العدد 4878 - الخميس 14 يناير 2016م الموافق 04 ربيع الثاني 1437هـ

لبنان: «التمييز العسكرية» تخلي سماحة بشروط: مصادرة جوازه ومنعه من التحدث بالقضية

الوسط – المحرر السياسي 

تحديث: 12 مايو 2017

 

شكّل إخلاء سبيل الوزير اللبناني السابق ميشال سماحة أمس، «مفاجأة» قضائية وصدمة سياسية بعدما أصدرت محكمة التمييز العسكرية برئاسة القاضي طاني لطوف وعضوية أربعة ضباط برتبة عميد في الجيش، قراراً أعلنت فيه موافقتها على طلب المحامي صخر الهاشم إخلاء سبيل موكله سماحة بكفالة مالية قدرها 150 مليون ليرة ، وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (15 يناير / كانون الثاني 2016).

وجاء قرار إخلاء سبيل سماحة مشروطاً، إذ قررت المحكمة منعه من مغادرة لبنان لمدة سنة تبدأ من تاريخ إخلاء سبيله ومصادرة جواز سفره. كما حظّرت على سماحة تناول ملف القضية سواء لجهة إجراءات التحقيق الأولية والاستنطاقية أو إجراءات المحاكمة الجارية مع أي وسيلة إعلامية مكتوبة أو مرئية أو مسموعة، بما فيها وسائل التواصل الاجتماعي حتى صدور حكم نهائي عن المحكمة تحت طائلة إصدار مذكرة توقيف جديدة بحقه.

وأكدت المحكمة، التي تضم المستشارين العمداء: غبريال خليفة وعلي ابي رعد وجان غرغوار الجميل واسامة عطشان، في حيثيات قرارها أنه بعد نقض الحكم الصادر عن سماحة الذي قضى بسجنه أربع سنوات ونصف السنة بجرم نقل متفجرات من سورية إلى لبنان بهدف اغتيال شخصيات سياسية ودينية لبنانية، فإن محكمة التمييز تحولت إلى محكمة أساس، وبالتالي فإن حكم محكمة البداية يعتبر لاغياً وتعاد محاكمته بجميع الجرائم المسندة إليه في قرار الاتهام.

ورأت المحكمة في مناقشتها لمبدأ محاكمة المتهم حراً أمام محكمة التمييز في القضايا الجنائية، أنه «في ضوء وجود قانون خاص يحكم عمل المحاكم العسكرية بمختلف درجاتها وعند خلوّ القانون الخاص من نصّ يحكم الموضوع المطروح عندئذ للمحكمة العودة الى النص العام». وخلصت إلى «أن من صلاحيتها أن تقرر إخلاء الموقوف ومتابعة محاكمته حراً أو أن تبقيه قيد التوقيف بموجب قرار معلل وتتابع محاكمته على هذا الأساس».

والقرار الذي صدر ابلغ لوكيل سماحة الذي باشر إجراءات إخلاء موكله فوراً، على أن يمثل سماحة أمام المحكمة في 21 الجاري لمتابعة محاكمته. ولدى وصول سماحة الى منزله اكد للاعلام انه سيمارس عملي السياسي واعمالي الاخرى ووجودي في السجن كان سياسة». ورداً على منتقدي قرار اخلائه قال: «احرار يفكروا بما يريدون لكن لا يحموا المسلحين و«القاعدة» و«داعش».

وكانت المحكمة العسكرية فصلت بين ملفي سماحة والمتهم غيابياً في القضية نفسها رئيس مكتب الأمن القومي السوري اللواء علي مملوك، ولا يزال ملفه أمام المحكمة العسكرية الدائمة.

وجرى التمهيد لقرار محكمة التمييز بترجيحات إعلامية بإمكان إطلاقه. إلا أن تقديرات أخرى كانت تعتبر أنه لا يمكن إخلاء موقوف قد تصل عقوبته إلى الأشغال الشاقة المؤبدة. وتخوفت من أن تطول محاكمة سماحة في ظل إطلاق سراحه إذ لا يصبح عنصر الاستعجال ماثلاً أمام المحكمة.

 

مواقف رافضة

وكان قرار محكمة التمييز صدر في وقت كان مجلس الوزراء منعقداً ولم تصل أخبار الإخلاء إلى داخل الجلسة بسبب فصل الجلسة عن شبكة الإنترنت والتشويش الهاتفي لإجراءات أمنية، فلم يبد أعضاؤه أي رد فعل على القرار داخل الجلسة، باستثناء وزير العدل أشرف ريفي، الذي تبلغ بطريقة ما القرار فخرج بعد انتهاء الجلسة للإدلاء بتصريح عنيف رافض للقرار.

وقال زعيم «تيار المستقبل» الرئيس سعد الحريري: «مهما كانت أوجه التعليل لقرار محكمة التمييز العسكرية بإطلاق سماحة، فإنه قرار بإطلاق مجرم متورط بواحدة من أقذر الجرائم بحق لبنان»، وقال في تغريدات له عبر موقع «تويتر»: «إجماع الضباط في المحكمة على القرار، إجماع على تقديم مكافأة مجانية للمجرم باسم القانون، وانتهاك لمشاعر معظم اللبنانيين. إن إجماع الضباط على القرار في شأن سماحة هو عار ومشبوه ومكافأة للمجرم ولن أسكت عنه».

وأضاف: «بعضهم سيرى في القرار في شأن سماحة تدبيراً قضائياً صرفاً ونخشى أن يكون وصمة عار في جبين القضاء العسكري. اللبنانيون في كل الأحوال حكموا على سماحة بأنه مجرم أوقف بالجرم المشهود وهو يشرع بالقيام بأعمال إرهابية ويخطط لقتل مواطنين أبرياء. مجرمون على هذا المستوى يستحقون القصاص العادل الذي أنزل بكثيرين من طراز سماحة في عالم الجريمة المنظمة».

وقال الحريري: «نشعر في هذا اليوم بالقرف من عدالة منقوصة وبالخوف على أمن اللبنانيين طالما ستبقى الأبواب مفتوحة للمجرمين للهروب من الحكم العادل، لكنها مناسبة لأتوجه بالتحية في هذا اليوم إلى روح الشهيد وسام الحسن، وإلى أبطال فرع المعلومات الذي يقومون بدورهم في حماية لبنان. رحم الله الشهداء الذين سقطوا فداء للبنان وحريته وسلامته، ولعن الله المجرمين ومن يقف وراءهم».

ورأى رئــــيـــس «اللقــــاء الديموقراطي» النيابي وليد جنبلاط أن القرار «استباحة لشعور الناس، ويشكل طعناً عميقاً في العمل الجبار الذي قامت وتقوم به الأجهزة الأمنية في مكافحة الإرهاب، وأخيراً إنه تشريع للجريمة إن لم يكن تشجيعاً لها».

وقال ريفي: «مرة جديدة أجد نفسي مضطراً لأن أنعى المحكمة العسكرية إلى الشعب اللبناني، هذه المنظومة القضائية الاستثنائية بكل درجاتها، يبدو أنها تمييز بين متفجرات من هنا وأخرى من هناك، وتمييز بين إجرام تعتبره صديقاً وإجرام تعتبره عدواً، إنها بذلك تضرب بعرض الحائط الأمن الوطني». ورأى أن «كل من شارك في قرارات هذه المنظومة يتحمل مسؤوليته الوطنية وأنا على ثقة بأن اللبنانيين الشرفاء الوطنيين يدينون هذه القرارات المشبوهة. أنجزنا في وزارة العدل المشروع البديل لهذه المنظومة واقترحنا إبدال المحكمة بكل درجاتها بمنظومة قضائية متكاملة تقوم على التخصص أسوة بما هو معمول به في الدول المتقدمة والدول التي تحترم نفسها وتحترم أمن وكرامة مواطنيها. وأدعو اللبنانيين إلى العمل على دعم مشروع القضاء المختص البديل وإقراره لنماشي العصر ونعامل اللبنانيين بمعيار واحد من دون تفرقة أو تمييز، فمن يتعرض للبنان وأمنه مجرم، سواء جاء من هنا أو من هناك».

وقال إنه يفاخر بـ «أني قمت بواجبي الوطني عندما كنت مديراً لقوى الأمن الداخلي بضبط العبوات الناسفة التي ضبطت مع المجرم ميشال سماحة، وعددها 24 عبوة وكانت معدة لتستخدم في مشروع إجرامي فتنوي كبير. وأوجه تحية كبيرة للبطل ميلاد كفوري الذي ساهم معنا في حماية الأمن الوطني، وأنحني إجلالا أمام روح الشهيد الكبير اللواء وسام الحسن، الذي لعب دوراً كبيراً في حماية لبنان من هذه الجريمة الإرهابية الكبيرة، كما حماه من جرائم كبيرة أخرى». وأضاف قائلاً: «بئس هذا الزمن التي يتآمر فيه قاض على أمن وطنه، سأقوم بما يمليه علي ضميري وواجبي الوطني تجاه هذه القضية، لن نغفر، لن نتساهل في أمننا الوطني».

واعتبر وزير الداخلية نهاد المشنوق أنه «إدانة واضحة ومؤكّدة لمحكمة التمييز العسكرية بكلّ المعايير الوطنية والقانونية والمنطقية». وقال على «تويتر»، إنّه «سيكون لنا موقف، كتيّار سياسي، من الذين لا يزالون يتصرّفون على قاعدة إلغاء الوطن لمصالح القَتَلَة أمثاله». وشدد على أن «الموقف سيكون أعلى بكثير ممّا يظن زبانية تبرير القتل والتفجير من قبل النظام السوري».

وقال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع إن «إطلاق سراح سماحة مرفوضٌ بكل المقاييس»، سائلاً: «كيف لي أن أفهم إطلاق سراح لبناني تآمر مع جهة خارجية لارتكاب أعمال قتل وتفجير في بلاده ونقَلَ متفجرات لهذه الغاية وجنّد أشخاصاً لتنفيذها وجرى وقف المخطط في آخر لحظة من قبل فرع المعلومات؟ وأي رسالة بعثها رئيس المحكمة والضباط المعاونون الى اللبنانيين بقرار كهذا؟ وأي أمل يتركونه لهم بمستقبل بلادهم وسيادتها والحفاظ على أمن أبنائها وعلى حرياتهم؟». وقال: «بئس هذا الزمن. لكننا لن نرضخ وإننا كل شيء فاعلون حتى الخروج منه الى زمنٍ أفضل».

وشكّل القرار صدمة لأعضاء لجنة التواصل النيابية التي كانت مجتمعة في البرلمان.

واعتبر النائب نديم الجميل على «تويتر» أن إطلاق سماحة «اغتيال جديد للبنانيين وعار على المحكمة العسكرية».





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً