العدد 4900 - الجمعة 05 فبراير 2016م الموافق 26 ربيع الثاني 1437هـ

هل مُنِحَ الخميني هدية سيئة؟

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الـ 17 من شهر ديسمبر/ كانون الأول الماضي، تقدم 801 من رجال الدِّين بطلباتهم للترشّح لِنَيل مقعدٍ في الدورة الخامسة لمجلس الخبراء في إيران، والمكوَّن من 88 عضواً. والمجلس المذكور، بحسب الدستور، هو أعلى سلطة رقابية في إيران تقع على عاتقها مراقبة أداء المرشد الأعلى، وتعيين مَنْ يحل مكانه حال خُلُو المنصب لوفاةٍ أو عزلٍ لأسباب تتعلق بالعجز «عن أداء وظائفه الدستورية» كما ذُكِر.

تسلَّم مجلس أمناء الدستور (وهو المعنِي بالأمر بحسب المادة 99 من الدستور) الطلبات، ثم أعلن المتحدث باسمه أن على المترشّحين أن يقصدوا الحوزة العلمية في مدينة قم يوم الخامس من شهر يناير/ كانون الثاني (الماضي) لتقديم ما أسماه بـ الاختبار التحريري في الفقه والأصول؛ للتثبت من بلوغهم درجة الاجتهاد الفقهي، كشرط أساسي لقبولهم من عدمه لدخول سباق الترشّح.

بعدها أعلن المجلس أن نتيجة الفحص لطلبات الترشّح لانتخابات مجلس الخبراء، والتي ستُجرَى في الـ 26 من فبراير المقبل كانت كالتالي: 327 رُفِضَ ترشّحهم، و158 آخرون انسحبوا من تلقاء أنفسهم، و150 لم يحضروا امتحان الاجتهاد و166 قُبِلَت ترشيحاتهم.

كانت المفاجأة كبيرة على سِمَاطَيْ رجال الدين في إيران: محافظين ومعتدلين. فمن أبرز الأسماء المنتمية للتيار «المحافظ» المرفوض طلبها للترشّح: كاظم صديقي إمام جمعة طهران المؤقت، ومهدي طائب قائد مقر عمار لمكافحة الحرب الناعمة، ومصطفى بور محمّدي وزير الداخلية الأسبق ووزير العدل الحالي، ورضا تقوي رئيس مجلس سياسات أئمة الجمعة، ومرتضى طهراني عضو الهيئة العلمية في مؤسسة الإمام الخميني.

ومن أبرز الأسماء المنتمية للتيار «المعتدل» المرفوض طلبها للترشّح: محمد كاظم موسوي بجنوردي عضو اللجنة المركزية لتجمع روحانيون مبارز، ورسول منتجب نيا نائب رئيس حزب اعتماد ملي، ومجيد أنصاري مستشار الرئيس الإيراني للشئون البرلمانية، وحسن أحمد الخميني حفيد مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني.

بَدَا الأمر وكأنه رَمْيةً إن قَبِلها الفرقاء اختلفوا وإن رفضوها اختلفوا، وهو ما حصل فعلاً. على جهة اليمين فُتِنَ المحافظون: إذْ كيف لشخص مثل بور محمّدي الذي كان مُرشحاً سابقاً لوزارات تتطلب أن يكون وزيرها مجتهداً أن يُرفَض طلبه؟ هل رُفِضَ لأنه ليس كذلك أم لأنه لم يُجرِ اختباراً تحريرياً في حوزة قم؟ فإن كان للسبب الأول فإن ذلك يُدخلهم في تناقض ديني! وإن كان للسبب الثاني فلماذا أحجَمَ هو ورموزٌ من اليمين عن ذلك؟ هل هو خلاف داخلي أم ماذا؟

على جبهة المعتدلين بدا الأمر أكثر تعقيداً، وبالتحديد في ردود الفعل الخاصة برفض ترشيح الخميني «الحفيد». فقد قال هاشمي رفسنجاني موجهاً كلامه لأعضاء مجلس أمناء الدستور: «من أين حصلتم على الأهلية؟ ومَنْ قرر أنكم مؤهلون للحكم على آخرين؟ بل مَنْ منحكم كل منابر صلاة الجمعة وإدارة التلفزيون الرسمي لو لم يكن الإمام الخميني؟ فلو لم يوجد الإمام لما كان أي من هؤلاء موجوداً هنا فكلنا مَدِينون للإمام».

ثم أضاف «في الوقت الذي يجب أن نعتبر الجميع مَدِينين لبيت الإمام، لم يُقدِّم المَدِينون هدية جيدة لبيت الإمام على أعتاب الانتخابات. لقد أسأتم التهنئة، وعليكم أن تعتذروا».

لكن الغريب في الأمر هو ردود الفعل على تصريحات رفسنجاني الصادرة عن تيار الإصلاحيين. فقد شَنَّ محمد علي أبطحي مدير مكتب رئيس الجمهورية الأسبق محمد خاتمي هجوماً عنيفاً على رفسنجاني معتبراً تصريحه بأنه «شعوبي» مضيفاً «كان يمكنه الانتقاد بطريقة ما بعد انتهاء المدة المحددة للطعن، وردّ مجلس الأمناء على تلك الاعتراضات»، معتبراً حديث رفسنجاني مُضراً «بمن رفضت أهليتهم» كـ حسن الخميني، وبالتالي فإن ذلك النقد ما هو إلاّ تسويق لرفسنجاني نفسه.

ذات الأمر حصل مع كتاب وشخصيات إصلاحية أخرى كـ عباس عبدي الذي قال: «من الواضح أن أي شخص يستطيع أن يعترض على مجلس أمناء الدستور في رفضه أهليات المرشحين للانتخابات إلاّ السيد هاشمي رفسنجاني، لأنه هو من عَيَّن اللجنة المسئولة عن التثبت بشأن أهلية المرشحين إبّان توليه رئاسة مجلس الخبراء».

أما حسن الخميني نفسه فقد اكتفى بالقول: «إنّ عدم تمكن بعض الأعضاء الموقرين في مجلس أمناء الدستور من التحقق من مؤهلاتي أمر مفاجئ لي وللعديد من الأعضاء الآخرين» دون أن يُصعِّد.

الحقيقة أن وراء تلك المواقف المتناقضة علاقات سياسية معقدة في الداخل الإيراني. ففي جبهة المحافظين يبدو أن هناك توجهاً لمنع بعض الأعضاء «الكهول» السابقين من الترشح والإتيان بجيل شاب من رجال الدين بعد أن توالت وفيات أعضاء مجلس الخبراء المنتهية ولايته بفعل السن (5 أعضاء توفوا في هذه الدورة) أو بسبب عجز آخرين بفعل المرض والشيخوخة. وهو أمر لمَّح له أحد أعضاء مجلس الأمناء وهو آية الله محمد مؤمني قمي عندما قال: «يمكن أن يكون لنا مجلس خبراء شاب».

أما عند المعتدلين، فهم كانوا يريدون أن ينأوا بأنفسهم عن أي صِدَام مع المؤسسة الصلبة في النظام، على الأقل في هذه المرحلة. وقد اعتبروا تصريحات واصطفاف رفسنجاني إلى جانبهم، بأن الأخير يريدهم متراساً يستخدمه ضد خصومه في اليمين، ويسترجعون دائماً الضريبة التي دفعوها في العام 2009م والتي حمّلوا فيها ضمنياً رفسنجاني المسئولية كونه زجَّ بموسوي وكروبي في معركة خاسرة مع المؤسسة الدينية والعسكرية، دون أن يخسر هو موقعه في النظام ما خلا إمامة صلاة الجمعة، وقبل ذلك كان خصماً لهم في مجلس الخبراء الثالث والبرلمان الرابع والخامس.

الحقيقة وأمام قراءة ما يجري من خلافات بين الفرقاء يبقى الأهم هو معرفة التوجه الحاسم في هذه الانتخابات (الخبراء) التي تعكس رؤية القوى الصلبة في النظام، وهو ما لا مجال لتناوله إلاّ في مقال منفصل.

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 4900 - الجمعة 05 فبراير 2016م الموافق 26 ربيع الثاني 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 1:10 ص

      الأخ محمد أكثر المترشحين مايحفظون القرآن الكريم وعلومه وتفسيره بس يعرفون...

    • زائر 2 | 12:52 ص

      ايجون الحين

      لي يقولون أن ايران فيها ديمقراطيه
      الجوع ضاربهم من كل مكان
      والاضطهاد بكل مكان
      ولو يطلع ايراني
      يحرق تاير
      أو يفجر سلندر
      أو يحرق بيت ضابط أو شرطي
      راحت على أمه
      اول مره اشوف واحك ينتقد إيران في شي يمكن لأن مرتبط بال..
      ماشوف أحد اتحجى عن موسوي وكروبي لي خلوهم في الحجر
      دبحوا العالم ديك السنه على ما ميش

    • زائر 4 زائر 2 | 2:14 ص

      برم

      ليش تخلي ايران قدوة ليش ماتخلي بلدك قدوه يعني البحرين كلهم شعب غني وأغلب العوائل تعيش على علاوة الغلاء والصناديق الخيريه

    • زائر 5 زائر 2 | 3:52 ص

      المقال في وادٍ

      وأنت في وادٍ آخر ...!

    • زائر 1 | 12:50 ص

      لن تكون هذه الانتخابات حماسية بشكل كبير

      إذا تم السماح لهذا العدد فقط للترشح للانتخابات فلن تكون حماسية اذ ان المقعد الواحد لن تزيد المنافسة عليه سوى بين شخصين

اقرأ ايضاً