العدد 4851 - الجمعة 18 ديسمبر 2015م الموافق 07 ربيع الاول 1437هـ

عقارات دبي.. إلى الهبوط الآمن

الوسط – المحرر الاقتصادي 

تحديث: 12 مايو 2017

تعتبر دبي حساسة أمام صحة الاقتصاد العالمي، ولا يوجد قطاع أكثر حساسية من العقارات السكنية. فعندما تنخفض الأسواق العالمية، يكون من المنطقي الرهان على أن مبيعات العقارات الفاخرة في دبي ستتراجع أيضا ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم السبت (19 ديسمبر/ كانون الأول 2015).

ذكريات عام 2009، عندما كادت أزمة الائتمان تتسبب بافلاس دبي لاتزال قوية. اذ تراجعت أسعار العقارات في دبي بنسبة %80، في حين أثقلت الحكومة بدين يعادل %148 من الناتج المحلي الاجمالي. ونتيجة لذلك، يمكن الشعور بأي توتر بشأن الاقتصاد العالمي. الا أن الأمل يحدو الامارة الآن بأن تنتهي طفرة أسعار العقارات التي استمرت ثلاث سنوات بهبوط آمن.

 

هوغو غرينهالغ -

يقول آلان طالباني، المدير الاقليمي في شركة تيرنر آند تاونسند، لاستشارات البناء والتشييد العالمية «رافق الانتعاش الاقتصادي في دبي طلب قوي على العقارات السكنية الراقية، من المستثمرين الأثرياء ومن العمالة الوافدة التي اجتذبتها فتح الشركات متعددة الجنسيات لمراكز اقليمية لها في الامارة».

ووسط مخاوف الامارات ازاء انخفاض أسعار النفط، تتوقع وكالة التصنيف ستاندرد آند بورز تراجعا ما بين 5 - %10 في أسعار العقارات هذا العام. وتشير شركة الاستشارات كلاتونز، الى انخفاض في التقييمات بنسبة تتراوح بين 3 - %5 العام المقبل قبل أن تصل الى القاع في نهاية عام 2016.

لكن المنطقة لا تزال تعج بالمال. فكما تقدر شركة ويلث ايكس للبيانات التي ترصد أصحاب الثروات الفاحشة، فان هناك 1275 فردا يتمتعون بثراء فاحش، أي من يملك ثروة تزيد على 30 مليون دولار، في دولة الامارات ككل. وتزيد ثروتهم مجتمعة على 255 مليار دولار، وهي أكثر من كافية لتعويم سوق السكن الفاخر والحفاظ عليه واقفا على قدميه لسنوات عديدة مقبلة.

الا أن المال عند هذا المستوى متحرك للغاية، وكثيرا ما يستثمر خارج المنطقة. وغالبا ما تكون لندن هي الوجهة الأساسية، وفق ما يقول نيك كيتس مؤسس شركة الكسندر كيتس، لخدمات الوساطة المخصصة لبالغي الثراء. «في بريطانيا، لا تزال سوق

العقارات الفاخرة في لندن في اتجاه صعودي مع استمرار شهية الاستثمار من قبل المستثمرين من المؤسسات والأفراد من الخارج، وتحديدا دولة الامارات». لكن، في حين أن الأموال المحلية قد تتدفق الى الخارج، الا أن دبي تتمتع بجاذبية عند المستثمرين الآخرين، لا سيما من داخل المنطقة.

اذ يوضح كيتس قائلا «لا يزال لدى دبي جاذبية كبيرة عند المستثمرين من ذوي الملاءة المالية الكبيرة. لا تزال السوق ثابتة الى حد ما مع استمرار تدفق الاستثمارات الأجنبية من دول الشرق الأوسط الأقل استقرارا. هناك الكثير من الاموال القادمة من دول البريك (البرازيل وروسيا والهند والصين). وتعتبر الهند من أقوى المستثمرين في الوقت الحالي مع أكثر من 24 مليار درهم (6.5 مليارات دولار) استثمرت هذا العام بالفعل». وهناك اهتمام كبير من الصين، كما يضيف كيتس، خصوصا في سوق الفلل الفاخرة.

هناك تباين في ما يجري شراؤه. «العلامات التجارية» أو جلب كبار المصممين العالميين، الموجودة فقط في الأسواق الفاخرة جدا في الولايات المتحدة أو أوروبا، تحظى بشعبية كبيرة في الشرق الأوسط.

وكما يقول ايرل آرني، الرئيس التنفيذي لشركة آرني فيندر كاتساليدس للهندسة المعمارية والتصميم الداخلي «كان هناك رغبة في أن تحمل المباني السكنية أسماء علامات تجارية، من أمثال أرماني أو فيرساتشي، أي تلك العلامات التجارية التي انتقلت من تصميم الأزياء الى تصميم أسلوب الحياة. الضمانة والثقة المرتبطة بالعلامة التجارية تمكن المشترين من تحقيق قدر أكبر من الراحة عند الشراء في الأسواق الأجنبية».

وكان ينظر الى الاندفاع لشراء الفلل والمنازل الفخمة، على أنه مسؤول جزئيا عن التسبب في خلق سوق محمومة في أواخر العقد الأول. مشاريع البنية التحتية الضخمة، مثل مشروع «العالم»، وهو أرخبيل من الجزر صمم ليشبه دول العالم على الخريطة، هدأت وخبت لسنوات في أعقاب الركود العالمي. الآن، وفي حين لا تزال الدعاية المكثفة والمحمومة قائمة، الا أن الأذواق تتغير.

وكما يقول طالباني «في حين سيطر على عناوين الصحف في الماضي الترويج للفلل الراقية جدا، الا أن دبي تشهد الآن بناء عقارات ذات استخدامات متنوعة أكثر ومنازل متوسطة المستوى. العدد الكبير للرافعات في دبي تعكس شعبية مستمرة للمباني الجديدة، التي لا تزال تهيمن على السوق، حتى وان كان هناك عدد أقل من الناس الذين يشترون على الخريطة، مما كان عليه الوضع في الطفرة السابقة».

لكن مع كل هذا الاهتمام، لا تزال دبي أقل نسبيا من حيث الأسعار بالمقارنة مع الأسواق العالمية الأخرى. أسعار العقارات من LuxuryEstate.com، الموقع المخصص لبيع وتأجير العقارات الفاخرة، يظهر أن دبي تقدم، بالدولار الأميركي للمتر المربع الواحد، امكانات أكبر من نظيراتها الأكثر تقدما.

في قائمة التي تتصدرها موناكو، عند 61600 دولار للمتر المربع، - ويليها لندن وهونغ كونغ ونيويورك، تحتل دبي المركز 25، بمتوسط تكلفة للعقارات يبلغ 6800 دولار للمتر المربع.

نمو رأس المال، بدلا من ايرادات الايجار، لا يزال «عامل الجذب الأساسي للمشترين الأجانب»، كما يقول الطالباني، مضيفا «على الرغم من ان عائدات التأجير قوية عند %5، وعادة ما يتم دفع الايجار مقدما عن السنة بأكملها، الا أنه بالنسبة للكثير من المشترين الأجانب في الخارج، لا تزال ايرادات الايجار خيارا اضافيا».

وبسبب تفضيل المنازل جديدة لبناء، تعتبر تكاليف البناء عاملا مهما وكبيرا في الأسعار. لكن التأثير العام قابل للتعامل معه، وفق طالباني. ويضيف «أبحاثنا تشير الى أن تضخم تكلفة البناء في دولة الامارات لا يزال متواضعا، %2 فقط في عامي 2015/2014. ونتوقع أن يزيد المعدل الى %3 خلال العام المقبل، حيث ترتبط تضخم التكاليف بحالة الغموض بشأن أسعار النفط».

الاستقرار يعد أمرا حاسما بالنسبة للأسواق التي تتسم بالتوتر والعصبية. ومع تزايد تكاليف البناء بمستويات متواضعة ووجود مجموعة واسعة من المنازل التي يجري بناؤها فان «شهية الاستثمار بين مشتري العقارات الأجانب لا تزال قوية»، وفقا لطالباني. 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً