العدد 4857 - الخميس 24 ديسمبر 2015م الموافق 13 ربيع الاول 1437هـ

الفنان زهير السعيد: أنا مهووس بالبحث عن الجمال المفقود

يستمر معرضه في البارح حتى نهايات ديسمبر الجاري

العدلية – منصورة عبدالأمير 

تحديث: 12 مايو 2017

تصوير: أحمد آل حيدر

من حيث العنوان، يبدو المعرض الشخصي للفنان زهير السعيد متشابهاً في ثيمته الأساس إلى حد كبير مع معرضه الشخصي السابق "كن إيجابيا" الذي أقيم عام 2013. المعرض الأخير الذي افتتح أخيراً في البارح للفنون التشكيلية يحمل عنوان "على طريق" ما يحمل إيحاءاً بالأعمال التي يقدمها السعيد في معرضه والتي قد تكون شبيهة بما قدمه في المعرض السابق من قطع خشبية مكسورة وإطارات محترقة وأشياء أخرى عثر عليها أثناء تجواله في مختلف الشوارع والطرقات. لكن زيارة واحدة للمعرض الذي يضم 35 عملاً تتنوع بين اللوحات والأعمال التركيبية تكشف كماً أكبر من النضج والعمق في هذا المعر الذي يستمر حتى 30 ديسمبر/كانون الأول 2015، وهو يضم كما ضم سابقه لوحات وأعمال تركيبية صنعها زهير من إطارات محترقة وقطع خشبية مكسورة وحتى قطع بلاط قديمة. الوسط التقت الفنان السعيد على هامش معرضه، فدار الحوار التالي:

- ثيمة هذا المعرض تبدو وكأنها امتداداً لثيمة معرضك السابق "كن ايجابيا" B+ والذي كانت أعماله بمثابة تأملات في مقولة لأدونيس " "تقول العالم ظلام .لكن انظر حولك ألا ترى كيفما اتجهت، أن هذا الظلام مليء بالنور؟! فليست المسألة في رؤية الظلام، المسألة هي في اكتشاف النور".

في معرض (على الطريق) أعلن عن فكرة مشروع يمكن أن يكون مشروع حياة وليس مجرد معرض، فالمعرض بداية لسلسلة من المعارض أحب أن أؤكد فيها أن هناك جمال مفقود حولنا أحاول التقاطه بطريقة ما. (على الطريق) ليس مجرد اسم ولا أقصد بالطريق هنا الطريق المادي، بل أتحدث عن طريق الحياة وأريد أن أؤكد من خلال المعرض أن كل شخص يسلك طريقاًمعيناً في حياته، فإذا آمن بفكرة ما عليه أن يصر عليها وأن يسعى لتحقيق أحلامه وأهدافه في الحياة. لوحاتي بألوانها تختزل الحياة بأكملها.

 

- كيف يكون ذلك، وما يسيطر على المعرض هو اللونين الأبيض أو القريب منه والأسود.. أين هي باقي ألوان الحياة؟

اللونان الأبيض والأسود يختزلان الحياة بأكملها، انظري الى اللوحات ستجدين فيها تحفيزاً وبثاً للإيجابية للآخرين. هذه اللوحة المقسمة الى لونين ابيض اسود، تقول أن في الحياة مآس يعبر عنها اللون الأسود ولكن البياض موجود وهذه هي الحياة. وعموما السواد لا يدعو للتشاؤم دائماً، في الواقع اللونين يعبران عن الحياة. الأسود ليس بالضرورة حالة سلبية بل له رمزيات عديدة، لكن ما أريد قوله هو أنه كانت لديك مشكلة أو مأساة فيجب أن تتخطاها ولا تبقى حبيسها. هذا البياض كله هو الحياة فلماذا نركز على السواد وهو قليل في اللوحة وفي الحياة. أريد أن أقول أن الحق بين وواضح والحياة إما أبيض أو أسود.

 

- في المعرض السابق قدمت لوحاتك على قطع خشبية وأثاب مكسور، ما الذي فعلته هذه المرة واي خامات استخدمت؟

في هذه المرة استخدمت كانفس عادي، وغطيته بقماش، وهي خامات عادية، التكنيك فقط هو المختلف، إذ أعطيت ملمساً مختلفاً للوحة ما جعل زوار المعرض يشعرون بإحساس الشارع. قمت بعمل معالجة لأسطح لوحاتي للوصول إلى هذه النتيجة، وقد وضعت عليها نوع من الحجر البحري ومواد مختلفة.

 

- كيف يبدأ اشتغالك على مثل هذه المعارض، هل تأتي الثيمة بعد رحلة البحث والتنقيب في الطريق، أم إنك تضع الثيمة أولا ثم تنطلق باحثاً عن خامات تنفيذها؟

الفنان هو عين وأنا أدرب عيني منذ سنين طويلة على التقاط الجمال وان تكون لدي عين بصيرة وذائقة بصرية جيدة في التقاط الجمال. اليوم ما هو سائد أن الناس تحب اللوحة العادية المباشرة، أما انا ففي صميم اشتغالي على معارضي أؤكد علىأن أخط لي مسار مختلف في حياتي الفنية، بتوثيق يومياتي ومشاهداتي بهذا الأسلوب.

 

- كيف تصنف الفن الذي تقدمه والذي تحول فيه إطارات محترقة إلى أعمال فنية؟

أعمالي تجريدية وتركيبية، وأنا أقدم فن مفاهيمي، وهو فن يصنف على أنه ما بعد الحداثة. أما ما أفعله في أعمالي فيتركز في تفاصيل كل لوحة أو عمل تركيبي وفي التقطيع واستخراج لون ما بمعالجات معينة. في بعض الأحيان أضفي بعض اللمسات على الخامة التي استخدمها وفي احيان اخرى اتركها كما هي بدون اي اضافات، فهذا اللون وهذا الاحساس اشتغلت عليه بعد عمل معالجة للإطار. حين أسير في الشارع ارى صور جميلة كثيرة لو اتيحت لها الفرصة لأصبحت اعمال فنية في صالات العرض. تناديني هذه الأشياء وتجذبني إليها. ثم إنني أوثق حياة الناس باستخدامي لهذه الاطارات محترقة أو أحزمة شد الأمتعة التي تحمل على الشاحنات الثقيلة. كما إني أحول الحالات السلبية الى حالات ايجابية، فهذا الإطار كان نتاج حادث، قدمت منه حالة فنية وحولت سلبيته إلى حالة ايجابية.

 

- أنت مهووس بفكرة تحويل القبح الى جمال وفن، فعلت ذلك في معرضك السابق "كن ايجابيا" وهأنت تفعلها اليوم، يبدو وكأن الفكرة استحوذت عليك؟

حين يصل الفنان الى مرحلة النضوج يحدد هويته وشخصيته. زوار معرضي وجدوا في معرضي تميزاً وكثير من الفنانين أشادوا بأعمالي وقالوا انهم توقعوا ان اكرر نفسي لكنهم وجدوا اشتغالا مختلفاً. عيناي تبحثان عن السطوح ووهذا صميم اشتغال الحداثيين. ليس من السهل الوصول لهذا الاحساس في هذا اللوحة. أجمل ما في الأمر هو تفاعل الناس مع أعمالي وتقديم قراءات متعددة لها، أعتقد أن هذه حالة إيجابية. نعم ربما أصبحت مهووساً بمسألة البحث عن الأثر والبحث عن الجمال المفقود الذي لا يكترث له أحد وهو أمام أعيننا ولكن العين التي تلتقطه هي العين البصيرة المتفحصة وهذا يحتاج إلى سمو روح. هذه الأشياء هي محطات للوقوف وليس للعبور تبنى عليها قراءات متعددة لي وللآخرين من حولي.

لكنني أرى أن الفنان هو ابن بيئته وابن واقعه، ولا يمكن لفنان حقيقي أن ينفصل عن واقعه وعن بيئته ومحيطه. هناك انتقادات في أعمالي ورصد لحالة معينة في مجتمعنا أو في العالم ككل. في المعرض السابق كان هناك اندفاع وعاطفة قوية اليوم العمل موزون بشكل أكبر، وهناك بساطة ولكن عمق أكبر.

 

يشار إلى أن زهير السعيد فنان بحريني، من مواليد عام 1980، يستلهم أفكار أعماله من قضايا وموضوعات اجتماعية وبيئية، وهو يؤكد على الدوام بأن أعماله مستقاة من واقعه اليومي. درس الفنون الجميلة في جامعة البحرين، وعرضت أعماله في عدة معارض في البحرين والكويت والمغرب وقطر والإمارات العربية المتحدة. كما تعرض أعماله بشكل دائم في متحف البحرين الوطني، وبنك HSBC، وهيئة البحرين للثقافة والآثار، ومتحف الفن المعاضر في الكويت. فاز السعيد بجائزة “مبادرة زين لتحقيق الأحلام” عام 2008، وفي شهر اكتوبر/تشرين الأول 2015 حصل على جائزة السعفة الذهبية في ملتقى الدوحة للفنون البصرية لفناني دول مجلس التعاون في العاصمة القطرية الدوحة ونظمته الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي.

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 8:39 ص

      الى الامام دائما...

      ابن عمي زهير السعيد الى الامام ان شاء الله
      المعرض ابداع وابهار .
      بالتوفيق وان شاء الله نكون من زوار معرضكم الرائع

اقرأ ايضاً