العدد 992 - الثلثاء 24 مايو 2005م الموافق 15 ربيع الثاني 1426هـ

"بي إم بي" يكسب في موازنة المصالح

هناء بوحجي comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

مرت على القطاع المصرفي ثلاث أزمات في خلال العامين الماضيين ولم تأل مؤسسة نقد البحرين جهدا في محاوطة هذه الأزمات والخروج منها بأقل الخسائر للأطراف ذات العلاقة من مساهمين ومودعين ولم تنس طبعا في مساعيها المخلصة أن تحافظ للبحرين على سمعتها المصرفية التي تحرص دائما على أن تعايرها دائما بالمقاييس العالمية.

وهذا تماما ما تفعله "المؤسسة" الآن في تعاملها مع أزمة مصرف "بي ام بي انفستمنت"، الا أن مالا يجب أن يغيب عن بال "المؤسسة" أن السمعة أيضا تتشكل من المحافظة على حقوق الأطراف المختلفة، وفي هذه القضية الأخيرة لم يتوافر فيها الاطمئنان للكثير من صغار المستثمرين الذين وجدوا أنفسهم خاسرين كل رؤوس أموالهم وتساوت ملكيتهم في رأسمال "المصرف" بما يعادل سهما واحدا وقيمته ربع دولار فقط دون اعتبار عدد الأسهم التي يحملها المساهمون، فأسئلة كثيرة ظلت بلا اجابة بالنسبة لهم، فما الذي جعل المصرف يحجب نتائجه وحساباته منذ العام 2001؟ وأجابت الادارة أن المصرف كانت حساباته مفتوحة ولذلك لم يكن بامكانه عرض نتائجه للمساهمين، ولم يجب أحد عن تساؤل المساهمين الذين يرفضون ضخ أموالا جديدة لاعادة مصرف مديون الى الحياة وهم يعتقدون أن ادارته الحالية والتي ستستمر في المستقبل - قد تسببت في خسارتهم لأموالهم، ولم يبرر أحد أسباب الضمانات التي تعادل نصف رأس المال المطلوب والتي قدمها كبار المساهمين الذين من الواضح أنهم يفوزون بمصرف "نظيف" خال من الديون بعد أن أطفأت من حقوق المساهمين الصغار والكبار على السواء الغاضبين.

ولقد دعت المؤسسة مرارا أثناء الاجتماع الى ضرورة النظر الى الأزمة بشكل شامل يأخذ في اعتباره تغليب سمعة البحرين المصرفية على المصالح الشخصية، ولكن الغريب أن هذه الدعوة كانت موجهة بالدرجة الأولى الى الجمعية العمومية ، المساهمين الذين خسروا أموالهم وعانوا من سوء ادارة مجلس الادارة وادارة المصرف لاجتماعي الجمعية العمومية العادية وغير العادية واستهتارهما بأسئلة المساهمين الذين لم يتمكنوا من الاطلاع على الحسابات الختامية لثلاث سنوات متتالية سوى قبل دقائق من الاجتماع.

من الواضح أن مؤسسة النقد تأمل أن يتمكن المصرف من تلبية شروط الدائنين للحصول على قرض "الانقاذ" متوسط الأجل الذي يسعى اليه في الفترة المحددة، وبالتالي يقف من جديد على قدميه وترفع عنه صفة "المتعثر"، ولذلك فقد كان قرار "المؤسسة" غريبا بعض الشيء عندما قررت المضي في اعداد تقرير اعادة تقييم الأصول منفردة بعد انسحاب المساهمين المتحفظين لأن المؤسسة أصلا لم يكن لديها تحفظ على الحسابات الختامية المدققة وبالتالي انتفت أسباب اعداد التقرير.

ولكن في الجهة الأخرى ألا ترى "المؤسسة" بعض الغرابة في ترك مصلحة المصرف التي اختلطت بمصلحة ادارته ومصلحة كبار الداخلين الجدد لتطغى على مصلحة المساهمين وحقهم في التحقق من أن الحل المطروح هو الأمثل؟ وهل يصب ذلك حقا في سمعة مركز البحرين المالي بشكل ايجابي؟ ان قضية "بي أم بي انفستنمت" كان نموذجا لصعوبة موازنة المصالح ومن الواضح أن مؤسسة النقد دخلت في مأزق الموازنة بين الحزم الذي ربما لو تركته يأخذ مداه لوضعت المصرف تحت الادارة والتصفية، وبين رغبتها في المحافظة على المصرف كمؤسسة مسجلة في البحرين وتنظمها تشريعاتها وقوانينها المشهود لها عالميا ولكن الأهم من ذلك أن لا تكون الموازنة التي توصلت لها المؤسسة مدعاة للتساهل في "خلق" مزيد من المؤسسات المتعثرة مستقبلا

إقرأ أيضا لـ "هناء بوحجي "

العدد 992 - الثلثاء 24 مايو 2005م الموافق 15 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً