العدد 4782 - السبت 10 أكتوبر 2015م الموافق 26 ذي الحجة 1436هـ

العاهل: كان لنا من التجارب في السنوات الماضية كيفية التعامل مع مؤامرات استطعنا التعامل معها برؤية وطنية

خلال افتتاحه دور الانعقاد الثاني للمجلس الوطني

أكد عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة على أولوية الاهتمام بمواطني البحرين الكرام باعتبارهم الثروة الحقيقة للوطن، وأن برامج المملكة التنموية ستتواصل في كافة القطاعات رغم التحديات الاقتصادية، مشيدا بدور السلطة التشريعية في خدمة البلاد وتعزيز قيم الديمقراطية ومشروع الإصلاح.

وشدد جلالته في خطابه السامي الذي ألقاه عصر اليوم الأحد (11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) في افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع لمجلسي النواب والشورى، أن المرحلة الحالية التي تمر بها المملكة تحتم على كل صاحب جهد وطني مخلص العمل من أجل رفعة هذا البلاد، والنهوض بها، خاصة أمام هذه التطورات المتسارعة التي تشهدها المنطقة والعالم، سيما على الصعيد الاقتصادي.

وأعرب جلالته عن بالغ تقديره واعتزازه بمساعي السلطة التشريعية وجهودها الطيبة التي بذلتها من أجل ممارسة مسؤولياتها وواجباتها الدستورية بكل اقتدار، لافتا إلى أن السلطة التشريعية حريصة على مزاولة دورها الرقابي والتشريعي، وذلك من منطلق التزامها الدستوري الأصيل بخدمة المملكة وشعبها الكريم، ودعم مفاهيم الديمقراطية النابعة من ثقافتنا وقيمنا العريقة، والتي سطرها الميثاق الوطني.

وأوضح العاهل المفدى أن ما تمر به المنطقة من تطورات متسارعة، خاصة على الصعيد الاقتصادي، دفعت إلى اتخاذ إجراءات لدمج بعض الوزارات والهيئات، وذلك للتعامل مع متطلبات دعم الميزانية والتخفيف من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة، مشددا على أن هذه الإجراءات لن تقلل أو تمس الخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن "الذي هو موضع اهتمامنا على الدوام والثروة الحقيقية للوطن".

وذكر جلالته أنه بالرغم من كل الظروف، فإن البرامج التنموية ستتواصل وتستمر في كافة القطاعات، وخص بالذكر مشاريع البنى التحتية والتعليم والصحة والإسكان وغيرها من الخدمات الحيوية، وذلك بما يخدم الوطن والمواطنين.

ووجه جلالته كل الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء، الذي حقق الكثير من المكتسبات والإنجازات على المستوى الوطني والدولي، ولولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، مشيدا بسعيهما الدؤوب والدائم لمتابعة وتطوير عمل الحكومة وتنفيذ برامجها.

وعبر جلالته عن تطلعه للمستقبل الذي نريده لنا ولأجيالنا القادمة من واقع ما نختاره نحن لأنفسنا، وليس ما يريده لنا الآخرون، ويسعون لفرضه من خلال الإرهاب والإجرام، معتبرا أن البحرين التي اكتوت بنار التدخلات الخارجية ووعت مخاطرها على أمنها واستقرارها، استطاعت التعامل الحصيف مع ما يحاك ضدها من مؤامرات، وتمكنت من كشفها وإبطالها بعقول وطنية مستنيرة، ووعي مجتمعي متيقظ.

وأشار جلالته إلى أن مملكة البحرين كان لها موقف حاسم من أحداث اليمن الشقيق، وهو ما تَمثّلَ في إشراك أبنائها من منتسبي قوة دفاع البحرين البواسل للمشاركة في عاصفة الحزم وإعادة الأمل، لتثبيت الشرعية، فضلا عن المساهمة في عمليات الإغاثة الإنسانية هناك، وهي الأحداث التي أثبتت صواب قرار المملكة العربية السعودية الشقيقة، مشيدا بقرار قيادتها الحكيمة في ضرورة التدخل مع دول عربية شقيقة أخرى ووقف التدخلات والأطماع الخارجية.

ووجه جلالته التحية لأبطالنا البواسل الذين يقومون بواجباتهم الإنسانية والوطنية على أكمل وجه وصورة، كما وجه التحية والتقدير إلى جميع الأسر البحرينية التي أنجبت هؤلاء الرجال، واستذكر الشهداء البررة الذين ستبقى أسماؤهم وتضحياتهم علامة خالدة ومضيئة في تاريخ البحرين، ومقررا أن يكون اليوم السابع عشر من ديسمبر من كل عام، مناسبة احتفاء وتكريم للشهداء تقديراً واعتزازاً لما قدموه لوطنهم وأمتهم من تضحية وفداء.

وأمر جلالته بأن توثق مهام ومشاركات جنود قوة دفاع البحرين البواسل وجهود وزارة الداخلية الإنسانية، وأن تُدرّس لأبنائنا والأجيال القادمة ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم، ووجه الوزارة بضرورة أن تُكثّفْ جهودها التعليمية والتربوية في تطوير ومتابعة مضمون المناهج الدراسية التي تعزز الولاء والانتماء الوطني، مقدرا لوزير التربية والتعليم ولجميع منسوبي الوزارة وهيئاتها التعليمية والإدارية جهودهم الحثيثة في خدمة العلم.

وطالب جلالته بعمل عربي جماعي في إطار جامعة الدول العربية، وذلك لدعم الجهود الإغاثية والإنسانية للاجئين والنازحين العرب من مناطق الصراع والتوتر، وذلك حفاظاً على الكيان العربي وأمنه القومي المشترك والدفاع عن قضاياه العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، وصولاً إلى الحل العادل والدائم الذي يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وختم جلالته في خطابه السامي بالقول أنه رغم كل التحديات، فإن المملكة ماضية لتحقيق المزيد من الإصلاح وتعميق أسس المواطنة القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص، مشيرا إلى أن هذه هي المبادئ التي يعمل من أجلها مشروع الإصلاح والتحديث الوطني، وهي مسئولية مشتركة تستدعي مواصلة العمل الجاد في إطار متوازن من التعاون المثمر بين السلطات، ولتحقيق أقصى درجات الاستقرار والرخاء لهذا الوطن وأبناءه من رجاله ونسائه.

وفيما يلي نص الخطاب السامي بمناسبة افتتاح دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع للمجلس الوطني الأحد 11 أكتوبر 2015:

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،،

أيها الإخوة والأخوات أعضاء المجلس الوطني الموقرين،،

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،

على بركة الله وبعونه وتوفيقه نفتتح أعمال دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع للمجلس الوطني، لنعرب عن تقديرنا واعتزازنا بالمساعي والجهود الطيبة للسلطة التشريعية وهي تمارس مسئولياتها وواجباتها الدستورية بكل اقتدار، وتحرص على مزاولة دورها الرقابي والتشريعي من منطلق التزامها الدستوري الأصيل بخدمة الوطن والمواطنين، وتعزيز مفاهيم الديمقراطية النابعة من ثقافتنا وقيمنا الوطنية العريقة، والتي سطرها ميثاقنا الوطني المجيد.

الحضور الكريم ،،

تمر المنطقة بتطورات سياسية متسارعة، وأوضاع اقتصادية استثنائية، الأمر الذي استدعى منا التوجيه بدمج بعض الوزارات والهيئات الحكومية، لدعم الميزانية العامة ومعالجة الوضع الاقتصادي في البلاد ، للتخفيف من الأعباء المالية التي تتحملها الدولة، دون التقليل أو المساس بالخدمات التي تقدمها الحكومة للمواطن الذي هو موضع اهتمامنا على الدوام والثروة الحقيقية للوطن.

وبالرغم من كل الظروف، فإن عملنا الوطني المشترك وبرامجنا التنموية ستنمو وتتواصل، بإذن الله تعالى ، في كافة القطاعات التي تخدم الوطن والمواطن ، ونخص منها مشاريع البنى التحتية والتعليم والصحة والإسكان وغيرها من الخدمات الحيوية .

ويسرنا في هذا السياق أن نتوجه بالشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي، العم العزيز الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة رئيس الوزراء الموقر، الذي حقق الكثير من المكتسبات والإنجازات على المستوى الوطني والدولي، والتي هي مبعث فخر واعتزاز للوطن والمواطنين، ولولي عهدنا صاحب السمو الملكي، الابن البار الأمير سلمان بن حمد آل خليفة النائب الأول لرئيس مجلس الوزراء، على سعيهما الدؤوب والدائم لمتابعة وتطوير عمل الحكومة وتنفيذ برامجها، من خلال التواصل مع كافة فئات المجتمع والوقوف على ما يجب أن تقدمه الدولة من خدمات تلبي احتياجات المواطنين وتطلعاتهم.

وإننا جميعا ننظر اليوم إلى المستقبل الذي نطمح إليه ونستحقه، المستقبل الذي نريده لنا ولأجيالنا القادمة من واقع ما نختاره نحن لأنفسنا ، وليس ما يريده لنا الآخرون، وربما يسعون لفرضه علينا من خلال الإرهاب والإجرام . فقد كان لنا من التجارب والتحديات خلال السنوات الماضية ما ألهمنا كيفية التعامل الحصيف مع ما يحاك ضدنا جميعاً من مؤامرات، استطعنا، وبعون الله، من كشفها وإبطالها بعقول وطنية مستنيرة، ووعي مجتمعي متيقظ، رافض لأعمال التدمير والتخريب والانغلاق والتعصب .

إن مملكة البحرين التي اكتوت بنار هذه التدخلات تعي مخاطرها على أمنها واستقرارها وأبعاد ذلك على دول المنطقة، ولقد أثبتت أحداث اليمن الشقيق في ظل ما شهدته ساحته من انقلاب على الشرعية والتدخلات الخارجية، صواب قرار المملكة العربية السعودية الشقيقة وقيادتها الحكيمة في ضرورة التدخل مع دول عربية شقيقة أخرى، من خلال عاصفة الحزم وإعادة الأمل، لتثبيت الشرعية ووقف التدخلات والأطماع الخارجية.

وقد كان لمملكة البحرين موقف حاسم ، بهذا الشأن، تَمثّلَ في إشراك أبنائها من منتسبي قوة دفاع البحرين البواسل للمشاركة في العمليات الحربية لهذه الحملة العسكرية، من منطلق ما يمليه عليها واجب وشرف الدفاع عن المنطقة وإعادة الشرعية في اليمن وحماية شعبه واسترجاع أمنه. كما يواكب ذلك الإسهام، التزام البحرين بعمليات الإغاثة الإنسانية الواسعة والمتواصلة، لرفع المعاناة عن الشعب اليمني وضمان سرعة تحقيق الأمن والاستقرار والرخاء في هذا البلد الشقيق، الذي تربطنا به المواثيق والاتفاقيات في إطار العمل الخليجي المشترك، وفي مقدمة ذلك وحدة الأخوة والعروبة والمصير.

ولا يسعنا اليوم في ظل هذا الحجم من التضحيات الكبيرة لأبطالنا البواسل الذين يقومون بواجباتهم الإنسانية والوطنية على أكمل وجه وصورة ، إلا أن نتوجه بالتحية والتقدير إلى جميع الأسر البحرينية التي أنجبت هؤلاء الرجال ، والتي نشاركها أمانة حمل تلك المسئولية الوطنية المتمثلة بانضمام أبنائنا إلى جانب إخوانهم في صفوف المقاتلين في الجبهات الأمامية ، وحِرصِنا على بقائِهم في مقدمة تلك الصفوف سيراً على نهج الآباء والأجداد في مثل هذه المحطات المصيرية الهامة والمدونة بأحرف من ذهب في سجلِ تاريخنا الوطني العسكري المشرّف. كما نشارك أُسرِنا مشـاعر المعاناة والفراق والأمل في عودة أبنائنا المخلصين إلى وطنهم سالمين غانمين ، بعون الله تعالى .

وإنه لمن دواعي الفخر والواجب، أن نستذكر شهدائنا البررة الذين ستبقى أسماؤهم وتضحياتهم علامة خالدة ومضيئة في تاريخ البحرين. وتخليداً لذكراهم العطرة على مر تاريخ مملكتنا، فقد تقرر أن يكون اليوم السابع عشر من ديسمبر من كل عام، الذي يصادف يوم عيد جلوسنا، مناسبة احتفاء وتكريم للشهداء تقديراً واعتزازاً لما قدموه لوطنهم وأمتهم من تضحية وفداء.

ومن منطلق تقديرنا وامتناننا لما قامت به قوة دفاع البحرين والحرس الوطني منذ تأسيسهما من واجبات عسكرية مع الدول الشقيقة والصديقة خارج البلاد، وما قامت به وزارة الداخلية من حملات إنسانية، فقد أمرنا بأن توثق هذه المهام والمشاركات وأن تُدرّس لأبنائنا والأجيال القادمة ضمن مناهج وزارة التربية والتعليم . كما وجهنا الوزارة على ضرورة أن تُكثّفْ جهودها التعليمية والتربوية في تطوير ومتابعة مضمون المناهج الدراسية التي تعزز الولاء والانتماء الوطني ، وتُثبّت قيم التسامح والاعتدال ، والتأكد من حسن تطبيقها ، مع أهمية العمل على اتخاذ أية إجراءات لازمة تجاه ما يحول دون ذلك . مقدرين لوزير التربية والتعليم ولجميع منسوبي الوزارة وهيئاتها التعليمية والإدارية جهودهم الحثيثة في خدمة العلم ونشر المعرفة في البلاد.

الأخوة والأخوات،،

إن ما نشهده في محيطنا العربي من أحداثٍ جسام تهدد أمن وسلامة ووحدة دول عربية شقيقة، أرغمت مواطنيها على الهجرة والنزوح الجماعي الذي أودى بحياة الكثيرين منهم، يتطلب منا عملاً عربياً جماعياً في إطار جامعة الدول العربية – بيت العرب – حفاظاً على الكيان العربي وأمنه القومي المشترك والدفاع عن قضاياه العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ، وصولاً إلى الحل العادل والدائم الذي يكفل الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني الشقيق في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

وختاماً، أيها الحضور الكريم، إننا ماضون وبعون من الله، رغم كل التحديات، لتحقيق المزيد من الإصلاح في بلادنا وتنمية مجتمعنا ، ماضون في تعميق أسس المواطنة القائمة على العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، فهذه هي المبادئ التي يعمل من أجلها مشروع الإصلاح والتحديث الوطني ، وهي مسئولية مشتركة تستدعي مواصلة العمل الجاد في إطار متوازن من التعاون المثمر بين السلطات ، وممارسة كافة الأدوات الدستورية المتاحة لها ، على أحسن وجه ممكن ، لتحقيق أقصى درجات الاستقرار والرخاء لهذا الوطن وأبناءه من رجاله ونساءه.

والله نسال أن يحفظ مملكتنا ويوفقنا للعمل لما فيه خير وصالح شعبنا الوفي ،،

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ،،





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً