العدد 4867 - الأحد 03 يناير 2016م الموافق 23 ربيع الاول 1437هـ

طأفنة السياسة

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

التوتُّر الطائفي الذي تمُرُّ به منطقتنا ازدادت حِدَّتُه، وتأتي الاصطفافات الحالية لتصعد على مستوى إقليمي، وتتفاعل مع كلِّ حدث بما يُهدِّد بانزلاق الأمور نحو مسارات خطرة، وربما ليست في حسبان الكثيرين.

إنه وبعكس ما كان يُطرَحُ في مختلف الكتابات على مدى فترات طويلة، فإنّ الانقسامات الطائفيّة ليست نتيجة مؤامرة أجنبية، وإنّما هي من صُنع الثقافة المنتشرة في مجتمعاتنا. ولقد تعوَّدنا أن نمسع من كلِّ طرف إبعاد اللوم عن نفسه، وإلقاءه بالكامل على الأطراف الأخرى.

ثقافة لوم الآخرين متأصِّلةٌ في العادات والتقاليد التي ورثناها، وهذه تطوَّرت الآن لتأخذ مجالها بصورة أكبر وأخطر. وكنتيجة لإلقاء اللوم على الآخرين، فإنّه قَلَّمَا تجدُ من بيننا من يمارس نقداً ذاتيّاً. قد تجدُ ثقافات أخرى تعتبر المراجعة النقدية للذات واحداً من معالم القوة؛ لأنّ الفرد أو الجماعة تتمكن من تصحيح مسارها بذاتها. أمّا ما ينتشر في أوساطنا فيعتبر الاعتراف بالخطأ نوعاً من الضعف والإهانة غير المقبولة على الإطلاق.

ولذا، فإنّ نظريات المؤامرة، مثلاً، تنتشر في مجتمعاتنا؛ لأنّ هذا الطرف أو ذاك يبحث عن مَن هو خارج حدوده لإلقاء اللوم عليه في كلِّ شيء.

في عصر الدولة القومية التي نشأت بعد الحرب العالمية الأولى في منطقة الشرق الأوسط،، فإنّ الحدود التي تعرف الذات الجماعية كانت الحدود الجغرافية-السياسية لكلِّ بلد، على أساس مفهوم المواطنة والوطنية. ولكن، هذه الهوية الوطنية أصبحت أضعف من غيرها، وبرزت خلال السنوات الماضية الهويّة الطائفيّة بصورة أقوى، وذلك بسبب الخطاب الطائفي الذي انتشر عبر الفضائيات ومواقع التواصل الاجتماعي، ومن فوق المنابر، وعلى لسان السياسيين الذين انساقوا خلف هذا النهج. وعليه، فقد أصبحت الهويّة الطائفيّة هي الحدود التي يتحصَّنُ بها الفرد، ولأنّ الخطأ يُعتبَرُ عيباً، فلابُدَّ وأنّ المخطئ هي الطائفة المقابلة.

ويتبع ذلك موضوعٌ آخر؛ فبسبب انهيار الأطُر التي يمكن من خلالها التفاهم حول مختلف الأمور، فإنّ الخيار المتبقّي هو استخدام كل ما يمكن استخدامه لإثبات خطأ الآخر. إن طأفنة السياسة وتغليب الهويّات العابرة للأوطان تَنتُجُ عنها اضطرابات قد نعرف بداياتها ولكن تَصعُبُ معرفة نهاياتها.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 4867 - الأحد 03 يناير 2016م الموافق 23 ربيع الاول 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 16 | 9:02 ص

      ان التفكير العشوائي

      ان التفكير العشوائي والبعد عن الدين أوصل المجتمع الي هذا الطريق المسدود

    • زائر 14 | 8:18 ص

      طأفنة السياسة هذه بالضبط الفتنة الخطيرة التي إصابة المنطقة فهل نعمل معا لا إخراج وطننا الغالي من هذه الغمة ونعمل لحلحلة ازمتنا داخلين وهذا ليس بالكلام بل باعتماد المواطن بالمساواة و عدم التمييز لدي السلطة وكذلك جمعياتنا السياسية الدينية

    • زائر 12 | 6:34 ص

      الطائفيه البغيضه

      لا تقوم الا في الازمات الحقوقيه لحرف البوصله والتهرب من الاستحقاقات من قبل الانظمه الاستبداديه الظالمه.

    • زائر 11 | 5:06 ص

      السياسه الطائفيه

      السياسة الطائفيه هي اللي متبعه واللي مستفيد منها عاجبنه الوضع على ماهو مايريد انه تتغير الى مساواه من غير تمييز لانه بيخسر المميزات اللي محصلنها وكل من يدور مصلحته بأنانيه وما يهمه غيره خصوصا الطائفه المغضوب عليها

    • زائر 9 | 2:52 ص

      طأفنة السياسة إنما جاءت من تسييس الدين ؛ فكل من أراد لآرائه السياسية البقاء و التقديس جعلها من الدين. و الحقيقة أن السياسية بريئة من الطائفية و من الدين.

    • زائر 8 | 1:23 ص

      نعم .... النقد الذاتي والكف عن إلقاء اللوم على الآخرين نحن في أمس الحاجة إليه على مستوى الفرد والجماعة والفئة والقبيلة والطائفة وغير ذلك.

    • زائر 7 | 12:40 ص

      الوعي هو ما يجعل بعض المجتمعات ان ترفض ان تكون أداة وسلاحا بأيدي المتنفذين
      فإذا ارتقى وعي أمة معيّنة او شعب معيّن فإنه لا يرتضي لنفسه بأن يكون مطيّة لأطماع غيره

    • زائر 6 | 12:37 ص

      العيب في الشعوب التي لا زالت قابعة في بوتقة الجهل والاعتقاد ان كل صيحة عليهم هذه الشعوب التي تقبل بالظلم والفساد والعنصرية ولا تقبل بأي نظام منصف عادل فلربما تسلب بعض ما تتمتع به

    • زائر 3 | 10:25 م

      سياسة التمييز

      سياسة التمييز الطائفي هي المؤسس للطائفية في منطقتنا ومنها تنطلق سياسات الاضطهاد والقهر التي تواجَه بالتحصن والرد.
      أصحاب القرار والسلطة قادرون على احتضان جميع الطوائف في وطن متعايش من خلال العمل بالعدل والحقوق لا بالأقوال فقط.

    • sabah.fardan | 10:01 م

      نقترب من الفتنة العمياء

      في الكثير من خطب الإمام علي ع يذكر الفتن العمياء الهوجاء المظلمة التي تعوج فيها عقول الرجال والفتن التي تستبيح فيها كل المحرمات من دماء و اعراض و اموال والفتنة التي كالسفينة في بحر متلاطم الأمواج نحن من اربع سنوات في هذه الفتن و طأفنة السياسة و المعادلات المقلوبة و التقارير السخيفة و التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي لاناس انمسحت ادمغتهم و اصبحوا يرددون شتائم يتعفف الإنسان عن ذكرها لبشاعتها توجد فتنة ايضا ذكرها الإمام علي ع سيصل الدم للركب نقترب منها كثيرا الان ستحدث

    • sabah.fardan | 9:25 م

      الانقسامات الطائفية نتيجة الثقافة المريضة

      المشكلة انه في عصرنا توسعت الطائفية من الافراد و المجتمعات والصحف ووصلت للسياسات و الحروب هناك سياسة طائفية و خطاب طائفي على المنابر و هناك صحف طائفية و مقالات طائفية و نشرة اخبار طائفية و هكذا الى ان وصلنا الى مرحلة خطرة جدا و هناك عوامل ساعدت على تعزيز هذا النهج و طبعا الطائفية قاتلة قتلت شعوبا كثيرة بالتناحر و القتل و قريبا هناك دول ستتحارب بسبب الطائفية المجنونةوهي بلا نهاية او كنترول تسحق كل شيء

اقرأ ايضاً