العدد 4752 - الخميس 10 سبتمبر 2015م الموافق 26 ذي القعدة 1436هـ

الموت يغيّب "سهيل" الأدب والمعرفة

ترجل هذا الأسبوع المفكر والناقد والأديب والباحث العالمي البروفسور "سهيل بشروئي" عن عمر يناهز 86 عاما، قضى جلها في خدمة قضيته الأولى وهي تعريف العالم بالثقافة العربية وأدبها، والتقارب بين الثقافات والشعوب من خلال الأدب والفكر والتراث روحي المشترك بين شعوب العالم، وفق ما نقل موقع قناة أم.بي.سي. اليوم الجمعة ( 11 سبتمبر/ أيلول 2015)

غيّب الموت سهيل سماء الأدب والمعرفة إلا أن ما تركه من تراث انساني وحضاري وما ألفه من كتب ومقالات وترجمات، وما بذله من جهود جبارة في خدمة الأدب والانسان والتقارب بين الشعوب والأديان والثقافات ستبقى بارزة لامعة كما نجم السهيل في أوج السماء.

سفير الأدب العربي في الغرب

البروفسور بشروئي والذي يعتبر المرجع الأهم للأدب العربي المهجري عموما ولأدب جبران خليل جبران على وجه الخصوص يصنف كأحد أبرز العلماء المتخصصين في الادب والشعر العربي والانجليزي معا، فمن خلال مسيرة علمية حافلة بالإنجازات الفريدة (دامت لأكثر من نصف قرن) بات من أشهر الأسماء وأكثرها نيلا للإعجاب والتقدير عالميا في هذا المجال.

فهو أول عربيٍ يعيّن رئيسا لقسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الأميركية ببيروت (1968-1986) كما أنه أول غير غربيّ يعيّن رئيساً للجمعية الدولية لدراسة الأدب الإيرلندي. هو أيضا مؤسس ورئيس كرسي الدراسات الجبرانية بجامعة مريلاند المرموقة بالولايات المتحدة والذي يعد أحد أبرز المؤسسات البحثية المهتمة بأدب العرب في المهجر.

رائد حوار الثقافات والأديان

بالإضافة إلى عشقه للغة العربية وشغفه بتعريف العالم بثراء الأدب والتراث العربي، اهتم بشروئي وبشكل مكثف منذ الثمانينات من القرن الماضي بقضية التقارب بين الثقافات وردم الهوة فيما بينها وخلق بيئة تراثية وفكرية للتعايش والتقارب بين الأديان والشعوب. قد يكون بشروئي من أوائل المفكرين العرب الذين أهتموا بتعزيز ثقافة الحوار والتقارب بين الشعوب وتعزيز القواسم التراثية المشتركة في مرحلة لم تكن المنطقة تولي اهتماما يذكر بهذا الجانب.

وهو أول باحث لدراسات السلام في "مركز التنمية الدولية وحل النزاعات"، عمل حثيثا من أجل سد الفجوة بين الشرق والغرب وتصحيح صورة الثقافة العربية وابراز قيمها الانسانية. تكللت مجهوداته برئاسة كرسي السلام بجامعة مريلاند (1993-2006) المهتم بإيجاد البدائل السلمية لحل النزاعات والصراعات، وتعزيز التعليم عالميا، ودراسة مقاربات روحية ووجدانية لمواجهة التحديات والمشاكل الاجتماعية.

عُرِفَ عن بشروئي تأكيده الدائم على أن أدبنا وتراثنا العربي زاخر بجواهر فكرية تعزز القيم الانسانية، وبأن من أفضل السبل لتصحيح المفاهيم الخاطئة التي تكونت لدى العديد من الشعوب تجاه العرب وثقافة المنطقة ابراز هذا التراث والأدب الراقي واظهار مساهمته التاريخية في المسيرة البشرية. كثيرا ما كان يردد أنه ما من علاج للتشويه الحاصل لثقافة المنطقة النابعة عن الصراعات والتعصبات المعاصرة أفضل من اعادة تعريف شبابنا وشباب العالم بتراثنا الفكري والروحي الراقي الذي ساهم في ظهور ثقافة انسانية سامية فريدة انعكست في كتابات ومؤلفات سفراء هذه الثقافة كابن رشد وابن سينا وأبي العلاء المعري والرومي والريحاني وجبران وغيرهم من قامات انسانية متميزة .

