العدد 4740 - السبت 29 أغسطس 2015م الموافق 15 ذي القعدة 1436هـ

اليوم الدولي لضحايا الاختفاء القسري

واشنطن - الأمم المتحدة 

تحديث: 12 مايو 2017

يصل بعض الرجال. ثم يقتحمون مسكن أسرة من الأسر، غنية كانت أم فقيرة، منزلا كان أم سقيفة أم كوخا، في مدينة أو في قرية، في أي مكان. إنهم يجيئون في أي وقت من النهار أو الليل، يرتدون ملابس عادية، أو زيا رسميا في بعض الأحيان، ولكنهم يحملون السلاح دائما. ثم ودون إبداء أية أسباب، أو إبراز أي أمر بالقبض، بل في كثير من الأحيان دون الإفصاح عن هويتهم، أو السلطة التي يأتمرون بأوامرها، تراهم يجرجرون واحدا أو أكثر من أفراد الأسرة إلى سيارة، مستخدمين العنف في هذه العملية عند اللزوم.

ومثل هذا الحادث، كثيرا ما يكون الفصل الأول من مأساة الاختفاء القسري أو غير الطوعي، وهو ما يشكل بوجه خاص انتهاكا شنيعا لحقوق الإنسان وجريمة دولية.

الأفراد المتأثرون بهذه الجريمة

تعريف

ووفقا للإعلان المتعلق بحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري (ملف بصيغة الـ PDF ، الذي اعتمدته الجمعية العامة في قرارها 133/47 المؤرخ 18 كانون الأول/ديسمبر 1992 بوصفه مجموعة مبادئ واجبة التطبيق على جميع الدول، فإن الاختفاء القسري يحدث عند ’’القبض على الأشخاص واحتجازهم أو اختطافهم رغما عنهم أو حرمانهم من حريتهم على أي نحو آخر على أيدي موظفين من مختلف فروع الحكومة أو مستوياتها أو على أيدي مجموعة منظمة، أو أفراد عاديين يعملون باسم الحكومة أو بدعم منها، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو برضاها أو بقبولها، ثم رفض الكشف عن مصير الأشخاص المعنيين أو عن أماكن وجودهم أو رفض الاعتراف بحرمانهم من حريتهم، مما يجرد هؤلاء الأشخاص من حماية القانون‘‘ (الديباجة).

الضحايا أنفسهم

يتأثر الضحايا، الذين كثيرا ما يتعرضون للتعذيب والخوف المستمر على حياتهم، ويتأثر أفراد أسرهم، الذين يجهلون مصير أحبابهم، وتتأرجح عواطفهم بين الأمل واليأس، فيترقبون في حيرة، طيلة سنوات أحيانا، وصول أخبار قد لا تأتي أبدا. ويدرك الضحايا جيدا أن أسرهم لا تعرف شيئا عما حل بهم، وأن فرص حضور من يمد لهم يد المساعدة ضئيلة. وقد أصبحوا في الحقيقية - بعد إقصائهم عن دائرة حماية القانون و "اختفائهم" من المجتمع - محرومين من جميع حقوقهم، وواقعين تحت رحمة آسريهم. وحتى إذا لم يكن الموت هو مآل الضحية، وأخلى سبيله من هذا الكابوس في نهاية المطاف، فإن الآثار الجسدية والنفسية لهذا الشكل من أشكال التجريد من الصفة الإنسانية، وللوحشية والتعذيب اللذين يقترنان به في كثير من الأحيان تظل حاضرة.

أقارب الضحايا وأصدقائهم

وتعاني أسر المختفين كما يعاني أصدقاؤهم من غم نفسي بطيء، لعدم علمهم إذا كان الشخص الضحية لا يزال على قيد الحياة، وإذا كان الأمر كذلك، فأين يحتجز، وما هي ظروف احتجازه، وما هي حالته الصحية. كما أنهم يدركون أنهم مهددون هم كذلك، وأنهم قد يلقون المصير نفسه، وأن البحث عن الحقيقة قد يعرضهم لمزيد من الأخطار.

وكثيرا ما تزداد محنة الأسرة من جراء العواقب المادية للاختفاء القسري. ذلك أن الشخص المختفي غالبا ما يكون هو العائل الرئيسي للأسرة. وقد يكون هو الفرد الوحيد في الأسرة الذي يستطيع زراعة الأرض أو إدارة المشروع التجاري للأسرة. وهكذا يتفاقم الاضطراب العاطفي باقترانه بالحرمان المادي الذي تشتد حدته في الأسرة نتيجة التكاليف الإضافية التي تتكبدها إذا قررت البحث عن فردها المختفي. وعلاوة على ذلك، فإن الأسرة لا تعلم إن كان محبوبها سيعود يوما، ولذلك فيمن الصعب عليها التكيف مع الوضع الجديد. وفي بعض الحالات، قد لا يسمح تشريع البلد للأسرة بتلقي معاش أو أية إعانات أخرى إن لم تقدم شهادة وفاة. فتكون النتيجة في أغلب الحالات أن تعيش الأسرة مهمّشة اقتصاديا واجتماعيا.

وتتحمل النساء في أغلب الأحيان وطأة الصعوبات الاقتصادية الخطيرة التي عادة ما تصاحب حالات الاختفاء. فالمرأة هي التي تتصدر الكفاح في معظم الأحيان لإيجاد حل لقضية اختفاء أفراد من أسرتها. وقد تتعرض المرأة، بقيامها بذلك، للمضايقات والاضطهاد والانتقام. وعندما تقع المرأة بنفسها ضحية الاختفاء، فإنها تصبح معرضة بشكل خاص للعنف الجنسي ولغيره من أشكال العنف.

ويمكن أن يقع الأطفال أيضا ضحايا، بصورة مباشرة وغير مباشرة معا. ويشكل اختفاء الطفل خرقا واضحا لعدد من أحكام اتفاقية حقوق الطفل، بما في ذلك حقه في التمتع بهويته الشخصية. كما أن فقدان أحد الوالدين عن طريق الاختفاء يشكل انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان المكفولة للطفل.

تأثيره على المجتمعات

تتأثر المجتمعات تأثيرا مباشرا من جراء اختفال المعيل الوحيد للأسرة، بالإضافة إلى تأثرها من تدهور الوضع المالي للأسر وتهميشهم اجتماعيا.

وكثيرا ما استُخدم الاختفاء القسري كاستراتيجية لبث الرعب داخل المجتمع. فالشعور بانعدام الأمن الذي يتولد عن هذه الممارسة لا يقتصر على أقارب المختفي، بل يصيب أيضا مجموعاتهم السكانية المحلية ومجتمعهم ككل.

 

يعتبر انتهاكا خطيرا لحقوق الإنسان

ففي أثناء عملية الاختفاء، يمكن أن تنتهك الحقوق المدنية أو السياسية التالية:

حق الفرد في الاعتراف بشخصيته القانونية؛

حق الفرد في الحرية والأمن على شخصه؛

الحق في عدم التعرض للتعذيب أو لأي ضرب آخر من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة؛

الحق في الحياة، في الحالات التي يقتل في الشخص المختفي؛

الحق في الهوية؛

الحق في محاكمة عادلة وفي الضمانات القضائية؛

الحق في سبيل انتصاف فعال، بما في ذلك الجبر والتعويض؛

الحق في معرفة الحقيقة فيما يخص ظروف الاختفاء.

وينتهك الاختفاء القسري أيضا بصفة عامة الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية للضحايا وأسرهم على حد سواء:

 

الحق في توفير الحماية والمساعدة للأسرة؛

الحق في مستوى معيشي مناسب؛

الحق في الصحة؛

الحق في التعليم.

نص كل من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي دخل حيز التنفيذ في 1 يوليو/ تموز 2002، والاتفاقية الدولية لحماية الأشخاص من الاختفاء القسري، التي اعتمدتها الجمعية العامة في 20 ديسمبر/ تشرين الثاني 2006، على إنه عندما يرتكب أو يضطلع في ارتكاب أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين، وحالات "الاختفاء القسري" فإنه يوصف كجريمة ضد الإنسانية، بالتالي لا يخضع لقانون التقادم . بالإضافة إلى إنه يعطي لأسر الضحايا الحق في طلب التعويض، والمطالبة بمعرفة الحقيقة حول اختفاء أحبائهم.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً