العدد 4842 - الأربعاء 09 ديسمبر 2015م الموافق 26 صفر 1437هـ

المشاركون يتجاوزون الإحباط ويتوافقون على الحماية والتثقيف

في الحوار المفتوح «العنف ضد المرأة في الفضاء الافتراضي»...

منصة الحوار الرئيسية بمشاركة هدى المحمود وصبا العصفور - تصوير : أحمد آل حيدر
منصة الحوار الرئيسية بمشاركة هدى المحمود وصبا العصفور - تصوير : أحمد آل حيدر

دار نقاش عميق في الحوار المفتوح تحت عنوان: «العنف ضد المرأة في الفضاء الافتراضي» مستعرضاً مختلف الآراء في موضوع العنف الذي تتعرض له الشريحة النسائية في عالم الإعلام الجديد وشبكات التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي. وتجاوز جو الحوار حالة (الإحباط) التي طالما ارتبطت بأوضاع المرأة في العالم العربي والإسلامي من ناحية الحقوق والواجبات، إلى حالة التوافق المبنية على مقترحات وأفكار انصبت على رفع الوعي في المجتمع، والانطلاق من معطيات الوعي كتحصين يحمي المرأة، بل يحمي كافة فئات المجتمع.

واستضافت جمعية نهضة فتاة البحرين بالمنامة الحوار المفتوح بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة وهو من تنظيم الاتحاد النسائي البحريني بالتعاون مع جمعية ملتقى الشباب البحريني ومبادرة نقاش البحرين وبدعم من الأمم المتحدة، وأدارها كل من عباس ناصر وإيناس الفردان، بمشاركة الباحثة والناشطة الاجتماعية هدى المحمود والناشطة النسائية صبا العصفور، فيما شارك فيه نخبة من ممثلي مؤسسات المجتمع المدني، وذلك مساء يوم أمس الأول الثلثاء (8 ديسمبر/ كانون الأول 2015). واختارت اللجنة المنظمة عدة محاور مهمة منها فتح نقاش مع المشاركين حول تعريف العنف الافتراضي الممارس ضد المرأة وأشكاله ووسائله، وكذلك تحليل صورة المرأة في الإعلام سلباً وإيجاباً، علاوةً على استمزاج الآراء في شأن مدى استغلال وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في ممارسة العنف، وكيفية الارتقاء بصورة المرأة وتحميها من العنف في العالم الافتراضي خصوصاً، ومن جميع أشكال العنف عموماً.

وبدا واضحاً حجم الحماس والتفاعل مع المحاور، فتطرق المشاركون إلى تعريف العنف الافتراضي ضد المرأة في العالم الافتراضي اللصيق بالممارسات والسلوكيات في الإعلام الجديد بكل تقنياته وبرامجه، إضافة إلى المواءمة بينه وبين العنف اللفظي والجسدي في مختلف المواقع ومنها مواقع العمل، والإشارة بتركيز على الأضرار المترتبة على ذلك العنف بشكل يؤثر على شخصية المرأة وقد يستمر معها مدى الحياة وربما تعاني من أمراض نفسية تحتاج إلى أمد من العلاج.

أطراف الاستهداف والابتزاز

ومع استحضار نماذج لما تتعرض له المرأة، تناول المشاركون أيضاً التأكيد على أهمية حرص المرأة على خصوصيتها وعدم نشر ما يتعلق بحياتها الخاصة، فالمرأة في المجتمع البحريني والخليجي والعربي لديها الإحاطة الكافية والوعي في التعامل مع وسائل التواصل، لكن هناك أطرافًا تمارس نوعاً من العنف والاستهداف والابتزاز، وفي أحيان كثيرة يتم استغلال وسائل التواصل من قبل ضعاف النفوس لإلحاق الضرر بالمرأة، فيما تفتقر وسائل الإعلام لبرامج ورسائل من شأنها توعية المرأة بالمخاطر والمحذورات، مجمعين على أن الإساءة في وسائل التواصل تترك أذىً نفسياً وما يضاعف ذلك هو قلة الوعي بالاستخدام سواء للرجل أو للمرأة من خلال الطرح أو اختيار المادة المطروحة أو احترام الخصوصية.

وطرحت خلال الحوار معلومات قيمة من جانب المشاركين، فيما أشارت بعض البيانات الإحصائية المستخلصة من إحدى الدراسات التي أجرتها الأمم المتحدة إلى أن 65 بالمئة من النسوة يعانين من الأذى في الفضاء الإلكتروني، وتصل نسبة النساء اللواتي يتعرضن للتحرش من خلال تلك الوسائل إلى 25 بالمئة، بل تصل الأمور بالتحرش إلى استخدام الرسائل النصية، يضاف إلى ذلك أن هناك أطرافاً كالأقارب أو زملاء العمل يرسلون التهديدات أو الصور أو الرسائل المسيئة عبر مختلف الشبكات، فيما يصبح الأمر أكثر تعقيداً حين يتم إنشاء صفحات تشجع على استهداف المرأة والإضرار بها.

وتظهر أشكال من الاستهداف عبر ترصد الفتيات أو النساء والبحث عن زلة أو نقطة ضعف ويبدأ ابتزاز الضحية لاستدراجها أو طلب مبالغ مالية، وبهذا يتضاعف الضرر الشخصي وتتأثر صورة المرأة بشكل عام، على أن ذلك يلزم أن تحرص المرأة على كل شئون حياتها وتحافظ على أسرتها وحياتها الزوجية، وألا تتهاون في هذا الجانب حتى لا تقع فريسة لممارسات يرفضها الدين كونها من المحرمات، ويرفضها العرف والأخلاق كونها ممارسات تصدر عن فئات مدمرة.

وعلى رغم تعدد الأفكار والمقترحات المقدمة كتوصيات، ركزت الغالبية العظمى على أهمية مشاركة مؤسسات المجتمع المدني والجهات التطوعية في تبني مبادرات تصل إلى جميع فئات المجتمع لتقديم كافة أنواع برامج التوعية والتثقيف والوسائل والفعاليات والبرامج والأنشطة لتوعية جميع فئات المجتمع بكل حقوقهم وواجباتهم، وكذلك توعيتهم بالمصادر الموثوقة للحصول على المعلومات، ذلك أن تثقيف المجتمع من الممارسات السلبية، يلزم مشاركة قطاعات التعليم والإعلام والتحديث للمناهج والمقررات لطلبة المدارس، وتخصيص أعمال للأطفال والناشئة حول أسباب العنف وكيفية التعامل معه.

وقدمت الباحثة والناشطة هدى المحمود مداخلتها التي تحدثت فيها صراحة عن مشاعر الإحباط التي بدت من خلال أطروحات الحوار، معبرةً عن ذلك بالقول: «كلكم تحملون نظرة دونية للمرأة دون أن تشعروا على الرغم من انتصاركم للمرأة! حتى في شأن عمل المرأة، فهو قرار حر خالص لها لا ينازعها أحد فيه فلها القرار في أن تعمل أو لا، أما موضوعنا عن العنف في العالم الافتراضي، يمكنني القول إن العنف ضد المرأة هو عنف مؤسس بمعنى أن العالم كله يعاني من ذلك العنف ولا يجب أن نجلد ذاتنا! هناك درجة كبيرة للعنف ضد المرأة حتى في المجتمعات المتقدمة بل يُنظر للمرأة على أنها طرف ثانٍ أو سلعة للاستخدام».

وتحولت للحديث عن العنف ضد المرأة الذي تحول إلى قيمة مضافة، بمعنى أنه ينتج مليارات من الدولارات، وطالما تحول إلى سلعة فلن ينتهي، أما الفضاء الافتراضي العميق وهو مجال المافيا والعصابات الدولية، فحتى الدول لا تستطيع أن تتصدى له وهو موضوع مفتوح للنقاش، لكن ليس من الهين السيطرة على الفضاء الافتراضي، إنما الممكن هو كيفية حماية أنفسنا، وأوضحت المحمود أن الكل يتخبط لأننا لسنا منتجين للتكنولوجيا، فالمجتمعات التي لا تنتج المنتج الأصلي تتخبط معه، وحتى لا نخرج بكم هائل من الإحباط، أود لفت النظر إلى أن الكثير من المجاميع النسائية استخدمت وسائل التواصل لطرح قضايا المرأة، وشاركت في ذلك نساء فاضلات يتحلين بالثقة في النفس ولا تؤثر فيهن هزات الاستهداف البغيض في وسائل التواصل لأنهن يحملن قضية يؤمنَّ بها.

واختتمت بالتأكيد على أن وسائل التواصل الاجتماعي هي وسائط بناءة وإيجابية لطرح القضايا المهمة، ولا يجب أن ننحصر في الأمور السلبية، فهناك مجال واسع في عالم الإنترنت تقود فيه المرأة حملات على كافة المستويات تشرف وترفع الرأس سواء على المستوى الحقوقي أو الاجتماعي وغيرها من المجالات، فالمرأة تخطو خطوات رغم الصعوبات.

ولخصت الناشطة النسائية صبا العصفور قضية حاضرة في المجتمعات العربية والإسلامية اليوم، فهي تشدد على أن العنف الوحشي في التعامل مع المرأة يندرج أيضاً من العنف الطائفي والتمييز سواء كان بدوافع دينية (مخالفة للشرع أصلًا)، أو عنصرية، فالمرأة تعرضت للمخاطر التي بلغت للنحر بالسيوف والفؤوس، وأصبحت تباع على الإنترنت في سوق النخاسة بمؤسسات داعش والاتجار بالبشر في الزمن الحاضر.

ودعت الجميع إلى التعامل مع قضية الإساءة للمرأة من خلال نشر الوعي في استخدام الممارسات والألفاظ والتعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.

العدد 4842 - الأربعاء 09 ديسمبر 2015م الموافق 26 صفر 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً