العدد 4820 - الثلثاء 17 نوفمبر 2015م الموافق 04 صفر 1437هـ

«الذئاب المنفردة» ليست بعيدة عنا

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تداعيات هجمات باريس السبع المتنوعة والتي تنوعت فيها طرق الهجمات بين أسلحة وأحزمة ناسفة، فتحت الباب على أنه لا يوجد مكان في العالم في مأمن من تلك الهجمات. فتلك الهجمات جاءت بعد أيام قليلة من تفجير انتحاريين نفسيهما في العاصمة اللبنانية بيروت.

بعيداً عن الحديث كون هذه الهجمات «منظمة» و«منسقة» بطريقة محترفة جداً، فإن الحديث يتزايد أيضاً عن هجمات محتملة ومتوقعة في مناطق مختلفة تحت مسمى «الذئاب المنفردة»، وهي هجمات تعتمد فكراً مختلفاً لا يرتبط بشكل مباشر بتنظيم «القاعدة» أو «داعش» مثلاً.

بحسب ما هو متعارف فإن «الذئاب المنفردة» أشخاص يقومون بهجمات بشكل منفرد دون أن تربطهم علاقة واضحة بتنظيم ما، وبات يطلق هذا الوصف أيضاً على هجمات فردية تنفذها مجموعات صغيرة من شخصين أو ثلاثة كحد أقصى، وهي استراتيجية جديدة تعتمدها الجماعات «الإرهابية» وخصوصاً «داعش».

صحيفة «واشنطن بوست» تصف ظاهرة «الذئاب المنفردة» بـ «الكابوس الجديد»، بينما تعتبر صحيفة «ديلي تليغراف» البريطانية منع «الذئاب المنفردة» من ارتكاب «أعمال إرهابية» يمثل التحدي الأكبر للأجهزة الأمنية في الغرب.

يعتبر ذلك التوجه الذي من المتوقع أن يتزايد تصاعدياً بعد تداعيات هجمات باريس وبيروت، وتشديد العواصم الغربية إجراءاتها الأمنية خطراً جداً كون القائمين على العمليات أشخاصاً مجهولين تقريباً وغير معروفين وبعيدين عن الرقابة، وهم بذلك يمثلون خطراً أكبر من «داعش» أو «القاعدة» أو «التنظيمات المتفرّعة عنه»، إذ يتوقع محللون متخصصون في هذا المجال أن يصبح هذا «التكتيك» الجديد أكثر بروزاً في الأشهر المقبلة.

كون تلك الهجمات أو العمليات فردية فإننا سواء في البحرين أو منطقة الخليج أو أي مكان لسنا بعيدين عنها، في ظل وجود الهجمات «المبرمجة» و«الممنهجة» من قبل تلك التنظيمات بشكل مباشر.

أصل التسمية «الذئاب المنفردة» غير مرتبطة فقط بالجماعات الإرهابية، فهي تعبر عن أي شخص يمكن أن يشن هجوماً مسلحاً بدوافع عقائدية أو اجتماعية أو نفسية أو حتى مرضية.

الدراسات تشير إلى أن «الذئاب المنفردة» يقوم عدد منها بالتواصل في دائرة صغيرة لتشكيل خلية تنجح في القيام بجريمة منظمة، كما حصل في تفجير مسجد الإمام الصادق في الكويت، الذي نفذه سعودي الجنسية بالتنسيق مع كويتيين، وهو ما دفع السعودية إلى اعتقال شقيقيه وعدد من المتهمين بمساعدته في نقل مواد التفجير للكويت.

دراسة أعدتها مؤسسة وطني الإمارات، ومركز دبي للأمن الإلكتروني، تؤكد أن معظم عمليات التجنيد التي يقوم بها «داعش» تتم عبر مواقع التواصل الإلكتروني، وتطبيقات الألعاب المدعومة بخدمة الدردشة، مبينة أن التنظيم يملك أكثر من 90 ألف صفحة على موقعي «الفيسبوك» و«تويتر» باللغة العربية، و40 ألفاً بلغات أخرى، وبالطبع يستخدم ذلك بدعوة أشخاص إلى لعبة معينة، وهو ما يوفره فيسبوك ويستهوي المستخدمين.

الخطر يكمن أيضاً في وجه «داعش» الآخر المنتشر في كل مكان، وهو الوجه المبرر والمدافع والمتعاطف معهم، والذي يقوم أيضاً بإعادة نشر تغريداتهم ونشر حساباتهم في مختلف مواقع التواصل الاجتماعي داعياً إياهم بـ «القليل من الإنصاف».

وجه «داعش» الحقيقي أصبح وجوده مسلَّماً به، قد تنشط خلاياه في بلد ما وقد تنام في مكان آخر في انتظار لحظة التنفيذ، كما أن وجود الوجه «الداعشي» الآخر، لا يمكن نكرانه، في ظل ما نشهده من مواقف للكثيرين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بعضهم مؤيد، والآخر مبرر، كما بينهم من مازال «خجلاً» من التغريد باسمه فيقوم بإعادة نشر تغريدات غيره!

في البحرين مثلاً بات وجود «داعش» حقيقة مثبتة رسمية، كما أن وجود الوجه الآخر يتلمسه الجميع، حتى أثبته أحد السياسيين السلفيين في البحرين عندما أكّد أن «جُلّ البحرينيين الذين يتجهون للقتال في سورية ينخرطون مع جبهتي «داعش» و«النصرة»، وكذلك وجود «من يحاول تسميم أفكار الشباب وتشجيعهم على القتال هناك».

هناك وجوه تنشط إعلامياً وطائفياً، لحرف البوصلة فكرياً، وخلق بيئات قابلة مستقبلاً لذلك التمدد الذي أعلن عنه قائد ذلك التنظيم أبوبكر البغدادي قبل عام كامل (13 نوفمبر/ تشرين الثاني 2014)، ذلك التمدد الذي يتجه لتوسيع مساحات تنفيذ عمليات «الذئاب المنفردة».

«الذئاب المنفردة» محاربون جدد دون قيادة فعلية لهم، بل تكمن قياداتهم في طريقة صياغة أيديولوجياتهم وبنائهم النفسي والذي يقوم عليه سياسيون وإعلاميون ونخب تتعاطف وتميل لتلك الجماعات الإرهابية بشكل متوارٍ وخفي مستغلين التطور التكنولوجي في عمليات التواصل الاجتماعي، كأحد أبرز أدوات الحشد والتجنيد.

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 4820 - الثلثاء 17 نوفمبر 2015م الموافق 04 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 23 | 4:59 ص

      الدواعش في البحرين يمرحون ويرتعون

      ولهم انصار ومؤيدين وفي كل جمعه يحرضون على طائفه من الناس وليس لهم رادع ولا نملك حلا لهذا اللغزالمحير

    • زائر 22 | 4:53 ص

      وماذا عن الذئاب الموجودة داخل البحرين

      اعتقد الكل يعرفهم الذين برزت انيابهم في 2011
      اللهم احفظ البحرين

    • زائر 21 | 4:30 ص

      خفف عليهم

      لا تثقل عليهم ما يستحملون ابداً غشمرة

    • زائر 20 | 4:29 ص

      الله يهديك

      ما عندنا داعش في البحرين ولا حتى متعاطفين معهم

    • زائر 19 | 3:18 ص

      المشكلة مو في الذئاب

      لو المشكلة في الذئاب لكان الأمر هين. شرذمة ويتم قتلهم او ينقطع نسلهم بعد ان يفجروا نفسهم او يتم تفجير رؤوسهم.
      لكن المشكلة تكمن في مصادر تفريخ الذئاب البشرية. وهذه مشكلة معقدة لأن المتورط فيها دول تملك المال والنفوذ.
      هذه فرنسا وهي تكتوي بالنار التي أشعلتها ولم يحميها بعدها الجغرافي من الاٍرهاب الذي مولته. فكيف بالدول العربية والتي هي في وسط المحور؟

    • زائر 17 | 1:24 ص

      زائر 5

      لا تحاول تخلط الحابل بالنايل ان قيم الامام الحسين ليست كقيم يزيد قيم الحق تبقى حقا وقيم الباطل تبقى باطلا حلش لم يفجر الايرياء في الاسواق والحسينيات وكل اجرام العالم فكر لا يمكن الفاع عن همجيته وتخلفه

    • زائر 15 | 1:17 ص

      مقال جميل

      اول مرة اسمع عنهم،، فكرتهم منطقية وربما تكون خيار داعش في المرحلة المقبلة

    • زائر 14 | 1:15 ص

      الذئاب المنفردة

      موجودة في البحرين؟؟؟؟؟

    • زائر 13 | 1:10 ص

      جميع

      جميع انواع الظلم على الشعوووب ياتى من امريكا وحلفائها من عرب واليهوود
      امريكا عدوة الشعوووب لقد دمرت الاوطان العربيه والحين اسوى روحه تريد اتحل الازمات وهى السبب فى دمارها اللهم اهلك امريكا واهلك كل ظالم

    • زائر 12 | 12:10 ص

      صباح الخير

      مسكين مستحي أعتقد يقصد من داعش وحالش عمله واحده يقصد العربيه الصهيونيه البترودولار المتمثله في داعش وأخواتها ومن الشرق الأوسط الجديد الذي لم يرى النور بفضل الله تعالى والمقاومه اللبنانيه وعلى رأسها حزب الله والجيش العربي السوري ومحور المقاومه التي باتت على حق وكشفت زيف وخداع امريكا والفلك الدائر في مسارها

    • زائر 10 | 12:08 ص

      يوجد مصدّرين وداعين للفكر الداعشي ويعملون على عينك يا تاجر

      شعب البحرين يعرف دواعشه فهم لم يعودوا يخشون الظهور بمظهرهم الحقيقي بل اصبح بعضهم يفصح عن انتمائه من خلال خطب الجمعة وغيرها وكون امن الوضع بسبب غض الطرف عنه

    • زائر 8 | 11:41 م

      الآن حصحص الحق

      منذُ نظام صدام وبعد سقوطه تقتل الشيعة بإسم الدين وكان دعم واضح من قبل جماعات وانظمة معروفة في الوطن العربي لا ليشئ غير انهم من محبين اهل البيت عليهم السلام . القتل على الهوية تغير الي القتل على الرأي وكل من كان بأمس معهم واليوم ينئى عنهم تجده في الماضي يطالب المجتمعات والحكومات بمواقف داعمة الي تلك الجماعات واليوم (( صمٌ بكمٌ عمٌ ))

    • زائر 7 | 11:28 م

      ابو حسين

      المعلق صاحب داعش وحالش مفلس جدا لا يمتلك غير الكلمتن المقال طويل عريض وكذلك في جميع المقالات والاخ ماعد داعش خالش ولا احد فاهم ماذا
      يريد ان يقول

    • زائر 6 | 10:57 م

      لذئاب المنفردة موجودة في وزارات الدولة هو عبارة عن خليط من الجنسيات ومجنسين

      لذئاب المنفردة موجودة في وزارات الدولة هو عبارة عن خليط من الجنسيات ومجنسين يحملون افكار غريبة على هذا المجتمع وهم مجلوبين لهكذا مهمات ( لنخويف فقط لكن ربما ينفجرون في اي لحظة )

    • زائر 5 | 10:56 م

      داعش و حالش

      داعش و حالش وجهان لعملة واحدة و سيدهما واحد و المستفيد منهم واحد

    • زائر 9 زائر 5 | 11:47 م

      ضحالة الفكر

      الظاهر انك تعانب ضحالة الفكر في كل مره نرى هالتعليق دا عش وحالش عيب اكتب شيئ مفيد

    • زائر 4 | 9:59 م

      معلمة تتعرض لعشرات التحقيقات في اضطهاد طائفي من قبل الذئاب المنفردة

      معلمة كفوءة يمارس بحقها عشرات التحقيقات و توقيف مستمر من قبل الذئاب المنفردة التي باتت تحكم سيطرتها على التعليم من اجل اجبارها على الاستقالة .
      كفى تحالف مع الذئاب المنفردة هؤلاء يبقون ذئاب

    • زائر 2 | 8:52 م

      الغرب آوى و منحهم حياة كريمة هذا هو الجزاء

      بعد ان وظفهم الغرب في افغانستان لم ترحب بعودتهم بعض الحكومات العربية التي ساهمت في توظيفهم ولكن الغرب فتح لهم الاحضان فكانت هذه النتيجة .
      لمنع الارهاب في الغرب عليه اقفال كل المدارس الدينية الا من تمولها الامارات و المغرب

    • sabah.fardan | 8:46 م

      الدول الاوربية تعيش الرعب كله بسبب الذئاب المسعورة ... ام محمود

      مقال ممتاز جدا لأن الذئاب المنفردة او التي على شكل جماعات خرجت عن سيطرة الدول الكبرى و هي قادرة على اختراق اي دولة امنيا مخابراتيا او عسكريا و هي تملك من المعلومات و الخبرات و التقنيات التكنولوجية و الاسلحة و التخطيط الممنهج و تستخدم وسائل التواصل الحديثة في التحرك و عندها عقول مدبرة و المهاجمين في فرنسا استخدموا لعبة البلاي ستيشن في التواصل لصعوبة التنصت عليها و لقد احبط الهجوم على الاستاد او ملعب الكرة والا لكان عدد القتلى بالالاف و احبط الهجوم في لبنان على المستشفى و الا كان العدد اكبر بكثير

اقرأ ايضاً