العدد 4802 - الجمعة 30 أكتوبر 2015م الموافق 16 محرم 1437هـ

أين تذهب تلك الأموال؟

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في جلسة مطوّلة امتدت حوالي 6 ساعات، استنفر النواب ضدّ قرار برفع الدعم عن اللحوم، وشهدت تلك الجلسة النيابية مداخلات عديدة وكلمات وعبارات وصفتها الحكومة بأنها «تجاوزات لفظية تمس بهيبة وكرامة السلطة التنفيذية».

أهم ما في الجلسة، هو ما أكد عليه وزير المالية الشيخ أحمد بن محمد آل خليفة أن الدخل الوطني تراجع لأكثر من 50 في المئة بسبب تراجع أسعار النفط.

البحرين ليست في معزل عن المتغيرات الإقليمية والدولية سواء كانت السياسية منها أو الاقتصادية، حتى كبار المصدرين لن يتمكنوا من تحمّل تراجع أسعار النفط إلى الأبد، فإذا ما ظل السعر يتراوح حول 50 دولاراً للبرميل، فإن غالبية دول المنطقة ستفقد كل احتياطاتها النقدية خلال خمس سنوات أو أقل، وذلك بحسب تقرير صندوق النقد الدولي.

نظرة «تشاؤمية» وجرس إنذار دقه صندوق النقد الدولي حذر فيه دولاً خليجية من بينها البحرين، مشيراً إلى أن التراجع المستمر في سعر النفط، منذ منتصف العام الماضي (2014)، سيكبد دول المنطقة خسائر تقدر بنحو 360 مليار دولار، خلال العام الجاري فقط.

صندوق النقد الدولي يرى أن البحرين بحاجة لأن يصل سعر برميل النفط إلى 107 دولارات للإفلات من أزمة تراجع النفط وتحقيق نقطة التعادل بين المصروفات والإيرادات، وهي نظرة «متفائلة» إذا ما عرفنا أن وزير المالية كان قد تحدث من قبل في مجلس النواب وبنظرة «تشاؤمية» عن الحاجة إلى بلوغ سعر برميل النفط إلى 140 دولاراً لإحداث توازن في الموازنة العامة، وهو أمر أصبح من الصعب الوصول إليه خلال السنوات المقبلة، ما يعني أن الاقتراض هو الحل الحكومي الوحيد، وأن تسارع وتيرة ارتفاع الدين العام ليصل إلى 10 مليارات دولار في العام 2015، أصبح حقيقة مرة ولا مفر منها.

القضية برمتها ليست في سياسة الاقتراض، وارتفاع الدين العام، إذ يمكن التغلب على ذلك عندما ينمو الاقتصاد ويتنوع، وهو ما لم تستطع البحرين بعد الوصول إليه في ظل اعتمادها بنحو 86 في المئة على مداخيل النفط.

الأكثر تعقيداً في مسألة الاقتراض وارتفاع وتيرة الدين العام هو غياب «الشفافية»، فمازال حديث النائب الأول لرئيس مجلس الشورى جمال فخرو في 23 ديسمبر/ كانون الأول 2013 باقياً عندما فجر قنبلة من العيار الثقيل بسؤاله عن المليار الذي اقترضته الحكومة في 2011، بينما كان العجز في الموازنة لا يتعدى 30 مليون دينار فقط!

أثناء مناقشة المجلس للحساب الختامي الموحد للدولة للسنة المالية المنتهية في (31 ديسمبر 2011)، قال فخرو: «إن الطامة الكبرى، لماذا اقترضت مليار دينار بينما عجز الموازنة 30 مليون دينار؟، أين صرف المليار؟».

منذ العام 2011، والحكومة تتجه إلى الاقتراض بحجة تسديد العجز في الموازنة، وترفع الدين العام حتى بلغ مناطق خطرة جداً، ومع ذلك لم تستطع التخفيف من ذلك، بل الأمر يتفاقم بشكل كبير، على الرغم من أن الاقتراض كان أكبر من العجز نفسه، فأين ذهبت تلك الأموال؟

على سبيل المثال في العام 2013 بلغ حجم الاقتراض 4 مليارات و82 مليون دينار، استخدم منها ملياران و892 مليون دينار لتسديد قروض قديمة، ولتغطية العجز في الموازنة بقيمة 410 ملايين دينار، فيما بقي نحو 780 مليون دينار فائضاً من الاقتراض، لا يُعرف أين صرف أو ذهب!

ذلك الأمر لم يكن محصوراً على 2013، ففي 2012 كان هناك فائض في عملية الاقتراض بلغ أكثر من 410 ملايين دينار، وفي 2011 بلغ أكثر من 645 مليوناً، 2010 أكثر من 569 مليوناً، قد تكون صرفت تلك المبالغ في بنود «دستورية» إلا أنها غير معلنة.

الحكومة اقترضت من قبل ملياراً لتسديد عجز 30 مليون دينار! إلا أن ذلك المليار تفاقم ليصل إلى أكثر من 5.4 مليارات دينار، وبحسب جمال فخرو فإن ذلك يعني أن الحكومة «أنفقت أكثر من 4 مليارات لتمويل خارج الموازنة»، فما هو ذلك التمويل الخارج عن الموازنة؟

سؤال مباشر طرح على وزير المالية في (10 مايو/ أيار 2015) في مجلس الشورى: هل هذا الاقتراض لتمويل عجز الموازنة فقط؟، ولو وافقنا على المبلغ، كيف سنضمن أنه سيستخدم لسد عجوزات الموازنة فقط؟.

جاء جواب الحكومة صريحاً، إذ أكد وزير المالية أن «الاقتراض يهدف لتمويل الأمور الواردة في الدستور ومن ضمنها الموازنة العامة للدولة، وليس هناك ما هو خارج ذلك»، وبما أن الأمور دستورية وفي نطاق ما هو منصوص عليه في الدستور، لماذا لا تُفصّل الأمور وتُعدد الجهات التي تستفيد من التمويل المقترض والذي «من ضمنها الموازنة» وليس كلها!

وزير المالية في (23 فبراير/ شباط 2015) شدد على «عدم وجود أموال تصرف خارج الاعتمادات الرسمية»، لافتاً إلى أن «الحكومة في الأعوام 2011، 2012، 2013 ونتيجة للأوضاع التي مرت بها البحرين أخذت بسياسة الاقتراض أكثر من حاجاتها المباشرة حتى تستطيع التعامل مع أي أحداث طارئة ممكن أن نواجهها».

مع كل ذلك الجهات الرسمية مقبلة وبقوة على المزيد من الاقتراض ورفع الدين العام، فأين تذهب تلك الأموال؟

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4802 - الجمعة 30 أكتوبر 2015م الموافق 16 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 30 | 2:33 م

      3 كنارات.

      تذكرون الهندي المسكين اللي اكل 3 كنارات من شجره وحكمو عليه بسجن وتعويض دينار...

    • زائر 25 | 7:27 ص

      المتنفذون يلعبون على هواهم

    • زائر 24 | 7:25 ص

      تروح لدعم داعش

      وحق "الجهال" ادا حبوا يلعبون

    • زائر 23 | 6:50 ص

      عندي اقتراح

      ليش الخمس الذي يدفعه اخوانه الشيعه ما يستعملونه في مشاريع وزارة الاسكان والاشغال بدل ما يرسل خارج البحرين اش رايك استاد هاني!!!

    • زائر 27 زائر 23 | 9:07 ص

      الخمس...

      الخمس بمال الشخص اللي يخمس مو سارقنه من عند احد

    • زائر 22 | 6:22 ص

      اذا

      اذا واحد فقير سرق قوته لكي يعيش يسجن ولا يحاولون يسئولنه لماذا سرقت
      وفى هوامير تسرق ولا احد ليهم وكلما سرقوا جاعو والشعب غلبان ولا يقدر يعيش فى بلده والبلد مليان اجانب اشكال وانواع ومرتاحين وعندهم حريه وامان
      وشعبنا داخل الزنزانات لا حول ولا قوة الى بالله العلي العظيم

    • زائر 20 | 5:23 ص

      ؛؛؛؛؛؛

      أنضم الى زائر 1 وأقول له أنت محنك.

    • زائر 19 | 3:21 ص

      بارك الله فيك

      مقال رائع وأصاب عين الحقيقة

    • زائر 17 | 2:30 ص

      الجواب

      120 الف اجنبي كم رواتبهم طبعا تصل الى ملايين والبحرين ليس بحاجه اليهم لانهابلد صغير
      رواتب النواب والوزراء تصل الى ملايين وليس من حقهم اخد هادى الرواتب والشعب جوعان
      الفساد الادارى التبرع لبلدان ونحن احوج من هادى الاموال سرقة الاراضى
      التصرف بالمال العام من وراء الشعب اللهم اهلك كل مفسد يالله اخد الحق المنهووب

    • زائر 16 | 2:29 ص

      الميزانية تذهب الى افريقيا واسيا والشام وافغنستان وباكستان

      اموال هذه البلد تذهب الى الخارج في حال حدث مطروه لهذا البلد سوف يهرب هولاء الذين جنستومهم ومنا جلبتوموهم الينا الى بلدانهم بعدما جمع خيرات هذا البلد

    • زائر 14 | 2:11 ص

      اي هذا اللي فالحين فيه

      يبلعون في هالبيزات و احنا اللي نتحمل و بنرفع الدعم عن هذا و ذاك
      و كل بلاويهم على المواطن و اذا صار له حق في شيء ذلوه ذل

    • زائر 13 | 1:59 ص

      في الصميم

      كالعادة تأتي لهم في صميم الحقيقة، تسلم ايدك

    • زائر 12 | 1:54 ص

      مواتن بهريني

      البهريني الجديد يبي فلوس واجد و يبي وظيفة و يبي بيت اسكان و مدارس مستشفيات و مجمعات و ترفيه عن خاطره هذا بروحه يبي له ميزانية خاصة
      لا تحاتون الفلوس ما تروح حق احد غريب

    • زائر 10 | 1:21 ص

      في موزمبيق ..

      في موزنبيق الفائض لها ، في بوركينا فاسو الفائض يذهب لها ، في جزر القمر ايضا لها ، ولا ننسى جزر سليمان التي اذا اصبح هناك فائض في الميزانيه او من الاقتراض يذهب لها ...

    • زائر 9 | 1:04 ص

      دولار لو دينار

      هل ارتفاع الدين العام سوف يصل إلى 10 مليار دولار أم 10 مليار دينار ؟

    • زائر 6 | 11:45 م

      راحت بنوك سويسرا

      موجوده في الحفظ و الامان لا تحاتون !!

    • زائر 5 | 11:23 م

      اعرف زين وين راحت

      راحت حطب مجمع على ظهورهم يوم القيامة

    • زائر 4 | 11:07 م

      الكاسر

      مشكلة الحكومة عبالها المواطنين للحين يحملون عقليات زمن الطفرة الحين المواطنين يبه دارسين وفاهمين يعني اذا تغيرون من سياسة منطقكم يكون أحسن لكم في إقناع المواطن أين ذهبت كل هالمبالغ يعني نبي شي على ورق بالدليل عشان نقتنع

    • زائر 7 زائر 4 | 12:09 ص

      .....

      زمن الطفرة ابوك وجدك ماكان عندهم خبز ياكلون

    • زائر 18 زائر 4 | 3:03 ص

      زائر 7

      الزمن تغير ..
      ولكل زمان دولة و رجال ،،،

    • زائر 3 | 10:37 م

      أستاذ هاني موضوع ممتاز

      لومتنفذ كبير يصرف من ملياراته المجمدة نصفها على الشعب لعشنا في رفاهية.

    • زائر 2 | 9:50 م

      بدون تفاصيل طبعا.

      عندما قال وزير الماليه وبخصوص الميزانيه المبالغ ذهبت لأمور وارده فى الدستور (يعنى للتسليح طبعا ) مايحتاج للتفاصيل والا لكان اخبر اين ذهبت تلك المليارات.

    • زائر 8 زائر 2 | 12:17 ص

      اصلا

      التسليح محسوب ومخصص له في الميزانية قول راحت في سويسرا

    • زائر 1 | 9:46 م

      بسيطة

      في الصومال الفائض وغير الفائض المبالغ تذهب للديوان

    • زائر 15 زائر 1 | 2:14 ص

      لقمة الحرام ليس بها بركة

      إن جمعت الأموال من الحرام كبيع الخمور و الدعارة و سرقة الأراضي و بيعها و الصرف على من يلمعون الصور بدل أن تصرف في جهاتها الصحيحة فلن تحصل على بركة من تلك الأموال و ستنال وزرها في يوم الحساب "لا يغادر صغيرة و لا كبيرة إلا أحصاها و وجدوا ما عملوا حاضرا و لا يظلم ربك أجدا"
      الصومال لن تجد الإستقرار مادام شعبها مهمش و أصحاب القرار همهم الإحتفاظ بمناصبهم الدنيوية غافلين عن يوم الحساب

اقرأ ايضاً