العدد 4669 - الجمعة 19 يونيو 2015م الموافق 02 رمضان 1436هـ

مجلس حقوق الإنسان وتدخلاته في الشأن الوطني

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تجدّدت دعوات الدول والمنظمات الدولية لأن تشهد البحرين حواراً حقيقياً يقودها إلى مصالحة سياسية شاملة بين الأطراف المختلفة في البلاد، من أجل إنهاء أزمة محتقنة مستمرة منذ سنوات.

هذه الدعوة ليست جديدة، بل نشهدها تتكرر بين فترة وأخرى وعلى لسان قادة تلك الدول ومسئوليها، وكذلك في بيانات المنظمات الدولية من الأمم المتحدة وغيرها، وهي قائمة على حقيقة واحدة، وهي أن العالم لايزال مؤمناً بأن البحرين لم تشهد بعدُ، أي حوار حقيقي وجاد قادر على إنهاء أزمة هذا البلد الصغير.

في جلسة مجلس حقوق الإنسان الأخيرة يوم الأحد (15 يونيو/ حزيران 2015) رفضت السلطة عبر مندوبها الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة في جنيف السفير يوسف عبدالكريم، مناقشة الحوار الوطني في مجلس حقوق الإنسان، حيث أكّد أن «الحوار الوطني شأنٌ وطني ليس من اختصاص مجلس حقوق الإنسان مناقشته، وأن مملكة البحرين عقدت حوارات توافق وطنية عديدة شملت كل أطياف المجتمع البحريني، والتي قوبلت بالرفض في معظمها من أطرافٍ سياسية سعت لتعطيل مسيرة الإصلاح وتقويض جهود التطوير في البحرين».

الحوار الوطني ليس من اختصاصات مجلس حقوق الإنسان، وهو السبب الرئيسي وراء رفض السلطة دعوة المفوض السامي لحقوق الإنسان زيد الحسين حكومة البحرين إلى التحقيق الفوري في ادّعاءات التعذيب، وإلى حوار حقيقي بين الحكومة والمعارضة، خلال كلمته في افتتاح الدورة الـ 29 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.

المفوض السامي لحقوق الإنسان شدّد على أن «الطريق إلى الأمام لضمان السلام والاستقرار والازدهار لجميع البحرينيين، هو من خلال حوار حقيقي بين الحكومة والمعارضة، من دون شروط مسبقة».

والسؤال: هل صحيحٌ أن مجلس حقوق الإنسان ليس من اختصاصه مناقشة الحوار كونه «شأناً وطنياً»؟ فإذا كان الأمر كذلك، فلماذا كانت السلطة تستعرض طوال السنوات الماضية على مجلس حقوق الإنسان مشاريعها للحوار وما تحدّثت عنه من إنجازات!

فعلى سبيل المثال، في 19 سبتمبر/ أيلول 2012، أعلنت حكومة البحرين أن مجلس حقوق الإنسان يوافق بالإجماع على اعتماد تقرير البحرين في ذلك الوقت، ونشرت الصحف المحلية في اليوم التالي (20 سبتمبر 2012) مقتطفات من كلمة وزير الخارجية الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة تحت قبة مجلس حقوق الإنسان، حيث دعا من هناك كل الفئات البحرينية الموجودة في القاعة، إلى الحوار ومدّ جسور التواصل التي تحرص عليها الحكومة دائماً، وذلك رغم ما يقال اليوم بأن «الحوار شأن وطني» ولا علاقة لمجلس حقوق الإنسان فيه.

كما أطلع الوزير مجلس حقوق الإنسان على ما يقوم به وزير العدل من تمهيد الطريق لتفعيل الحوار السياسي في البحرين من خلال لقاءاته المستمرة مع الجمعيات السياسية في البحرين، ومؤكّداً أنه «لا يوجد سقفٌ للتطوير في البحرين وطموحاتنا كبيرة». كما تحدّث أيضاً عن «المسيرات غير القانونية ودعاوى رفض الحوار، وحرق الإطارات التي تسبب التأثير على المصالح العامة والممتلكات الخاصة».

الغريب أيضاً في تلك الجلسة، أن البحرين قبلت من رئيس جلسة مجلس حقوق الإنسان «تدخله في الشئون الداخلية» عندما أبدت «إعجابها وتقديرها لموقف البحرين المنفتح والمتسامح، ودعوتها إلى الحوار مع الجميع محل ثناء وتشجيع»، فيما رفضتها حالياً عندما دعا إليها المفوض السامي لحقوق الإنسان!

في 12 مارس/ آذار 2011 أعلنت وزيرة التنمية الاجتماعية في ذلك الوقت فاطمة البلوشي التي ترأست وفد البحرين للدورة السادسة عشرة لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، في الفترة من 27 فبراير/ شباط - 3 مارس/ آذار 2011 أن «الحوار الوطني يحظى بتأييد مجلس حقوق الإنسان»!

وقالت الوزيرة إن من أبرز نتائج زيارة الوفد البحريني الذي ترأسته لحضور جلسة مجلس الأمم لحقوق الإنسان في جنيف هو «تأكيد من جرى الاجتماع بهم على ضرورة التجاوب مع المبادرة الملكية بإطلاق حوار وطني يشمل جميع الأطياف في البحرين من أجل تحفيز المكونات السياسية والاجتماعية والاقتصادية للدخول لطاولة الحوار الوطني مما يسهم في تنشيط المسيرة الديمقراطية وتسريع وتيرة العجلة الإصلاحية وفقاً للرؤية السامية للقيادة».

الغريب أيضاً أنه رغم رفض السلطة الحديث عن الحوار في مجلس حقوق الإنسان كونه «شأناً وطنياً»، إلا أن وكالة أنباء البحرين في السنوات الماضية كانت تنقل كلمات الدول التي تحدثت عن «الحوار في البحرين» وأشادت به، ولم تعتبره «شأناً وطنياً» ليس من اختصاص مجلس حقوق الإنسان مناقشته، ومن بين تلك الدول التي ناقشت أو تحدّثت عن الحوار في البحرين، بريطانيا واليابان والأردن والمغرب وسنغافورة وبنغلاديش وباكستان، وغيرها من الدول، إذ لم ترفض السلطة من قبل، ذلك الحديث والمناقشات التي جرت تحت قبة مجلس حقوق الإنسان.

فما الذي تغيّر بين تلك المرحلة التي كان فيها الحديث عن الحوار الوطني في البحرين تحت قبة مجلس حقوق الإنسان أمراً عادياً بل تحثّ عليه السلطة وتؤيّده؛ وبين اليوم الذي رأت فيه السلطة أن ذلك الحديث «شأن وطني» وليس من اختصاص مجلس حقوق الإنسان؟

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4669 - الجمعة 19 يونيو 2015م الموافق 02 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 9:31 ص

      رد على زائر 4

      تقدر اتقولى ويش دخل موضوع سوريا وايران وحزب الله فى الموضووع لو الاحقاد تارس قلبك على الشيعة يا اخي نحن نتكلم عن اوضاع بلادنا تركو عنكم اوضاع البلدان الاخرى هم يحلون قضيتهم ولاتتدخلون والله ياخد الحق

    • زائر 17 زائر 16 | 12:46 م

      زائر 16

      اش معنى هم مفتحين عيونهم على البحرين الحمدالله البحرين بالف خير من دول غيرها ايران اعدامات كل يوم فى السنة بتهم مفبركة بتجارة المخدرات \\ سوريا نظام بشار مع مليشيات الشيعية (حرس الثورى الايرانى+حزب ...+داعش) تقتل فى السنة \\ العراق مليشيات المالكى الشيعية و حشد الشعبى يقتلون فى السنة بذريعة داعش و اتقول لنا حقد على الشيعة و الله الحقد عندكم انتو الحمدالله السنة كانو عايشين معاكم احسن غيشة قبل ثورة فى 1979

    • زائر 13 | 6:30 ص

      مصطلح تدخّل في الشأن الداخلي يستغل اسوأ استغلال

      تمنع المنظمات الحقوقية ويمنع كل حرّ في العالم ان يتحدث عن ظلامة شعب يعاني الظلم من عقود.
      بمعنى ان لدينا شعب سنقوم بسلخه وذبحه والتلاعب بكل حقوق وكل شخص او منظمة يتكلم فكلامه يعتبر تدخلا في شؤون البلد.
      طبعا لا بدّ للبشر كبشر اذا رأوا حيوانات تمارس عليها بعض انواع الظلم يتدخلون لينقذوها من ذلك الظلم ولكن شعب البحرين حين تمارس عليه مثل هذه الامور لا يحق للعالم كله ان يتدخّل

    • زائر 9 | 3:19 ص

      من زرع في بلد غير بلده لا له ولا لولده

      انزين نبي حوار مثل العالم طلعو القيادات السياسية و هم يقعدون على طالولة الحوار و خلصنا هذا الحوار .
      ولد النهام .

    • زائر 8 | 3:03 ص

      زيد بن رعد دعاهم علنا للحوار الحقيقي وكان ردهم اعتقال المزيد في يوم واحد مما قاله المفوض

      هذا ردهم يازيد بن رعد اعتقالات ...

    • زائر 7 | 3:00 ص

      كل دول العالم والمنظمات الحقوقية والسفراء يدعون إلى حوار حقيقي ولافي فايدة

      أبت البحرين تحقق الحوار الحقيقي خشية بعض المتنفذين على مصالحهم

    • زائر 6 | 2:58 ص

      بلد صغير مايعرفون إلا القبضة الأمنية مايعرفون شي اسمه حوار حقيقي جاد

      الازمة مستمرة والعالم يتفرج علينا

    • زائر 5 | 2:08 ص

      الحوار في البحرين بين طرفين المعارضة والحكومة.

      مثلا الموالون لسلطة هي راضية عنهم وهم راضون عنها فهي تمثلهم في الحوار وليس لهم مطالب وعندهم كل شيء كلش تمام يعني مالهم سالفة بالحوار فالحوار بين معارضة وحكومة .

    • زائر 4 | 12:52 ص

      لماذا البحرين

      مجلس حقوق الانسان مستميت لحل الازمة في البحرين !!! ازمات مرت علي العالم لم نسمع هذا المجلس مستميت لحلها ،، اين المجلس علي ما يحدث في سوريا من مجازر في حق الملايين ،،،اين المجلس عن ما يحدث في العراق ومانيمار ،، ايران تشنق الافراد يوميآ ولا توجد حقوق للانسان ،، المعارضة تحضر وتسافر لحضور الجلسات التي تتكلم بحرية وترجع البحرين بدون ان يتعرض لها احد ، اين يحدث هذا ،،اعطوني دولة تسمح بذلك ،،اتقو الله في البحرين فإنها تسع الجميع وامآ للجميع ،،

    • زائر 10 زائر 4 | 3:46 ص

      ..

      ...........
      المشكلة الأساس هي الظلم وعدم الانصاف الذي أنهك البلد وأدى الى أزمات خانقة جرت الشارع الى مصادمات وقتل وعقاب جماعي. هذا عمل إجرامي ولا يبرره تصريح مجالس ومنضمات عالمية سواء في شأن محلي او سواه.
      السلطة تحاول المراوغة لكسب الوقت ودغدغة الرأي العام الدولي.

    • زائر 11 زائر 4 | 4:06 ص

      غريب هذا التعليق

      خوك شكلك مو متابع ابداً... كل الدول التي عددتها احيلت ملفات لها لمجلس الامن بسبب حقوق الانسان وليس فقط في مجلس حقوق الانسان... متى بتوتعون من الغشاوة الا انتوا فيها

    • زائر 3 | 10:36 م

      والله انك مب سهل ياولد الفردان

      مادري من وين طالع لهم انت حاكرهم بالداعوس فى كل صغيره وكبيره ياخوفي عليك ...

    • زائر 12 زائر 3 | 5:28 ص

      الحرية الراى

      بعد اتقولون ان البحرين مافيها حرية الراى
      ............

    • زائر 14 زائر 3 | 7:52 ص

      حرية رأي بالأدلة

      لو ما يجيب الأدلة چان من زمان عطوه تهمة أهانة وزارات الدولة وودوه ويه الشيخ علي سلمان .

    • زائر 2 | 10:27 م

      أبو علاء

      الحوار ليس إلا خوار

    • زائر 1 | 9:58 م

      لا جدية في الحوار مع المعارضة

      الحوارات الشكلية السابقة كان هدفها إرضاء المجتمع الدولي لكنها فشلت جميعها لأن النظام هو الذي يشكل طاولة الحوار ويديره وجعل غالبيته من الموالاة.
      أتمنى أن يتطور موقف الدول الكبرى إلى إرسال مبعوث أممي يدير حوار بين الحكم والمعارضة لأن النظام ليس جاد و لا يرغب في التنازل عن أي شي بل العكس.

اقرأ ايضاً