العدد 4805 - الإثنين 02 نوفمبر 2015م الموافق 19 محرم 1437هـ

الخدمات الصحية تدفع الضريبة

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بدأت أعراض التعب والإنهاك تظهر على مراكزنا الصحية، في السنوات الأخيرة، حتى وصلت مؤخراً إلى ما يشبه أعراض الشيخوخة.

الشكاوى التي كانت محدودةً في السابق، باتت تطفح على السطح في الأشهر الأخيرة. ولم تعد أعراض الشيخوخة تظهر فقط على أقدم مستشفى عام في البحرين (مجمع السلمانية الطبي)، وإنّما وصلت إلى المراكز الجديدة التي افتتحت حديثاً، وآخرها مركز حالة بوماهر بالمحرق والشيخ جابر في باربار بالشمالية.

الشمالية وحدها تعجّ بأكبر نسبة من الكثافة السكانية، وتعاني من البنية التحتية المتآكلة، مع عدم تنفيذ أية مشاريع جديدة. والصحافة أخذت تلقي الضوء على أبعاد هذه المشكلة في الصحة، وإن كان الواقع نفسه أبلغ من كل تحقيق. يكفي أن تزور أي مركز صحي، لتشاهد بعينيك وتلمس بيديك الواقع كما هو: تأخير في المواعيد، فترات انتظار طويلة، تكدّس أمام أبواب الأطباء، نقص الدواء، وطابور طويل أمام الصيدلية وخصوصاً في السلمانية.

هذا الواقع كنّا نحذّر منه قبل سنوات، وكنّا نكتب بلغة من يشخّص أخطاء السياسات العامة في التجنيس، التي ستثقل كاهل البلد بأعباء لا طاقة له بحملها، وكنّا نقول بالحرف: «لماذا تطعم أبناء غيرك إذا كنت عاجزاً عن إطعام أطفالك». وبقينا نحذّر لسنوات، من غرق السفينة بمن عليها؛ لأن الغرق نتيجة طبيعية للحمولة الزائدة.

كان واضحاً لكل ذي عينين أن ما كان يجري سيؤدي إلى تدهور حتمي ومؤكد في الخدمات الصحية والتعليمية والإسكانية، لكن... لا تحبون الناصحين. والنتيجة: «تراجع حاد في الخدمات الصحية الحكومية، شح في المواعيد والأدوية، المواطنون ناقمون و(الطب الخاص) ملجأ المقتدرين»!... لكن إلى أين يلجأ الفقراء وغير المقتدرين؟

الشكاوى التي تصل إلى الصحف اليوم لا تقتصر على مناطق معينة، وإنما تمتد على نطاق جغرافي واسع، يتميّز غالبيتها بكثافة سكانية كبيرة، من المحرق إلى سترة وجدحفص وباربار وعالي. وأبرز هذه الشكاوى نفاد المواعيد أحياناً من ساعة مبكرة من الصباح لا تتجاوز التاسعة، (الظاهرة تتكرّر في المساء، بنفاد المواعيد قبل انتهاء الدوام بأكثر من ساعتين)، وهو ما يضطر المريض إلى أن يجرّب حظه بالذهاب إلى مركز آخر، أو اللجوء إلى الطب الخاص وتحمّل تكاليفه.

الشكوى الأخرى نقص الكادر، فبعض المراكز تعاني من نقصٍ واضح في الأطباء، وبعضها يعمل بنصف العدد المطلوب لتغطية المنطقة، ما يضيف أعداداً أكبر على الطبيب الواحد، ويقلّل من فترة الفحص والعناية بالمريض، ويسهم في نفاد المواعيد قبل ساعات من نهاية الدوام.

منذ سنوات، كانت وزارة الصحة تتلكأ في توظيف الخريجين البحرينيين، وتضع العراقيل في وجوههم، تماماً كما تفعل وزارة التربية والتعليم مع خريجي التربية الجدد. وفي المقابل، تسعى إلى استقدام الكوادر من البلدان والجنسيات الأخرى، للقيام بالعمل، كما تفعل التربية أيضاً. العملية نفسها عملية خاطئة وخاسرة ومكلفة للاقتصاد، ومضرة بالبحرين. فالخريج البحريني لن تعطيه غير راتبه صافياً، أما الأجنبي فأنت مجبرٌ على أن تتكفّل بتوفير سكن، ودفع بدل غربة، وتذاكر سفر سنوية إلى وطنه، وستتحمل أيضاً كلفة استقدام عائلته. كل تلك المصاريف توفّرها على نفسك حين توظّف البحريني وتمنحه فرصة خدمة بلده، بعد أن صرفت على دراسته آلاف الدنانير.

منذ سنوات، والوزارة تعرقل توظيف الخريجين البحرينيين، من الأطباء والممرضين والممرضات، وتستقدم بدائل لهم من دول أخرى. يومها لم تكن هناك مشاكل في الموازنة، وإنّما مشاكل في الإدارة وسياسة التوظيف.

إنها سياسة قديمة وخاطئة بلا شك، لا تخدم مصالح الوطن، وتضر بحاضر ومستقبل المواطنين، وقد بدأ المواطن يقطف ثمرها المر، في هذه الباقة المتراكمة من العقد والمشكلات.

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 4805 - الإثنين 02 نوفمبر 2015م الموافق 19 محرم 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 24 | 7:42 ص

      وزير التربية ينتدب

      الوافدين من العمالة لدورة تدريبية مكثفة لمدة أسبوع هدر لميزانية البلاد وأولئك دون أنصبة ضياع لثروة الوطن والآلاف المعلمين والمعلمات العاطلين انتقاص لمخرجات الوطن الوافدين بأغلبية ساحقة تفتقد لأساسيات المواد التى تدرسها وبعضهم ربات بيوت وضاع مستقبل البحرين من ينقذ ما تبقى من التعليم أين أنت يا اشراقة المستقبل لما استشعر مشاعر التعليم في بنجلادش او باكستان وقد أكون في الهند

    • زائر 23 | 7:21 ص

      قهر

      دخلوا بس المراكز الصحية وشوفو الهنود والأجانب شلون متنعمين ولا يفوتكم تطعيم أولادهم مجاني يسافرون ديرهم ويرجعون مو مطعمين أولادهم لأن هني مجان وفي ديرهم يدفعون والأسنان حدث ولا حرج 3 دينار واشقح

    • زائر 22 | 4:47 ص

      رأي مختص تكملة

      أما التجنيس فتلك مصيبة ثانية. حيث الامراض الوراثية ذات الكلفة العالية بالعلاج قصمت ظهر الميزانية واصبح مجمع السلمانية في حالة انفجار حيث طوابير المرضى ونفاذ الأدوية.التي يعاد تصديرها لبلدانهم الاصليه. علاوة على المستوى المستمر بالإنحدار لمستوى التدريب والمحسوبيات فيه التي لا تعتمد معايير الكفاءة.هناك مستشفى جديد بالمحرق اصبح مجرد زينة نظرا لمعايير السياسة مع إلقاء كامل الثقل على كاهل السلمانية وبعد ذلك ألا تنتظرون انهيار النظام الصحي مع قوانين حقبة السبعينيات

    • زائر 21 | 4:43 ص

      رأي مختص

      أنا كطبيب في مجمع السلمانية. أقول أننا ندرك تماما الاستغلال البشع الذي يقوم به بعض الوافدين للخدمات التي تفتقر للتقنين حيث ان هناك حالات لمرضى اجانب يحتالون للدخول للبحرين من اجل استغلال العلاج المجاني ويقولها صريحة انا جاي البحرين للعلاج

    • زائر 19 | 1:52 ص

      نكاية بمطالبة الشعب بحقوقه ادخلوا البلد في نفق مظلم

      نكاية بشعب البحرين فقط لانه طالب بجزء من حقوقه، ادخلوه في نفق التجنيس وتبعات التجنيس من ضغط على كل الخدمات والأسوأ ارتفاع سقف الدين العام حتى تعدى مرحلة الخطر وأوشك على الكارثة

    • زائر 18 | 1:25 ص

      إنهم بفعلهم قاصدون

      ياأستاذقاسم لا تحذيرلمنتبه ولانصيحةلعالم فالقوم يعملون على قاعدة(( أناومن بعدي الطوفان ))فيعملون على تأمين حياتهم ومستقبل أولادهم وأحفاد أحفاد أحفادهم عندما تتعذر الحياة على هذه البقعة الصغيرة من الأرض. وليست معلومة جديدة ولا غريبة أن النسبة الأكبر من دخل هذاالوطن تذهب ودائع في بنوكٍ عالمية، وفي استثمارات موزعة في شتى بقاع الأرض تأميناً للمستقبل عندما تتحول البحرين إلى خربة يتجمع فيها التعساء من سكانها الأصليين وشذاذ الآفاق. ولا تستبعدواذلك لأنه لا وازع يمنع القوم منه فالأحقاد على اختلافهاقوية.

    • زائر 16 | 12:12 ص

      الخدمات لا يمكنها ان ترقى لمستوى التجنيس =لا يوجد تناسب بين العمليتيتن

      عملية التجنيس المضطردة لا يمكن للخدمات الصحية مجاراتها مهما طوّرت
      فلا يوجد أي تناسب بين العمليتين

    • زائر 15 | 12:04 ص

      اللغة البائسة

      يا سيد لقد افشلنا جميع المؤامرات وهزمنا قوى الشر وسنتصدى بحزم للمجرمين وسنضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه, هذه هي اللغة البائسة التي لم يسمع شعب البحرين لها بديلا, لان (ال........ة) لا يرتجى منها ان تصدر عطرا او تحوي ذهبا!!!

    • زائر 14 | 11:59 م

      ...

      الي مب عاجبه الخدمه ليش مايروح المستشفيات الخاصه

    • زائر 20 زائر 14 | 2:22 ص

      مو يقولون ليك له

      ناس واجد تختار المستشفيات الخاصة .. بس في ناس فقارة ما تقدر تدفع .. شكلك ما قريت المقال

    • زائر 12 | 11:58 م

      الخدمات الصحية انعكاس لما بلغ له التجنيس

      لكل بلد طاقات محدودة في استيعاب الدخلاء من الاجانب والبحرين خاصّة وبالذات بلد صغير محدود الموارد جدا لا يستحمل ادنى مستوى للتجنيس لكن هناك سياسات يراد لها ان تنفذ ولو على مستوى الخدمات التي تقدّم للمواطن.
      الخدمات الصحية اصبحت لا يمكنها ان تستوعب هذا الكم الهائل من المرضى بقدرات المحدودة .
      الكل يرى المصائب ويبلغ لسانه ويخرس لانه ان تكلم فمكانه معروف

    • زائر 9 | 11:37 م

      السلمانية: من 3 موظفين بالصيدلية قبل سنوات الآن اكثر من 12 موظف والانتظار 4 مرّات

      عندما كنا نزور السلمانية قبل اقل من 10 سنوات كانت توجد صيدلية واحدة بها ثلاثة صيادلة على الكونتر يخدمون كل المستشفى وكان اقصى وقت للانتظار لا يتجاوز ثلث ساعة.
      الآن اصبح عدد كونتر الصيادلة اكثر من 12 كونتر والانتظار اصبح قرابة الساعة في اكثر الاوقات

    • زائر 7 | 11:27 م

      مختصر مفيد

      للسياسة حساباتها الخاصة وأهداف معينة ولاتلقي بالآ لكل ماتقول

    • زائر 6 | 10:48 م

      بدأت أعراض التعب والإنهاك تظهر على اعيال الديرة من كثرة المواطنين الجدد !

      شكرا جزيلا للكاتب قاسم حسين على هذا المقال الجميل يا رب سترك ورضاك والله اصابنا الملل والتعب والمرض من المشاكل والهموم التي لا حصر لها ولا طاقة لنا بها بالمحرق ، في يوم وليله يصبح كل شيء مثل الإسكان والوظائف والشوارع والمساجد والمدارس والصحة للمواطنين الجدد والوافدين يا صبر أيوب على بلواه .

    • زائر 5 | 10:23 م

      تسيس الطب

      لم نعرف الانحدار في الخدمات الطبية الا بعد ان تم تسيس مهنة الطب من قبل الجماعات التي تحاول نشر الفوضى في البلد

    • زائر 8 زائر 5 | 11:32 م

      ..

      هذه المشاكل موجودة من قبل وقاسم اشار الى وجودها وانتقدها هو وغيره من قبل وهذه هي النتيجة الحتمية. شنو قال تسييس الطب....

    • زائر 13 زائر 5 | 11:58 م

      ..

      الكارثة ليس فقط بالصحة عندك التعليم والاسكان وزحمة الشوارع.ا..

    • زائر 4 | 9:52 م

      وهناك مستشفى تخصصي عام

      لكن محظور على أغلب الناس. ويستفيد من خدماته المصنفه بخمس نجوم وأدويته المميزه - درجه اولى- المواطنون الجدد وحتى المقيميين بتلك المنطقه بمجرد دفع 3 دنانيير كما يقدم خدماته لموظفي وزارتين فقط. والمشتكى لله

    • زائر 3 | 9:49 م

      بارك الله فيك يا استاذ قاسم حسين .. المحرق تحتضر من كثرة الوافدين

      بصراحة الوضع لا يطاق وخطير بالمحرق لا صحة ولا تخطيط عمراني ولا شوارع ولا مواقف للسيارات ولا اسكان ولا وظائف لاعيال الديرة والسبب المواطن الجديد ، الوضع الحالي مر وحنظل ، والمستقبل مخيف والماضي الجميل اندثر مع دخول لغات وعادات دخيله على اهل المحرق حتى اصبحا اقلية بلمح البصر ..

    • زائر 2 | 9:26 م

      السلام

      اقول إلى الحكومه الموقرة ليش ادرسين المواطن و تصرفين عليه كل هذه المبالغ و في النهايه اتوظفين أجنبي من البدايه وفري الفلوس حق المدارس و الجامعات ليش التعب..! اتسوين زحمه والشارع فاضي.

    • زائر 1 | 9:01 م

      صحيح

      قسم الطواريء هو الاسواء على الاطلاق
      يليها المراكز الصحيه التي تمتليء مواعدها من اول نصف ساعه

اقرأ ايضاً