العدد 4714 - الإثنين 03 أغسطس 2015م الموافق 18 شوال 1436هـ

عن العدالة والتنافسية وتكافؤ الفرص

عصمت الموسوي

كاتبة بحرينية

هل تتذكرون رؤية البحرين 2030 والمبادئ الثلاثة التي ارتكزت عليها، عدالة تنافسية واستدامة، لابد أن الكثيرين تذكروا تلك الرؤية الوردية الواعدة الجميلة التي هدفت الى وضع البحرين على سكة الدول العصرية المتقدمة التي تمتلك رؤية وتسير وفق مشروع ذي ابعاد اقتصادية واجتماعية وتنموية وثقافية، الدولة بلا مشروع كسفينة بلا بوصلة، تمضي في برامجها وخططها «سبهللة» أو كيفما اتفق أو على البركة كما نقول في الأمثال، فموجة ترفعها الى الاعلى واخرى تهبط بها الى الاسفل ولا تدري على اي مرفأ ترسو؟ مثل هذه الدول تغير استراتيجياتها وخططها عند كل منعطف وتعود الى نقطة الصفر دون ان تنتج تراكما أو تستفيد من اخطائها، ومن المؤسف أن الحديث أو الاشارة الى رؤية 2030 وتطبيقاتها منذ اندلعت احداث 2011 قد توقف تماما، ولأنها لم تضع في حسبانها «المتغيرات ومفاجآت الحياة وتقلباتها».

أزمة البعثات تشير إلى اخفاق كبير في المبادئ الثلاثة التي ارتكزت عليها الرؤية المغيبة، فالبعثات وفقا للمتابعين وشكاوى المتفوقين والاهالي قد حلقت بعيدا عن مبدأ تكافؤ الفرص الدستوري وخلت من العدالة والتنافسية وصولا للاستدامة، كذلك هي تشير الى اخفاق آخر دأبت الدولة ممثلة في المجلس الاعلى للمرأة والجمعيات النسائية على الاشتغال عليه لسنوات طويلة، وهو تمكين المرأة، فكثير من المتفوقات اللاتي سجلن اسماءهن على لائحة الشرف هن من الأناث، دخلت السياسة التعليمية التمييزية عرضا في رغبات المتفوقين واطاحت بأحلامهم وامانيهم، فعن اي خطط وبرامج تعليمية عصرية وقيم ديموقراطية سنتحدث بعد اليوم؟

في موضوع البعثات التمييزية ثمة ثلاث نقاط جديرة بالتوقف عندها

أولا: رد وزارة التربية الهزيل والمدافع عن هذه السياسة الخاطئة التي جانبتها الشفافية والمصارحة بالتعتيم على نشر اسماء المبتعثين والمبتعثات تحت مزاعم الحفاظ على الخصوصية! وهي حجة واهية، ثم إن الوزارة تحدثت عن احتياجات البحرين لتخصصات مختلفة غير تلك التي يرغبها المتفوقون، ونعلم أن المتفوقين والاوائل في كل مكان في العالم والحائزون على المجاميع العليا لهم الحق دوما في الرغبات الاولى، واما المقابلات مع المتفوقين ومنح المقابلة نسبة عالية للتأهل للحصول على البعثة فهو عرف لم تعرفه إلا بلدنا وإلا وزارة التربية والتعليم صاحبة السجل الأعلى في الشكاوى والتظلمات.

ثانيا: في حين انكرت وزارة التربية ما قالت انه مزاعم تمييز بحق المتفوقين والمتفوقات وسارعت بالرد عليهم، فإنها غضت الطرف عن مقالات وردود وكتابات عديدة سواء في الصحف أو على وسائل التواصل الاجتماعي اعترفت ضمنا وصراحة أن هذا التمييز هو عين الصواب أو هو تمييز ايجابي كما اسماه احدهم ويأتي تصحيحا لسياسة الابتعاث التي اتبعتها وزارة التربية في السنوات الماضية اي على مدى 30 عاما واصفة اياها بأنها كانت خاطئة ومصممة لخدمة ومصلحة فئة مذهبية دون اخرى! لقد نسفت هذه الكتابات غير المسئولة بجرة قلم مسارا تعليميا طويلا ونهجا سليما في التعليم العالي وفي الابتعاث للدراسات العليا ساهمت عناصره في بناء البحرين الحديثة، وشغل المتفوقون واصحاب الشهادات العليا مختلف التخصصات وخصوصا تلك الوظائف النادرة أو المنعدمة أو التي يشغلها الاجانب، وبحسب هذه الكتابات المتهافتة فإن هذا التمييز يأتي عقابا على التظاهرات التي شهدها البلد في أعقاب الربيع العربي والتي وصفها تقرير تقصي الحقائق بأنها «استلهمت تجربتي مصر وتونس»، وهي تظاهرات لم تخلُ من التجاوزات كشأن كل التظاهرات ذات الطابع العفوي غير المدروس ولكن لا يصح أن تكون اساسا نقيم عليه كل سياساتنا المستقبلية» ذات الطابع الانتقامي «فهذه سياسة لا تنهض عليها الأوطان الرشيدة؛ بل هي وصفة ممتازة لتكريس الكره والأحقاد والخراب المجتمعي، لأن من شأن ذلك أن يؤسس للتمييز ولمجانبة العدالة والقانون والمساواة والمبادئ الدستورية وتكافؤ الفرص والاعراف والمبادئ الدولية في كل مفصل وطني.

