العدد 4741 - الأحد 30 أغسطس 2015م الموافق 16 ذي القعدة 1436هـ

مئات العائلات العربية تصل إلى مناطق البيشمركة جنوب كركوك

هاربون من قرى عربية خاضعة لـ«داعش» لدى وصولهم إلى مواقع البيشمركة جنوب كركوك أمس
هاربون من قرى عربية خاضعة لـ«داعش» لدى وصولهم إلى مواقع البيشمركة جنوب كركوك أمس

الوسط - المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

على طول خط التماس الفاصل بين جبهاتها وتنظيم داعش في القرى التابعة لقضاء داقوق (جنوب غربي كركوك)، تستقبل البيشمركة يوميا مئات العائلات العربية الهاربة من القرى الخاضعة للتنظيم في تلك المنطقة، حسبما أفادت صحيفة الشرق الأوسط في عددها الصادر اليوم الإثنين (31 أغسطس/ آب 2015).

قائد شرطة داقوق العميد كاوه غريب قال: «بدأ أهالي القرى الواقعة في حدود قضاء داقوق الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش بتسليم أنفسهم لقوات البيشمركة، ونحن بحسب توجيهات من المحافظة نستقبلهم ونقدم لهم الخدمات الكاملة من الأغذية والأدوية، ومن ثم ننقل الذين لا يملكون أي مكان للسكن داخل القضاء إلى المخيمات الخاصة بالنازحين في المحافظة، وستتم إعادتهم إلى مناطقهم بعد تحريرها من (داعش) وتطهيرها من العبوات الناسفة التي يفخخ بها التنظيم كل المناطق الخاضعة له»، مضيفا أن «أكثر من 800 عائلة وصلت إلى داقوق حتى الآن».

وكشف غريب أن قوات البيشمركة اعتقلت الليلة قبل الماضية: «اثنين من عناصر (داعش) البارزين تمكنا من التسلل مع العائلات النازحة إلى داخل داقوق مستغلين استقبالنا للنازحين من دون أي قيود». وتابع: «هذان العنصران كانا يمدان التنظيم بمعلومات استخباراتية، وفي الوقت ذاته أحدهما متورط في قتل ثلاثة من أفراد شرطة القضاء في عملية إرهابية عام 2006»، مؤكدا أن النازحين «سيخضعون للإجراءات الأمنية، لمعرفة ما إذا كان هناك متعاونون مع (داعش) ضمن صفوفهم».

وتوجه مراسل «الشرق الأوسط» في سيارة تابعة لقوات الشرطة إلى خط التماس بين البيشمركة وتنظيم داعش. وقال مقاتلون من البيشمركة إن هناك عائلات عربية هربت من «داعش» تقترب من الخط الأمامي لها، وبعد الوصول إلى المنطقة المحددة شوهدت سيارات تقل العشرات من النازحين يرفع بعضهم أعلاما بيضاء. وبعد مرور بضع دقائق بدأت هذه العائلات تتقدم باتجاه مواقع البيشمركة إلى أن وصلت إليها، ونزلت منها مجموعة من الرجال، فيما بقى النساء والأطفال داخل السيارات، والتعب والخوف كانا باديين على وجوههم فيما أجهش بعضهم بالبكاء. وسارع بأحد مقاتلي البيشمركة إلى الترحيب بهم وتقديم مياه الشرب لهم، إلى حين وصول أقاربهم لتسلمهم ومن ثم بدء الإجراءات الأمنية التدقيقية معهم من أجل التأكد من هوياتهم.

فهد سليمان، رجل تجاوز عمره السبعين عاما، كان يدخن سيجارة ويحمل محياه مأساة كبيرة جراء سيطرة «داعش» على مناطقهم لأكثر من عام. قال فهد: «عام كامل والتنظيم منع عنا كل شيء، فعقوبة التدخين أو تحليق اللحية أو عدم الالتزام بزي (داعش) الأفغاني هي القتل أو غرامة مالية قد تصل إلى عدة ملايين من الدنانير في أكثر الأحيان». وتابع سليمان: «التنظيم سلب أموالنا وماشيتنا، كانوا يأخذون أغنامنا رغما عنا، ومن يتكلم يواجه الموت، ويقولون لنا (أنتم عبيد في دولة الخلافة وعليكم تقديم كل ما تملكون من أملاككم لنا فنحن نصون كرامتكم)». وتابع «لم يتوقفوا عن هذا الحد، بل كانوا يهاجمون بيوتنا ويعتدون على نسائنا وفتياتنا، ويأخذونهن إلى جهة مجهولة، والكثير من بنات القرية تم سبيهن، ومسلحو التنظيم كانوا يعتدون على كل الفتيات النساء ما عدا الحوامل اللاتي نجين من تلك الأساليب اللاإنسانية، وكانوا يرغمون عائلات هذه القرى على أن يزوجوا بناتهم من مسلحيه الذين كان الكثيرون منهم من الأجانب، وحاولنا لمرات عديدة الهروب لكن دون جدوى، وبدأنا نخبئ فتياتنا ونساءنا عند السماع بشن التنظيم حملة لمداهمة المنازل، لكن هذه المرة تمكنا من الهرب بعد أن دفعنا مليون دينار عراقي عن كل عائلة لمسلحي (داعش) بعد أن جردونا من ماشيتنا وأملاكنا».

أنور حمود، شاب هرب مع عائلته من قرية الشبيكة، روى قصته قائلا: «نحن كنا محتجزين عند التنظيم. فقد منعنا على مدى أكثر من عام من الخروج من القرية، وحرمنا من كل شيء، ودمر حقولنا الزراعية، وكان مسلحو التنظيم يشنون بين الحين والآخر حملات دهم للبيوت، ويعتقلون الشباب، فأنا اعتقلوني لعد مرات وأخذوني إلى مقرهم للاستجواب، وكان هناك العديد من المسلحين الأجانب موجودين في القرية، وتعرضت إلى ضرب مبرح من قبلهم وساقوا أيضًا بعضنا إلى جبهات القتال، إلا أن الكثير منا كان يختبئ في البساتين لتفادي ذلك».

كما روت حليمة محمد، البالغة من العمر نحو 60 عاما، كيف هربت مع آخرين عبر طرق ووديان محفوفة بالعبوات الناسفة فقط للخلاص من تنظيم داعش. ومضت تقول: «(داعش) منعنا طوال هذه المدة من ترك القرية، وكان مسلحوه يطلقون النار على كل من يحاول الخروج من القرية، ويقولون لنا (أنتم تريدون الذهاب إلى أرض الكفر)، وقد أخذوا كل أغنامنا، والتنظيم وعدنا بتوفير الطعام والمياه الصالحة للشرب والخدمات لكنه لم يف بوعده». وتابعت «رحبنا بـ(داعش) في بادئ الأمر، لكن في ما بعد تبين لنا أنه تنظيم مجرم يريد خراب البلاد وإلحاق الأذية بنا»، مشيرة إلى أن التنظيم اعتقل ابنها، واستخدم الكهرباء في تعذيبه، واتهموه بالتعاون مع القوات الأمنية، وكسروا يديه ورجليه ومن ثم أطلقوا سراحه.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً