العدد 4845 - السبت 12 ديسمبر 2015م الموافق 30 صفر 1437هـ

«الوطني»: إجراءات سعودية للحد من الإنفاق الرأسمالي

الوسط – المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

قال تقرير لبنك الكويت الوطني إن الاقتصاد السعودي يبقى مرناً وسط التراجع في أسعار النفط ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الأحد (13 ديسمبر / كانون الأول 2015).

وأضاف: بدأ أثر التراجع في أسعار النفط بالظهور في الاقتصاد السعودي. وقد شهد الاقتصاد غير النفطي اعتدالاً، وتراجع الحساب المالي ليسجل عجزاً مالياً، وتباطأت وتيرة تدفق الودائع إلى البنوك، لا سيما الحكومية منها. ومع وجود المملكة الآن امام تحديات عديدة، كالعجز المالي الناتج من تراجع في الإيرادات النفطية وارتفاع مستوى الإنفاق، بالإضافة إلى تراجع الاحتياطيات الأجنبية، فقد بدأت السلطات بإصدار السندات السيادية للمرة الأولى منذ عام 2007.

وقد تعرضت الأسواق إلى العديد من الضغوطات في أواخر عام 2015 نتيجة ظهور بعض المخاوف بشأن الاستدامة المالية وضيق السيولة في القطاع المصرفي وسط إصدار سندات سيادية وتباطؤ نمو الودائع. وقد أدت تلك الضغوطات إلى ارتفاع أسعار الفائدة بين البنوك، وارتفاع مبادلات مخاطر عدم السداد، وتراجع نشاط مؤشر تداول خلال العام. كما تأثرت الأسواق أيضاً بتراجع تصنيف السعودية الائتماني من AA- إلى A+، ولكن لا يزال نشاط المستهلك قوياً بدعم من الإنفاق الحكومي وارتفاع انتاج النفط. كما أنه مع امتلاك السعودية لودائع حكومية ضخمة في مؤسسة النقد العربي السعودي وامتلاكها الأصول في احتياطياتها الأجنبية، فإنها قادرة بسهولة على مواجهة هذا التراجع الاقتصادي على المدى المتوسط على الأقل. ولكن يبقى على السعودية الحفاظ على سياستها المالية القائمة مستقبلاً.

 

إنتاج النفط

من المتوقع أن يرتفع انتاج النفط الحقيقي في عام 2015 بواقع %3.3، بعد أن سجل الانتاج مستويات تاريخية العام الماضي تجاوزت 10.0 ملايين برميل يومياً في المتوسط. وقد جاء هذا الارتفاع في الانتاج نتيجة محاولة السعودية الحفاظ على الحصة السوقية في ظل تراجع أسعار النفط ومحاولتها أيضاً الحفاظ على ارتفاع مستوى قيمة المنتجات النفطية من خلال زيادة المنتجات المكررة التي شهدت بدورها انتعاشاً تماشياً مع ارتفاع الطاقة التكريرية. كما لعب أيضاً النفط لأغراض الطاقة دوراً مهماً، لا سيما مع حرارة الطقس في فصل الصيف. ونتوقع أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي النفطي الحقيقي بحلول عام 2016 وعام 2017 ليصل إلى %0.8 و%0.2 على أساس سنوي على التوالي.

 

الاقتصاد غير النفطي

من المتوقع أن يظل نشاط الاقتصاد غير النفطي قوياً نسبياً بدعم من الإنفاق الحكومي، إلا أن هنالك بعض المؤشرات التي تنذر بتباطؤ النمو الاقتصادي. فقد تباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 للربع الثالث على التوالي مع تراجع العديد من مؤشرات نشاط المستهلك كصفقات أجهزة نقاط البيع وأجهزة السحب النقدي الآلي، بالإضافة إلى ثقة الأعمال ونمو الائتمان الممنوح للقطاع الخاص. وتراجع أيضاً مؤشر مديري المشتريات السعودي لشهر أكتوبر الذي يقيس نشاط الأعمال في قطاع الدولة غير النفطي وذلك للشهر الثاني على التوالي ليصل إلى %55.7 على خلفية تباطؤ الانتاج والطلبات الجديدة. ويعد هذا أقل مستوى منذ 6 سنوات.

ويبدو أيضاً أن وتيرة خلق الوظائف قد شهدت تباطؤاً، بينما ظل كل من نشاط الأعمال والتوظيف جيداً. فقد ارتفعت الرواتب المدفوعة لتسعة عشر شهرا متتاليا. ومع أخذ هذه الأمور بعين الاعتبار فمن المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد غير النفطي من %5.0 في عام 2014 ليصل إلى متوسط %3.7 خلال الفترة من عام 2015 حتى عام 2017.وبالتالي فمن المتوقع أن يرتفع معدل النمو العام بواقع %3.5 في عام 2015 ليتباطأ بعد ذلك إلى %2.5 و%2.3 في عام 2016 وعام 2017 على التوالي.

 

التوظيف

وبالنظر إلى وتيرة التوظيف، فقد أظهر التقرير الأخير لمؤشر مديري المشتريات، الذي يضم بيانات التوظيف المقدمة من مكتب الإحصاء المركزي، ارتفاع عدد العمالة السعودية بواقع 56 ألفاً أو %1.1 لتصل إلى 4.9 ملايين موظف سعودي خلال العام الماضي (النصف الأول من عام 2014 - النصف الأول من عام 2015).

ولكن تعد هذه الوتيرة بطيئة مقابل معدلات نموها في النصف الأول من عام 2014 والنصف الأول من عام 2013 عند %5.6 و%8.9 على التوالي. كما تعد هذه الوتيرة أيضاً أبطأ من معدل نمو العمالة من الوافدين البالغ %4.5 على أساس سنوي في النصف الأول من عام 2015 والزيادة في النمو الاقتصادي العام خلال الفترة ذاتها عند %4.0 على اساس سنوي. وقد تسارع معدل خلق الوظائف مقارنة بالنمو العام للناتج المحلي الإجمالي وذلك حتى يونيو من عام 2015.

غير أن نسبة السعودة، التي تمثل العمالة السعودية في القطاع الخاص والتي تعد المقياس الأساسي لبرنامج نطاقات الحكومي، قد تحسنت بشكل ملحوظ. فقد ارتفعت نسبة السعودة لتصل إلى %15.2 في عام 2013 (آخر بيانات متوافرة) من %9.9 في عام 2009. كما تراجعت نسبة البطالة بوتيرة ثابتة وتدريجية منذ عام 2011 لتصل إلى %11.6 في منتصف عام 2015 من %12.4.

معدل التضخم

حافظ معدل التضخم في أسعار المستهلك على ركوده عند نسبة %2.3 في سبتمبر الماضي. وقد جاء هذا الركود ليعكس تراجع أسعار السلع والمواد الغذائية العالمية وقوة الدولار، الذي يرتبط به الريال السعودي، إذ أدى ارتفاع الدولار من ضمن سلة العملات الرئيسية إلى تراجع ثمن السلع المستوردة السعودية بغير الدولار الأميركي خلال العام الماضي، مما ساهم في زيادة قوة الشراء لدى المستهلك السعودي. ولكن هنالك أيضاً بعض العوامل التي تشير إلى تسارع التضخم في أكبر المكونات في سلة التضخم للاقتصاد السعودي، كالإسكان والمواد الغذائية والنقل. فقد ارتفع ثمن الإسكان والخدمات بواقع %3.8 على أساس سنوي في سبتمبر بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية والنقل بواقع %1.9 على أساس سنوي و%2.5 على أساس سنوي على التوالي. ومن المتوقع أن يرتفع معدل التضخم تدريجياً خلال العام المقبل مما سيرفع متوسط معدل التضخم السنوي إلى %2.6 في عام 2016 و%2.9 في عام 2017 على التوالي.

 

عجز مالي

من المتوقع أن يرتفع عجز الحساب المالي بحلول نهاية عام 2015 إلى نحو %-22.9 من الناتج المحلي الإجمالي، بعد ان سجل أول عجز له في عام 2014 منذ الأزمة المالية بواقع -2.3% من الناتج المحلي الإجمالي. وقد لفت ذلك انتباه السلطات إلى أهمية اتخاذ بعض الإجراءات لتعزيز الأوضاع المالية كحد الانفاق الرأسمالي على بعض مشاريع البنية التحتية غير الضرورية كالملاعب الرياضية الجديدة. كما قامت السلطات أيضاً بتقليل سقف الموافقة على المشاريع الجديدة وفق صندوق النقد الدولي من 300 مليون ريال سعودي إلى 100 مليون ريال سعودي.

وعلى صعيد الإيرادات وبجانب زيادة المنتجات المكررة عوضاً عن النفط فقط، فقد تم الإعلان عن فرض ضريبة بواقع %2.5 على الأراضي المدنية غير المستثمرة. كما تم اقتراح أيضاً خفض دعم الطاقة للمستهلكين التجاريين والصناعيين بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة. ومع احتمال تنفيذ هذه المقترحات، فإننا نتوقع زيادة ترشيد الحكومة لوتيرة إنفاقها، مما سيساهم في تقليل العجز المالي إلى %-16.4 من الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي و%-12.6 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2017.

 

تراجع الودائع الحكومية

تراجعت صناديق الحسابات المركزية التابعة للودائع الحكومية بواقع %-28.0 على أساس سنوي، أو 112 مليار دولار بحلول سبتمبر من عام 2015. بينما تراجعت أصول الاحتياطيات الأجنبية بواقع %-12.1 على أساس سنوي أو 90 مليار دولار خلال الفترة ذاتها. وبينما تعدّ هذه الاحتياطيات مصدراً جيداً لما يساوي ثلاثين يوماً من قيمة الواردات، إلا أن تسارع وتيرة تراجع تلك الاحتياطيات في عام 2015 والذي بلغ 6.5 دولارات شهرياً قد أثر سلباً على الأسواق وزاد من التساؤلات حول ما إذا ستضطر السعودية إلى التخلي عن ارتباط عملتها بالدولار الأميركي.

ودفع التراجع في الاحتياطيات إلى إعلان السلطات في أغسطس إصدار أول سندات سيادية بالعملة المحلية منذ عام 2007. فقد تم بيع سندات بقيمة 20 مليار ريال سعودي (5.3 مليارات دولار) للمؤسسات الحكومية والبنوك المحلية على ثلاث فترات للاستحقاق: فترة خمس سنوات (أرباح بنسبة %1.92) وفترة سبع سنوات (أرباح بنسبة %2.34) وعشر سنوات (أرباح بنسبة %2.65). وسيتم بيع سندات بقيمة ما يقارب 100 مليار ريال سعودي (27 مليار دولار) في عام 2015 على نحو خمسة إصدارات شهرية بقيمة 20 مليار ريال (5.3 مليارات دولار). وسيساهم ذلك في تمويل ما يقارب %18 من العجز المتوقع بقيمة 148 مليار دولار هذا العام. ومن المتوقع أن يستمر هذا البرنامج للإصدارات على الوتيرة ذاتها في عام 2016 مع احتمال تغطية ما يصل إلى %40 من العجز المتوقع في عام 2016. وبقية العجز سيتم تمويله من خلال احتياطيات المملكة وأصولها.

باستطاعة السعودية مواجهة تراجع أسعار النفط (بنحو 50 - 55 دولاراً للبرميل) من خلال خطة إنفاقها لعام 2016 عن طريق إصدار السندات والسحب من الاحتياطيات وذلك لعامين على أقل تقدير قبل أن تتراجع الاحتياطيات الأجنبية بواقع النصف. كما تمتلك السلطات مجالاً جيداً لتعزيز أوضاعها المالية، لا سيما أن مستوى الدين الحكومي المحلي منخفض جداً عند %1.6 من الناتج المحلي الإجمالي (11.6 مليار دولار) في عام 2014. وحتى إذا استمر إصدار الدين كما تم ذكره مسبقا فإن إجمالي الدين الحكومي سيرتفع إلى 38.8 مليار دولار فقط أو %6.0 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2015 وبواقع 83.3 مليار دولار أو %12.3 من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2016. إذ تعد هذه المستويات منخفضة جداً وفق المعايير العالمية.

 

إصدار السندات

قد يترك نشاط إصدار السندات التي قد تصل قيمتها إلى 45 مليار دولار خلال بضع سنوات مقبلة أو أكثر، أثراً ملحوظاً في البنوك المحلية. قد يكون هذا الأثر إيجابياً حينما يتمثل في تحسين هوامش الفائدة والأرباح لدى البنوك وذلك تماشياً مع تحولها من الأصول السائلة القصيرة المدى ذات الأرباح القليلة إلى الأسهم الحكومية الطويلة المدى. إذ شكلت الأصول السائلة قصيرة المدى اعتباراً من يوليو من عام 2015، كالنقد والودائع لدى البنوك والبنك المركزي بالإضافة إلى فواتير الخزنات 106 مليارات دولار فقط أو %18 من ميزانية البنوك السعودية. لذا فهناك مجال واسع لإدخال نظام إصدار السندات من قبل الحكومة على المدى القريب من دون التأثير في السيولة. إلا أن هذه الوضع آيل للتغيير في حال استمرار تراجع أسعار النفط لمدة أطول، او استمرار ضيق السيولة على المستوى المحلي والعالمي.

بدأ نمو الودائع، لا سيّما الحكومية منها، بالتباطؤ. فقد تباطأ إجمالي نمو الودائع في البنوك إلى أبطأ وتيرة له منذ أواخر عام 2010، ليصل إلى %6.6 على أساس سنوي في أغسطس من عام 2015. وقد ارتفع النمو بصورة طفيفة ليصل إلى %8.3 على أساس سنوي خلال شهر سبتمبر. كما ارتفع سعر الفائدة بين البنوك السعودية (الإنتربنك - SAIBOR) ارتفاعاً حادّاً خلال النصف الثاني من عام 2015 بواقع 28 نقطة أساس ليصل إلى %1.05 في نهاية شهر نوفمبر ما يعكس تباطؤ نمو الودائع ونشاط إصدار السندات الأخير الذي قد يفرض ضغوطاً على القطاع الخاص مع تأثيره سلباً أيضاً على نمو الاقتصاد غير النفطي.

 

أحد المخاوف

أبدت الأسواق المالية في أغسطس قلقاً بشأن تسجيل السعودية عجزاً مالياً ضخماً وتسارع التراجع في الاحتياطيات الأجنبية في عام 2015 ودخولها للاستثمار في سوق السندات. فقد تحولت الأنظار نحو مسألة الاستدامة لأسعار الصرف الثابتة إلى الدولار الأميركي. ومع وجود بعض المخاوف بشأن التراجع الحاد في أسعار النفط كالسابق الذي فرض ضغوطاً على معدل الصرف الثابت، ارتفع السعر الآجل للريال إلى الدولار لعام واحد ليصل إلى 3.792 ريالات للدولار في الرابع والعشرين من أغسطس، كما ارتفعت مبادلات مخاطر عدم السداد بصورة كبيرة لتصل إلى ما يقارب الضعف إلى 110 نقاط أساس في اليوم نفسه. وقد ظل كلاهما مرتفعين إلا أن السعر الآجل للريال قد ارتفع إلى مستوى تاريخي في نوفمبر إلى أعلى من 3.801 ريالات للدولار. وليس من المحتمل أن تغير السلطات من سياسة الصرف والتي أثبتت فائدتها في السنوات الماضية لكل من التضخم والاقتصاد. إذ يوفر الارتباط مع الدولار استقراراً لتدفقات الدخل والتداول، لا سيما أن النفط المسّعر بالدولار لا يزال يتصدر حركة الاقتصاد السعودي ويمثل أكثر من %80 من صادرات السعودية وإيراداتها المالية.

 

السياسة المالية

حافظت السياسة المالية على بيئتها الملائمة في ظل ارتباط العملة المحلية بالدولار الأميركي. وتماشياً مع سعر الفائدة على الأموال الفدرالية التي تبلغ حالياً %0.0 إلى %0.25 فقد ظلت أسعار الفائدة لمؤسسة النقد العربي السعودي لاتفاقية إعادة الشراء واتفاقية إعادة الشراء العكسية من دون تغيير عند %2.0 و%0.25 على التوالي وذلك كما هي منذ أواخر عام 2009. ومن المحتمل أن تتبع مؤسسة النقد العربي السعودي سياسة مجلس الاحتياط الفدرالي وتقوم برفع الفائدة في عام 2016.

 

أداء الأسهم السعودية

في الوقت نفسه، استمرت السوق السعودية في التأثر بتراجع أسعار النفط وتراجع الثقة. فقد تراجع مؤشر تداول بواقع %-14.2 منذ تاريخه من السنة المالية ليصل إلى 7149، وذلك اعتباراً من الثالث والعشرين من شهر نوفمبر. فقد كان أداؤه جيداً حتى منتصف أغسطس من عام 2015 بدعم من افتتاح السوق للاستثمار الأجنبي في شهر يونيو. إلا أن التقييم السلبي وتغيير تصنيف السوق من AA- إلى A+ من قبل وكالة ستاندرد آن بورز قد زادا من فرض الضغوطات على السوق وأداء المؤشر، الأمر الذي قد يستدعي الانتباه في عام 2016 هو ما إذا سترتفع تدفقات المحافظ الأجنبية بعد تراجع أدائها في عام 2015 وبعد إعلان السلطات تيسير التملك الأجنبي في شركات التجزئة والجملة من المستوى الأقصى الحالي عند %57 إلى %100. وبينما قد تواجه الشركات المحلية ضغوطاً نتيجة تلك التنافسية، إلا أن الأثر العام يفترض أن يكون جيداً للاقتصاد لكل من الاستثمار الأجنبي المباشر وتوظيف العمالة السعودية ونشاط المستهلك السعودي. 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً