دخل عدد من أعضاء مجلس النواب في حالة من «جلد الذات» منذ بدء دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي الرابع في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وحالة من اللوم والعتاب للحكومة، التي تتضح من التصريحات المتكررة بأنها «سحبت» الهيبة من المجلس، ولذلك هم يطالبونها بـ «إعادة» هيبته، وأن يقفوا «وقفة رجال» ضد بعض القرارات الحكومية.

وخلال الجلسات الماضية لمجلس النواب، تكررت على لسان بعض النواب عبارات عدم الرضا؛ بسبب عدم السماح لهم بالتحدث في بعض الموضوعات، وخصوصاً الاقتراحات برغبة، إذ لا يسمح رئيس المجلس أحمد الملا بالحديث إلا لمقدمي المقترح، ويقف بشكل حازم أمام أي نائب يريد التحدث وهو من غير مقدمي المقترح.

النائب عادل العسومي كان أحد النواب الذي غضبوا أكثر من مرة؛ لعدم السماح له بالتحدث، وكان آخرها في جلسة يوم الثلثاء الماضي (29 ديسمبر/ كانون الأول 2015)، عندما قال خلال مناقشة أحد الموضوعات «إذا ما تبونا نتكلم خلونا نروح البيت».

العسومي الذي أكمل 9 أعوام في مجلس النواب، انتقد في وقت سابق قرارات الحكومة التي تفرضها على النواب، وعدم سماعها لما يقوله النواب، ففي إحدى الجلسات قال: «الحكومة تمشي إلي تبيه، وإحنا نبربر، على كل الوزراء أن يفتحوا آذانهم للنواب وغيرهم لسماع الملاحظات، إذا كنا نتحدث ولا أحد يستمع لنا فلا داعي لحديثنا».

وعندما طلب نواب مناقشة عامة لسياسة الحكومة في إعادة توجيه الدعم، انتقد العسومي تصريحات بعض زملائه النواب المطالبين بعقد النقاش العام، وقال حينها: «لماذا أنتم مستعجلون؟ اللجنة لم تنه تقريرها، وكأننا نقول لها أسرعي باتخاذ قرارات رفع الدعم عن الكهرباء وغيرها من الأمور، يجب أن تكون خطواتنا صحيحة حتى تكون فعالة، أعضاء اللجنة ليسوا موافقين على عقد هذه المناقشة في الجلسة، هل ذلك حتى نكون أبطالاً من كلام فقط أمام الناس؟ أنا لا أريد أن أكون بطلاً من كلام».

كما ذكر في مداخلته على طلب تمديد عمل لجنة التحقيق في تلحين القرآن الكريم، أنه «لا ينبغي إشغال المجلس وأعضاء المجلس من خلال هذه اللجان، وفي النهاية ستصدر توصيات ليس فيها إلزام لتطبيقها، وأمامنا مشاريع كثيرة يجب أن تدرس».

وتساءل في إحدى الجلسات، وبعد ساعتين من النقاشات في الاقتراحات برغبة، تساءل عن الفائدة المرجوة مما قاله النواب تعليقاً على ردود الحكومة، قائلاً: «ما الفائدة مما نقوله؟».

وفيما يتعلق بهيبة مجلس النواب، فقد طالب النائب علي العطيش في جلسة الثلثاء الماضي بأن تعيد الحكومة الهيبة إلى مجلس النواب، وذلك في إشارة منه إلى إحالة الحكومة إلى النواب 15 مرسوما بقانون إلى المجلس منذ بدء دور الانعقاد الحالي، وهي الآلية التي لا تتيح للنواب إلا التصويت بالموافقة أو الرفض من دون مناقشة المرسوم.

وزيادة لما قاله العطيش، قال النائب محمد العمادي: «التشريع سُحب منا، والرقابة سُحبت منا، ماذا نناقش؟ الاقتراحات برغبة؟ وهذا ما ترونه في جدول الأعمال»، في إشارة منه إلى أن مجلس النواب غارق في تقديم الاقتراحات برغبة.

وفي الجلسة التي أقر النواب فيها تحديد سقف الدين العام بما لا يزيد على 60 في المئة من الناتج المحلي، دعا رئيس لجنة الشئون المالية والاقتصادية بمجلس النواب، عبدالرحمن بوعلي، أعضاء مجلس النواب إلى الوقوف وقفة رجال أكفاء أمام تحديد سقف للدين العام، معتبراً أن «عدم تحديد سقف للدين العام يعني أننا سنذهب إلى الهاوية».

وتساءل «إذا لم يأخذ المجلس وقفة جادة، فمتى سنقف؟»، مشيراً إلى أن الموضوع لا يتعلق بـ «كسر خواطر أو حب خشوم أو إرضاء فلان أو فلتان».

وبحسب تصريح للنائب محسن البكري، فإن المواطنين لم يعودوا يثقون في مجلس النواب، وأخذوا خطوة في مقاطعة شراء اللحوم بعد رفع الدعم عنها، ونجحوا في ذلك.

وفي الجلسة ذاتها التي أدلى البكري بتصريحه فيها، دعا النائب نبيل البلوشي زملاءه إلى أن يكونوا أسوداً، وأن يدافعوا عن الحقوق، وألا يتعاملوا مع الحكومة بصيغة الطلب والرجاء، قائلاً: «إن لم نكن أسوداً أكلتنا الذئاب».