العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ

يبى... أنا سني ولا شيعي؟

ريم خليفة Reem.khalifa [at] alwasatnews.com

«انت سني ولا انت شيعي؟» عبارة تتكرر على مسامع الكثير منا على مراحل وفترات زمنية مختلفة، وهو سؤال يتكرر مع الأسف في البحرين وبلدان أخرى، لأن هناك من يريد أن يتعرف على الشخص الذي سيتعامل معه على أساس تصنيفه المذهبي. وهذا يعكس مدى عمق وتغلغل ثقافة الطائفية الاجتماعية والسياسية، كما يعكس مستوى التفكير الذي نزلنا إليه، وكيف أن هذا المستوى أنتج الكثير من المآسي التي نعايشها.

الأمور معقدة ومختلفة بين بلد وآخر، فقد تجد في بلد ما، مثل سلطنة عمان، أن الحديث عن هذا الموضوع ليس بالخطورة التي نراها في بلد آخر، كما أننا لو عقدنا مقارنة بين ما يحدث في البحرين وفي الكويت، وطريق التعامل مع نتيجة الأحداث التي تسببها الطائفية، فإن الاختلاف كبير بين البلدين الخليجيين من عدة نواحٍ. لقد كان هذا أول ما لفت انتباهي عندما رجعت من مسقط رأسي الكويت إلى وطني البحرين في مطلع الثمانينيات من القرن الماضي، إذ لم أجد مثل هذه الأسئلة ولا حتى إشارات الأصابع التي تشير إلى أي مجموعة تنتمي إليها، أو أية تمييزات أخرى توضح الأصل ومن أي حي أو منطقة، ولم نكن في الكويت نعرف إن كان الشخص الذي يقف أمامك سنيّاً أم شيعيّاً. أما في البحرين، فإن الوضع يختلف، وكل شيء مفصل وواضح، وكل صنف له مقام واعتبار ومسار حياتي مختلف بشكل واضح.

مناسبة هذا الحديث، هو تفجير الكويت الأخير الذي وقع داخل مسجد شيعي في حي تجاري مزدحم بمدينة الكويت، الأمر الذي سبب احتقاناً في جميع الأوساط، وخاصة أن الكويت لم تنفرد بذلك بنفسها ولكن لحقتها فرنسا وتونس بضربات إرهابية بشعة. كما مازالت الهجمات الإرهابية تعصف بعدد من دول المنطقة العربية التي أثارت من جرائها تفاعلاً كبيراً في شبكات التواصل الاجتماعي وصولاً إلى إصدار إعلانات تلفزيونية تنبذ الطائفية وبث ثقافة الإقصاء والكراهية داخل المجتمع الكويتي. الكويتيون استطاعوا التقارب بسرعة، ووجد الإرهابيون والطائفيون أنفسهم في عزلة، ولكن الكثير يسألون ماذا سيحدث لو حدث مكروه في البحرين، وكيف سنتمكن من تجاوز هذه المصائب التي تغذيها ثقافة مريضة وممارسات حياتية يومية؟

ففي الكويت تحرك الجميع بعد الحدث الإرهابي بسرعة وبيد واحدة بدءاً من مستوى القيادة وصولاً إلى رجل الشارع العادي لأجل محاربة آفة الطائفية التي تقسم المجتمع وتقصي أفراده. ولقد انعكس هذا التحرك السريع حتى على أعمال رمضان الدرامية الناقدة مثل «سوار شعيب» التي حملت عنوانا «زين تسوي فيه» والتي أشار فيها العمل إلى كيفية تربية ثقافة الإقصاء والكراهية للآخر منذ الصغر عبر الترسيخ بالكلام والممارسة مع من يختلف معك والترحم على أحد أفراد طاقم العمل من سقط ضحية تفجير الكويت.

وهناك أعمال أخرى تلفزيونية إعلانية، كالإعلان الكويتي المؤثر الذي مازالت تبثه قناة إم بي سي والذي يظهر فيه طفل كويتي صغير يأتي ويسأل والده: «يبى انا سني ولا شيعي؟» فيجيبه والده: « يا سعود انت الاثنين وربنا ترى واحد بس بالاسم مختلفين (...) واذا في يوم أحد سألك انت سني ولا شيعي قول أنا كويتي وبيوت الله كلها بيتي».

هذا الإعلان مازال يعرض على قناة إم بي سي ويحمل دلالات كثيرة منها أن الإنسان يبقى إنساناً ولا يجب أن يفصل ويفرق لاعتبارات عنصرية وتمييزية. ويكفي أن نرى ما خلفته الحروب في أوروبا وكيف كانت ألمانيا النازية تتحكم بمصائر الناس وتقصيهم لمجرد الاختلاف في العقيدة والعرق كما حدث مع الجرائم التي ارتكبت بحق يهود أوروبا ووضعهم في معسكرات الاعتقال وحرقهم ومصادرة ممتلكاتهم وأغراضهم من دون وجه حق.

وعند قراءة ما حدث في فرنسا وفي تونس وفي الكويت فإنه من دون شك يعطي دلالة على أن موضوع الإرهاب قد دخل مرحلة جديدة، لأن الدين تحول لدى البعض إلى تجارة باتت أكثر ربحاً من المخدرات والسلاح. كما أن غياب دولة المواطنة هو سبب رئيسي للمشاكل، فطالما بقيت تلك الدول قائمة، ستبقى المشاكل، لأن الإرهاب هو سبب فكري عقائدي تقوم وسائل إعلام عربية بتلميعه بطرق غير مباشرة في ما تقدمه على شاشاتها، وكذلك تلعب فيه شبكات التواصل الاجتماعي دوراً بارزاً لخداع الشباب عبر مؤسسات مختلفة تنشر فيها الإرهاب وتكفير الآخرين.

وباعتقادي أن الحل الأنسب للعالم في مثل هذا الوقت هو إدانة الطائفية والتطرف الديني واعتباره شكلاً من أشكال العنصرية والعدوانية، وأنها لا تختلف عن النازية في جرائم الإبادة الجماعية. وهذا لا يتم إلا مع وقف تدريس مناهج الكراهية باسم دين الإسلام، وانتهاج سياسية إعلامية تمنع خطاب الكراهية، وإشراك جميع المواطنين في برامج وطنية جامعة من دون تفريق.

إقرأ أيضا لـ "ريم خليفة"

العدد 4685 - الأحد 05 يوليو 2015م الموافق 18 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 25 | 10:26 ص

      ...........ه

      الطائفيه مقبرة الاوطان والشعوب ولكن حسب تقييمي للوضع بالبحرين فإنه يحتاج الى اجيال لكي يختفي فبعد سنة 2011 الكبيسه تحولت المسارات وشحنة الانفس حتى اشعار آخر.. البحرين بعدما كانت مثالا فهي الان تحتظر

    • زائر 24 | 9:17 ص

      زائر 16 ( الرجاء عدم خلط الاوراق ) الارهاب معروف من منا ومن اي جهة وهم معروفين ومكشوفين

      هناك طرف واحد الي يفجر ويقتل الناس في المساجد ولم اسمع عن طرف ثاني فجر نفسه في احد المساجد

    • زائر 22 | 7:33 ص

      اختى ريم الله يحفضش

      انظرى الى جرايدهم كله يبثون السموم والطائفيه والسب والتخوين الى المواطنين الاشراف انهم لايحبون ان يتغيرو لقد قضت عليهم المصالح ولايرون الى الشر لهادا الوطن والحكومة راضيه عنهم وتشجعهم لهادا لن يصلح البلد الى بالاتجاه الى الله سبحانه وتطبيق شرعه والله ياخد الحق

    • زائر 20 | 6:28 ص

      ............

      أعطوني عضو واحد سني في جمعية الوفاق؟ هذا مثال صارخ على أن جمعية الوفاق هي للطائفة فقط و ليس للبحرين. بقول لك الحين شنو نسوي السنة ما يبون ... أكيد ما يبون إذا كل ساعة بتقسم لهم البحرين إلى معسكر .............

    • زائر 27 زائر 20 | 2:56 م

      الخلل في الحكومة

      اقرأ وشاهد برنامج جمعية الوفاق لن تقرأ إلا المواطنة الحقيقة المتساوية وخير دليل وثيقة المنامة التى تتبناها جمعية ولن تقرأ إلا عن البرنامج السياسي السليم والصحيح
      والحكومة حاليا تمارس أشد أنواع القمع اتجاه جمعية الوفاق من اعتقال الصف الأول من الجمعية الشيخ علي سلمان والسيد جميل كاظم والأستاذ مجيد ميلاد بسبب آرائهم السياسية المخالفة لتوجه النظام وتضييق على الكلمة الحره وغيرها

    • زائر 17 | 5:00 ص

      لا اعتتقد بأن الموضوح سينشر ولكنها الحقيقه المره

      نعم في الثمانيات وقبله لم نكن نعرف السني من الشيعي وكنا متعايشين جميعنا اخوه لم يفرقنا شئ ....

    • زائر 23 زائر 17 | 8:51 ص

      هذا في الصميم من دخل الاسلا م السياسي السني والشيعي

      فرق الشعب ولم يعوا خطورة هذا ولم يتعضوا لما يحصل في المنطقة لنفس السبب

    • زائر 16 | 4:51 ص

      التطرّف و الاٍرهاب

      يحب ادانة التطرّف الديني و الاٍرهاب من جميع الأطراف....

    • زائر 12 | 3:55 ص

      تعريف الطائفية خطأ عندكم .

      أعتز بانتمائي كشيعيه , وللطرف الاخر كذلك , وكل ع طريقته ف العيش .

    • زائر 10 | 2:55 ص

      الدوله

      الدولة مسؤلة بشكل رئيسي ممايحدث بالبحرين من احتقان وطائفيه بغيضه ونشر الكره والحقد بين المواطنين فهي الجهة التي سهلت ولازالت تسمح لمنابر الفتنه من شتم وتكفير المكون الاخر من الشعب بدون حسيب ولارقيب

    • زائر 21 زائر 10 | 7:25 ص

      نعم

      في السابق لم يكن هناك خلاف بين سني وشيعي. بعد الإستعمار جئ بهذا التقسيم المذهبي .فرق تسد ولن يزول مهما حاولنا منفردين ...

    • زائر 9 | 2:53 ص

      تسلم الايادي استاذه ريم

      اعتقد ان الكويت حكومة وشعبا جديرة بأن تتخذ نموذجا مثاليا يحتدى به .. ودائما اقول لو لم اكن بحرانيا لوددت ان اكون كويتيا .. عاشت لنا الكويت وعاشوا اهلها

    • زائر 8 | 2:13 ص

      الله

      طول عمرهم حكام الكويت من فتحت عينه نسمع عنهم ، حكام يحبون شعبهم ، وما يبادلونهم بأحد ، وعندهم الشعب أولاً ، الله يهنيهم بهل الحكام ويخليهم لهم أمين ، اللى حتى رب العالمين راضي عنهم ، الحمد لله ، والله يزيدهم محبة وتماسك حاكماً وشعباً.

    • زائر 6 | 1:41 ص

      اللهم لا حسد

      والله صدق حكام الكويت بلسم على الجروح يا ريت منه عشرة تكون دولنا بسلام وراحة.

    • زائر 15 زائر 6 | 4:44 ص

      الكويت غير يا اختي الكريمة

      احنا وين والكويت وين .

    • زائر 19 زائر 6 | 5:34 ص

      يااخي بسنا نفاق ودجل

      ... المشكله فيك وفي شجرة الكراهية المغروسه في قلبك ، لو ...يزورون القريه بيت بيت ، ما تغير رايك ، بتقول نفاق واعلام وديكور ، چان رحت الصلاه الموحده اللي كل لكويتيين شارك فيها وانته اهنيه قلت وحرضت على عدم المشاركه ، لانها في نظرك المريض تزيين اعلامي ، اترك عنك هاللوث الطائفي وانظر بعين المواطن

    • زائر 3 | 11:29 م

      ريم خليفة

      كلامك عسل عسل . غازي حسين

    • زائر 14 زائر 3 | 4:38 ص

      مشكورة يا بنت البحرين

      والله حسافة على البحرين انشاءالله الله يصلح في بلد الخير الذي يغرق بالديون وبالطرارة من ...

    • زائر 2 | 11:27 م

      إشراك الجميع في كل وزارات الدولة والمؤسسات والجمعيات السياسية

      على أساس المواطنة هذا كاف لقتلاع الطائفية من جذورها أما الكلام لوحده لا يأكل عيش فالسلطة تفتح جميع الوظائف في كل الوزارات لجميع المواطنين الكفاءة هي المعيار فقط والجمعيات الدينية تفتح المجال لعضويتها للمواطنة فقط بغض النظر لمذهبه هذا العمل أكثر من كاف لدور الطائفية

    • زائر 1 | 10:53 م

      أختي حكومة الكويت بل أمير الكويت بلسم على الجرح

    • زائر 11 زائر 1 | 3:26 ص

      ايش عندكم

      للاصقين روحكم في الكويتيين لصق... تبون تبرعات بالدينار الكويتي

اقرأ ايضاً