العدد 4689 - الخميس 09 يوليو 2015م الموافق 22 رمضان 1436هـ

المجالس الرمضانية وسيلة لتقويم السلوك البشري والتنمية المستدامة

شبر إبراهيم الوداعي

باحث بحريني

المجالس الرمضانية المؤسسة في محاور موضوعاتها واتجاهات أهدافها ومناهج معالجاتها تمثل ما يشبه البرلمان الاجتماعي بحكم أهمية وظائفها في معالجة القضايا الاستراتيجية، الاجتماعية والوطنية وتشخيص المقترحات والرؤى والحلول المؤسسة للقضايا المهمة في منظومة العمل الوطني في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية والبيئية.

ويتفاعل مع منهجيات عمل المجالس الرمضانية الخطب الدينية في المحافل الرمضانية للخطباء المتعمقين في قضايا المعارف الإنسانية الذين يتبنون المنهج الحديث في الخطاب الديني والقديرين في استثمار متطلبات المتغيرات الحديثة في إيصال الرسالة التنويرية للمجتمع بمختلف أطيافه ومستوياته التعليمية، وتأكيد متطلبات توفر المعايير العلمية التي تضمن صون الحق الإنساني فيما يجري التخطيط لتنفيذه من مشاريع تنموية.

الخطاب الديني في المجالس الرمضانية وسيلة مهمة في التنوير ونشر الوعي والثقافة البيئية الرشيدة وبناء السلوك البيئي الرشيد، وذلك أمر يدخل ضمن اهتمامات رجال الدين المتنورين، ذلك ما تبينا بعده الاجتماعي في سياق حوارنا في الأيام الأولى لشهر رمضان مع أحد رجال الدين الشباب، بشأن منهجية الخطاب الديني الذي يتبنى منهج توظيف الخطاب الديني لتقويم السلوك البيئي للفرد والمجتمع. ويتفق معه في الرأي عدد من استمعنا لمرئياتهم من المجتمع المحلي في عدد من المجالس الرمضانية في التأكيد على ضرورة توظيف الخطاب الديني لتوجيه رسائل بيئية للتوعية بأهمية الحفاظ على نقاء ونظافة المحيط البيئي للإنسان، والاستهلاك المستدام للثروات البيئية وحث الفرد والمجتمع على الابتعاد عن ممارسة السلوك الجائر وغير الرشيد في علاقتهم بالمعالم البيئية، واستثمار رأس المال الايكيولوجي بما يسهم في صون حقوق الأجيال في الانتفاع من الثروات البيئية لضمان بقائها وتطورها.

البيئة بمختلف محاورها وتجليات أثرها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية ومدخلاتها في منظومة المفاهيم والسلوك البشري كمحور استراتيجي في أجندة أهداف التنمية المستدام وكقيمة وثروة إنسانية، من القضايا الرئيسة التي ينبغي أن تكون هدفاً محورياً للخطاب الديني ومعالجات المجالس الرمضانية بطابعها الحديث. ومن المعروف أن القائمين على العديد من المجالس الرمضانية في دول مجلس التعاون الخليجي يحرصون وفق التقاليد الحديثة، على إدراج القضايا البيئية في مقدمة أولويات برامجها ومعالجاتها. ويمعنون النظر في دعوة المختصين ومتخذي القرار البيئي للمشاركة في نشاطات المجالس الرمضانية والعمل على التشخيص العلمي الموجّه والمؤسس في أهدافه للواقع البيئي وتحديد المخرجات المنهجية والمفيدة في بناء خطة عملية لتغيير الواقع البيئي التي يمكن الاستفادة منها في صناعة القرار البيئي القويم ودعم الاستراتيجيات الوطنية للبيئة.

الثروات البيئية وعلى الأخص منها الثروات البحرية، من القضايا البيئية التي يتفاعل الجدل بشأنها في البحرين، وتدخل ضمن أجندة الحوارات في المجالس الرمضانية ويحرص المختصون والمسئولين وكذلك الناشطون على السواء، على طرح مرئياتهم ومعالجاتهم فيما ينبغي فعله لصون هذه الثروة الوطنية، ويمكن تبين ذلك على سبيل المثال في المرئيات المنشورة في صحيفة «الوسط» (4 يوليو/تموز 2015) حيث يبين أخصائي البيئة بالمجلس الأعلى للبيئة، علي منصور، أن «المخزون السمكي المحلي في تذبذب وتراجع بسبب الصيد الجائر». ويشخّص أسباب المواقف من القرارات التي هي في حيز التنفيذ والمعنية بحماية الثروة البحرية وتنظيم قطاع الصيد البحري في «ضعف الوعي لدى العاملين في القطاع البحري وكذلك الرأي العام»، ويرى أن «الإشكالية ليست في بعض التصرفات الفردية، بل يوجد ضعف على مستوى الوعي الجماهيري أو لدى البحارة تحديداً، وهو ما يخلق الكثير من ردات الفعل غير المدروسة على القرارات التنظيمية، وكثير من الناس لا يعرفون طبيعة الآثار السلبية جراء عملية صيد الروبيان».

المشكلة المطروحة تشغل اهتمام الرأي العام المحلي في بلادنا لخصوصيتها الاجتماعية والاقتصادية، وارتباطها بالحقوق المعيشية لمجتمع الصيادين. لذلك ما جرى طرحه من مرئيات تصدرت الحوارات في المجالس الرمضانية وجرى في سياق المعالجات لواقع المشكلة الاشارة إلى أن هناك إغفالاً لحقوق الصيادين المعيشية في معالجات المختص من المجلس الاعلى للبيئة، وأن قرار حظر صيد الربيان لم يضع في اعتباره الواقع المعيشي للصيادين في فترة الحظر والتي هي بحاجة إلى معالجة قانونية كمهنة ينبغي أن تضع لها مخارج قانونية للتعويض وفق ما يجري تشخيصه في قوانين العمل المعمول بها؛ وفي مبادئ المشروع الدولي بشأن الحقوق الاقتصادية والمدنية؛ وفي سياق الجدل بشأن المشكلة وتشخيصه لجوهر المشكلة والحل.

يشير أحد المتحاورين المختصين في التنوع البيولوجي إلى ما يطرحه الكاتب الروسي المعروف دوستويفسكي في رواية «الجريمة والعقاب» إلى أنه «لا سبيل لإصلاح السلوك البشري بسوء المعاملة وعدم إيجاد الحلول»، لذلك المشكلة لا تكمن في ضعف الوعي فقط، بل في منهجية آلية قرار الحظر أيضاً وكذلك في الأنانية الفردية التي يصفها الكاتب الروسي دوستويفسكي في الرواية ذاتها بـ «الانحطاط الروحي».

الثروة البحرية كقيمة اجتماعية وبيئية، تدخل ضمن أجندة برنامج ملتقى الحوار الرمضاني لنادي باربار حيث يجري تنظيم فعالية بيئية (الأحد 12 يوليو/ تموز 2015) بعنوان «الهيرات ثروتنا الوطنية»، تُقدم في سياقها «جمعية البحرين للبيئة» عرضاً عن الواقع البيئي للهيرات، ويتخلل الفعالية مناقشة وتقديم المرئيات والمقترحات بشأن صون المعالم البيئية للهيرات. ومن الطبيعي أن يجري مقاربة الواقع البيئي للهيرات بين الماضي والحاضر وتشخيص أهميتها البيئية والمعيشية، وطرح المرئيات والمقترحات المنهجية بشأن صون نظامها البيئي وثرواتها البيئية باعتبارها السلة الغذائية للأجيال... وهنا تكمن الأهمية الاستراتيجية للمجالس الرمضانية في تشخيص مقومات التغيير البيئي.

إقرأ أيضا لـ "شبر إبراهيم الوداعي"

العدد 4689 - الخميس 09 يوليو 2015م الموافق 22 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً