش المعروفين بسبعة رجال، مع وقفة خاصة بضريح سيدي بلعباس، تلمسا لبركة دفين هذا الضريح الذي تقول مصادر التاريخ إنه كان يقوم مساء كل يوم بجمع صدقات من تجار المدينة ليوزعها على الفقراء. وتقضي الأعراف المتواترة أن تتم الزيارة وقت العصر وعلى صهوة جواد إذا أمكن.

وصبيحة يوم الختان تتزين الأم بأحسن حللها وتجلس في وسط الدار تحيط بها الجارات والقريبات في حال استنفار قصوى استعدادا للتدخل في حال انهيار الأم. وحال دخول الحجام ومساعده يرتفع صوت "الغياطة" و" الطبالة" مدويا في أرجاء البيت في محاولة لإغراق صراخ الطفل المختون في ضجيج الغيطة والطبل ومنع وصوله إلى أذن الأم، بينما تردد الحاضرات بما تملكن من قوة "يا الحجام العار عليك راه وليدي بين يديك".

يضع احد مساعدي الحجام إزارا يحجب "لمعلم" عن العالم الخارجي بينما يمسك مساعد آخر الطفل بطريقة تشل حركاته. ومباشرة بعد قطع الغشاء يوضع محتوى بيضة طازجة على الجرح لتضميده والتخفيف من الآلام.

ومن التقاليد أيضا أن تحمل امرأة غير متزوجة الصبي المختون فوق ظهرها لعل ذلك يفك ضيقها ويفتح في وجهها باب الزواج. ومن التقاليد المتداولة أيضا وضع المختون أرضا وتقوم امرأة متزوجة بتخطيه مرات كثيرة حتى تنضج رجولته وتتقوى فحولته!

بلاغ ملكي للشعب المغربي بعد عملية الختان

بعد عملية ختان ولي عهد المغرب أفاد بلاغ لعيادة القصر الملكي بالرباط أن العملية التي جرت بعيادة القصر الملكي بفاس في أحسن الظروف وفي جو عائلي.وفيما يأتي نص البلاغ:

"تمت اليوم الخميس 14 أبريل/ نيسان 2005 في الساعة الثانية و20 دقيقة بعد الزوال عملية ختان صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن بعيادة القصر الملكي بفاس. وجرت عملية الختان في أحسن الظروف وفي جو عائلي. وكان فريق الأطباء الجراحين يتكون من: جمال الصقلي المختص في الإنعاش والتخدير، اختصاصية في طب الأطفال خديجة رمزي، مختص في جراحة الأطفال أولعيد أوترحوت، اختصاصية في طب الأطفال نعيمة لمدور البوعزاوي، المختص في الإنعاش والتخدير الإدريسي العلوي وحرر بالقصر الملكي بفاس يومه الخميس 14 أبريل 2005". هذا، وترافقت عملية ختان ولي العهد المغربي بعمليات ختان جماعية عمت مختلف المناطق والمدن المغربية، لكن لئن اختلفت المذاهب الدينية في التعامل مع موضوع الختان سواء باعتباره سنة أو "واجبا" دينيا فإنها تؤطر اختلافها هذا داخل الأحاديث النبوية اعتمادا على المرجعية الحنيفية التوحيدية لإبراهيم الخليل، فما الذي يميز كل منطقة مغربية عن الأخرى خلال هذه العملية

العدد 966 - الخميس 28 أبريل 2005م الموافق 19 ربيع الاول 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً