العدد 4734 - الأحد 23 أغسطس 2015م الموافق 09 ذي القعدة 1436هـ

الأمين العام لمجلس التعاون يحذر من خطورة الأوضاع الإقليمية على أمن واستقرار المنطقة

دعا الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية عبداللطيف الزياني الى الاستباقية والتفكير في المستقبل بطريقة ابداعية، وقال إن الوضع العالمي والاقليمي في المنطقة يزداد سوءا، فالتوترات القديمة لازالت كما هي، ولكن برزت في الساحة تحديات جديدة.

وأضاف إن داعش لا تزال تمثل التحدي الأكبر لنا جميعا، وسوريا في خضم الدمار المتزايد واراقة الدماء لا زالت تنتظر منا الحل، والعنف الشرس في ليبيا لايزال مستمرا، وما يدعى بعملية السلام في الشرق الأوسط في مرحلة جمود، والشكوك بشأن طموحات ايران المزعزعة للاستقرار لا تزال قائمة، كما أن اليمن بات على شفير صراع خطير، ولاتزال منطقتنا توصف بأنها الملاذ الأسوأ الذي يحتضن التطرف والإرهاب وفي الوقت ذاته تعتبر أكبر مستورد للمقاتلين الأجانب، هذا فضلا عن الانخفاض الحاد في أسعار النفط الذي لم يسهم في تعزيز الاستقرار المنشود.

جاء ذلك في كلمة للأمين العام ألقاها مساء اليوم الاثنين (24 أغسطس/ آب 2015) في افتتاح منتدى أبحاث الخليج الذي ينظمه مركز أبحاث الخليج في جامعة كمبريدج البريطانية.

وأشار الأمين العام الى الاتفاق بشأن الملف النووي الايراني الذي تم التوصل اليه بين مجموعة دول 5+1 وجمهورية إيران الاسلامية، وقال إننا في مجلس التعاون كنا دائماً حذرين بشأن أي اتفاق غير شامل ولا يأخذ في الاعتبار التطلعات الإيرانية الاقليمية المغرضة وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول الأخرى. وأضاف إن علينا أن نقلق جميعا من احتمال استمرار هذه المطامح القديمة مع توفر المزيد من الأموال لتمويل هذه الأنشطة.

وأوضح أن وزراء خارجية دول مجلس التعاون ووزير الخارجية الأمريكية كانوا قد شددوا في اجتماعهم الذي عقد في الدوحة أوائل الشهر الجاري على رفضهم الدعم الايراني للإرهاب وللأنشطة المزعزعة للاستقرار في المنطقة مؤكدين عزمهم على التصدي للتدخلات الايرانية.

وقال ان منظومة مجلس التعاون قامت باتخاذ الإجراءات الكفيلة بتحسين قدراتها وامكانياتها المشتركة، مشيرا الى أنه في ظل إعادة تشكيل ميزان القوى في الشرق الأوسط فإن دول المجلس عليها أن تستعد لما هو أسوء بينما تعمل وتأمل في ما هو أفضل.

وتحدث الزياني عن قضية التطرف المتسم بالعنف، ووصفه بأنه ربما كان أكبر تهديد عالمي واقليمي في عصرنا الحالي، مشيرا الى أن التطرف نشأ عن الفراغ الفوضوي الذي أعقب حرب العراق عام 2003 والحرب الأهلية الأخيرة في سوريا مما أدى الى قيام مجموعات ذات ولاءات ومعتقدات مختلفة باستغلال ذلك الفراغ، ومنها داعش التي دخلت الى الساحة ونصبت نفسها دولة الخلافة في العالم في يونيو العام الماضي.

وأوضح أن داعش قامت،وعلى غير المعتاد في أي منظمة متطرفة أو إرهابية، باحتلال الأراضي متخطية الحدود المعترف بها دوليا. وقال إن استعادة الأراضي التي احتلتها داعش ليس بالأمر السهل، إلا أنه بالإمكان دحرها عسكريا متى ما عملت مختلف أطراف التحالف وفق نهج جيد التنسيق، مشددا على إن هناك تحديات جسام ينبغي التعامل معها لمواجهة داعش مثل: تكوين حكومة وطنية شاملة في العراق تضم كافة مكونات الشعب العراقي، وتغيير النظام في سورية.

وتحدث الأمين العام عن مشكلة التطرف وقال إنها لا تقل خطورة عن داعش لأن من الممكن عبور الحدود السياسية واستعادة الأرض، بيد انه من الصعب للغاية العبور الى عقول الأفراد الذين غرست في أذهانهم فكرة الجهاد والتطرف لأي سبب كان. وقال إن علينا أن نحاول منع حدوث تغذية الأفكار الهدامة كأول خطوة نبدأ بها،و أن نتأكد من تعليم مواطنينا وخاصة الشباب منهم التمييز بين الصح والخطأ بالمفهوم الديني والدنيوي، وكذلك التأكد من سلامة برامجنا التعليمية و تأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي وفوق كل ذلك التربية الأسرية.

وأوضح الزياني أن الذين تم تجنيدهم في داعش لا ينتمون بالضرورة الى الطبقة الفقيرة أو غير المتعلمة، إذ إن الكثير من المقاتلين حاصلين على درجات جامعية والكثير منهم من أوروبا وأمريكا وأستراليا وغيرها من دول العالم المتقدمة حيث أتيحت لهم كل الفرص ومع ذلك هم يتطوعون للقتال مع داعش. وقال ان التطرف مرض قد يخرج عن السيطرة، وكل دولة متأثرة به تبذل ما بوسعها بصورة فردية للحد من الأخطار لديها داخل حدودها، موضحا أن التطرف هو فكر خاطئ، و تفسير لا يمت بأية صلة لمعاني الإسلام الحقيقية، ومع ذلك فإن عقيدة ومعتقدات المتطرفين تدفعهم الى ارتكاب المزيد من الاعتداءات الوحشية.

ودعا الأمين العام الى تعاون وتنسيق أشمل على الصعيد العالمي لمكافحة الارهاب، مشيرا الى أن المملكة العربية السعودية ومنذ عقد من الزمن كانت قد دعت الى إنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، وقدمت دعما ماليا بلغ مائة وعشرة مليون دولار لهذا الغرض. وقد تحققت رؤية الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله بإنشاء مركز الأمم المتحدة لمكافحة الارهاب مؤخرا، والذي يترأس مجلسه الاستشاري معالي سفير المملكة العربية السعودية في الأمم المتحدة مما يدل على أن دول المجلس تقوم بدور ريادي على المستوى الدولي لمكافحة الارهاب.

وتطرق الأمين العام الى الأوضاع المأساوية في اليمن. وقال إن اليمن يواجه اليوم الكثير من التحديات والمخاطر، و أن الحكومة الانتقالية كانت قد نجحت في دفع العملية السياسية قدما نحو الانتخابات الوطنية التي لم يكن قد بقي عليها سوى بضعة اشهر، إلا أن بعض القوى اليمنية و بتشجيع ودعم بالسلاح من الخارج بدأت تثير القلاقل وتعمل على زعزعة استقرار البلاد وصولا الى الاستيلاء على السلطة، مما اضطر رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي الى مغادرة البلاد واللجوء الى الخارج.

وأوضح أن التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية و بمساندة العناصر الموالية للحكومة الشرعية اضطر الى استخدام السلاح، بناء على طلب فخامة الرئيس اليمني، لمنع تدهور الوضع والدفاع عن الشرعية. وقال إن القوات الشرعية والموالين لها، وبمساندة التحالف العربي،باتت الآن تسيطر على الوضع مما شجع عناصر الحكومة على العودة الى البلاد.

وأشار الى إن قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216، الذي صدر تحت الفصل السابع، كان واضحا. فقد دعا الى عودة الشرعية وإنهاء العنف، وكذلك كانت القرارات السابقة التي أعطت اليمن الأمل من خلال الحكومة الانتقالية،إلا أنها لم تمنع انهيار العملية السياسية، معربا عن اعتقاده بأن الوضع سوف يستقر، وأن الحكومة الشرعية ستستأنف دورها الشرعي، وتعيد وضع العملية السياسية على مسارها الصحيح.

كما أعرب الأمين العام عن أمله في أن ينجح الاتفاق النووي الإيراني، وأن تصبح المنطقة أكثر أمانا، وأن تقوم إيران، بعد رفع العقوبات عنها، الى استخدام أموالها لتعزيز الاستقرار لا لزعزعته كي تصبح المنطقة خالية ليس من السلاح النووي فحسب، بل ومن التهديدات والطموحات التقليدية، موضحا أن مجلس التعاون سوف يتعاون مع كافة الأطراف ويبذل كل ما في وسعه لتحقيق ذلك.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً