العدد 997 - الأحد 29 مايو 2005م الموافق 20 ربيع الثاني 1426هـ

مكافحة الفقر... استراتيجية، صندوق، أم وزارة؟

بتول السيد comments [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

قدمت أربع كتل نيابية "الإسلامية، الديمقراطيين، الأصالة، والمستقلين" نهاية العام الماضي مقترحا برغبة لتكليف هيئة استشارية متخصصة وحيادية بصوغ استراتيجية وطنية لمكافحة الفقر في المملكة. وهو المقترح الذي لم يعرف مصيره بعد، إذ لايزال في أروقة اللجنة المالية في مجلس النواب، وذلك بعد شد وجذب بين لجنة الخدمات التي أصرت على عدم اختصاصها به وهيئة المكتب، وكانت الرئاسة تتجه لرفضه - بحسب أحد مقدميه النائب محمد آل الشيخ - ثم بذلت جهود انتهت بموافقة هيئة المكتب عليه. وعلى الصعيد نفسه يشار إلى أن آل الشيخ يزمع خلال الفترة المقبلة تقديم مقترح لإنشاء صندوق لمكافحة الفقر.

وعموما يبدو مقترح الاستراتيجية منطلقا من وجه عجب واقعي لكون المملكة رقعة خليجية نفطية محدودة المساحة وعدد السكان وتعاني من استشراء ظاهرة الفقر، في ظل قصور اتخاذ إجراءات تقتلع جذورها بشكل نهائي. ولذلك يمكن الاستفادة مثلا من تجربة جمهورية موريتانيا التي أنشأت بها أول وزارة في الوطن العربي تعنى بمكافحة الفقر وحقوق الإنسان، ومضى على إنشائها نحو سبع سنوات، وهي تجربة فريدة أطلقها رئيس الجمهورية معاوية ولد سيدي أحمد، وكانت تستهدف بشكل رئيسي حل المشكلات الناتجة عن الفقر، ويقال إنها نجحت في علاج الكثير منها في الولايات الداخلية، كما قامت بإنشاء مشروعات اقتصادية واجتماعية وتمويل أخرى لتدر بالدخل على الشرائح الأكثر تضررا.

وتلك أهداف تتماشى مع ما أوردته المذكرة الإيضاحية لمقترح الاستراتيجية والتي طالبت بالتخطيط المدروس والعلمي لتوزيع الثروات الاقتصادية بما يحقق مبادئ المساواة وتكافؤ الفرص والعدالة بين المواطنين. وبينت أن المملكة تفتقر حتى الآن إلى أي تشريع أو مؤشر يحدد ما يعرف بخط الفقر الوطني، ناهيك عن أن الاعتماد على المعايير العالمية التي تحدد خطوط الفقر المعتمدة على دخل الفرد بالدولار هو مؤشر غير واقعي ويسطح الظاهرة، ويمارس أدوارا تضليلية ومغلوطة عند تطبيقه على معدل الدخل الشهري للمواطن.

وبما أن ديوان الخدمة المدنية أكد إثر تقديم مقترح لاستحداث وزارتين للتخطيط والثقافة أن المواد "32"، "33"، "39/ب" من الدستور تبين أن إنشاء الوزارات هو أمر مناط بجلالة الملك وهو من يملك إصدار المراسيم، وعليه فإن إنشاء الوزارات ليس من اختصاص الحكومة. فذلك ما يضع المبادرة تنبع من رأس السلطة التنفيذية عوضا عن أعضاء السلطة التشريعية. وخصوصا أن التوجه يتفق مع نص المادة "4" من الدستور التي رسخت مبدأ العدل وتكافؤ الفرص بين المواطنين كأهم دعائم المجتمع التي تكفلها الدولة، ومع المادة "5/ج" التي تنص على أن "تعمل الدولة على وقاية المواطنين من براثن الجهل والخوف والفاقة"، وكذلك المادة "10/أ" من الدستور التي تنص على أن "الاقتصاد الوطني أساسه العدالة الاجتماعية، وقوامه التعاون العادل بين النشاط العام والنشاط الخاص، وهدفه التنمية الاقتصادية وفقا لخطة مرسومة، وتحقيق الرخاء للمواطنين، وذلك كله في حدود القانون".

كما يلحظ بأن الحاجة إلى وزارة لمكافحة الفقر قد تكون وقتية - تنتهي بانتهاء المهمات الموكلة إليها - تماما كما هو الحال مثلا بالنسبة إلى وزارات حقوق الإنسان والتي كان يرى وزير حقوق الإنسان العراقي السابق عبدالباسط تركي الحاجة إليها وقتية، واعتبرها استثناء، إذ الأصل عدم وجودها

العدد 997 - الأحد 29 مايو 2005م الموافق 20 ربيع الثاني 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً