العدد 4865 - الجمعة 01 يناير 2016م الموافق 21 ربيع الاول 1437هـ

براءة استشاري تخدير من تسببه بوفاة سيدة دخلت لإجراء عملية تجميل

قضت المحكمة الصغرى الجنائية الرابعة ببراءة استشاري تخدير بمستشفى خاص، من التسبب بوفاة سيدة بحرينية، دخلت إلى مستشفى خاص لإجراء جراحة تجميل، أصيبت بعدها بنزيف داخلي تسبب في وفاتها.

كانت النيابة العامة قد قررت إحالة المتهم الثاني وآخر للمحاكمة الجنائية، ناسبة لهما أنهما وبتاريخ 13/3/2013 تسببا بخطئهما في موت المجني عليها ( سيدة بحرينية)، وكان ذلك ناشئاً عن عدم اتباعهما الأصول الطبية في علاج المجني عليها، مما نتج عنه إصابتها بالإصابات الموصوفة بالتقرير الطبي والتي أودت بحياتها.

وأمام المحكمة دفع المحامي عبدالرحمن غنيم ببراءة موكله المتهم الثاني، وهو استشاري التخدير، لانتفاء ركنى الخطأ وعلاقة السببية في حقه، وقال إن الخطأ الطبي الذى تنعقد به مسئولية الطبيب يتحدد في إطار التزامه ببذل عناية، ومن ثم فالخطأ الطبي يقتضى تقصيرا في مسلك الطبيب، وعدم بذله العناية التي كان ليرعاها من هو في مستواه، وفى ذات الظروف المحيطة وبذات الإمكانات المتاحة له. وقد جاءت تحقيقات النيابة العامة خلوا مما يثبت خطأ المتهم الثاني في مباشرته حالة المجنى عليها، أو تقصيره في بذل العناية القصوى قبل وأثناء وبعد العملة الجراحية التي أجريت لها، ولم يقترف ما من شأنه التسبب مباشرة في وفاة المجني عليها، الأمر الذى ينفى مسئوليته الجنائية لانتفاء ركني الخطأ وعلاقة السببية في حقه.

كما دفع غنيم بانتفاء ركن الخطأ في حق المتهم الثاني، وقال إن الثابت من الأوراق وبإجماع شهود الاثبات والنفي، أن المجني عليها دخلت المستشفى لإجراء جراحة تجميلية ليس بها أي قدر من الخطورة، وأن حالة المجني عليها قبل إجراء العملية الجراحية، لم تكن توحي بخطورة إجراء العملية ابتداءً، ذلك أن المتهم الثاني وبوصفه استشاري تخدير في المستشفى، قام بتقييم حالة المجني عليها قبل العملية، وذلك من خلال الفحوصات التي أجريت لها قبيل العملية، والتي أكدت أن كل مؤشراتها طبيعية، وتؤكد أن الحالة الصحية للمجني عليها تتحمل التخدير، ولا يوجد ما يمنع إجراء العملية. حيث كانت نسبة السكر 161 مليغراما لكل ديسي، ونسبة الدم 9.7 جرامات، وهى نسب طبيعية لا تمنع إجراء العملية، ولا تتطلب إجراءات احتياطية أكثر مما اتخذها المتهم الثاني في الشق المتعلق باختصاصه، وقد تأكد ذلك من البيّنات التالية:

أولا: أن المتهم الأول هو المسئول الوحيد عن حالة المجني عليها منذ دخولها للمستشفى وحتى وفاتها، خاصة وقد أجمع المختصون بالعمل الطبي على أن المعمول به عالمياً، أن الطبيب الذى يستقبل الحالة ابتداءً ويقرر خطة العلاج أو التدخل الجراحي، يظل مسئولاً عن الحالة، وله أن يأمر بإجراء التحاليل والفحوصات اللازمة قبل مباشرة أي إجراء، وله إن استدعى الأمر أن يستعين بزملائه من التخصصات الأخرى، على أن يكون ذلك تحت إشرافه. وبناء على ما تقدم، فإن المتهم الأول هو المسئول ابتداءً عن حالة المجني عليها بوجه عام، ويفترض فيه العلم بحالتها وتاريخها المرضى إن وجد، ومدى ملاءمة الإجراء الجراحي من عدمه.

وثانيا: أن اختصاصات المتهم الثاني كاستشاري تخدير، تنحصر بوجه عام وبشأن حالة المجني عليها بوجه خاص في تخديرها قبل العملية، وبعد تقييم حالتها المرضية من خلال الفحوصات، ومدى قابليتها لإجراء العملية، وعدم وجود خطورة تستدعي اتخاذ إجراءات احتياطية إضافية، مروراً بمراقبة وظائفها الحيوية من خلال متابعة الأجهزة ومعدلاتها أثناء إجراء العملية.

كما أن عناية المتهم الثاني بالمجني عليها لم تقتصر على وقت العملية، وإنما امتدت لما بعد خروجها من غرفة العمليات، حيث دون بملفها تعليمات بشأن حالتها وخاصة نسبة السكر، وكان يتعين على المتهم الأول وطاقمه الجراحي الالتزام بها، وهو ما لا يمكن معه نسبة أي خطأ طبي أو مهني للمتهم الثاني. حيث ان مسئولية طبيب التخدير تنتهي بمجرد خروج المريض من غرفة العمليات وإفاقته وعودته الى حالته الطبيعية قبل العملية. ووفق ما هو ثابت بالأوراق، فإن المجني عليها، وبعد إجراء العملية الجراحية كانت في حالة طبيعية جداً، وامتدت هذه الحالة حوالى 10 ساعات.

وثالثا: ان حالة المجني عليها، بعد إجراء العملية الجراحية، تجزم بانتفاء خطأ المتهم الثاني، وترجح الأدلة في الدعوى بأن وفاتها لم تكن إلا نتيجة النزيف الداخلي، وإهمال المتهم الأول في اتخاذ الإجراءات الكفيلة بمنعه ومتابعة الحالة بشكل مباشر، وبذل الرعاية اللازمة، الى أن تدهورت حالة المجني عليها ثم وفاتها.

وعن انتفاء علاقة السببية بين فعل المتهم الثاني ووفاة المجني عليها، قال المحامي غنيم إن قضاء محكمة النقض المصرية استقر على أن «القانون يوجب فى جريمة القتل الخطأ أن يكون خطأ المتهم هو السبب فى وفاة المجني عليه».

وتابع غنيم، ولما كان ما تقدمن وكان من المتعين أنه وقبل بحث خطأ ما، وبحث مدى امكانية نسبته للمتهم الثاني، أن يتم تحديد سبب وفاة المجني عليها ابتداءً على وجه محدد وقاطع، تقوم به رابطة السببية وترتبط به ارتباط السبب بالمسبب، وهو ما كان ليتأتى إلا بتشريح جثة المجني عليها، وهو ما لم يحدث، ومن ثم فإن نسبة أي خطأ للمتهم الثاني لا يعدو أن يكون رأياً لا دليل على صحته، خاصة وقد ثبت بذل المتهم الثاني للعناية المطلوبة في حدود اختصاصه، وقد دل على ذلك نجاح العملية وخروج المجني عليها الى جناح اقامتها بحالة طبيعية امتدت لساعات، وتناولها وجبة، وقيامها بالتبول، وهي مؤشرات أجمع المختصون على أنها مؤكدة لصحة نهج المتهم الثاني في مباشرة حالة المجني عليها.

كما أنه لا يمكن مساءلة المتهم الثاني عن انتكاس حالة المجنى عليها، والتي حدثت بعد خروجها من نطاق مسئوليته بانتهاء العملية وافاقتها وعودتها لحالتها الطبيعية، وذلك كله في ظل إجماع من المختصين، بأن الوفاة من المرجح أن تكون نتجت عن نزيف داخلي بالجرح الخاص بالعملية، أدى الى نقص حاد فى نسبة الدم لدى المجني عليها أهمله المتهم الأول، وقصر في ايقافه؛ مما أدى لانتكاس حالة المجني عليها، على اثر ذلك قام المتهم الأول بإجراء عملية تنظيف وتقطيب للجرح الذي تسبب فى النزيف، كما أن إهمال المتهم الأول لمتابعة حالة المجني عليها عن كثب، واكتفاءه بمتابعتها عبر الهاتف، ساهم وبشكل مباشر في تأخر حالتها وصعوبة إسعافها وإنقاذها. ومن ثم فإن سبب الوفاة المرجح، يقع خارج إطار مسئوليات المتهم الثاني.

والتمس غنيم في ختام مرافعته الحكم ببراءة موكله المتهم الثاني مما هو منسوب إليه.

العدد 4865 - الجمعة 01 يناير 2016م الموافق 21 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً