العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ

السلمان: الجمري كان عابراً للطوائف والاختلافات بامتياز...

اعتبر كل البحرينيين أبناءه عاش ومات من أجلهم

الحضور في حفل التأبين في الذكرى التاسعة لرحيل الشيخ عبدالأمير الجمري - تصوير : عبدالله حسن
الحضور في حفل التأبين في الذكرى التاسعة لرحيل الشيخ عبدالأمير الجمري - تصوير : عبدالله حسن

قال رئيس تحرير «الوسط» منصور الجمري «إن الشيخ عبدالأمير الجمري كان يعتبر كل أبناء البحرين أبناءه، كما إنه كان مؤمناً تمام الإيمان بالتعايش والتعاون مع الجميع».

ومن جانبه، قال عالم الدين الشيخ ميثم السلمان إن «الشيخ الجمري كان عابراً للطوائف، وكان يؤمن بالالتقاء على أجندة موحدة بصرف النظر عن الاختلافات والتلاوين الطائفية والمناطقية الموجودة في هذا الوطن، وقد كان يعتبر هذا التنوع مرتكز قوة وليس سبباً للاختلاف بين أبناء الشعب».

جاء ذلك في حفل تأبين أقيم بمناسبة الذكرى التاسعة على رحيل الشيخ الجمري في مأتم السهلة الجنوبية مساء الجمعة (25 ديسمبر/ كانون الأول 2015).

وفي كلمة عائلة الشيخ الجمري، قال ابنه منصور الجمري «كانت لدى الشيخ الجمري قيم يسترشد بها في حياته، ومن هذه القيم موضوع أصالة الهوية، وهي القيمة الأولى، كان يعشق البحرين وأهلها وتاريخها، وكيف استقبل شعب البحرين رسالة محمد صلى الله عليه وآله بترحاب شديد في صدر الإسلام، وكيف شارك هذا الشعب في الحضارة الإسلامية منذ ذلك الوقت وحتى اليوم».

وأردف الجمري «القيمة الثانية التي كان يؤمن بها، كانت العيش بكرامة، وكان يكره أن يعيش الإنسان مهاناً، وكان يكره الطبقية، لذلك عندما يقال له مالك وهؤلاء الناس البسطاء، فكان دائماً يرفض أن يترفع عن الناس، وهذا ما جلب له حب الناس، كان يعيش مع الناس ومن أجلهم وحولهم».

وأكمل «القيمة الثالثة كانت خدمة الناس، حقيقة أنه كان يرى سعادته في خدمة الناس، بأن يفتح مجلسه لهم، ويرد على الهاتف ويفتح الباب لهم بنفسه، ويستقبل الصغير والكبير، وفي الثمانينيات جاءت فترة أغلقت المجالس أبوابها أمام الناس، وأمن الدولة أطبق على أي تجمع، والاعتقالات كانت مرعبة، فأغلقت المجالس إلا مجلسه، لقد هُدد ليغلق هذا المجلس، ولكنه كان يرفض ويبتسم ويفتح المجلس وعانى كثيراً لأنه لا يستطيع إغلاق مجلسه أمام الناس، لأنه لم يكن يرى له من سعادة إلا أن يكون وسط الناس».

وأشار إلى قيمة رابعة، وهي «النشاط الدائب... كان يؤمن بالمشاريع الصغيرة والمتوسطة والكبيرة، عندما جاء من النجف اجتهد ليعمل سوراً لمقبرة بني جمرة، وجاء بنفسه وعمل في خلط الأسمنت ووضع القوائم، وهو الذي بنى سور المقبرة القديم، وعندما اكتمل السور اعتبر أنه قدم إنجازاً للناس».

وذكر أنه «في السبعينيات كان يسجل كل الفقراء في أنحاء البحرين، وكان يذهب لهم من قرية لقرية، يزور بيوتهم المتهالكة، كان يطرق الباب ويعطيهم المال ويمضي، وكان أحياناً يدخل ويأكل معهم بكل أريحية».

وتابع «القيمة الخامسة، كانت إيمانه بالتعايش والتفاهم مع الجميع، كان من أوائل الناس الذين يؤمنون بأن التعايش مع الآخرين خير، كان يذهب إلى منطقة البديع عندما رشح نفسه في الانتخابات في مطلع السبعينيات من القرن العشرين باعتبارها إحدى مناطق دائرته، كان يذهب إلى نادي البديع ويقول لهم ماذا سيفعل من أجلهم، وكان يدافع عنهم وينقل طلباتهم من إسكان وخدمات بكل حماس وصدق تماماً كما كان يفعل للقرى الأخرى».

وأوضح «كان الشيخ الجمري حلقة الوسط بين الكتلة الدينية والكتل الأخرى، وعندما تحرك في التسعينيات ذهب إلى علماء السنة واليساريين وكل الأطياف في البلاد، وكان يعتبر أي نشاط يجب أن يشمل جميع مكونات المجتمع».

وأفاد الجمري، والقيمة السادسة كانت «انحيازه للناس... فعندما تكون هناك مشكلة في البلد كان ينحاز إلى الناس، وعندما تكون هناك قضية كان يعتبر نفسه معنياً بها، وعندما تكون هناك اعتقالات كان الشيخ عبدالأمير الجمري أول من يذهب إلى بيت أي معتقل سياسي، وكان يتصل بوزارة الداخلية والجهات المعنية لمتابعة موضوع اعتقاله، ويعتبر أنه معني بالدرجة الأولى بكل ذلك».

وواصل «لذلك إذا كان هناك مشروع وطني كان هو أول من يبادر فيه، وإذا كان هناك ضرر بسبب هذا المشروع فقد كان يشارك فيه بكل أريحية، وكان ذلك بالنسبة له جزءاً من الضريبة التي يسعد بتلقيها من أجل الناس».

وختم الجمري «لقد عاش الشيخ الجمري سعيداً ومات سعيداً، كان مبتسماً وكان يحس أن هذا الشعب قدم الكثير بطيبته، وأن من حقه أن يضمن رزقه وكرامته من دون أن يذل نفسه».

ومن جانبه، قال الشيخ ميثم السلمان «إن أردنا أن نتلمس بركات وآثار الشيخ عبدالأمير الجمري على هذا الشعب، وعلى الحركة المطلبية التي تطالب بالتحول الديمقراطي فلابد أن ندرس سيرة هذا الرجل وخطاباته والمراسي التي أرساها في الحراك العام في هذا الوطن».

وأضاف «ولي أن أستعرض عدة مراسٍ لهذا الرجل الوطني، فالمرسى الأول كان الإصرار على السلمية ونبذ العنف والتمحور في الحركة المطلبية باعتماد الأساليب السلمية لبلوغ الأهداف، وكل خطاباته تدل على ذلك، ومنها حتى خطاباته التي تفوّه بها بعد سقوط الشهيدين هاني الوسطي وهاني خميس في التسعينيات».

وأردف «إذا نظرنا إلى المطالب الشعبية اليوم، وإصرار الشعب في اعتماد الوسائل السلمية فعلينا ألا ننسى فضل الشيخ الجمري في إرساء هذه الدعامة التي تجذرت وأصبحت مرتكزاً محورياً في حراك هذا الوطن».

وأفاد الشيخ السلمان «المرسى الثاني كان إصرار الشيخ على تبني أجندة وطنية بامتياز تلامس معاناة جميع المواطنين، بصرف النظر عن التلاوين والاختلافات المذهبية، كانت أجندة الشيخ تركز بامتياز على هذا الأمر، فلم يكن متميزاً فقط في صناعة الألفة والانسجام بين أبناء هذا الشعب، ولكنه كان يمتاز أيضاً بقدرته الفائقة على خلق الاصطفافات الموقفية الموحدة لكل تلاوين هذا الشعب، وكان يمتاز بقدرته على صناعة ثقافة الالتقاء مع من يختلفون معه في بعض النقاط، وهذا ما يفسر حراكه في العام 1992 عندما قُدمت العريضة إلى الأمير الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، وكان المشاركون في تلك العريضة من كل التلاوين وكان الشيخ يلعب دوراً في جمعهم، وكذلك عريضة العام 1994».

وتابع «لقد أرسى الشيخ الجمري قناعة لدى المتصدين للشأن العام بالالتقاء على أجندة موحدة بصرف النظر عن الاختلافات والتلاوين الطائفية والمناطقية الموجودة في هذا الوطن، وقد كان يعتبر هذا التنوع مرتكز قوة وليس سبباً للاختلاف بين أبناء الشعب، وهذه النقطة كانت علامة واضحة في سيرة الشيخ الجمري».

وأوضح أن «المرسى الثالث كان إصراره على التأكيد على أن الحراك الوطني البحريني مستقل ذاتياً وغير مدفوع من الخارج، وأنه انطلق لصالح المصلحة العامة وملامسة حاجات الناس، وإذا رأينا الواقع اليوم ورأينا الإخلال بالمواطنة المتساوية، فمن الطبيعي من هذه البيئة أن يدفع أبناء هذا الشعب المطالبة بالمواطنة المتساوية، وكل الاتهامات التي تساق إلى الجمري على رغم أنه كان ينطلق من رؤية وطنية لاتزال توجه إلى هذا الشعب، على رغم أن الشعب يصر على أن يكون هذا الوطن وطناً للجميع وأمنه للجميع».

وأكمل «كان الشيخ الجمري يريد أن يرى الخير يعم لكل أبناء الوطن بمختلف تلاوينهم المذهبية والمناطقية، لذلك كان يسعى ألا يكون التمثيل للشعب غير محصور في لون واحد، لأن هذه المطالب هي مطالب لكل أبناء الشعب».

وقال الشيخ السلمان «إذا صحت القاعدة التي تقول إن وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة، فلا نستطيع أن نستحضر نضالات الحقبة التسعينية دون النظر إلى المرأة العظيمة «أم جميل» زوجة الشيخ الجمري، التي كانت نعم السند إلى الشيخ في تلك المرحلة».

العدد 4859 - السبت 26 ديسمبر 2015م الموافق 15 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 10:37 ص

      رحمك الله يا شيخنا الجليل

      جمرٌ في القلوب .. عرفه وزد ياء تصبح……
      ذلك الجمري حبي وحياتي…
      لو كان لساني مقطوعا لنما ولقال هو الجمري…
      رحمة الله عليك

    • زائر 3 | 4:48 ص

      الرحمه

      رحم الله الفقيد أبا جميل

    • زائر 4 زائر 3 | 8:02 ص

      الشيخ الجمري الاب الروحي

      تكل الالسن وتعجز الكلمات للاب الروحي والشيخ القائد عن وصفه والله لتدمع العين على فراقه كلماته سبيل نجاة للبلد والحروف تنبع من علمه كسفينة ترسي بنا الى بر الامان.. رحمك الله شيخنا ابو جميل .. الفاتحه لترابه الطاهر

    • زائر 2 | 11:59 م

      رحمة الله على والدنا الحنون

      رحم الله من قرأ سورة الفاتحة ى اخدى ثوابها لروح شيخنا الجمري و جميع المؤمنين و الشهداء

اقرأ ايضاً