العدد 4857 - الخميس 24 ديسمبر 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1437هـ

لماذا يُعد الاحتواء صواباً أخلاقياً وذكاءً اقتصادياً

عندما تضع الشركات نساء في مواقعها القيادية تقل احتمالات تعرضها لفضائح أو احتيال

الوسط - المحرر الدولي 

تحديث: 12 مايو 2017

نشرت مدونة البنك الدولي مقالاً لسري مولياني إندراواتي يوم الثلثاء (11 أكتوبر/ تشرين الأول 2015) حول التنمية الاقتصادية، أكدت فيه أنه عندما تضع الشركات نساء في مواقعها القيادية، تقل احتمالات تعرضها لفضائح أو احتيال...

 

وفيما يلي نص المقال:

عندما كنت أقوم بالتدريس في جامعة إندونيسيا، كان بلدي بمثابة المثال الكامل بالنسبة للتنمية الاقتصادية. كانت إندونيسيا تنمو بقوة – بمعدل يصل إلى 9 في المائة خلال التسعينات. وكان الفقر يتراجع. لكنها كانت تتسم باستشراء الفساد والمحاباة والمحسوبية، وكان الخوف في ظل الحكم السلطوي للرئيس سوهارتو هو سيد الموقف. فلم تكن لدى البرلمان أي ضوابط أو توازنات. ولم تكن هناك مساءلة أو شفافية. وكانت بضع عائلات قوية هي التي تتحكم في الاقتصاد. وأثارت الأزمة المالية في عام 1998 احتجاجات الطلبة التي عمت أرجاء البلد – وعُرفت باسم الحركة "الإصلاحية". وانضممت إلى الطلبة في المناداة بالتغيير. وواصلنا الاحتجاج حتى استقال سوهارتو.

وعندما بدأت أحداث الربيع العربي في الشرق الأوسط عام 2010، رأيت تاريخنا يكرر نفسه. فانعدام المساواة وقلة الفرص دفعت مجتمعات بأكملها إلى الحافة.

ويتمثل الدرس المستفاد من هذين المثالين فيما يلي: إن النمو الاقتصادي الذي لا يعود بالنفع إلا على قلة معدودة يشبه السم. فهو مميت، ولكنه يقتل ببطء. وفشله ما هو إلا مسألة وقت وكيفية، وليس احتمالا.

النمو الاقتصادي الذي لا يتسم بالاشتمال يمزق النسيج الاجتماعي، ويبدد الثقة في القيادة، ويضعف التزام المواطن تجاه المجتمع.

ما معنى أن تكون مستبعداً محروماً؟ هذه بضعة أمثلة:

- تدرك أنه مهما اجتهدت لتحسين حياتك، لن تحصل على الوظيفة المؤهل لها لأنك لا تملك العلاقات اللازمة.

- إذا أنشأت مشروعا، لن تحصل على العقود الجيدة مالم تدفع رشوة، لأن الصفوة القوية تحمي مصالح بعضها البعض.

- إذا كان والداك من الفقراء، فسوف تبقى على الأرجح فقيراً.

إن تغير المجتمع من مجتمع تنعدم به الشفافية والمساءلة والمشاركة إلى مجتمع مفتوح يشمل الجميع لهي مهمة هائلة وصعبة. لكن الأمر يستحق العناء – اقتصادياً واجتماعياً – وذلك لأسباب منها أن تكلفة الاقصاء باهظة.

في العديد من البلدان، النامية منها والمتقدمة، مازالت المرأة مكبلة بقيود القوانين، واللوائح التنظيمية، والسياسات، والأعراف الاجتماعية. وغالباً ما تُستبعد من عملية صنع القرار في عائلاتها ومجتمعاتها.

إن تكلفة الحيلولة دون استغلال المرأة أقصى إمكانياتها تؤدي للاختناق. والفجوات في ريادة النساء للأعمال الحرة وفي المشاركة في قوة العمل تتسبب في خسائر في الدخل تُقدَر بما يعادل ربع إجمالي الناتج المحلي في الشرق الأوسط ونحو 14 في المائة في أمريكا اللاتينية.

وعلى الجانب الآخر، فإن المنافع التي تعود على المجتمع بفضل إشراك المرأة عديدة، ومنها:

- عندما تبقى الفتيات سنة إضافية في المدرسة الثانوية، يمكن أن يرتفع دخلهن بما يصل إلى 25 في المائة.

- عندما يكون من حق الأمهات أن يرثن ما تملكه الأسرة، مثلما يحدث الآن في الهند، فإنهن ينفقن الضعف على تعليم بناتهن، بما يعود بالفائدة على الجيل التالي.

- عندما تضع الشركات نساء في مواقعها القيادية، تقل احتمالات تعرضها لفضائح أو احتيال.

ما من بلد يستطيع تجاهل هذه المنافع الاجتماعية والاقتصادية. ويصدق ذلك على الفئات المهمشة الأخرى – بسبب العرق أو الجنسية أو العرق أو الدين.

إن خوض تجربة الاقصاء في بلدي ترك علامة لا تُمحى على أفكاري بشأن التنمية.

أظن أن ذلك كان خطأ أمي. فقد أنجبت أمي عشرة أبناء: 6 بنات و 4 صبيان. وكنت أنا السابعة في الترتيب. لم تكن تحمل شهادة الدكتوراه في التعليم فحسب، بل كانت أيضاً إمرأة عاملة ناجحة للغاية.

وقد أصرت على أن نحصل كلنا على تعليم جيد، صبياناً وبنات. وساعدتنا على الإبحار وسط أمواج التفرقة الصارمة بين الجنسين في إندونيسيا.

عندما تلقى نشأة كهذه، حيث تشجعك الأسرة على أن تبلي بلاء حسناً وتتحدى الأنماط الجامدة، ينشأ لديك تشكك فيمن يبررون التمييز والاقصاء.

ومن المعلوم أنه بناء على الشواهد فإن الاقصاء يبقي البلدان على فقرها. أما الاحتواء، على النقيض، فإنه على الدوام يمثل منفعة، وليس عبئاً على الإطلاق.

اعتقد أننا بحاجة لأن نتذكر هذا في كل شيء نفعله، كقادة حاليين أو قادة مستقبلين، وكمحاربين للفقر.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً