العدد 4797 - الأحد 25 أكتوبر 2015م الموافق 11 محرم 1437هـ

محمد عبدالله السعد في حديث الذكريات: ترأست لجنة فرعية في انتخابات المجلس الوطني في 1973

العصبيات والانقسامات أدت إلى إصـابــــــة جســـد الأمــــــــة بالهزال والمرض

يمر حوار حديث الذكريات مع ضيفنا عبر محطات وسجل حافل بالجهود المتميزة في مجال التعليم بوزارة التربية والتعليم، وكذلك في الخدمات الإدارية بوزارة الصحة، وهذا السجل جعله على صلة تامة واقتراب من نبض المجتمع الذي أعطاه من جهده الرسمي والتطوعي والخيري الكثير، وأيضاً، كان لانجازات هذا السجل أثرها في كسب محبة أبناء البحرين، ما مكنه من الفوز بثقة الأوساط الرسمية والمنظمات الأهلية.

الطفولة والصبا والشباب

ضيفنا هو الأستاذ محمد عبدالله السعد، من مواليد العام 1941 بفريق الحمام (البدع) بالعاصمة المنامة، درس المرحلة الابتدائية بالمدرسة الغربية (وهي الآن مدرسة أبي بكر الصديق الابتدائية الإعدادية) خلال الفترة من 1947 وحتى العام 1954 في عمر سبع سنوات بما فيها الروضة والحديقة والابتدائية، أما المرحلة الثانوية فكانت عامي 1957 - 1958 بالمدرسة الثانوية في البحرين وكانت هي المدرسة الثانوية الوحيدة في ذلك الوقت إضافة إلى مدرسة الصناعة، والتحق للعمل كمدرس للمرحلة الابتدائية في دائرة المعارف خلال عامي 1960 - 1961، ثم كان طموحه يكبر لإكمال دراسته الجامعية، فالتحق بكلية التجارة والاقتصاد بجامعة بغداد (تخصص محاسبة وإدارة أعمال) وتخرج بشهادة البكالوريوس في المحاسبة والإدارة في العام 1965 ليلتحق مرةً أخرى بسلك التدريس بالقسم التجاري بمدرسة المنامة الثانوية في عام تخرجه، وكان مدير المدرسة آنذاك الأستاذ عبدالملك الحمر، وتدرج من مشرف إلى مدير مساعد بالقسم التجاري ثم مدير مساعد للقسم العام وكان المدير آنذاك الأستاذ جميل الجشي رحمه الله، لمدرسة المنامة الثانوية والتي تضم القسم العام والقسم التجاري في الفترة من 1973 حتى 1976، بعدها تم تعيينه كمدير لإدارة الخدمات بوزارة الصحة حتى تقاعده في العام 2001، علماً بأنه حاصل على دبلوم تربوي من الجامعة الأميركية في بيروت في العام 1971، ودبلوم في إدارة المستشفيات من لندن في العام 1979.

انضم إلى عضوية نادي العروبة في العام 1957 وكان أمين سر النادي في ذلك العام هو المرحوم الدكتور جليل إبراهيم العريض، ثم أصبح عضواً إدارياً وأميناً مالياً ونائباً للرئيس في بعض الدورات الانتخابية، ثم إن بصماته كثيرة في تأسيس العديد من الجهات الأهلية، فهو عضو مؤسس في عدد من المؤسسات منها: نادي الخريجين في العام 1966، وفي نادي مدينة عيسى العام 1968 وكان رئيساً للدورة الأولى في ذلك العام، وفي صندوق الماحوز الخيري في العام 1994 كرئيس لمجلس أمنائه لعدة دورات ولغاية الدورة السابعة في نهاية شهر مايو/ أيار من العام 2008، وكذلك جمعية التوفير والتسليف التعاونية لموظفي وزارة الصحة في العام 1999، وجمعية أصدقاء الصحة في العام 2001.

سجل المشاركات الوطنية

مشاركاته في خدمة الوطن تشمل مجالات عديدة، منها عضو اللجنة المشرفة على إحدى الدوائر الانتخابية (انتخابات المجلس التأسيسي) في العام 1972، ورئيس اللجنة الفرعية للدائرة الانتخابية الثانية (انتخابات المجلس الوطني) في العام 1973، وعضو اللجنة العليا لشئون الحج بوزارة العدل والشئون الإسلامية سابقًا لعدة سنوات حتى العام 2001، ومختار منطقة الزنج بمحافظة العاصمة خلال الفترة من 1999 حتى 2001، وعضو في مجلس إدارة الأوقاف الجعفرية في الفترة من 2001 حتى 2008 في الفترة التي تولى فيها رئاسة المجلس الدكتور محمد علي بن الشيخ منصور الستري، وبعد تعيين الأخير وزيراً لوزارة شئون البلديات والزراعة، عين محله المرحوم السيد مصطفى القصاب رئيساً، وأصبح السعد نائباً لرئيس مجلس الأوقاف في العام 2007، وهو حاصل على وسام الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة من الدرجة الرابعة والعديد من شهادات التقدير أثناء الخدمة في الدولة وفي العمل التطوعي والاجتماعي، وله مشاركات في العديد من الندوات والمؤتمرات المحلية والدولية والدراسات التربوية والصحية وكذلك الاجتماعات والندوات المرتبطة بالأمور الاجتماعية.

الباخشة الجميلة... ثم المدرسة

من الجميل أن ننتقل مع الضيف السعد إلى مرحلة الطفولة، فيبدأ حديثه بالقول: «أنا من مواليد العام 1941 وعشت طفولتي في فريق الحمام (البدع) القريب من مدرسة فاطمة الزهراء (ع)، وهو الحي الذي كانت ولاتزال تعيش فيه الكثير من عوائل المنامة المعروفة، وما يربطها منذ ذلك الزمان حتى حاضرنا هو العلاقة الطيبة في نسيج الأسرة الواحدة، حين كنا صغاراً، فكل رجال فريق الحمام بمثابة آبائنا وأعمامنا وإخوتنا الكبار، فكانوا يتعاملون معنا كأبنائهم أو إخوتهم وكذلك الحال مع نساء الحي، فهم أمهاتنا وخالاتنا، ولعل هذه الطيبة التي عرفت بها المنامة هي سمة بارزة لدى كل أهل البحرين، وأتذكر من بين الصور، حيوية منطقة (الباخشة أو الباغشة)، وأغلب الظن أن التسمية أصلها من اللغة الفارسية، وهي عبارة عن حديقة فيها بعض الحيوانات، وأتذكر أننا كنا نتنزه فيها ونشاهد بعض الغزلان والثعالب وذلك كان في بداية الخمسينات.

في عمر ست أو سبع سنوات - يتذكر ضيفنا - التحقت بالمدرسة الغربية وهي المدرسة الجعفرية، وأنهيت فيها المرحلة الابتدائية في العام 1954، وفي ذلك الوقت، ننتقل إلى المرحلة الثانوية بعد إنهاء الصف الرابع الابتدائي، وكانت المدرستان: الغربية والشرقية هما المدرستان الوحيدتان وبينهما تنافس كبير في كل المجالات الأدبية والعلمية والرياضية، وكان مديرانا في تلك الفترة المرحومان الأتاسي والأستاذ حسن جواد الجشي، ومن المعلمين أتذكر سلمان الصفار، محمد صالح عبدالرزاق، خليفة غانم وإسماعيل العريض، وكان سكرتير المدرسة تلك الفترة إبراهيم كانو الذي يسمونه (إبراهيم كرنل) وتم نقله في تلك الفترة إلى المدرسة الثانوية. ومن أصدقائي أتذكر فاروق إبراهيم عبيد ومحمد باقر التاجر، وآخرون مما لا تحضرني ذاكرتي لاستذكارهم وكلهم أحبة أعزاء».

زمن الانتداب البريطاني

ترى، ما الذي كان يشغل اهتمام الشباب في تلك الفترة، ولاسيما شباب المرحلة الثانوية؟ يسترجع السعد شريط الذكريات فيشير إلى أن «تلك المرحلة كانت (مرحلة الانتداب البريطاني)، وخلاف الأنشطة الرياضية التي تستقطب الشباب، كان هناك اهتمام ومناقشات سياسية عامة مع الاتجاه القومي الذي نما مع الثورة المصرية وكان سائداً بين الطلبة سواء من أبناء المدن أم أبناء القرى، وتأثر الكثيرون منهم بخطب الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وبالمعلمين المصريين الذين وفدوا لتدريسنا في المرحلة الثانوية، وكان الحراك السياسي يشهد مشاركة من مختلف التيارات ومنهم مؤيدون للبعث ولليسار والقوميين.

ومن الأحداث الراسخة في الذاكرة، ما حدث من فتنة كادت أن تقع بين السنة والشيعة في العام 1954 وتحديداً في شهر محرم عندما اندس البعض وأثار الصدام برمي الزجاجات على موكب العزاء صبيحة يوم العاشر من المحرم بالقرب من مأتم الصفافير، أي المنطقة القريبة من الإشارة رقم (5)، وتشكلت الهيئة بجهود مجموعة من الشخصيات البحرينية من الطائفتين الكريمتين الحريصة على مصلحة الوطن واستقراره، وبدأوا في التصدي لكل انفلات أو انعكاس يسيء للحمة الوطنية آنذاك، وكنت في نحو الثالثة أو الرابعة عشرة من العمر، ومن هم في مثل عمري كثيرون لم يكونوا يشاركون في المظاهرات، لكن ذلك لم يمنع من أن نشارك في بعض الجزئيات كالحضور والمتابعة وتتبع المعلومات ممن هم أكبر سناً».

ويعرج السعد نحو العلاقة بوالده فيقول: «بالنسبة للمرحوم الوالد فقد كان تاجراً بسيطاً، إلا أنه هيأ لنا جواً أسرياً يشجع على الدراسة فكنت أحرص على النجاح دائماً»، وللعلم، فإن المدرسة الثانوية (المنامة الثانوية) كانت هي المدرسة الوحيدة، لهذا، فهي تضم طلبة من كل مناطق البحرين... من الحد والمحرق وصولاً إلى قرى المنطقة الشمالية والغربية والرفاع وسترة وغيرها، وفي تلك الفترة، أنشأت مديرية المعارف القسم الداخلي للطلبة الذين يقطنون في المناطق البعيدة، وخصصت لهم سكناً داخلياً بالمبنى المعروف بعدها القسم التجاري.

بدأت الحزازيات في الظهور

من المهم أن أذكر هنا أن نسيج الطلبة كان يضم كل أطياف المجتمع البحريني... من المدن والقرى ومن الرفاع والحد وكرزكان والبديع وغيرها من مناطق البلد، وفي تلك الفترة لم تكن تسمع لفظة شيعة أو سنة، وكثير من زملائنا وأصدقائنا هم من مختلف المذاهب، وإذا حدثت بعض المناقشات الدينية والخلافات والمناوشات، فإنها تأتي على هيئة ضحك بريء بين الزملاء بكل رحابة صدر، لكن أود الإشارة إلى أن المنتمين للتيار القومي واليساري والاشتراكي لم يكونوا يثيرون تلك الحزازيات المذهبية والطائفية، وكانت تربطهم مع بعضهم علاقات قوية جداً وكان هدفهم الأول هو محاربة الاستعمار البريطاني، لكن، وفي السنوات اللاحقة والفترات الحالية ومع بروز بعض الحركات الدينية، بدأت تلك الحزازيات في الظهور بشكل مؤثر بوضوح.

في الثانوية، كان المعلمون يوزعون علينا استمارات نحدد فيها رغباتنا المستقبلية، وكنت ممن عزم على مواصلة الدراسة الجامعية، وفي الوقت ذاته، كنت أرغب كثيراً في الانضمام لمهنة التعليم، ولهذا، بعد أن أنهيت ومجموعة من الزملاء المرحلة الثانوية، اجتمعنا بمدير المعارف المرحوم الأستاذ أحمد العمران بمقر عمله بمديرية المعارف في المنامة، بالمبنى المقابل للمدرسة الشرقية وموقعه حالياً مخبز حسن محمود، وكانت المكتبة العامة في الطابق الأرضي وكان أمينها المرحوم الأستاذ محمد حسن صنقور في العام 1958».

زملاء الدراسة في بغداد

كيف كانت المحطة الأولى للدراسة الجامعية؟ يقول ضيفنا: «بعد أن أنهيت المرحلة الثانوية، التحقت ومجموعة من الزملاء بالعمل في مجال تدريس المرحلة الابتدائية لمدة ثلاث سنوات، ثم تقدم بعضنا عن طريق اتحاد الأندية بإشراف المرحوم حسين منديل بأوراقه للدراسة الجامعية، وتحقق ذلك والتحقت بجامعة بغداد، وكان قد سبقنا للدراسة في تلك الجامعة طبيب الأسنان علوي أمين، وكذلك عبدالعزيز بوعلي، وكان المرحوم جميل الجشي وسلمان الصباغ قد درسا في جامعة بغداد إلا أنهما أكملا الدراسة في القاهرة، كما تجدر الإشارة إلى أن من سبقنا في الدراسة والتخرج في جامعة بغداد السادة: حسين البحارنة، علي محمد علي حميدان، سلمان الصفار، والفنان حسين قاسم السني، وبعدهم الدكتور علوي السيد أمين العلوي (أول طبيب أسنان بحريني) في العام 1961، وأتذكر أن من بين زملائي في الدفعة الملتحقين بجامعة بغداد كل من: علي عبدالحق، صالح ناصر، عباس رضي، إبراهيم عبدالكريم، حميد الصيرفي، أما من التحق بعد ذلك فمن بينهم الأخوة: عبدالله المدني، غازي الموسوي، والدكتور جان أحمد صفر، وهاشم العلوي وحمد السليطي وحسن النصف وعبدالرسول المصلى وشمسان الوسواسي.

أحداث في بغداد

عندما كنا ندرس في الجامعة، شهدت فترة الستينيات مظاهرات في بغداد مرتبطة بأحداث البحرين في العام 1965، وخرج طلبة البحرين وساروا إلى السفارة البريطانية معلنين رفض تقسيم الوطن العربي، وأتذكر الشعار الذي كنا نهتف به أمام السفارة : (داون داون كولونايزيشن... نو سبيراشون فور ون نيشن)، وبالمناسبة، ما أشبه الليلة بالبارحة... فأشد ما نحتاج إليه اليوم هو تقوية الوطن العربي ضمن كيان موحد قوي، وكل التيارات الفاعلة والنشطة اليوم في الأمة يمكن أن تشكل من وجهة نظري منطلقاً لتقوية بعضها بعضاً، فالتيارات الدينية والقومية والوطنية بمقدورها أن ترفع الوطن للأعلى، إلا أنه لابد من القول بكل أسف إن التعصب المذهبي أدى إلى وقوع التناحر والخلافات كما هو واقع الحال اليوم، وهو يتلاقى مع فكر التجزيء لإضعاف الأمة وتفتيتها.

ولعلني مؤمنٌ بأن التعصب والتشدد الديني والمذهبي بوابة خطرة لغرس التناحر أكثر من التعصب القومي، فلا يمكن أن تتقدم العصبيات على اختلافها وأياً كان اتجاهها على الأوطان، فهذه الانقسامات أدت إلى إصابة جسد الأمة بالهزال والمرض».

تشكيل رابطة طلبة البحرين

بشيء من التفصيل، ينقلنا السعد إلى صورة حركات الطلبة في تلك الفترة، «فالشعور العارم في تلك الحقبة هو ضد الانتداب البريطاني، وكان الاتجاه القومي والوطني يتصاعد كمد قوي، حتى أن بعض الطلبة من البحرين وغيرها من الدول، يملكون ميولاً للعمل السياسي، لكننا أردنا تشكيل رابطة لجميع طلبة البحرين في ذلك الوقت، وبالفعل، عقدت أول تجمع لها في بيت المرحوم السيد إسماعيل العلوي (أبوهاشم) وهو عم السيدين علوي وهاشم السيد أمين العلوي.

لقد شهدت تلك الفترة من العام 1961 إلى العام 1963 أحداثًا كبيرة في العراق ومنها ثورة عبدالسلام عارف في 8 فبراير/ شباط من العام 1963 وانقلابه على عبدالكريم قاسم، وأتذكر في بداية ذلك العام وقبل امتحانات نصف السنة، كان الوضع السياسي في العراق مضطرباً وكانت هناك مناوشات وخاصةً بين طلبة الجامعة، فمجموعة تميل إلى تأدية امتحانات نصف السنة وهم يمثلون الحركات اليسارية التي تساند الزعيم، ومجموعة أخرى من القوميين ترى مقاطعة الامتحانات، فارتأت مجموعة من طلبة البحرين مغادرة العراق والرجوع إلى البحرين حتى تهدأ الأوضاع.

رجعنا، وفي الرابع عشر من شهر رمضان (8 فبراير 1963) سمعنا بالانقلاب، وبعدها بفترة قصيرة عدنا إلى بغداد في الشهر ذاته، وعدت إلى البلاد بعد التخرج في العام 1965 وممن تخرج معي في العام ذاته: عباس محمود رضي، إبراهيم عبدالكريم وزير المالية الأسبق، والدكتور خليل إبراهيم رجب وعلي عبدالحق وأمل إبراهيم الزياني، ومجموعة أخرى تخرجت بعدنا منهم: عبدالله المدني، وراشد الجنيد، شبر محسن شرف، أحمد حبيل، وغيرهم من الزملاء.

أول حفل لعيد العلم

حين أنهيت الجامعة، عدت للتدريس ومن حسن حظي عينت في مدرسة المنامة الثانوية، وكان في تلك الفترة، مدير المدرسة رحمه الله عبدالملك الحمر، وكان له ثلاثة مساعدين لأقسام العام والتجاري والمعلمين، وكان المرحوم جميل الجشي مديراً مساعداً للقسم التجاري، وبحكم أنني حاصل على بكالوريوس في المحاسبة والإدارة، فقد عينت مدرساً للمواد التجارية في القسم التجاري، وللأمانة، كانت المدرسة شعلة من النشاط وهي المدرسة الوحيدة التي كانت فيها قاعة كبيرة، فأول عيد علم استضافته مديرية المعارف بقاعة القسم التجاري في مدرسة المنامة الثانوية في العام 1967 تقريباً، وكان عريف الحفل المرحوم جميل الجشي وأتذكر رعاية وحضور المغفور له سمو الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، طيب الله ثراه، وهو أول حفل تكريم لعيد العلم ألقيت فيه نشيدة الافتتاح من كلمات المرحوم الأستاذ رضي الموسوي.

وفي العام 1966، تأسس نادي الخريجين... في بداياته، كانت أنشطته تقام في قاعة المدرسة والتي كانت تديرها اللجنة الثقافية بالنادي، حيث أقامت الكثير من الندوات وشارك فيها العديد من المفكرين العرب وغيرهم، وأتذكر كذلك استضافة الملاكم العالمي محمد علي كلاي في قاعة المدرسة، ثم توسعت القاعات في مدارس أخرى بعد ذلك، وبقيت القاعة تستخدم لأنشطة الخريجين حتى تم بناء مقر النادي بالموقع الحالي بالعدلية.

إطلالة مجلة (الرائد)

بعد نقل المرحوم عبدالملك الحمر إلى ديوان مديرية المعارف، تم تعيين المرحوم جميل الجشي مديراً للمدرسة، وفي العام 1973 عينت مديراً للمدرسة، وعين الأخ مهدي التاجر مديراً للقسم العام، وتم تعيين شبر محسن شرف مديراً مساعداً للقسم التجاري، وبعد ذلك سافر مهدي التاجر لمواصلة دراساته العليا وتم تعيين المشرف الاجتماعي وهو عبدالعزيز السماك مشرفاً إدارياً للقسم العام، ثم مديراً مساعداً للقسم، وعين أمين حليوة مديراً مساعداً خلفاً لشبر محسن بالقسم التجاري، وكانت المدرسة تصدر (مجلة الرائد) التي كان لها دور كبير في تقوية الطلبة في المجال الثقافي والأدبي والصحافي، ومن اللافت أيضاً، أن المدرسة استضافت بعض المعارض التي لاقت الاستحسان من المعنيين بوزارة التربية ومن المواطنين، وقد حضر بعضها سمو الأمير الراحل».

يتذكر الضيف... «كمعلم أحمل شهادة جامعية ودبلوماً في التربية كان راتبي نحو 85 ديناراً آنذاك، وحين عينت مديراً للمدرسة قارب راتبي نحو 150 ديناراً ولم ترتفع رواتب الموظفين إلا بعد منتصف السبعينيات، وفي الحقيقة، وفي الفترة التي عملت فيها مدرساً ومشرفاً ومديراً مساعداً للقسم التجاري، كنا نبذل جهداً لأن نجعل ما يدرسه الطالب يتطابق مع احتياجات سوق العمل، حتى أننا بدأنا وقتها تدريب الطلبة في سوق العمل، وكان هناك اتصال بين الإدارة والمؤسسات الاقتصادية والمالية والبنكية، لاحتضان الكثير من الخريجين وخاصةً المتفوقين منهم لتعيينهم في تلك المؤسسات، وفي الحقيقة، امتازت الهيئة التدريسية في القسم التجاري بمجموعة طيبة من المدرسين المخلصين الذين كانوا يساندون ويقدمون الخير للطلبة لكي يكونوا مهيئين للعمل في تلك المؤسسات المالية والاقتصادية.

طلبت النقل للتربية...

وفي العام 1976 نقلت إلى وزارة الصحة كمدير لإدارة الخدمات، فقد كنت ذاهباً إلى الشيخ عبدالعزيز بن محمد رحمه الله وكان وزيراً للتربية، وطلبت النقل إلى ديوان وزارة التربية والتعليم، فأبلغني أن كل الفرص في الوزارة شاغرة، وأبلغني بأنني مرشح لإحدى الوزارات التي تبين بعد ذلك أنها وزارة الصحة، إبان حقيبة الطبيب الجراح والمفكر البحريني علي محمد فخرو، وبالفعل، التحقت للعمل في الوزارة إلى أن تقاعدت في العام 2002 بل عملت في وزارة الصحة أكثر من سنوات خدمتي في وزارة التربية والتعليم، إلا أن الأخوة والأصدقاء والمعارف الأعزاء يربطونني دائماً بمهنة التعليم فهي المعرف الأول لي، والبعض كان يسأل: (ما الفرق بين العمل في التعليم وفي الصحة؟)، فكنت أقول... كنت معلماً أعلمهم، واليوم استقبلهم في جانب العمل، ذلك لأنني تشرفت بتأسيس إدارة الخدمات بوزارة الصحة التي تضم الكثير من الأقسام ويصل عدد عمالها وموظفيها إلى ما بين 500 إلى 600 موظف وموظفة.

بعد أن انتقلت إلى وزارة الصحة، كانت بعثات الحج من مسئوليات إدارة الخدمات كالتنسيق والإعداد للبعثة التي كانت تحت إشراف وزارة الصحة بالكامل، فكنا نعد الجهاز الطبي ونرسل سيارات الإسعاف عن طريق الشحن البحري، وبالمناسبة أيضاً، كنا نؤكد على ضرورة توعية وتثقيف المواطنين وحثهم على أخذ الأدوية والتطعيم وتعريفهم بالأنظمة واللوائح والقرارات، وأتذكر أن الإعلامي والصحافي الأخ سعيد محمد في بداية انطلاقه ساهم معنا كثيراً في إنجاح تلك البرامج.

انتخابات التأسيسي والوطني

حين كنت مديراً لمدرسة المنامة الثانوية، ولأن المدرسة مركز مهم بالنسبة للدولة، وعندما كان الاتجاه السياسي لدى الحكومة يسير في اتجاه تدشين تجربة برلمانية ديمقراطية، ارتأت الحكومة تشكيل مجلس تأسيسي، واختارت مجموعة من السادة القضاة ومديري المدارس وشخصيات أخرى ليشرفوا على مقار اللجان، وتم تعييني عضواً في اللجنة المشرفة بمدرسة السلمانية لانتخابات المجلس التأسيسي، وحين قررت الحكومة إجراء انتخابات المجلس الوطني، تم اختياري رئيساً للجنة الفرعية بمدرسة أبي بكر الصديق وكان الشيخ عبدالرحمن بن محمد الخليفة رئيساً للجنة الرئيسية في مدرسة فاطمة الزهراء (ع).

وأتذكر بأن التصويت جرى سلساً وهادئاً وبكل أريحية وتم فرز الأصوات وعدها بصورة شفافة وأمام المندوبين عن المرشحين، ولي ملاحظة هنا، فبعد تشكيل المجلس التأسيسي، كان لدى الحكومة توجه لترسيخ الديمقراطية بعد خروج الاستعمار ونيل الاستقلال، لكن ربما أن الساحة لم تكن مهيئة إلى حد ما، حيث كانت السيادة للأفكار والايديولوجيات المتصادمة بين أعضاء المجلس الوطني، وبينهم وبين الحكومة، وكانت النتيجة... فشل التجربة وتأزم الأمور إلى شكل لم ينبغِ له أن يكون».

مسك الختام في حديث الذكريات مع محمد عبدالله السعد، يقف على مشارف الخير، فيختتم بالقول... «أميل إلى العمل التطوعي وأحت الناس على المشاركة الفاعلة في العمل الخيري والإنساني، وأنا مقتنع ومؤمن تماماً بأن الله سبحانه وتعالى لا ينسى من يخدم عبيده، وهذا ما يشكل جسور المحبة بيني وبين أهل البحرين الكرام من كل المناطق والطوائف والتيارات، ولعل أبرز تجربة أعتز بها هي المكانة التي وضعني فيها أهل الماحوز الطيبون على رغم أنني لا أسكن في المنطقة نفسها، وتشكلت بيني وبينهم الجسور الممدودة حتى الآن من بوابة العمل الخيري، فالزيارات متواصلة والمشاركة في الأنشطة الاجتماعية في المنطقة متواصلة هي الأخرى، والثمرة الأهم (أن خدمة الوطن وأهله بإخلاص وتفانٍ بكل عطاء وطني، يجعل من سجل المواطن في أنصع الصفحات وأكثر إشراقاً وتميزاً».

محمد عبدالله السعد في حواره مع «الوسط» - تصوير : محمد المخرق
محمد عبدالله السعد في حواره مع «الوسط» - تصوير : محمد المخرق

العدد 4797 - الأحد 25 أكتوبر 2015م الموافق 11 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 4 | 2:55 م

      تذكرته الآن،

      نعم إنه الأستاذ الفاضل محمد رضا السعد، في العام 1971 كنت في المرحلة الثانوية النهائية بمدرسة الهداية الخليفية بالمحرق، و كان هو مدرساً بمدرسة المنامة الثانوية، و قد نظمت الوزارة رحلة لمدة اسبوع الى دولة الكويت لطلبة المدرستين الثانويتين، و قد رافقنا مدرساً من مدرستنا هو الأستاذ ابراهيم الخثلان، و كان مرافقنا من مدرسة المنامة الأستاذ محمد رضا السعد، ولدي صور معه في تلك الرحلة الممتعة حقاً، و أتذكر ان تلفزيون الكويت أذاع زيارتنا و قام بتصويرنا و عرض الفيديو في نفس اليوم

    • زائر 3 | 5:27 ص

      شكرا لتعريفنا ببناة الوطن

      نود ان نتعرف على شخصيات اكثر من زمن الرواد

    • زائر 2 | 5:21 ص

      أهلا برجال الخير

      حسنا فعلت الوسط بلقائها مع شخصيات وطنية ساهمت في رفعة البحرين. كنت أتمنى ان يركز الأخ العزيز ابو غسان على العمل الخيري ايضا لأنه كان من ركائزه وحيث انا من الشهود على ذلك.

    • زائر 1 | 2:29 ص

      شكرا والف شكر لجريدنا الوسط

      شكرا لك الاستاد محمد علي الموضوع والف رحمة للأستاد جميل الجشي ولموقفه معي عام 1964 أنا شخصيا لن انسا موقفه مع الأستاد والمدير عبدالملك الحمر رحمه الله عندما تشاجرة مع احد المدرسين المتسلطين رحمه الله بفضلهم ومساعدتهم اكملت دراسة الثانوية العامة القسم التجاري....

اقرأ ايضاً