العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ

علي فخرو: نحن من أكثر الأمم التي يسيطر تاريخها على حاضرها

في ندوة «تجديد الثقافة» بنادي باربار...

المفكر البحريني علي محمد فخرو متحدثاً في الندوة
المفكر البحريني علي محمد فخرو متحدثاً في الندوة

طرح المفكر البحريني علي محمد فخرو مسارات جوهرية على صعيد مفهوم وتطبيق «تجديد الثقافة»، داعماً التوجهات لبناء حداثة عربية لأنها هي «الإعداد للمستقبل»، مشدداً على أنه ما لم تُحل الإشكالية الثقافية العربية فالأزمات باقية.

وتحدث فخرو في ندوة تجديد الثقافة مساء الاثنين (14 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، بمناسبة اليوبيل الذهبي لنادي باربار في قاعة النادي، معتبراً أن تجديد الثقافة هو من أهم القضايا لدى الأمة العربية ذلك أن كل نواقص الثقافة تنعكس على الأوضاع العامة، ودعا في الندوة التي أدارها الباحث والكاتب شبر الوداعي إلى عدم الاعتقاد بأنه لا علاقة لتأثيرات الثقافة على السياسة والاقتصاد وعلى عالم الثقافة ذاته.

وفي مستهل الندوة، قدم مديرها شبر الوداعي مدخلاً أشار فيه إلى اهتمام نادي باربار بالنشاط الثقافي منذ تأسيسه في العام 1964 حتى فترة الازدهار في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، موضحاً أن التوجه لتحديد مسار النادي في النشاط الثقافي ينطلق من طموح شريحة مهمة في المجتمع لأن يكون النادي عنصراً فاعلاً في الثقافة، وأن تكون له مساهمات فعلية لتوفير متطلبات دعم تعزيز المعرفة وحمايتها من مخاطر ثقافة العولمة غير المتوائمة مع ثقافة المجتمع، مرحباً بالمفكر فخرو الذي عُرف بتبنيه العمل الهادف لتأكيد القيمة الحضارية للثقافة، وأن الندوة هي محطة فكرية مهمة تقدم آفاقاً تثير الحراك الثقافي الوطني.

ماذا نقصد بالتجديد؟

وفي معرض تناوله لمحاور الموضوع، تساءل فخرو:»ماذا نقصد بالتجديد؟»، ليذهب في مسار الإجابة إلى أن هناك طرقاً كثيرة للتجديد، مستحضراً الفكرة التي تبناها بعض المثقفين العرب للاستعانة بالخارج من أجل تجديد (ثقافتك) وإيجاد قطيعة تامة مع (تراثك)، فهذا ما كان مطروحاً من قبل عدد من الكتاب والمفكرين في بداية القرن العشرين الذين نادوا بقطيعة تامة، راغبين بذلك الانتقال مباشرة إلى الحضارة الغربية ونأخذ منها ما نريد، لكن فخرو أردف بالقول: «أعتقد أن الأيام أثبتت خطأ هذه الفكرة، فالتوجه الصحيح ضمن ما طرحه الكثير من الكتاب أيضاً وهو أن تبدأ من تراثك وتحلله فتنتقده وتلغي ما تعتقد أنه غير مهم ثم تقاوم ما تراه خاطئاً من أجل أن تتجاوز ذلك إلى ثقافة جديدة مختلفة عن الوضع السائد، وإذا كان الغرب اتجه إلى اليونان من أجل إيجاد انطلاقة، فالأحرى بنا أن نعود إلى تراثنا... ذلك التراث الحي وليس التراث الميت أو الخاطئ، فالتراث الحي يوصف بأن له قيمة في الحضارة، وبالتالي تنطلق منه والانطلاقة تلك يجب أن تأتي من التراث فتحلله وتعارضه وتتجاوزه إلى عوالم جديدة».

قطيعة التراث وإسقاطه

وشرح ارتباط التراث بقلب الثقافة، فلا يستطيع الإنسان أن يتخلص منه، وأن إسقاط التراث وإيجاد قطيعة كاملة غير ممكن، مستطرداً في تعميق الفكرة بالتساؤل: «هل يمكن إسقاط (ابن رشد) الذي أثر تأثيراً مباشراً وغير مباشر في النهضة الفكرية الأوروبية ثم نأتي نحن ونسقطه وكأنه لم يوجد؟ هل نستطيع إسقاط (ابن خلدون) وهو أول عالم اجتماع في تاريخ البشرية؟ كيف نسقطه ولا نأخذ مما كتبه من فكر؟»، أما عن جزئية التاريخ، فالكل يعرف أن الحاضر متأثر تأثراً بالغاً بالتاريخ، بل نحن من أكثر الأمم في هذه الأرض التي يسيطر تاريخها على حاضرها، ومثل على ذلك بالقول أن المعارك التي نعيشها كل يوم عن الخلافة في الإسلام واستحقاق هذا الخليفة أم ذاك لا نزال نناقشها على مستوى تاريخي وندخل في صراعاته وكأننا عشنا تلك الفترة، فيما من نتحدث عنهم في القبور، والأمثلة بلا عد ولا حصر عن تاريخنا المسيطر على حاضرنا.

أن تكون لنا حداثتنا

وفي الحديث عن موضوع الحداثة والإعداد للمستقبل وما إذا كان الجوهر هو النهضة، أم الكلام عن الحداثة الذاتية العربية، شدد فخرو على أن تكون لنا حداثتنا مثل كل الأمم الأخرى، وأن من أكبر الأخطاء لدى العديد من الكتاب الليبراليين في القرن الماضي هو اعتقادهم أنه لا حداثة إلا حداثة الغرب وهذا غير صحيح، فحداثة الغرب انبثقت من حاجات مجتمعهم، فالمجتمع الفرنسي، حين نراه مبالغاً إلى حد الجنون في العلمانية ذلك لأن تاريخ فرنسا المليء بالمآسي بسبب تدخل الكنيسة هو السبب، لكن ماذا عن المجتمع الغربي الذي لم يحدث فيه ما حدث في فرنسا؟ من الطبيعي أن تجد العلمانية لديه أقل من ذلك.

وخلص إلى ضرورة أن يبني العرب حداثتهم وأن يكون لهم (المستقبل) دون إرادة صراعات بسبب هذا النمط الحداثي أو ذاك، وأن الكثير من الكتاب العرب يهيئون اليوم لبناء حداثة عربية مرتبطة بحاجات هذا المجتمع، ومرتبطة بمستقبل المجتمعات العربية وحاجاتها التي تختلف عن حاجات الآخرين.

العدد 4849 - الأربعاء 16 ديسمبر 2015م الموافق 05 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً