العدد 4786 - الأربعاء 14 أكتوبر 2015م الموافق 30 ذي الحجة 1436هـ

صفحات أخرى من حكم حسني مبارك

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

لم يكن حسني مبارك رئيساً عابراً لمصر، فقد حكمها ثلاثين عاماً، وهو أكثر من مجموع ما حكمها كلٌ من جمال عبدالناصر وأنور السادات (28 عاماً).

في كتابه «مبارك وزمانه: من المنصة إلى الميدان»، الذي نستكمل قراءته اليوم، يتوقف محمد حسنين هيكل عند الكثير من جوانب شخصية الرئيس، التي ظلت غامضةً بالنسبة للكثيرين، رغم ظهوره الإعلامي المستمر.

هيكل طرح سؤالاً استغرابياً في بداية كتابه: «كيف حكم هذا الشخص مصر ثلاثين عاماً؟»، وتولّى تقديم عيّنات ووقائع تبرّر طرح مثل هذا السؤال الكبير. ففي أول انتخاباتٍ في عهده، تم هندسة العملية كلها بحيث لا تحصل أحزاب المعارضة جميعها على أكثر من 5 في المئة فقط من مقاعد البرلمان. يومها اصطدم بأخيه سامي مبارك، وحاول منعه من الترشّح على قائمة «الحزب الوطني»، ما اضطره للترشح على قائمة «الوفد» المعارض، وفاز فوزاً كاسحاً في دائرته، على خلاف رغبة الرئيس.

في الفصل السادس بعنوان «بلا مؤاخذة»، يكشف هيكل أنه منذ لقائه الأول بمبارك مطلع 1982، لفت نظره استخدامه ألفاظاً يصعب تداولها في أحداث السياسة، ومعظمها مما تتجنبه الأعراف، وبعضها تطاله مواد القانون. وحين رأى الرئيس دهشته من بعض ألفاظه، قال: «لا مؤاخذة يا محمد بيه... هذه اللغة كنا نستخدمها في المعسكرات والقواعد البعيدة»، وأضاف أنه سمعها أثناء دراسته في روسيا، ولاحقاً عندما اختلط بالعسكريين الأميركان؛ وأن قرينته (سوزان مبارك) حاولت «تربيته من جديد» بعد زواجهما، وقد نجحت، إلا أنه استدرك قائلاً: «إلى حد ما»! لكنه واعٍ لهذه المشكلة، «لئلا تفلت منه كلمة في خطاب عام».

ويتوقف هيكل عند دور مبارك في «مجموعة سفاري»، وهي سياسةٌ تبناها الفرنسيون بالتعاون مع بعض الدول العربية وإيران الشاه، في منتصف السبعينيات، لملء الفراغ الأمني الذي تركته الـ «CIA»، بعد تقييد حركتها في أعقاب فضيحة «ووترجيت»، وذلك من أجل تأمين خطوط إمداد الطاقة للغرب.

هيكل لا يُخفي دعمه لمبارك في بداية عهده، فهو ممن كانوا يرون ضرورة إعطاء الرجل فرصةً للعبور بمصر من مرحلة الاضطراب السياسي بعد اغتيال السادات، وظلّ يؤيد انتخابه في دورتين انتخابيتين، ولكن بدأ يغيّر موقفه في الدورة الثالثة. وقد اقترح عليه أن يدعو إلى قصره 10 أو 12 مفكراً من شخصيات مصر وأساتذة الجامعات ورجال الأعمال، مرةً كل شهر، يستمع لهم ويحاورهم ويطلع على أفكارهم، كما يفعل قادة آخرون في العالم. فحوّل مبارك الاقتراح إلى رئيس مكتبه أسامة الباز لمناقشته، فقال له: «أنت تتعب نفسك دون داعٍ، هؤلاء ليسوا من النوع الذين يرتاح لهم مبارك، فأنا أعرفه أكثر منك»!

وينقل الكاتب رأي الملك حسين في مبارك، وهو أقرب أصدقائه واشترك معه في «مجلس التعاون العربي»، فقد التقاه مطلع رئاسته، وخرج ليقول همساً للكاتب: «إنه لا يعرف ما يكفي عن علاقات مصر العربية ولا تاريخها السابق ولا الجديد، ولم يقرأ الملفات، وإذا قرأها فإنه لم يستوعبها».

من الأمور المؤسفة أن تقرأ عن جوانب الضعف في شخصية رئيس أكبر دولة عربية، من قبيل اهتمامه بالأحذية، فبعد خروجه من لقاءٍ مع الرئيس اليوغسلافي السابق جوزيف بروز تيتو، كان أول سؤالٍ للسفير المصري الذي كان يرافقه: من أين يأتي تيتو بأحذيته، وهل يشتريها جاهزةً أم إنها تفصيل. وكلّف السفير بمعرفة ذلك من حاشية تيتو، فقد كان طوال اللقاء «لم يرفع عينه عن الحذاء» كما قال السفير.

مبارك الذي كان يمثل أحد أعمدة النظام العربي الرسمي طوال ثلاثة عقود، وأسّس مع صدام حسين وعلي عبدالله صالح والملك حسين «مجلس التعاون العربي»، كان يهتم بالزيارات الخارجية، وخصوصاً لدول الغرب، وكان يحج إلى الولايات المتحدة سنوياً، وينزل في طريقه في لندن أو باريس. وكانت تلك الزيارات تفتقر إلى برنامج عمل أو توقيع اتفاقات، وكان الرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران يبدي انزعاجه منها، لأنها «لم تكن جلسات سياسية وإنّما مجرد مناسبات اجتماعية تحكى فيها الحكايات وتطول الروايات، ومعظمها مما يدخل في باب (النميمة) عن ساسة عرب آخرين، يحكيها مبارك من باب التندر والسخرية»!

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4786 - الأربعاء 14 أكتوبر 2015م الموافق 30 ذي الحجة 1436هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 21 | 3:51 م

      ماذا قال عنه صدام حسين؟

    • زائر 17 | 9:34 ص

      هل الكتاب ممنوع؟

      لا اعرف لما القرّاء الاعزاء يريدون الكتاب هل هو ممنوع؟ الكتاب موجود على الانترنت ومجاناً

    • زائر 14 | 6:39 ص

      الكتاب على النت pdf

      ادخل النت وسو تحميل

    • زائر 11 | 3:23 ص

      ويش هالحالة

      الكل يبغى يتسلف الكتاب
      كله من رفع الدعم عن اللحوم

    • زائر 12 زائر 11 | 3:34 ص

      ههههه

      خلهم يشترونه. لا تسلفهم اياه.

    • زائر 10 | 1:46 ص

      فعلا سؤال مهم

      كيف حكم حسني مبارك مصر 30 سنة؟ وبعدها كان يفكر في توريث البلد لابنه . الشعب طبعا ما له رأي.

    • زائر 9 | 1:35 ص

      انتهت دولته

      وظهرت فضائحه. عبرة من العبر.

    • زائر 8 | 1:26 ص

      تعرفون

      اشهر مقوله حق حسني مبارك عندما قال (ولاء الشيعة لإيران وليس لأوطانهم) طبعا هو انتهى من الرئاسة وبعدها راح يموت ولكن اقوله راح تظل مدى الدهر وراح تتداولها الاجيال

    • زائر 20 زائر 8 | 3:48 م

      ليش قال هالمقولة :ان الشيعة ولاءهم لايران؟

      السبب حق يتلزق ويتملق الى........

    • زائر 5 | 12:11 ص

      انا

      انا بعد ابغي اقراه ..... لو سمحت سيدنا الغالي

    • زائر 4 | 11:31 م

      تلميع

      الاعلام و الصحافة هما السبب في تلميع الصور. ماذا تتصور شخصية جورج بوش الابن مثلا؟. او غيره.

    • زائر 3 | 11:07 م

      حسني مبارك

      وقت محاكمته منسرد على السرير خب في بيته يسوي رياضة رايح جاي.

    • زائر 1 | 10:48 م

      الكاسر

      سيدنا اذا خلصت من قراء الكتاب عطني اياة اقراءة
      وبعد ما اخلص برجع ليك

    • زائر 6 زائر 1 | 12:11 ص

      أنا بعد

      أنا بعدك خوك

    • زائر 19 زائر 1 | 3:30 م

      الكتاب موجود

      اون لاين.. بلاش يعني.. و اللي يقراه بالكامل غير السيد، يخبرنا

اقرأ ايضاً