العدد 4826 - الإثنين 23 نوفمبر 2015م الموافق 10 صفر 1437هـ

منحنى جديد للتعامل مع «داعش»

جميل المحاري jameel.almahari [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بعيداً عما يطرحه بعض الكتبة من محاولة ربط ما يجري في العالم العربي من حركات إصلاحية ونضال من أجل الحرية وحقوق الإنسان بالإرهاب، وما يقومون به من خلط للأوراق عبر مساواة الأعمال الإرهابية للجماعات التكفيرية من تفجير المساجد وأماكن العبادة والمقاهي وقطع الرؤوس وقتل الأطفال الأبرياء وسبي النساء وأخذ الجزية، وإقامة دولة ظلامية من عهد العصور الوسطى، ووضع كل ذلك في سلة واحدة مع الاحتجاجات الشعبية التي قد يخالطها بعض العنف، الذي هو الآخر مرفوض من منطلق طائفي بحت، تأتي التطورات الأخيرة وخصوصاً بعد تفجيرات باريس لتطرح أمام الرأي العام العالمي منحنى جديداً في التعامل مع ظاهرة الحركات التكفيرية من خلال بحث الجذور الأساسية لهذه الظاهرة وفضح الأطراف المستفيدة والداعمة لهذه الحركات بشكل أكثر شفافية وجرأة.

لقد أيقن العالم في هذه المرحلة بالذات بأن محاربة الإرهاب التكفيري لا يقتصر على العمليات العسكرية فقط، وإنما القضاء على كافة أشكال الدعم المادي والمعنوي التي تتلقاه هذه الحركات ومن عدة أطراف.

في مقابلة تلفزيوينة يؤكد الصحافي الألماني جورغن تودنهوفر وهو أول صحافي غربي يسمح له تنظيم «داعش» بزيارة أراضيه أن «الدول الغربية يمكن أن تضغط على تنظيم «داعش» من خلال قيامها بثلاث خطوات، في مقدمتها منع وصول الأسلحة والمعدات والأموال ما يعني أن هنالك من يدعم هذه الحركات التكفيرية بالمال حتى الآن وذلك ما أثبتته التحقيقات مع خلية داعش التي تم القبض عليها منذ أيام في دولة الكويت الشقيقة، إذ اعترف المتهمون أنهم حولوا مبالغ طائلة تعد بملايين الدولارات من الكويت إلى التنظيم، كما نجحوا في إرسال شحنات من الأسلحة والذخائر عن طريق الشحن البري، وبالتنسيق مع جهاز استخباراتي ينتمي لـ «داعش» ويضم الكثير من المواطنين والمقيمين، وذلك يثبت بما لا مجال فيه للمواربة أو الكذب بأن هنالك المئات إن لم يكن الألوف المتعاطفين والداعمين مالياً للتنظيم، وإلا كيف استطاعت هذه الخلية جمع الملايين ومن ثم إرسالها للتكفيريين.

النقطة الثانية التي يؤكد عليها الصحافي الألماني هي أهمية غلق الحدود التركية التي يتسلل عبرها الكثيرون إلى صفوف داعش، وفي هذه النقطة أيضاً تشير التحقيقات مع خلية داعش في الكويت إلى أن تركيا لم تكن مجرد محطة عبور للمقاتلين التكفيريين إلى سورية والعراق وإنما كانت أيضاً بوابة لتهريب الأسلحة والمعدات الثقيلة وحتى الصواريخ، حيث أكدت الاعترافات على أن الخلية قامت بشراء أسلحة وصواريخ من نوع «FN6» من أوكرانيا ومن ثم تم شحنها إلى تركيا ومنها إلى التنظيم في سورية.

أما النقطة الثالثة فهي «تشجيع التعايش السلمي بين جميع فرق المسلمين في العراق وسورية وتركيا، حيث إن تنظيم «داعش» يجد دعماً من بين من يشعرون بالاستياء من سياسة تمارسها حكومات بلدانهم»، وذلك يعني أن القضاء على الحركات المتطرفة لا يتم إلا عبر إشاعة التسامح والديمقراطية وحقوق الإنسان والقضاء على كافة أشكال التمييز العرقي والمذهبي، ومكافحة الفقر والبطالة، والتوزيع العادل للثروة، أي بكل بساطة إقامة العدل والمساواة حتى يشعر المواطن العربي أنه إنسان كباقي خلق الله ويستطيع أن ينعم بالسعادة على هذه الأرض دون اللجوء إلى عملية انتحارية تنقله إلى السعادة في السماء.

إقرأ أيضا لـ "جميل المحاري"

العدد 4826 - الإثنين 23 نوفمبر 2015م الموافق 10 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً