العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ

إجراء اللاعبين فحوصات دورية يحدُّ من تكرار الوفيات

الحالات داخل الملاعب تقرع جرس الموت المفاجئ...

فيصل هيات
فيصل هيات

حالات الموت المفاجئ داخل الملاعب في أوساط ممارسي رياضة كرة القدم باتت إحدى الهواجس التي تشكل أهمية لدى الاتحادات العالمية للكرة وكذلك الرأي العام العالمي والاقليمي والمحلي، وخصوصاً بعد أن تعددت حالات الوفيات في السنوات القليلة الماضية.

فالإحصائيات تشير إلى وصول حالات الوفيات في الملاعب الرياضية إلى أكثر من 6 حالات في البحرين وحدها في السنوات الأخيرة.

وحالات الوفاة في الملاعب ليست بغريبة، إذ حصلت قبل الالفية الجديدة، ولم يكن وفاة اللاعب الكاميروني مارك فيفيان فويه في بطولة القارات 2003 الا جرس الانذار الذي أدى بالاتحاد الدولي للفيفا للاتجاه إلى أخذ اجراءات أكثر دقة وصرامة فيما يخص وضع اللاعبين وحالتهم الصحية وإجراء الفحوصات التي تؤدي إلى معرفة الأسباب الحقيقية وراء هذا الأمر.

ونحن في هذا التقرير، نحاول الوقوف على أهم الأسباب والوقائع التي تعالج موضوع «حالات الوفاة داخل الملعب».

فبحسب أخصائي العلاج الطبيعي وتأهيل إصابات الملاعب ورئيس قسم تأهيل الاصابات الرياضية في عيادة «ويل ميد» الاخصائي محمد ميرزا الريس، فإن «السبب الأول المؤدي إلى حالة الوفيات في الملاعب هو بلع اللسان، والذي يكون عادة بسبب احتكاك قوي على مستوى الرأس او سقوط بطريقة معينة تؤدي إلى هذه الحالة التي تحتاج إلى تعامل خاص معها حتى يمكن تدراكها بحيث لا تتسبب في وفاة المصاب بها».

ويضيف «أما السبب الثاني فهو حالات الهبوط المفاجئة في السكَّر أو الضغط والتي قد تؤدي الى حالات الوفاة ان لم تتم السيطرة عليها بالطريقة الطبية السليمة. والسبب الثالث يعود الى وجود حالة مرضية أو خلل في عمل القلب لتأثره بالاجهاد، أو بسبب عوامل حرارة الجو أو بعض الاسباب التي قد تؤثر على صحة المريض، وفي كثير من الأحيان لا يشعر المصاب في هذه الحالة بأية اعراض».

ويؤكد الريس أن «الاحصاءات تبين أن 80 في المئة من الاشخاص المصابين بهذا النوع من الامراض هم لا يعلمون اساسا ان فيهم هذا الامر، لذلك يجب على جميع الاشخاص وخصوصا ممن هم فوق الـ 30 ان يقوموا بالفحص الدوري حتى لو لم يكن هنالك اعراض او مؤشرات للمرض».

ويضيف «لهذا السبب قام اتحاد الفيفا بأخذ العديد من الاحتياطات للاعبين، وصار العمل بطريقة وأسلوب معين يتم من خلاله فحص اللاعب بشكل جيد وقياس مدى تحمله ممارسة الرياضة».

لكنه لفت إلى أن «في بلداننا فلا يوجد حتى اليوم هذا النوع من الفحص الدقيق والشامل للاعب حتى على مستوى الأندية فان الطريقة المعمول بها في الغالب هي أن يذهب اللاعب إلى المركز الصحي دون أخذ فحوصات دقيقة، انما أمور عامة لا يتم من خلالها الفحص الدقيق للشخص».

وذكر «لقد حاضرت وشرحت من خلال خبرتي لكثير من الأشخاص الذين لفتوا إلى أنهم لم يقوموا بالطرق العلمية في فحص اللاعب بشكل دقيق، ولا يوجد فحص بشكل دوري».

ويضيف «من هنا على اتحاد الكرة ان يأخذ دوره الطبيعي في طرح شروط خاصة ودقيقة وقوانين للأندية لتكون أكثر جدية فيما يخص الفحص الطبي»، مشيراً الى أن «20 في المئة من الاشخاص توجد لديهم اعراض يستطيعون من خلالها معرفة انفسهم قبل اللعب ويتعاملون بناء على هذه الأعراض. وفي الغالب حالات الاصابة من هذا النوع في الملاعب لها ثلاثة أسباب، أهمها: مشاكل وراثية خاصة بوجود خلل في عمل القلب ووظائفه، بعض الأمراض الجينية الخاصة ببعض العوائل، مشاكل طارئة تتعلق بالقلب والشرايين وعمل القلب، كالضغط وأمراض الشرايين والتي يجب على المصاب بها أن يكون أكثر حيطة»، لافتاً إلى أنه «خلال ممارسة الرياضة وبذل الجهد فإن الأعراض المصاحبة في كثير من الاحيان لا تظهر الا وقت الاجهاد والتعب».

الحاجة إلى دراسات

في حين ذكر الريس أنه «لا توجد دراسات معتمدة تؤكد ان نقص ثاني أكسيد الكربون حال اللعب يؤدي إلى الوفاة للشخص الطبيعي، لكن يمكن من باب الاحتياط وكاجراء وقائي على الجهة المعنية، ان تقوم بفحص الملاعب من هذه الناحية وبناء الأمر العملي بعد أن التأكد من النتائج التي سيخرج بها الفحص».

بدوره، أكد الصحافي فيصل هيات انه يجب التعامل مع هذه الحالات كأمر جدي والوقوف على أسبابها الدقيقة، اذ انه بدأت تدق ناقوس الخطر وخصوصا مع وصول الحالات إلى أكثر من 6، غالبيتها في ظروف متشابهة.

ويؤكد «عند تكرار حصول حادث سير في الشارع نفسه لأكثر من مرة تقوم الجهات المعنية بوضع اشارات او مرتفعات لدراسة الشارع واسباب الحوادث فيه، كذلك هذا الملعب، فإن تكرار الحالة فيه يعطي ضرورة للمعنيين بالقيام بفحص شامل يخرجنا بنتيجة للاطمئنان على وضعه».

كما دعا «الادارة العامة للشباب والرياضة إلى عمل حملات منظمة تفرض على جميع اللاعبين اجراء الفحوصات المعنية بهذا الأمر».

وأكد انه «مع الاسف في غالب الاندية لا يوجد شخص مختص يتعامل مع حالات الاصابة، ولا طريقة منظمة علمية تجرى على اللاعبين لاختبار مستوى أدائهم انما في الغالب طريقة بدائية لا تعطي نتيجة صحيحة لقياس صحة اللاعبين، فهو ما يدعو المعنيين إلى أن يكونوا اكثر جدية فيما يخص سن قوانين منظمة تلزم اصحاب الملاعب الكبيرة على الاقل بتوفير مسعف مختص يستطيع التعامل بحرفية مع امثال هذه الحالات لسلامة مريدي الملاعب».

وأكد هيات انه «يجب التأكد ودراسة هذه الملاعب وخاصة أنه تكررت حالات الوفاة لاكثر من مرة وفي المكان نفسه وفي ظروف متشابهة».

من جانبه، صرح المدير العام لمجمع ملاعب الارسنال زاهر العبوس بأن «الملعب بالمجمع يعد أكبر الملاعب في البحرين تقريبًا، ويحوي المجمع أكثر من خمسة ملاعب، وإن الملعب يعد احد الملاعب الرئيسية في المنطقة والتي يلجأ اليها الرياضيون كمكان رئيسي للعب فيها، ويصل مريديه إلى أكثر من 300 لاعب في كل ليلة ما يعطي فرصة للإصابات أكبر من غيره من الملاعب».

الاجهاد الشديد

وأضاف أن «بعض حالات الوفيات التي حصلت في الملعب كان سببها الاجهاد الشديد للاعب نفسه اذ ان احدى الحالات كان صاحبها عائداً من العمل الى الملعب مباشرة، وقد يكون أحد اللاعبين مصاباً بمرض وهو لا يعرفه لعدم ظهور الاعراض عليه، اضافة إلى هذا، فإن الجهد يسبب له مشاكل قد تؤدي إلى الوفاة».

وردا على ما اذا كان الملعب سبباً في ذلك، قال العبوس: «اذا كان الملعب هو السبب فلماذا لا يتوفى الا شخص واحد والباقي في كامل صحتهم؟. لو كان الملعب هو السبب لأثر كذلك على العمال مثلا او بقية اللاعبين او المدربين، الا انه في الغالب السبب يرجع إلى المريض نفسه».

واضاف «سنجري فحصاً شاملاً خلال الايام المقبلة للتأكد من مدى ملاءمة الملعب للعب، وهل يؤثر موقع الملعب واحاطة النخيل التي تبعد عنه مسافات ليست قليلة على اللاعبين أم لا».

وتابع «انني كنت في نادي شيلسي بلندن وكان هنالك اكثر من 30 ملعباً بين كل ملعب وآخر احاطة بعدد كبير من الاشجار، ولو كان ذلك يسبب ضرراً للاعبين لكانت إدارة النادي الاحترافية غيرت من وضع الملعب هناك».

وأكد ان «إدارة الملعب تعتزم توظيف مسعف دائم في الملعب للاشراف على حالات الاصابات اولا باول للحفاظ على اللاعبين وضمان وجود من يتعامل مع الحالات بشكل جيد»+

إجراء الفحوصات

من جانبه، قارن الاخصائي الريس الوضع في البحرين والدول الاوروبية، قائلاً: «في الغرب يخضع الرياضيون لفحوصات خاصة دقيقة قبل خوضهم غمار الدوريات المحلية والألعاب المختلفة، وتوفر لهم انواع متعددة من الاختبارات الدقيقة اما في البحرين فللأسف نفتقد هذا الأمر».

واضاف انه «في البلدان الغربية يتوافر في مثل هذه الملاعب مسعف خاص، لديه رخصة اسعاف ويستطيع التعامل بتخصصية مع امثال هذه الحالات»، مؤكداً في ذلك ان «في الغرب بعد تعدد حالات الوفاة داخل الملاعب قاموا باستحداث جهاز جديد مضاد للرجفان يقوم بنقل صدمات للقلب مما يساعد على إرجاع القلب للعمل في اللحظات الاولى من الاصابة، اما في البحرين فلم يصل هذا الجهاز حتى الآن».

واضاف «نطالب المؤسسات المعنية في البحرين بتوفير هذه الاجهزة وبسن قوانين اكثر صرامة فيما يخص اجراء الفحوصات الضرورية وضرورة توفير مسعفين مختصين في كل الملاعب الكبيرة في البحرين ما قد يساعد على التقليل من هذه الحالات».

كما أكد الصحافي فيصل هيات «ضرورة قيام المؤسسة العامة للشباب والرياضة باجراء فحوصات على الملاعب للتاكد من مدى صلاحيتها للعب واختبارات مستوى الغازات فيه للاطئمنان على صحيتها».

وختم «لا اشكال في ان تكون هنالك فترة لايقاف اللعب في اي ملعب لمدة اسبوع مثلا حتى يتم التأكد من وضعه وصلاحيته للعب وممارسة الرياضة وهذا الامر ليس فيه مشكلة انما هو ضرورة حتى نحمي شبابنا مرتادي الملعب لا أكثر».

زاهر العبوس
زاهر العبوس
محمد الريس
محمد الريس

العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً