العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ

اقتصاديون: الدعم الحكومي أكثره يذهب للشركات الكبرى وليس للمواطنين

الصائغ: توقع فرض رسوم على التعليم الحكومي والمواد الغذائية سترتفع

جاسم حسين وجعفر الصائغ خلال حديثهما في ندوة «وعد»  - تصوير عقيل الفردان
جاسم حسين وجعفر الصائغ خلال حديثهما في ندوة «وعد» - تصوير عقيل الفردان

قال اقتصاديون: «إن النسبة الأكبر من الدعم الحكومي تذهب إلى الشركات ليس إلى الأفراد»، معتبرين أن «الحكومة استفادت من انخفاض أسعار النفط في تحقيق هدف قديم كانت تريده بإعادة هندسة الدعم المقدم ورفع أسعار البنزين والكهرباء تحديداً».

وحذروا في ندوة عقدت تحت عنوان «ندوة الرسوم والأعباء الجديدة وانعكاساتها على المواطن»، في مقر جمعية وعد في أم الحصم مساء الأربعاء (13 يناير/ كانون الثاني 2016) من أن الحكومة قد تلجأ إلى فرض ضرائب مباشرة، إضافة إلى فرض رسوم على التعليم إذا استمرت أسعار النفط في التدهور أكثر».

وأوضحوا أن «أسعار المواد الغذائية سترتفع خلال الفترة المقبلة، بعد رفع أسعار الكهرباء والبنزين، بسبب ارتباطها الوثيق بها».

ومن جانبه، أوضح الاقتصادي النائب السابق جاسم حسين أن «47 في المئة من الدعم الذي تقدمه الحكومة يذهب إلى الشركات الكبرى الذي تحصل على الغاز مدعوماً، و27 في المئة من الدعم يذهب إلى الكهرباء والماء، و21 في المئة إلى النفط، و4 في المئة إلى اللحوم، وإلى الآن لم تمس الحكومة الدعم المقدم إلى الدقيق، ربما لارتباطه بالحاجات الأساسية الغذائية للناس».

وأضاف «الدعم الأساسي هو للغاز الذي تحصل عليه الشركات الكبرى، ولكن أعتقد أن الحكومة قررت عدم تفويت الفرصة لإعادة هندسة الدعم، وترتيب أوراقها تجاه الدعم، وإلا فإن الحكومة كانت تريد منذ زمن طويل رفع أسعار اللحوم والبنزين، وقد استغلت انخفاض أسعار النفط، وإلا منطقياً كان يفترض أن يتم تعديل أسعار النفط محلياً مع الارتفاع الذي حصل في سعره عالمياً، وليس مع انخفاضه، ولكن من الواضح أن هناك فرصة موجودة».

وأردف «باعتقادي أن الحكومة أرادت إرسال رسائل إلى عدة جهات، وخاصة صندوق النقد الدولي، الذي كان يطالب البحرين بخطوات من هذا القبيل منذ سنوات، ورسالة إلى دول مجلس التعاون التي تقدم مساعدات إلى البحرين، والتي تقول إنه لا يمكن أن نقدم دعماً والبحرين تقدم أسعاراً للجميع فيما يخص البنزين والكهرباء بسعر أقل مما هو لديهم، ورسالة إلى مؤسسات الائتمان الدولية، التي تتفق على نظرة مستقبلية سلبية للبحرين، ويقولون إنه في حال تم تقديم تغييرات في الاقتصاد ربما يتم تغيير النظرة إلى الوضع الاقتصادي في البلاد، وأعتقد أن البحرين ربما أوصلت رسالة قوية».

وأكمل «هناك تصريح لوزير الطاقة أن رفع أسعار البنزين سيوفر 56 مليون دينار سنوياً، بينما فوائد الدين العام لهذا العام تبلغ 300 مليون دينار، لذلك لا يعتبر المبلغ الموفر من رفع الدعم عن الكهرباء كبيراً».

وواصل «أخشى من فرض رسوم جديدة أو زيادة أعبائها، لأن الدولة ربما تلجأ لتطبيق الدفع مقابل الخدمة المطلوبة لمن يحتاجها، وربما ما يخدم البحرين حالياً سبقتنا وهي أغنى منا، مثل الإمارات التي بدأت بإعادة هندسة دعم البنزين منذ مدة، والأمر ينطبق على عمان والمملكة العربية السعودية، وربما تتبنى البحرين تجربة السعودية والتي بدورها قررت ضريبة للقيمة المضافة قدرها 5 في المئة ستطبق بعد سنتين».

وأفاد حسين «نتوقع تغير أنماط السلوك مثل التكيف مع الاستخدام الجديد للكهرباء والماء والسيارة وتعزيز دور شبكات الضمان الاجتماعي، وقد تقدم الحكومة مساعدات اجتماعية للأسر الفقيرة من خلال دعم الكهرباء لها، أو تقديم بطاقات «سديم» لبعض الأسر المحتاجة بالتوافق مع النواب لامتصاص مواقفهم الرافضة للقرار، هذه الأمور لا نعلم عنها ولكنها واردة».

وختم «يجب تشخيص المشكلة حتى نقيم الوضع المعيشي الحالي، ونعتقد أن الكثيرين سيعمدون إلى التكيف مع هذه القرارات، وأعتقد أن بعض الأجانب لن يستخدموا السيارات كما هو الآن، وسيكون هناك حاجة إلى دور أكبر إلى شبكات الدعم الاجتماعي وخاصة الصناديق الاجتماعية».

أما رئيس جمعية الاقتصاديين البحرينية جعفر الصائغ، فذكر أن «انخفاض أسعار النفط مستمر واقتصادنا يعتمد بمقدار 86 في المئة على الإيرادات النفطية ولذا لدينا مشكلة اقتصادية واضحة بسبب الاعتماد الكبير على سلعة واحدة كمصدر رئيسي للدخل».

وأضاف الصائغ «أسوأ التوقعات هو السعر الفعلي المناسب والمتوقع لهذه المرحلة هو 10 دولارات، والعرض الآن أكثر بكثير من الطلب، ودول الأوبك تصر على إبقاء الإنتاج كما هو».

وأكمل «الدولة تقوم بتنظيم العلاقة بين الإنتاج والاستهلاك، وهناك علاقة طردية بين الجهتين، والمطلوب أن يتطور الاستهلاك حتى تزيد القوة الشرائية ويقوى الاقتصاد بموجبه».

وأضاف «هدف كل دولة هو ازدهار المواطن الذي هو المستهلك، حتى تزيد القوى الشرائية لخلق صادرات وفرص عمل وحتى قد يكون قادراً على دفع الضريبة».

وأردف الصائغ «مصادر تمويل الدولة في الاقتصاد الحر هو النظام الضريبي وبيع المواد الأولية والاستثمارات عادة، أما عندما تعتمد الدولة على الثروات الطبيعية، فإنها تحتاج إلى ضخ إيراداتها في السوق وللمواطنين».

وأوضح أن «الدولة إذا لم تستطع تمويل العجز في موازناتها من الضرائب والثروات الطبيعية، فإنها تلجأ إلى الاقتراض المحلي والخارجي، وهنا يمكن الحصول على الديون محلياً وخارجياً، وإذا لم تستطع ذلك، فإنها تلجأ إلى المنظمات ذات الصلة مثل صندوق النقد الدولي الذي سيفرض عليها شروطاً قاسية نظير إعطائها القروض، والبحرين لم تصل لمرحلة الاقتراض من الصندوق الدولي أو المنظمات الدولية، وما يطبق حالياً هو السياسة التقشفية في البحرين، حيث إنه يتم رفع الدعم عن البنزين مثالاً».

وتابع «نحن في البحرين نسمى دولة ريعية، نعتمد على مصدر وحيد للدخل، وهناك نوعان من الدعم، الدعم المباشر للأفراد والدعم غير المباشر الذي تقدمه عبر الخدمات المقدمة، ولا يوجد ضرائب في البحرين للآن مع العلم أن الضرائب تخصم من الراتب قبيل استلامه أما الرسوم فهي التي تضاف إلى السلع حين شرائها».

وأكمل «كل دولة تحرص على تثبيت سعر السلع الاستراتيجية فيها، وكان من اللازم إيجاد بدائل وتحسين وضع المواطن، لأنه الآن سيتم إعادة النظر في جميع الوحدات الإنتاجية والتي يشكل فيها البنزين نسبة كبيرة مثل خدمات سيارات الأجرة وغيرها، وهناك ارتباط مباشر بين أسعار النقل وأسعار المواد الغذائية».

وأشار إلى أنه «كلما انخفضت الإيرادات النفطية انخفضت السيولة لدى الحكومة، وللأسف نحن مرتبطون منذ السبعينيات بهذه السلعة، في الوقت الذي كان يجب منذ تلك الفترة أن نفك الارتباط بيننا وبين هذه السلعة حتى نتجنب مثل هذه الهزات».

وأردف الصائغ «إذا استمرت الحكومة في الاقتراض من السوق المحلي، وهنا ينبغي الإشارة إلى أن الحكومة حريصة على عدم المساس بالسيولة في البلاد، لأن ذلك سيؤدي إلى زيادة التضخم».

وختم «الإجراءات التي قامت بها الحكومة لمواجهة هذا النقص في الإيرادات كان تقليص الدعم والتفكير في فرض رسوم، وهذا يعني أن خيارات الدولة توجهت لوجهتين رئيسيتين فقط، وليس لزيادة الاستثمارات، وكلما انخفضت أسعار النفط أكثر سنرى إجراءات تقشفية أكبر وتقليص النفقات وفق إجراءات تقليدية، وقد نصل لمرحلة رفع الدعم عن السلع كافة إلى أن تصل حتى للتفكير في فرض رسوم على التعليم والتأمين الصحي».

العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً