العدد 4684 - السبت 04 يوليو 2015م الموافق 17 رمضان 1436هـ

أكثر من 6000 مرض وراثي...وانخفاض نسبة زواج الأقارب في العقود الأخيرة

أماني الهاجري - تصوير : عقيل الفردان
أماني الهاجري - تصوير : عقيل الفردان

انخفضت نسبة زواج الأقارب في البحرين على مدى العقود الأربعة الأخيرة؛ إذ انخفضت من 45.5 في المئة إلى 39 في المئة ومن ثم النسبة التي توصلت إليها آخر إحصائية في 2009 وهي 11.4 في المئة، حسبما أفادت وزارة الصحة لـ «الوسط»، مشيرةً إلى وجود أكثر من 6000 مرض وراثي من الوالدين بشكلٍ عام، من المحتمل أن يُصاب الأبناء بأحدها، ويتعدى ذلك الأمراض الوراثية إلى الخلقية والعقلية التي لا يشملها الفحص ما قبل الزواج.

ذلك الانخفاض في نسبة زواج الأقارب، يوحي، كما يرى الأخصائي الاجتماعي محمد جواد مرهون، بتغيّر تصاعدي في وعي الناس تجاه الظاهرة، «إذ يعتبر الوعي في البحرين متطوراً نظراً لأن الشعب مطّلع، ومرض السكلر أحد الأدلة في هذا الجانب»، ولكنه يستدرك «الاستثناء يكمن في حالة الحب التي تتكون بين الزوجين، إذ تغلب على ذلك العاطفة بشكل كبير، إلى درجة أن الكثير لا يتقبل النصح في ذلك».


أبٌ فقد 3 أبناء بسبب الأمراض... وآخرون يعاني أبناؤهم من أمراض عدة

انخفاض نسبة زواج الأقارب فـي العقـود الأخيرة... و%11.4 آخر إحصائية لـ «الصحة» في 2009

الوسط - جابر الموسوي

انخفضت نسبة زواج الأقارب في البحرين على مدى العقود الأربعة الأخيرة، فمن 45.5 في المئة إلى 39 في المئة ومن ثم النسبة التي توصلت إليها آخر إحصائية في 2009 وهي 11.4 في المئة، حسبما أفادت وزارة الصحة لـ «الوسط»، مشيرةً إلى وجود أكثر من 6000 مرض وراثي من الوالدين بشكلٍ عام، من المحتمل أن يُصاب الأبناء بأحدها، ويتعدى ذلك الأمراض الوراثية إلى الخلقية والعقلية التي لا يشملها الفحص ما قبل الزواج.

ذلك الانخفاض في نسبة زواج الأقارب، يوحي، كما يرى الأخصائي الاجتماعي محمد جواد مرهون، بتغيّر تصاعدي في وعي الناس تجاه الظاهرة، «إذ يعتبر الوعي في البحرين متطور نظراً لأن الشعب مطّلع، ومرض السكلر أحد الأدلة في هذا الجانب».

من جانبها، التقت «الوسط» عدداً من الأزواج المتضررين من ظاهرة «زواج الأقارب»، إذ رووا تجاربهم السلبية، كان العامل المشترك بينها إصابة أبنائهم بعدة أمراض، فيما تعدّى الأمر ذلك ليصل إلى موت الأبناء، كما روى أحدهم تفاصيل فقده ثلاثة من أبنائه بسبب زواج الأقارب.

إلى ذلك، أشار الشيخ رائد الستري لـ «الوسط» إلى ضرورة مراعاة جميع الجوانب والحيثيات في اختيار شريكة الحياة، وذكر أنه «لابد أن يعي الفرد أنه يختار زوجة وأمّاً لأولاده، فلابد أن ينظر في ذلك فإن العرق دساس والخال أحد الضجيعين، فلو كانت عائلته مليئة بأمراض وراثية فعليه الابتعاد والتغرب وذلك رعاية لمصلحة الأولاد».

الهاجري: كلما زادت نسبة القرابة بين الزوجين زادت نسبة الخطورة

رئيسة قسم الأمراض الوراثية بمستشفى السلمانية الطبي أماني الهاجري بيّنت خلال حديثها إلى «الوسط» أنه كلما كانت صلة القرابة كبيرة بين الزوجين (وأكبرها عند زواج أبناء العمومة المزدوج) كلما زادت نسبة الخطورة، إذ يرجع ذلك إلى اشتراك الطرفين بنسبة أكبر من الجينات المتماثلة، وكلما كانت القرابة أبعد كلما قلت الخطورة، وفيما يأتي نص اللقاء:

ما هي نسبة «زواج الأقارب» في البحرين بحسب الإحصائيات الرسمية؟

- بحسب آخر إحصائية تبلغ نسبة زواج الاقارب في البحرين 11.4 في المئة لسنة 2009.

يذكر أن دراسة أجريت قبلها بعشر سنوات (1999) كانت تبلغ النسبة 39 في المئة لذلك الجيل و45.5 في المئة للجيل الذي يسبقه. فمن الواضح انخفاض النسبة على مدى العقود الأربع الأخيرة.

هل يتسبب زواج الأقارب بالإصابة بالأمراض الوراثية بالنسبة إلى الأبناء؟

- نعم فهناك العديد من الدراسات التي تثبت ذلك.

ما هي تلك الأمراض الوراثية؟

- هناك أكثر من 6000 مرض وراثي مكتشف. وجميع هذه الأمراض تنتقل من جيل إلى جيل خلال المادة الوراثية للأم والاب (الحمض النووي). وتؤثر هذه الأمراض على مختلف أعضاء الجسم وتتفاوت بحسب نوعية الخلل.

ما هو أكثر مرض ينتشر بين الأبناء نتيجة «زواج الأقارب»؟

- من أكثر الأمراض الوراثية شيوعاً في البحرين والعالم ككل هي أمراض الدم الوراثية كفقر الدم المنجلي ونقص الخميرة والالفا ثلاسيميا... ولم تعد محصورة على زواج الأقارب بل تعدتها وذلك بسبب انتشار الجينات المعطوبة لدى نسبة لا يستهان بها عند مختلف أفراد المجتمع. إلا أن نسبة هذه الأمراض في انخفاض حسب إحصائياتنا.

هل الفحص قبل الزواج يكون كافياً للتعرف على جميع الأمراض؟ وما هي الأمراض التي لا يكشف عنها الفحص وقد يتسبب زواج الأقارب بها؟

- الفحص المخبري قبل الزواج يتضمن شقين الأول يتضمن الأمراض المعدية الخطيرة كالإيدز، والشق الثاني يتضمن أمراض الدم الوراثية الأكثر انتشاراً في البحرين وهي مرض فقر الدم المنجلي (السكلر) والثلاسيميا ونقص الخميرة وأنواع الهيموجلوبينات المختلفة.

وبما أن هذه الأمراض لا تمثل إلا جزءاً بسيطاً من الأمراض الوراثية الأخرى الأقل شيوعاً فإنه من غير الممكن اكتشافها إلا إذا كان هناك تاريخ مرضي في العائلة وآثر الطرفين الإفصاح عنه. عندها يتم تحويل المقبلين على الزواج إلى قسم الأمراض الوراثية في السلمانية لأخذ المزيد من المعلومات والتأكد من التشخيص وعمل الفحوصات الجينية اللازمة ومن بعدها إعطاء المشورة اللازمة للطرفين.

ماذا عن الأمراض العقلية والإعاقة الجسدية ومتلازمة داون؟ هل تحدث للأبناء نتيجة «زواج الأقارب»؟

- من المعروف أنه هناك علاقة وإن لم تكن واضحة عن ارتباط بعض أنواع الأمراض النفسية كالفصام بالوراثة، وبالتالي يزداد معدل الخطورة إذا ما وجدت الحالة في العائلة نفسها. ولكن لابد من مراجعة الاستشاري المختص للتأكد.

أما فيما يتعلق بمتلازمة داون فأجريت الكثير من الدراسات على علاقة زواج الأقارب ونسبة الإصابة وكلها خلصت إلى أنه لا توجد أي علاقة، أي لا تزيد نسبة الإصابة لدى الأقارب.

هل هناك علاقة بين زيادة الأمراض وبين زيادة درجة القرابة؟ وكيف؟

- هناك علاقة وثيقة بين الأمراض الوراثية الجسمية المتنحية (Autosomal Recessive) وزواج الأقارب. ما يحدث في حال تزوج شخصان فإنه أثناء تكون الجنين يأخذ نصف جيناته من الأم والنصف الآخر من الأب فإذا كانا أقرباء فمن الطبيعي أن يكونا عرضة بأن يحملا بعضاً من الجينات المعطوبة بنفس الطفرة الموروثة من نفس الجد أو الجدة أو حتى الأسلاف القديمة من غير أن تظهر عليهم أعراض المرض. فإذا حدث وأن اجتمعت الجينات المعطوبة من الأم والأب عند الأبناء فسيظهر المرض.

لذلك كلما كانت صلة القرابة كبيرة (وأكبرها عند زواج أبناء العمومة المزدوج) كلما زادت نسبة الخطورة. وذلك يرجع إلى اشتراك الطرفين بنسبة أكبر من الجينات المتماثلة. وكلما كانت القرابة أبعد كلما قلت الخطورة.

هل هناك دراسات وبحوث تثبت أن زواج الأقارب تسبب في العديد من الأمراض للأبناء؟ وإلى ماذا تشير تلك البحوث والدراسات؟

- نعم فقد أجريت العديد من الدراسات في هذا الموضوع ووجد أن نسبة الإصابة بالأمراض الوراثية «الجسمية المتنحية» تزداد بشكل ملحوظ وذلك يزداد بشكل مضطرد كلما كانت القرابة أكبر.

كما وجدت بعض الدراسات أن نسبة الوفيات عند المواليد أكبر قليلاً مقارنةً بالمواليد المولودين لأزواج من غير أي قرابة.

أضف إلى أن نسبة التشوهات الخلقية أكثر بـ 2-3 في المئة لدى المواليد من ذوي الأقارب مقارنة بغير الأقارب.

أما فيما يخص الأمراض الوراثية المركبة كالسكري وأمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان فنحتاج المزيد من الدراسات للتأكد من علاقتها بزواج الأقارب.

هل هناك خطوات تثقيفية تقوم بها وزارة الصحة بشأن هذا الموضوع؟ وما هي؟

- نظراً لما يشكله زواج الأقارب من عرف اجتماعي شائع في المجتمعات العربية ولما له من الإيجابيات الاجتماعية والاقتصادية والتي يرى البعض أنها تفوق السلبيات الطبية المحتملة فإن زواج الأقارب مازال يحظى بقبول الكثير. ولو راجعنا الحملات التوعوية فيما مضى لن نجد أي حملة تثني المقبلين على الزواج من الأقارب لأن ذلك يرجع للأهل ومدى تقبلهم بالأخذ بنسبة الخطورة الواردة.

إلا أن ذلك لا يمنع من توجهنا بتنظيم حملة تثقيفية بأهمية الإفصاح عن أي من الأمراض الوراثية في العائلة إن وجدت أثناء الفحص قبل الزواج. لأن هناك من يخفي تلك المعلومات لأسباب مختلفة لا يحبذ إفصاحها أمام الطبيب أو الطرف الآخر.

بالمجمل العام، هل هناك إيجابيات من الناحية الطبية أن يتزوج الفرد من غير الأقارب؟

- كما سبق أن أوضحنا أن زواج الأقارب قد يحمل جزءاً بسيطاً من الخطورة لذلك من الناحية الطبية زواج غير الأقارب أفضل.

نصيحتكم الطبية للمقبلين على الزواج بشكل عام.

- لابد من المقبلين على الزواج أن يتفهموا أهمية الفحص قبل الزواج لضمان إنجاب أطفال أصحاء... كما أود أن أوضح أن هناك العديد من التقنيات الطبية الحديثة التي يستطيع الطرفان اللجوء إليها إذا ما ثبت وجود مرض وراثي في العائلة والتي تضمن لهم إنجاب أطفال أصحاء.


 

أزواجٌ متضررون: الأمراض أبرز السلبيات... ونسعى لعدم تكرار التجربة لأبنائنا

روى عدد من الأزواج تجاربهم بشأن ظاهرة «زواج الأقارب»، إذ كان الجانب المشترك بينهم هو إصابة عدد من أبنائهم بأمراض، أخبر الأطباء بعضهم أنها بسبب زواجهم من إحدى قريباتهم، فيما تعدى الأمر ذلك لدى البعض ليصل إلى موت الأبناء بسبب تلك الأمراض.

فقد ثلاثة من الأبناء بسبب الأمراض

أحد الأزواج، تزوج مطلع تسعينيات القرن الماضي، تحدث لـ «الوسط» عن موضوع زواج الأٌقارب، إذ فقد ولدين وبنتا بعد ولادتهما بفترة بسبب إصابتهم بمرض نادر، كما أخبره الأطباء بأن السبب الأساسي زواجه من إحدى قريباته.

وقال الزوج عن رأيه بشكل عام «أعتقد أن الناس تغربت وجهة نظرها وفهمها لموضوع زواج الأقارب عن ذي قبل، بحسب ما علموا أن هناك مشاكل في الحياة الزوجية، وفي السابق كان هناك علم بهذا الخصوص لدينا، ولكن في ذات الوقت كان معرفة بأحاديث الرسول الأكرم (ص) بأن هذا الأمر غير إيجابي ولا يشجع على هذا الأمر وكان الخطباء قديماً يركزون على هذا الجانب».

وأضاف «الأمر الآخر أن التقاليد والعادات في ذاك الزمان كان لها دور كبير في التأثير على هذا الموضوع، وحتى صعوبات الحياة أيضاً، وحتى أجدادنا كانوا يذكرون أن المعيشة وأسلوبها لها دور وصعوبات الحياة الزوجية».

وذكر «كان لزوج الأقارب أهداف محددة من ضمنها أن الذي يتزوج قريبته تكون أقرب إليه معرفةً وثقةً فلا يحتاج إلى تأكد فيما يتعلق بصفاتها، وأيضاً كان للأهداف الاقتصادية دور كبير، فضلاً عن التنقل للزوجة من منزل زوجها وغيرها من أمور، فالعرف كان يميز هذه الحالة».

وبخصوص رأي الوالدين في هذا الأمر قال، «بالتأكيد لهم أثر كبير جداً، فأجدادنا وآباؤنا كانوا دائماً يوصونا بأن نتزوج من أقاربنا، وفي ذات المنطقة أيضاً عندما تتقدم لخطبة إحدى النساء في منطقتك، أيضاً يقول الآباء إن الأفضل أن تتقدم لخطبة واحدة من قريباتك».

وقال الزوج بشأن تأثير ذلك على عائلته «توفي أولادي بعد ولادتهما بمدة بسيطة من الزمن، إذ كانوا يعانون من نقص في وظائف بعض أجزاء الجسم وأمراض نادرة، وكان الأطباء يخبروننا بأن أسباب الوفاة ناتجة عن زواج الأقارب».

وذكر «الحمد لله أنه في زمننا الحالي أنعم الله على الناس بالعلم والمعرفة على المستوى الطبي ومن ذلك الفحص ما قبل الزواج، فتجديد الدم أفضل للعائلة وله إيجابيات كثيرة لا تقتصر على الأمراض الظاهرية، وإنما حتى من ناحية مستوى العقل والتفكير والذكاء الأبناء، وكما نشاهد الآن أن الفحص لا يشمل كل الأمراض».

وقال «بما أننا عشنا التجربة، فالتأكيد سيكون لنا دور في توجيه أبنائنا، وأنا يتبين لي أن الوالدين إذا كانوا واعين بهذا الأمر في الوقت الجاري، فإنه يجب أن يكون لهما توجيه مباشر للأبناء في هذا الجانب، بحيث لا يمكن أن يرضوا بأن يكرر الأبناء تجربتهما وهما يرون نتائجها، ومع ذلك نرى هناك حالات كثيرة ربما يكون العامل الرئيسي فيها هو العاطفة».

ضعف في السمع والبصر لدى الأبناء

رجل آخر متزوج من بنت عمه، يعاني اثنان من أبنائه من ضعف في حاسة السمع، قال لـ «الوسط» بشأن رأيه عن زواج الأقارب «في السابق عندما تزوجنا كان الاختلاف ذاته موجود، إذ ترى البعض يقبل بأن يتزوج من إحدى قريباته، وكذلك تسمع عن آخرين لا يرغبون بذلك».

وذكر «بالنسبة لي لم يتدخل والداي في اختيار زوجتي، وكانت وجهة نظري في هذا الشأن أن العامل الأساسي في الاختيار يتمثل في مسألة العفة، ورأيت أن ابنة عمي تتصف بهذا الأمر، فتوكلت على الله، ولحد الآن لست متأسفا على هذا القرار».

وأضاف «ابني وابنتي يعانيان من ضعف في حاسة السمع، ولله الحمد أن المرض بسيط وأخفّ وطأة من غيرنا».

وعن تأثير تجربتهم على مستقبل وحياة أبنائهم الزوجية، قال «نعم لدينا وجهة نظر تجاه ذلك ولا نرغب في أن يتزوج أبناؤنا من أحد أقاربهم، وذلك لمصلحتهم، وهذا الأمر أفضل لهم».

نتيجة الفحص سليمة... وأبناؤه عانوا من أمراض

شاب آخر متزوج من إحدى قريباته منذ العام 2008، قال لـ»الوسط»: «رزقني الله سبحانه بولد وبنت، لم أكن أجد في نفسي مخاوف من زواج الأقارب لأن نتيجة الفحص الروتيني كانت سليمة. ولكن أولادي يعانون من أمراض معينة نتيجة زواجي بإحدى قريباتي، ربما كان يجب أن يجرى فحص جيني أيضاً، أو على الأقل كان يجب أن يُفحص الأبناء فور ولادتهم فحصاً كاملاً للاطمئنان على سلامتهم، هذا أفضل من أن نكتشف بأنفسنا تلك الإعاقة، فنسابق الزمن، ونقطع البلدان، ونجول في المستشفيات والعيادات لعلاجهما بأسرع وقت ممكن، لكي يكونوا أطفالاً طبيعيين قادرين على الاندماج في المجتمع».

وبشأن رأيه عن الزواج من الأقارب بشكل عام، ذكر «الزواج من الأقارب طريق مختصر في البحث عن شريك الحياة وإيجاد التوافق معه بعد عقد القران، وذلك لوجود رابط القرابة والمعرفة النسبية المسبقة بينهما، فالإنسان بطبعه يألف ما يعرفه، ويتوجس مما لا يعرفه».

وأضاف «أكثر ما يتردد من سلبيات هو احتمالية انتقال الأمراض الوراثية للأبناء، حتى مع سلامة الفحوصات الروتينية فإن صلة القرابة بين الزوجين تجعل من الأبناء أكثر عرضة للأمراض الوراثية المختلفة».

ورأى أن «هناك سلبيات أخرى، مثل احتمالية تضرر علاقة الأقارب بحال لم ينجح الزواج، وإتمام الزواج مع وجود مخاوف لدى أحد الطرفين من توافقه مع و موافقته على الطرف الآخر، لكن برأيي هذه السلبيات عامة ولا تنحصر في زواج الأقارب».

وذكر «زواج الأقارب وسيلة توصلك إلى غاية، غايتك زواج ناجح، إذهب إلى شريك حياتك عبر الطريق المختصر أو غيره، لا يهم، الأهم أن تدرس قرارك واختيارك، عليك أن تعرف ما تريده وما يجب أن تريده وتبحث عنه، فالسعي بعلم يوصلك إلى هدفك، لا تعتمد على فهمك وعقلك فقط! الله عز وجل يعلم عاقبة الأمور، أما نحن فبالكاد نعرف بعضاً من الظاهر، إذن ادعوا الله سبحانه وتعالى «ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أعين واجعلنا للمتقين إماما».

وأضاف الشاب «تأثير زواج الأقارب على الحياة الزوجية على المستوى الاجتماعي طيب وايجابي، فيه تقوية العلاقات، وزيادة الروابط، لكن طبعا شرط أن يكون ناجحا، وإلا فقد يؤدي للعكس تماماً».

واختتم «أتمنى من المعنيين في وزارة الصحة توعية المقبلين على الزواج، والمجتمع ككل بالأمراض والإعاقات التي من الممكن أن يحملها أبناء المتزوجين زواج الأقارب، وكيفية الوقاية والتعامل والعلاج».

الأهم التأكد من عدم حدوث أمراض

أحد الأزواج قال لـ «الوسط» «تزوجت من إحدى قريباتي، وانفصلت عنها لاحقاً، ولكن لم يكن زواج الأٌقارب هو السبب، لأن الانفصال هو حالة عامة وطبيعية، تحصل للأقارب ولغير الأقارب، إذ إن الأسباب التي أدت إلى الانفصال من الممكن أن تحدث إلى الزواج من غير الأقارب وهذا أمر طبيعي».

وبشأن ما إذا شعر بخوف قبل حسم اختياره بالزواج من إحدى قريباته قال «نعم، كنت متخوف من هذه المسألة، وإمكانية حدوث للأبناء وبشكل طبيعي يمثل هاجساً كبيراً للزوجين، وخصوصاً إذا انتشرت تلك الأمراض في العائلة، ولكن لم يتحقق ذلك لأنه حصل الانفصال قبل الإنجاب».

وقال بشأن رأيه بشكل عام «الزواج من الأقارب له إيجابيات وسلبيات، من أهم إيجابياته سرعة التفاهم بين الطرفين، وقوة العلاقة بينهما، ولذلك تصبح علاقة قوية بين الزوجين والأسرتين أيضاً، بحكم علاقة القرابة بينهما قبل علاقة الزواج، كما يكون أهالي الزوجين على انسجام وتفاهم تام بينهما تبعاً للزوج والزوجة».

وذكر «أما سلبياته، فأبرز المشاكل هي الأمراض، ففي الفترة الأخيرة ظهرت أمراض سببها زواج الأقارب، وهذا سبب مخيف ويجب على الإنسان، قبل أن يقدم على هذه الخطوة، أن يضع علامات استفهام من خلال التأكد صحياً بمراجعة الطبيب وما إلى ذلك، للاطمئنان على سلامة الأطفال الذين سيأتون من خلال هذه العلاقة، وهي سلبية كبيرة جداً تستحق أن تؤخذ بعين الاعتبار».

وأشار إلى أنه «من ضمن السلبيات أنه لو لا سمح الله حدث انفصال في العلاقة بين الزوجين، هنا تأتي المشكلة وتكبر بين الطرفين، وهذان الطرفان الزوجة والزوجة وأسرتيهما، هم في الأصل أقارب، وعلاقتهما قوية، ولكن من المحتمل أن تتأثر العلاقة بشكل سلبي وتتأثر الأسرتين بذلك، ولكن في ظل الزواج العادي من غير الأقارب فالعلاقة تنتهي من غير تأثير».

وبشأن تشجيعه للزواج من الأقارب، قال «أعتقد أنه قسمة ونصيب، فلا بأس به إذا كان هناك تفاهم وتقارب فلا مشكلة في ذلك، وأهم ما يجب أن يُنظر إليه هو ألا تكون هناك حالات مرضية في الأبناء وهذا شيء مهم جداً جداً».

ورأى أن «تأثير زواج الأقارب على الحياة الزوجية على المستوى الاجتماعي أمر طبيعي، فهو يساعد على زيادة أواصر وقوة العلاقات العائلية بين عائلتي الزوج والزوجة، أي ستكون هناك علاقات قوة وعلاقة أواصر متينة بين العائلتين وهذا شيء جيد وإيجابي».

وفي سؤالٍ لـ «الوسط» بشأن ما إذا كان للوالدين دور كبير في حسم خيار الشاب ليتزوج إحدى قريباته، قال «هذا الدور كان في السابق موجود، أما الآن فحالات قليلة أن يحسم رأي الوالدين خيار الشاب، فسابقاً كان هناك إصرار من الوالدين على أن يتزوج كل شخص من أقاربه، أما الآن فقد تغير تفكير الشاب والوالدين والمجتمع بشكل عام، فلا توجد هذه الحالة، وهو أمر سلبي، إذ يجب ألا يكون دور الأب من خلال إجبار الشاب على الزواج من الفتاة التي يريدها الأب، إنما يجب أن يكون ذلك عاملاً مساعداً وليس حاسماً للموضوع، إذ إن الرأي الأبرز يجب أن يكون للشاب نفسه، وعلى الشاب أن يكون على ثقافة كبيرة ودراية تامة ومعرفة الاختيار الأنسب، لكي تكون هنام علاقة منسجمة بين الطرفين».


مرهون: الجميع ملزم بالفحص قبل الزواج... ويجب وضع أهداف مسبقة وواقعية للحياة الزوجية

ذكر الاستشاري الاجتماعي محمد جواد مرهون أن علماء الوراثة أشاروا إلى أن زواج الأقارب هو السبب المباشر، للعديد من الأمراض المتوارثة وأنه يؤدي إلى ضعف النسل لما يحدث من تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة.

وفيما يأتي نص اللقاء:

لماذا تنتشر ظاهرة «زواج الأقارب» في مجتمعاتنا؟

- يقول الرسول (ص): تنكح المرأة لأربع، لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها، فاختر ذات الدين تربت يداك.

والحقيقة القائمة أن الجمال في زماننا يعد العامل الأول في اختيار الرجل للمرأة بوصفه هو الذي له حرية الاختيار وللمرأة حرية القبول أو الرفض، ويثبت هذا الرأي أنك لا ترى امرأة جميلة في قائمة العوانس وهناك عدة اعتبارات لتصدر الجمال قائمة الأسباب، لكن هناك سببين رئيسيين أحدهما: الجمال لذاته وصدر شغف ولصفة ورغبة تنجذب لها نفوس وقلوب الرجال والسبب الآخر العامل الجنسي الذي يلح على الرجل للبحث عن وسيلة لإفراغ طاقته الجنسية وليس هناك طريقة ممكنة لذلك تتوافق مع التعاليم الدينية والخلقية إلا عن طريق الزواج.

ويظل العامل الجنسي ضاغطاً على الشاب منذ تفجر طاقاته الجنسية عند البلوغ (15 عاماً) حتى تحقيقه الزواج بعد إكمال دراسته وحصوله على الوظيفة وتوفيره مستلزمات الحياة الزوجية. ومن الطبيعي إذا كان هدف الشاب الإشباع الجنسي فإن الجمال غايته، ثم يأتي العامل الثاني للاختيار وهو المال ولكن ليس بصفة أن المرأة من عائلة غنية إنما أن تكون المرأة موظفة أو عاملة فيكونان معاً قادرين على بناء الحياة الزوجية. فإذا كانا هذين الشرطين الرئيسيين لاختيار الرجل لشريكة حياته فلا يهم إن وجدهما مع الأقارب أو الأباعد، وهذا ينطبق على المرأة التي لا تقاس بالجمال فعليها القبول حتى لا يفوتها قطار الزواج.

هل ترى أن للوالدين تأثيراً كبيراً فيما يتعلق باتخاذ القرار لتزويج الأبناء من أقاربهم؟

- تراجع دور الوالدين في التأثير على الأبناء، حيث كان هذا الدور شبه كامل، وأصبح الآن دوراً استشارياً، وهنا لابد أن نذكر أن البرمجة اللغوية العصبية ترى أن هناك نوعين من الأفراد أحدهما مرجعيته داخلية، وهو صاحب قراره وآخر مرجعيته خارجية وهذا الفرد يتأثر بقرارات الآخرين. نعم بعض الأحيان يحرص الأبوان أن يرشحا من يرونه مناسباً من العائلة.

كيف يمكن التوفيق بين تداعيات «زواج الأقارب» وجدلية عدم صحته مجتمعياً لأنه مدعاة لانتشار الأمراض، وبين إيجابيته في تقوية أواصر صلة الرحم، ولاطمئنان الزوجين لبعضهما؟

- يحذر الأطباء من زواج الأقارب خوفاً من انتقال الأمراض الوراثية، ولي جار تزوج من بنت خالته وكلاهما سليمان، ومع ذلك أنجبا ثلاثة ذكور اثنان منهما من الصم والبكم، وهذا ما يؤكده علماء الوراثة من أن زواج الأقارب هو السبب المباشر، للعديد من الأمراض المتوارثة وأنه يؤدي إلى ضعف النسل لما يحدث من تراكم الصفات الوراثية غير الجيدة، وفي البحرين مثلاً نسمع ونشاهد عدد الوفيات سنوياً بسبب مرض الأنيميا المنجلية.

من جهة أخرى، تؤكد لنا دراسات متعددة في الطب الحديث أن زواج الأقارب ليس ضاراً في كل الأوقات بل ربما يكون نافعاً في حالة ارتفاع نسبة الذكاء، والجمال والقوة في العائلة، فكم من عوائل مثلاً يكون معظم أفرادها عباقرة.

ويمكن التوفيق بين الرأيين بإجراء الفحص المخبري بين الزوجين قبل الزواج، سواء كانا من الأقارب أو من الأباعد.

هل يؤثر زواج الأقارب على الحياة الزوجية على المستوى الاجتماعي، ومثال ذلك التدخل في شئون الزوجين من قبل عائلتيهما؟ وهل هذا التأثير سلبي أم إيجابي؟

- قد يؤثر زواج الأقارب في انعكاس المشاكل الزوجية إلى تصدع أواصر القربى لعائلتيهما، هذا يحدده مدى الوعي الاجتماعي والثقافي لكل من الزوجين وكل من العائلتين سلباً أو إيجاباً.

ومن هنا قول الله تعالى «وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما إن الله كان عليماً خبيراً». سورة النساء 35

ولكن حين تغيب الحكمة بين العائلتين يحدث الشقاق والعداوة.

توجد حالات كثيرة تتعلق بارتباط فتاة بشاب وسط علاقة حب، وبعد الفحص الطبي قبل الزواج، تبين نتيجة الفحص أن الزواج سيشكل خطراً على الأبناء في حالة الإنجاب، ومع ذلك فهما يتمان عقد الزواج وينجبان.

- هنا يجب علينا أن نعرف الزواج الصحي، وهو حالة من التوافق والانسجام بين الزوجين من النواحي الصحية والنفسية والجنسية والاجتماعية والشرعية، بهدف تكوين أسرة سليمة وإنجاب أبناء أصحاء وسعداء.

وبسبب الفحص ما قبل الزواج، الطبي الملزم، حُلّت الكثير من المشاكل وأعطية توعية إلى المقبلين على الزواج وكثير من الناس يستجيبون إلى قرار الفحص الطبي.

بالنسبة إلى المتحابين الذين يرغبون في أن ينتصر حبهم على الفحص الطبي، لكي لا يلتزموا بالاستشارة، فنحن لا نتمنى أن يتحقق ذلك، ولكن إن كان ولابد، فهم يتحدون الأسرة والمجتمع والفحص الطبي من أجل الانتصار إلى الحب، فنحن نقول لهم خياركم ممكن أن تتزوجوا، ولكن ليس الخيار أن تنجبوا، ولا يحق لكم أن تفرضوا على خلق جديد أن يعيش متألماً بأمراض وآلام كثيرة، وبدون مستقبل، بسبب رغبتكما في الحب والزواج، فلكم الزواج ولكن ليس لكم الإنجاب.

نحن مع تشجيع الجمعيات بأمور التوعية اللازمة، وأنا أعرف بأن جمعية البحرين لرعاية مرضى السكلر تقوم بهذا الدور.

هذا الموضوع ليس متعلقاً بالأقارب والأباعد، وإنما على الزوجين إن كانا سليمين أو مصابين أو حاملين للمرض، وبشكل عام نحن نحث على التوقف عن هذا الزواج وأن نلتزم بمسئولية الزواج ونتائج الفحص الطبي.

كلمة أخيرة بشأن «زواج الأقارب».

- من خلال اطلاعي وتجربتي، أفضّل زواج الأباعد على الأقارب. والتأني في حسن الاختيار ووضع أهداف مسبقة وواقعية للحياة الزوجية، وكما نحن ملزمون بالفحص الطبي، وكذلك احتواء المشاكل الأسرية بعيداً عن تدخل الأهل ولا نخجل من الاستشارة الأسرية إن احتجنا لها.


الستري: يجب مراعاة جميع الجوانب والحيثيات في اختيار شريكة الحياة

قال الشيخ رائد الستري لـ «الوسط» بشأن ما إذا كان لزواج الأقارب ميزة دينية، إن «بعض العلماء يتمسك ببعض النصوص التي يمكن أن يستدل من خلالها على ثبوت استحباب الزواج من الأقارب كمثل قوله تعالى:( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ) سورة البقرة آية 215، (وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) سورة البقرة 180]».

وأضاف الستري «حيث أن الآيتين تفترض أن للأقرب أولوية في المعروف أي معروف كان والذي يمكن أن يقال باندراج الزواج في ضمنه حيث يعد التزوج من القريبة والقريب معروفاً وإحساناً. وكذلك ما ورد عن رسول الله (ص): (أنه نظر إلى أولاد علي وجعفر فقال: بناتنا لبنينا وبنونا لبناتنا). حيث أمر بتزويج الأقارب».

وبشأن ما إذا كانت هناك مكروهات في زواج الأقارب، ذكر الستري «في مقابل ماذكرناه من وجوه لتحبيب الزواج من الأقارب هناك رأي آخر في مقابله قد ناقش ما ذكر من أدلة حيث لم يبنِ على سعة أولوية أهل القرابة بالمعروف. وما ذكره النبي (ص) لا سعة فيه بحيث دوماً يكون الزواج بالأقارب أفضل، وذلك لوجود نصوص أخرى كمثل ما ورد : (لا تنكحوا القرابة القريبة، فإن الولد يخلق ضاوياً) وأيضاً ( «اغتربوا لا تضووا)، أي اغتربوا وتزوجوا غير القريب لكي لا يولد الولد ضعيفاً نحيفاً. وفي ذلك تنبيه على الاعتناء بالجانب الصحي والعامل الوراثي في هذا الجانب. ولكن هذه النصوص لا تثبت كراهة الزواج من الأقارب وإنما استحباب أن يراعي بعض الجوانب ولا يغفلها وهو جانب الوراثة والسلامة الصحية للأبناء».

وأشار الستري فيما يتعلق بنصيحة الدين الإسلامي في هذا الجانب، إلى أنه يجب مراعاة جميع الجوانب والحيثيات في اختيار شريكة الحياة، ولابد أن يعي أنه يختار زوجة وأماً لأولاده، فلابد أن ينظر في ذلك فإن العرق دساس والخال أحد الضجيعين، فلو كانت عائلته مليئة بأمراض وراثية فعليه الابتعاد والتغرب وذلك رعاية لمصلحة الأولاد».

وذكر الستري، في تعليقه عمّا يُتداول في جواز أن يتزوج الفرد امرأة مع علمه أنه سيتسبب بحدوث أمراض وراثية للأبناء، أن «هذا الموضوع يمكن لنا أن نقسّم الكلام فيه على النحو التالي: فمرة يكون المرض الوراثي ليس من المؤكد الوقوع فيه ويمكن اجتنابه بالوسائل الحديث ولو عبر التلقيح الصناعي... فعندها لا يمكن أن يمنع من ذلك الزواج. ومرة أخرى مرض سيقع فيه الأولاد حتماً ولا سبيل لتجنبه وهذا القسم أن كان المرض الوراثي خفيفاً فلا بأس في الأمر وإن كان بالغاً فالأفضل اجتناب الزواج».

مرهون في حديثه للوسط
مرهون في حديثه للوسط

العدد 4684 - السبت 04 يوليو 2015م الموافق 17 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:29 م

      كل شي له شي

      اصلا لا يوجد اطباء الآن يستطيعون تشخيص المرض وانا سابقا عندما اشكو للدكتور مرضي ويعطيني الدواء فعلاً كان الدواء المناسب اما الان فأصبحت مثل الفأر الذي يستخدم للتجارب. .. كل يوم دواء بدون فايده وكل يوم طاقنها للمستشفى ولا عارفين يعالجوني يومية من دكتور إلى دكتور

    • زائر 1 | 11:13 ص

      خوش

      احسن ! واصلا احين مافي رجال لو مايعرسون مولية اححسن

    • زائر 2 زائر 1 | 1:41 م

      ليش مافي رجال؟

      الديره مشحونة رجال حق اللي يعرف ينتقي ويختار

اقرأ ايضاً