ثالثا: إن التمييز في البعثات لا يخدم برامج المصالحة الوطنية وتوصيات لجنة تقصي الحقائق الرامية الى تحقيق الانسجام المجتمعي وازالة اسباب الاحتقان والتوتر السياسي واعادة بناء اللحمة الوطنية، لذا يتحتم تدارس ومراجعة 75 تظلما ممن ترشح للبعثات والمنح الدراسية والذين رصدتهم الجمعية البحرينية لحقوق الانسان في بيان اصدرته مؤخرا، مطالبة وزير التربية والتعليم ورئيسي مجلسي الشورى والنواب بالسعي لاعادة النظر في توزيع البعثات واعتماد مبدأ الشفافية ونشر خطة البعثات للعام الجاري والاستجابة لشكاوى المتفوقين.

إن اتاحة التعليم العالي للجميع على اساس الكفاءة جاء ضمن نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وهو نص صادقت عليه البحرين واندمج في تشريعاتها وجدير أن تلتزم به. ونختتم بالقول إن الاستثمار في العقول وبناء القدرات البشرية واحتضان الشباب المتفوق يقع على رأس اولويات الدول الديمقراطية العصرية الناهضة والباحثة عن مكان تحت شمس التطور العلمي والمعرفي.

إقرأ أيضا لـ "عصمت الموسوي"

العدد 4714 - الإثنين 03 أغسطس 2015م الموافق 18 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 5:57 ص

      شكرا لكم لقلمكم الحر

      هذا التمييز لا يخدم إلا الاجانب فقط وسيجر الويلات للبلد والمواطن لسنين
      ونشكرا جريدة الوسط والكاتبة عصمت الموسوي ذو القلم الشفاف على الحيادية

    • زائر 3 | 4:20 ص

      التعليم العالي ؟؟؟

      نعم الدول توفر التعليم العالي ،، لكن مو ببلاش،، هذا في كل دول العالم لا توجد بعثات ومنح مجانية ،، الا في بعض بلدان الخليج ولظروف معلومة ،، ولن يستمر ذلك للابد،، من يريد ان يدرس علم القمر والشمس،، بالعافية ،، لكن عليه دفع اللازم ،، الدولة توفر المؤسساتالتعليمية ،،نعم ،، ولكن ليست مفتوحة هكذا ،، من يريد التعلم ،، عليه مسؤلية تمويل ذلك ،، الرجاء اطلاع القارىء على المعلومات كاملة

    • زائر 5 زائر 3 | 9:04 ص

      البعثات

      اهتمام الدول بمراحل التعليم المختلفه هي من ضمن التزاماتها تجاه شعوبها...فكل الدول وبلا استثناء لديها برامج بعثات ومنح لمتفوقيها...فهم جزء من مستقبلها يستحق الرعايه

    • زائر 1 | 10:09 م

      ما يطلبه بعض الكتاتيب تنفده الوزارة

      سياسة الابتعاث وكل خطط وزارة التربية والتعليم كلاهما مبنيان على أساس ما يطلبه بعض الكتاب ومروجو الطائفية والحقد، ليس في ا لوزارة من هو جدير بأن يكون صاحب خطط تنموية تفيد الدولة والشعب إنما هناك كتاب في صحف معينة هم من يملون على وزارة التربية والتعليم ما ينبغي أن تعمله، قرأنا الكثير في أعمدة بعض الصحف بأن على وزارة التربية فعل كذا وكذا والبعثات يجب أن تكون كذا وكذا وفعلا وزارة التربية تطبق ولا تتردد في تلبية كل ما يطلبه هؤلاء الكتاب وكأن وزارة التربية تقول شبيك لبيك. وزارة التربية أهلكت التعليم.

اقرأ ايضاً