العدد 4691 - السبت 11 يوليو 2015م الموافق 24 رمضان 1436هـ

أفلام قصيرة ومشاهد تمثيلية وقصائد أيقظت ضمائر الكثيرين «ضد الإرهاب»

فنانون خليجيون ينجحون في محاربة «داعش» بالرسائل الفنية...

لقطة من حلقة «بيضة الشيطان» في مسلسل «سيلفي» حققت انتشاراً مذهلاً
لقطة من حلقة «بيضة الشيطان» في مسلسل «سيلفي» حققت انتشاراً مذهلاً

ضجت مئات الحسابات الإعلامية الإلكترونية التابعة لتنظيم «داعش» وعشرات الحسابات المؤيدة والمتضامنة معه منذ مطلع شهر رمضان المبارك بالتهديد والوعيد للفنان ناصر القصبي، وبلغت تلك التهديدات مداها بقطع نحور من استحسنوا حلقة «بيضة الشيطان» في مسلسل «سيلفي» على قناة «إم بي سي»، فيما توعدت تلك الحسابات فنانين وكتاباً ومثقفين أنتجوا أعمالاً متنوعة (تدعو للوحدة بين السنة والشيعة) ومواجهة الطائفية وفضخ جرائم التنظيم الدموي.

ومنذ الأسبوع الأول من الشهر الفضيل حتى الآن، تصدرت لقطة الفنان ناصر القصبي في حلقة «بيضة الشيطان» لحظة قرار ابنه المنضم إلى «داعش» للقيام بنحره بيده بتهمة خيانة التنظيم قائمة الانتشار الأعلى، لقد كانت اللقطة مؤثرة والأب المصفد ينظر إلى ابنه وهو قادم يشحذ سكينه، فيما خلفية اللقطة تظهر الأب وهو يلعب مع ابنه عندما كان صغيراً بالمرجيحة.

وتلقى الفنان القصبي سيلاً من التهديدات بالوصول إليه وقطع نحره، فيما عبر هو شخصياً في حساب التغريد «تويتر» وفي لقاءات تلفزيونية وإعلامية أن ما يقوم به أيضاً (نوع من الجهاد)، إلا أن حوادث تفجير المصلين الأبرياء في مساجد القديح بمحافظة القطيف والعنود بمدينة الدمام ومسجد الإمام الصادق «ع» في دولة الكويت ضمن سلسلة عمليات انتحارية دموية أعلن التنظيم مسئوليته عنها، أظهرت حرباً جديدة بسلاح الفن على يد عدد من الفنانين الخليجيين المحترفين والهواة، ويبدو أن هذا السلاح حقق تأثيراً مذهلاً في نفوس الملايين من المشاهدين عجزت عنه المواجهات الدبلوماسية والعسكرية المسلحة ضد التنظيم.

ومن بين نماذج الأعمال الفنية التي لاقت انتشاراً كبيراً، قصيدة «بين أهلنا» للمنشد الكويتي محمد الخياط وهي مهداة لتأبين شهداء مسجد الإمام الصادق كتب كلماتها الشاعر عبدالله بوحمد، وأجرى الهندسة الصوتية لها المهندس حسين نجم وتولى محمد الزنكوي التوزيع الموسيقى والإخراج لحسين الصايغ تم بثها بتاريخ 7 يوليو/ تموز الجاري على قنوات يوتيوب عديدة.

وتنوعت مؤثرات القصيدة بين مشاهد تشييع ودفن الشهداء وبين التصوير داخل مسجد الصادق، فيما كان التأثير الأبلغ لأداء المنشد بحزن ومشاعر عميقة والكلمات التي تقول: «بين أهلنا يا حلاة الذكريات.. ياحلاة الجمعة لمن نجتمع.. ياحسافة تصير جمعتنا وداع.. جم حبيب يروح منا وننفجع.. الغالي صعبة من يروح.. فراقه يترك بس جروح.. ومن يمر يوم بغيابه.. جرحه يكبر ما يطيب.. جم حبيب كان يمنا راح وما نلحق نودعه.. راح وما سلم علينا وللقبر تالي نشيعه.. نشيل بدموع الجنازة.. نرتجي الدمعة ترجعه.. واللي يدفن بيده أحبابه شيقول.. يزرع الآه البجي ويحصد صبر.. والعمر شيفيد لو نفرض يطول.. الدنيا بعيونه يشاهدها قبر.. يحتسب والله الوكيل.. يصبر الصبر الجميل.. يغيب كل شي بعيونه.. بس حبيبه ما يغيب».

أما الفيلم القصير «اللهم إني ظلمت نفسي»، وهو إهداء لشهداء الصلاة وذويهم من فكرة وإخراج الفنان الكويتي الشاب محمد الشعيبي، فقد قدم رسالة إلى المغرر بهم، حيث مثل الشعيبي دور شاب استدرجه أحد الإرهابيين الذي قال له إنه يحبه في الله ويريده أن يفوز بالجنة (وما أدراك ما الجنة؟ تلك الحياة التي لا تنتهي)، وثمنها أن يقتل الكفرة، فإنه إن شتتهم سينعم بالجنة، ويجلس مع الرسول (ص) وبجانبه الحور العين، وأن الإرهابي وقومه سيأتون بعده قائلًا: «لا تخف من الموت.. فكلنا سنموت، ولكن، موتك هو شهادتك.. شتتهم وستنعم بالجنة إن شاء الله»، ثم يقوم الإرهابي بتجميل لحية الشاب وتعطيره رقبته بالمسك مع أصوات تكبير في خلفية المشهد، بعدها، يتجه الشاب إلى المسجد وينظر للمصلين فيناديه الإرهابي: «هيا اقتلهم» فيرد الشاب: «إنهم يقفون صفاً واحداً.. جميعهم مسلمون»، فينهره الإرهابي: «ألا تريد أن تقتلهم؟»، حينما يجلس الشاب الشعيبي على ركبتيه خلف المصلين ويفجر الإرهابي المكان عن بعد، وينتهي المشهد بتلاوة الآية القرآنية: «وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلاَّ خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ» (البقرة:114).

أجاد فريق العمل الأداء بإتقان وهو مكون من الممثل: محمد الشطي، مشعل الدعيج، فهد العوضي، عمر المطيري، والمكياج لشهد العبيد، وأدار التصوير إسماعيل إسماعيل، وتولى المونتاج والمكساج وتصحيح الألوان علي عباس، والعمل بدعم من المواطن الكويتي محمد حمود، والجرافيك لمبارك المبارك.

وحال وقوع الحادثة الإرهابية المفجعة في مسجد الإمام الصادق بمنطقة الصوابر في دولة الكويت، دشن بنك الخليج حملة «أنا كويتي»، وكانت باكورة الأعمال التي تنوعت فيما بعد بين أفلام قصيرة وقصائد ومساهمات وتقارير ومشاهد تمثيلية في قنوات اليوتيوب والمواقع الإلكترونية وحسابات الإعلام الجديد، فحملة «أنا كويتي» بدأت بمقطع قصير بين أب وطفل، ومثل الفنان عبدالله الباروني دور الأب الذي يدخل عليه ابنه الصغير ويسأله: «يبه.. أنا سني والا شيعي»، فيرد الأب: «يا سعود انت الكويت.. وربنا ترى واحد.. قل لي من هو أعز ربعك؟ فيجيبه الطفل: «أعز ربعي: حسين «فيرد الأب: «يعني انت عين وهو عين.. ويشهد الله أني أحبكم وانتو عيالي وغاليين انتو الاثنين.. من قبل.. من زمان.. من بيوت الطين.. احنه اخوان متحابين متناسبين.. تجمعنا مو بس أيام.. تجمعنا احنه سنين.. واذا جاك احد وسألك انت سني والا شيعي.. حط عينك بعينه وقل له أنا كويتي وبيوت الله كلها بيتي.. هذه وصيتي».

ومع الكم الهائل من التعقيبات والردود الصادقة من الجماهير من مختلف الدول العربية والإسلامية التي أيدت وتضامنت مع رسائل تلك الأعمال، إلا أن تعقيبات أخرى من حسابات يزعم أنها تابعة لتنظيم «داعش» ومن يناصرهم، لعبت بشدة باستخدام نيران الطائفية والفتنة والتأجيج والتهديد بانتصار المجاهدين على كل من استنكر قتل الأبرياء لا سيما في بيوت الله! إلا أن الصورة الأصدق هي أن ردود الفعل الطيبة توالت من أهل الإنسانية والدين والقيم، فيما توالت الردود الخبيثة المتوحشة من أبناء الشياطين والمردة، وأثبتت تلك الأعمال رغم تفاوت مستواها الفني أن سلاح الفن ومخاطبة العقول والمشاعر بإخلاص وضمير، أنها قادرة على تقديم رسائل مؤثرة إيجابياً في مواجهة أهل الإرهاب والتكفير والطائفية ومرتزقة الإجرام العابر للقارات.

العدد 4691 - السبت 11 يوليو 2015م الموافق 24 رمضان 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:01 م

      رجال بطل

      رجال ناصر القصبي وكل يلي مثل معه ونشر معلومة لاحد كان يعرفها او كان يجهلها الكثيرون .شكرا لناصر القصبي على المجهود.

    • زائر 3 | 6:39 ص

      جزاك الله خير دنيا وآخرة

      حفظك ربي اتمني الناس توتعي قبل فوات اوان يا بشر فكرو في قبوركم قبل فعل اي شي في حياتكم

    • زائر 1 | 1:23 ص

      فنان

      اسلوب جميل وراقي الذي لم يسطع الكثيرون اظهارة وانتشارة كسرعه البرق فعلا انت راقي ومحيي الضمائر يا ايها الضمير الحي

اقرأ ايضاً