العدد 4674 - الأربعاء 24 يونيو 2015م الموافق 07 رمضان 1436هـ

الوطنُ... قبل الفتوى

أنس زاهد

كاتب سعودي

لعبة خطرة تلك التي ترهن الوطن لمنطق الفتوى!

عندما يتعرض أمن الوطن للخطر، فليست هناك مرجعية نعود إليها، إلا الوطن نفسه. الوطن أكبر وأهم من كل الفتاوى. ‏الوطن ثابت، أما الفتوى فمتغيرة. الوطن واحد، أما الفتوى فتقابلها فتاوى أخرى كثيرة تنقضها. الوطن واقعٌ، بل حقيقة... أما الفتوى فمجرد رأي فقهي يحتمل الخطأ والصواب!

الوطن هو من يمنح الشرعية، لا من يأخذها. وفي أوقات الخطر، فإن الفتوى هي التي تحتاج إلى الوطن كي يشرعنها، وليس العكس.

رهن الوطن للفتوى، هو منطق الجماعات وليس منطق الدول. وهذا المنطق هو الذي جرّ الويلات على الوطن العربي، وهو الذي أفرز جماعات الإسلام السياسي وأمراء الحروب الذين لا يتوانون عن إشعال الفتن، ولا يتورعون عن تفتيت أوطانهم بحجة أسلمتها!

لا. ليس أمن الوطن بحاجةٍ إلى فتوى حتى تقوم الدولة بحمايته. صاحب الفتوى في الأساس، لا يمتلك حقاً أكبر في الوطن، مني ومنك، حتى يتم رهن الوطن وأمنه، لرأيه الفقهي. الوطن هو الشعب، وهو الدولة المنوط بها مهمة الحفاظ على أمنه ووحدة أراضيه، من أيّ خطر خارجي، أو من أية محاولة للعبث في الداخل.

المشاعر الوطنية قديمة ومتزامنة تاريخياً، مع تخطي الجماعات البشرية طور التجمعات القبلية، وبلوغها مرحلة المجتمع. أما مفهوم الدولة الوطنية فلا علاقة له من قريب أو بعيد، بالفقه أو منطق الفتوى، وإلا لما سُمّيت الدولة الوطنية بهذا الاسم. وهذا يعني أن المجتمع والدولة ليسا بحاجةٍ إلى ما يشرعن وجودهما. وحدها الجماعات الخارجة على الدولة، هي التي تحتاج إلى ما يشرع منطقها.

الفتوى هي أنسب ما تلجأ إليه الجماعات في مسعاها للعودة بالمجتمع إلى مرحلة الجماعة، وفي سعيها لتقويض مفهوم الوطن لصالح الأيدلوجيا، وفي محاولاتها الحثيثة لنسف مفهوم الدولة لصالح مفهوم الخلافة والأمارات الطائفية. لذلك كله حذّرت في إحدى مقالاتي السابقة، من إطلاق أية تسمية فقهية عند الحديث عن الإرهابيين. فالإرهابي هو خائنٌ حسب منطق الوطن وحسب مفهوم الدولة... وهذا يكفي ويزيد.

لا للفتوى في كل ما يتعلق بالوطن وسيادة الدولة.

إقرأ أيضا لـ "أنس زاهد"

العدد 4674 - الأربعاء 24 يونيو 2015م الموافق 07 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً