العدد 4720 - الأحد 09 أغسطس 2015م الموافق 24 شوال 1436هـ

بين الجمعيات الخيرية وحملات التبرع

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

الصناديق الخيرية التي تم تحويلها إلى جمعيات، مرّت بأطوار ومراحل عانت منها، وكل ذلك كان تحت طائلة مراقبة الأموال التي يتم جمعها، والمنافذ وأوجه الصرف والإنفاق، والأهم من كل ذلك، الجهات التي تتلقى منها تلك الصناديق (الجمعيات) التبرعات. كان ذلك منطقيا ومطلوبا وخاصة مع تنامي حركات الإرهاب وتبييض أو غسل الأموال، والتزاماً بجانب من الاتفاقيات الدولية في هذا الشأن.

في العام 2010، تم إخطار الصناديق الخيرية بعدم أحقيتها في جمع المال والتبرعات، بحكم وضعها الذي هي عليها، واعتبارها مؤسسات خاصة، استناداً إلى القرار الوزاري رقم (19) لسنة 2010.

قبل تحول الصناديق إلى جمعيات بحسب المهلة التي حدَّدتها وزارة التنمية الاجتماعية في مطلع سبتمبر/ أيلول العام 2010، لمن نسي، نُذكِّر أن الوزارة قامت بتجميد حسابات 36 صندوقاً. السبب: تأخر تحوُّلها إلى جمعيات، بحسب ما جاء في صحيفة «الوسط» بتاريخ 20 أكتوبر/ تشرين الثاني 2010. في العام 2010 لم تشهد البلاد ما شهدته وتشهده من احتقان وتضييق أيضاً على العمل الأهلي، ومع ذلك تم تمرير القرار، وتم التعامل معه في تلك الفترة ومن بعدها بأكثر من مكيال.

مسئولو بعض الصناديق التي تم تجميد حساباتها المصرفية (لا يمكن تخيل الأثر الذي أحدثه مثل ذلك القرار على الأفراد المستفيدين والمعتمدين على الصناديق)، صرحوا وقتها لصحيفة «الوسط»، بأن تجميد حساباتهم يعرضهم إلى «تجميد 90 في المئة من أنشطتهم، ما يعني انتهاء الدور المهم والحيوي الذي تؤديه الصناديق الخيرية في مساعدة الأسر المحتاجة بمختلف مناطق البحرين».

الجميع يعلم أن جزءاً كبيراً من موارد الصناديق التي تحولت إلى جمعيات، يأتي من التبرعات وجمع المال. الحصالات ربما تكون جزءا من تلك الموارد والمداخيل، يضاف إلى ذلك تبرعات أهل الخير والمحسنين. كل ذلك تحت الرقابة، ولا مشكلة في ذلك مادام القرار ينظم العملية، ويعمل على تحصين البلد من استغلال قد يحدث هنا أو هناك.

لكن، بعد العام 2011، شهدنا وبتغطية صحفية من قبل وسائل إعلام محلية، رسمية وأخرى تابعة إلى القطاع الخاص، علاوة على تغطيات وسائل إعلام خليجية، حملات تبرعات لا علاقة لها لا بالصناديق الخيرية (الجمعيات) ولا علاقة لها بأعمال إغاثية، كان نجومها، غالباً من خارج الدولة، أشرفت وأدارت وتابعت وقبضت عشرات الآلاف من الدنانير التي تبرع بها مواطنون تحت عنوان نصرة وإغاثة الشعب السوري. ولم تمض شهور، وبعد تطورات، يمكن القول عامين، حتى تكشفت حقيقة بعض تلك الشخصيات، وذوبان الأموال التي تم التبرع بها، مثل ذوبان الملح في الماء، والحملات التي تدار ومن قبل أجهزة رسمية في دول الخليج ضد بعض تلك الشخصيات.

دون أن ننسى حملات التبرع لتجهيز غازٍ، مع تحديد تسعيرة الغازي (1000 دينار)، بسقف تجنيد يصل إلى ألف، وفي إحدى الحملات 1200. ولم يحدث شيء أو موقف تجاه تلك الحملات، على الرغم من أن الذين كانوا من ورائها يتوارون اليوم ويجاهدون في سبيل التبرؤ من تلك الذكرى، مع مشكلة أننا في عالم رقمي يوثق كل الحركات والسكنات، بالصوت والصورة، وبالألوان أيضا.

المهم من كل ذلك الكلام الذي تم الإطناب فيه، لم تحتج الجهة الرسمية التي عملت على تقييد حركة الصناديق الخيرية، والاشتراطات الصعبة التي وضعتها في سبيل جمع التبرعات، على «النجوم» الذين أداروا أكثر من عملية تبرع بالأموال والمقتنيات، وكأن القرار والحرص على تطبيقه مفصل على مقاس بشر دون آخرين.

الدور التي تقوم به الصناديق الخيرية التي تحولت إلى جمعيات، تقوم بدور لو ترك للدولة على الرغم من كل إمكانياتها لن تستطيع الاستمرار في تحمله. نحن نتحدث هنا عن آلاف الأسر التي تعتمد في الكثير من تحقيق متطلباتها والضرورات اليومية على تلك الصناديق، وبالتضييق الذي تتم ممارسته، على الفقراء أن ينسجموا مع فقرهم، وعلى أصحاب الحاجات أن يناموا على حاجاتهم.

لن نكون متفائلين لدرجة مطالبة الدولة بتخصيص دعم مادي سنوي لتلك الصناديق، يساعدها على القيام بدورها، ويعينها على تحمل مسئولياتها، وتغطية الحالات، لكننا سنكون متفائلين حين لا تذهب التشريعات والقرارات في طريق خنق العمل التطوعي والإنسانين في أوساط تعاني من فقر لن تتمكن أي آلة إعلامية، رسمية أو خاصة أن تنفيه.

استندنا إلى التاريخ والأرشيف، لكن ذلك لا ينفي أن الواقع حدث له أي تحول أو تبديل.

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 4720 - الأحد 09 أغسطس 2015م الموافق 24 شوال 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 10 | 10:03 ص

      بيض الله وجهش

      العنوان واضح… والموضوع اوضح .. عفيه عليش استاذه بس نسيتين تستشهدين بالبشت ابو 15 ألف دينار.. وتارلي فر الديچ

    • زائر 6 | 6:13 ص

      جهاد التطوّع

      مساكين هم العاملون في الحقل التطوعي.. يعملون ليل نهار لمساعدة المحتاجين وهم يقفون بين مطرقة وزارة التنمية وقوانينها وتضييقها وبين سندان ألسنة الناس التي لا ترحم وتخوينهم لأولئك المتطوعين بالفساد والمحاباة.. يعني جوع وضرب جموع كما يقول المثل

    • زائر 4 | 3:42 ص

      إذا كان خصمك القاضي فمن تقاضي؟

      اقول إذا كانت الوزارة لا تثق بالجمعيات في جمع المال، لماذا لا تمول الوزارة الجمعيات بالمال الكافي للمساعدات؟
      يمكن للوزارة أن تشتري أسهما في الشركات الحكومية الرابحة وتعطي أرباحها للجمعيات وبذلك تدفع التمويل لمرة واحدة!

    • زائر 3 | 12:52 ص

      التنمية ازدواجية تطبيق القانون

      في البلاد قانون خاص بالتبرعات المالية ،وفي البلاد تبرعات للداخل وأخرى للخارج ، فالأولى التي تجمع لمساعدة آلاف الأسر البحرينية مشدد عليها رغم وضوحها والثانية تجمع لترسل للخارج بعناوين يشوبها الشك ،نجد وزارة التنمية تسكت عنها رغم ضبابيتها وخطورتها الأمنية ، هذه مشكلة في تطبيق القانون !

    • زائر 2 | 12:27 ص

      مقال في الصميم

      سياسة تبييض الاموال منهج من يسن القوانين وله في تشريع تلك القوانين مصالح مشتركة مع منفذيها .. وزارة التنمية تراقب الاموال باتجاه واحد والاتجاه المعني فعلا بشبهة الاموال ليس عليه رقيب بالامس انقضى شهر الله الذي كان فرصة لهولاء لجمع الاموال بعناوين مطاطية تارة ترى ساعد اليتيم وتارة انقذ ارملة واخرى اغث اطفال سوريا عنواوين مختلفة ورنانه لجمعيات وافراد بعيدين عن الرقابة والسؤال عن حقيقة وجهة تلك الاموال .. المعنى في قلب الشاعر..

    • زائر 1 | 10:05 م

      مع الشكر لك استاذه

      استاذه اتمنى لو تقوم بزياره الى الجمعيات الخيريه المنتشره في البحرين الذي عددهم يفوق 90 جمعيه خيريه ستجدين ان شروط قبول المساعدات في وزاره التنميه ارحم بكثير فالجمعيات تضع مليون عراقله لتساعد الفقير بل ان بعضها يذل الانسان علشان يساعده

    • زائر 5 زائر 1 | 3:43 ص

      تعميمك على كل الجمعيات مجحف

      هناك من الجمعيات الخيرية الرائدة في البحرين من لديها ادلة لتوزيع المساعدات على الاسر المتعففة وهي متاحة للجميع من المعنيين وغير المعنيين يستند عليها واليها. العشوائية والتعميم غير منصف وهو مجحف بحق القائمين على هذه الجمعيات

اقرأ ايضاً