من أبرز مؤلفاته باللغة الانجليزية "الحكمة عند العرب"، "جبران الانسان والشاعر"، "أبرز رسائل الحب العالمية"، "تراث الأدب العربي" وقد ترجمت إلى الفرنسية والاسبانية والايطالية والصينية. ومن أشهر مؤلفاته باللغتين العربية والانجليزية "تراثنا الروحي" من منشورات دار الساقي والذي يعتبر اسهاما فريدا في التفاهم بين أتباع الأديان، هذا الكتاب هو تلخيص لبرنامج قدمه البروفسور بشروئي في مركز أبحاث التراث بجامعة مريلاند. البرنامج يهدف إلى فتح نافذة على جوهر كل دين وعلاقته بمجمل المسعى الانساني للارتقاء والتقدم والسمو، والقواسم المشتركة التي يمكن أن تكون منطلقا لحوار بنّاء وأرضية لتعزيز التعايش والتقارب. يقول بشروئي في كتابه إن "تغيراً في تفكير الجنس البشري تحدثه روح الجماعة العالمية يبعث الأمل بأن أنماط الماضي من دورات الصراع القبلي والدولي يمكن تجاوزها والترفّع عنها". الجدير بالذكر أن عدد من الجامعات بصدد تبني هذا الكتاب والبرنامج ضمن مناهجها الأكاديمية.

50 عاما من العمل الأكاديمي

بشروئي الذي اشتهر بين زملائه وتلامذته بالأستاذ عملَ خلال مشواره الطويل في العديد من الجامعات في الشرق الأوسط وأوروبا وأفريقيا والولايات المتحدة، وكانت آخر محطاته التعليمية بجامعة ميريلاند المرموقة حيث استمر في العطاء التعليمي والبحثي أكثر من عقدين. عرف بدماثة الخلق والتواضع الجم وروح الدعابة التي لم تخرجه عن وقار استاذ له بالغ الأثر على تلامذته وقراء نتاجه الفكري والأدبي. محب للغة العربية وأدبها، ومؤمن بنبل الانسان وأن البشر بإمكانهم أن يتقاربوا ويتعايشوا إذا ما رجعوا إلى قواسمهم الروحية والتراثية المشتركة.

مسيرة حافلة بالإنجاز

حصد بشروئي العديد من الجوائز العلمية والأوسمة التقديرية لمجهوداته البارزة في خدمة العلم والأدب والحوار. فهو من العرب القلائل الذين حصلوا على جائزة "جولييت هوليستر العالمية للخدمات الاستثنائية للتقارب بين الأديان"؛ وهي الجائزة التي منحت لشخصيات عالمية مرموقة مثل جلالة الملكة نور، والرئيس نيلسون منديلا، وقداسة الدالاي لاما، وماري روبنسون مفوضة الأمم المتحدة السامية السابقة لحقوق الإنسان.

كما حصل بشروئي على وسام الاستحقاق الوطني اللبناني، وجائزة أونا إليس فرمور الأدبية من جامعة لندن، وميدالية الاستحقاق الفضية لقسطنطين وسانت جورج، وجائزة امتياز من كلية ميريلاند، وشهادة حاكم الولاية للتميّز في التعليم، وجائزة الإنجاز مدى الحياة من جمعية خريجي الجامعة الأميركية في بيروت، وغيرها من الأوسمة والجوائز التقديرية.

عانى الاستاذ بشروئي في آخر سنتين من حياته من وعكة صحية أثرت على بصره وحرمته من متابعة ابحاثه وكتاباته الغزيرة، ورغم معاناة المرض ألف كتابه الأخير والمقرر تدشينه في احتفال أدبي كبير في شهر أكتوبر القادم. لم يمهل القدر بشروئي الفرصة لحضور تدشين آخر مؤلفاته إلا أن فكره ومساهماته الجليلة في خدمة الثقافة العربية والقيم الانسانية العليا التي جاهد من أجلها لأكثر من نصف قرن ستكون حاضرة وشاهدة على رجل عظيم افتقده العالم.

عمله في الجامعات

•جامعة مريلاند في الولايات المتحدة

•جامعة أوكسفورد في بريطاني

•جامعة يورك في كندا

•جامعة كالجري في كندا

•الجامعة الأمريكية في بيروت

•جامعة ايبدن في نيجيريا

إنجازاته العلمية

•مؤسس ورئيس كرسي الدراسات الجبرانية بجامعة مريلاند المرموقة

•رئيس كرسي السلام بجامعة مريلاند

•أول باحث لدراسات السلام في "مركز التنمية الدولية وحل النزاعات"

•الرئيس المؤسّس للاتحاد العالمي للدراسات الجبرانية (هيئة علمية عالمية تمثّل أكثر من 35 دولة)

•عضو المجلس الاستشاري بـ "مركز الحوار العربي"

•أول عربيٍ يعيّن رئيسا لقسم اللغة الإنجليزية في الجامعة الأميركية ببيروت

•أول غير غربيّ يعيّن رئيساً للجمعية الدولية لدراسة الأدب الإيرلندي.

•رئيس كرسي السلام بجامعة مريلاند

•نشر أكثر من 50 كتابا وبحثا علميا في مختلف مجالات الفكر والأدب

•ترجم عيون الادب والتراث والحكمة العربية إلى اللغة الانجليزية

•مئات المحاضرات والأبحاث العلمية المحكمة

•يعد المرجع الأهم عالميا للأدب العربي المهجري وأدب جبران خليل جبران

أشهر مؤلفاته

•الحكمة عند العرب (انجليزي)

•جبران الانسان والشاعر (انجليزي)

•أبرز رسائل الحب العالمية (انجليزي)

•جبران الخالد (عربي)

•الحكمة الايرلندية (انجليزي)

•الأدب اللبناني بالإنكليزية (عربي)

•جورج برنادشو (انجليزي)

•خليل جبران: الكنز الروحي (انجليزي)

•اشعار يتس (انجليزي)

•رسائل الحب لجبران (انجليزي)

•تراث الأدب العربي - جزئين (انجليزي)

•تراثنا الروحي (عربي وانجليزي)

•النبي – دراسة في أدب جبران (انجليزي)

 الجوائز العلمية والأوسمة التقديرية

•جائزة "جولييت هوليستر العالمية" للخدمات الاستثنائية للتقارب بين الأديان؛ (جائزة حصل عليها عدد من زعماء العالم مثل الملكة نور ونيلسون منديلا والدالاي لاما)

•وسام الاستحقاق الوطني اللبناني

•جائزة أونا إليس فرمور الأدبية من جامعة لندن

•ميدالية الاستحقاق الفضية لقسطنطين وسانت جورج

•جائزة امتياز من كلية مريلاند

•شهادة حاكم الولاية للتميّز في التعليم

•جائزة الإنجاز مدى الحياة من جمعية خريجي الجامعة الأميركية في بيروت.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 1:21 م

      مقال رائع وشامل

      الشكر كل الشكر لجريتدكم الغراء على نشر مناقب هذه القامة الرفيعة التي ستعرف الأجيال في مستقبل الأيام قيمتها أكثر من جيلنا الحاليّ المشغول بالمشاحنات والكراهية التي جاهد البروفيسور بشروئي في تحليلها ووصف العلاج لها.

    • زائر 1 | 4:32 ص

      الله يرحمه

      العربي من يطلع من حدود الوطن العربي يتميز ، لماذا؟

اقرأ ايضاً