العدد 4905 - الأربعاء 10 فبراير 2016م الموافق 02 جمادى الأولى 1437هـ

كولومبيا: الفوز بالحرب على الفقر وعدم المساواة رغم الصعاب

الوسط – المحرر الدولي 

تحديث: 12 مايو 2017

من الصعب تصور الوضع ولكن أغلب الكولومبيين لم يعيشوا في سلام على الإطلاق في بلادهم. كابدت كولومبيا، باعتبارها مسرحًا لواحد من أطول الصراعات المسلحة في العالم، هذا الصراع الداخلي لفترة تتجاوز الخمسين عامًا، حصد فيها أرواح الآلاف ودفع الملايين إلى الفرار من منازلهم، وذلك وفقاً لتقرير نشره موقع "البنك الدولي".

ورغم هذه الصعاب، نجحت كولومبيا في التقدم على جبهة أخرى وهي الحرب على الفقر. وحتى في خضم الصراع، حققت كولومبيا معدل نمو أعلى من متوسط نمو بلدان أمريكا اللاتينية وخفضت معدلات الفقر المدقع بمقدار النصف بين عامي 2002 و2014. 

وغادر أكثر من ستة ملايين شخص عالم الفقر، ولأول مرة على الإطلاق يصبح عدد أفراد الطبقة المتوسطة أكثر من عدد الفقراء في كولومبيا.

 وقال جيراردو كوروتشانو، مدير مكتب البنك الدولي بكولومبيا والمكسيك "إن الوجه الحالي لكولومبيا مختلف تمامًا ولها مستقبل واعد".

وتابع "إنها تستعد لإنهاء صراع كان بمثابة حجر عثرة لسنوات طويلة في طريق استغلال مقوماتها الإنمائية".

ويتفق الخبراء على وجود فرصة كبيرة سانحة لكولومبيا بعد الصراع. 

يكشف تقييم اقتصادي أجراه البنك الدولي أن البلاد لو كانت تنعم بسلام على مدار العشرين عامًا الماضية، لارتفع نصيب الفرد من الدخل بواقع 50% أعلى مما هو عليه اليوم.

وإذا اعتبرنا أن النمو الاقتصادي كان مسؤولًا عن الحد من معدلات الفقر المدقع أكثر من 70% بين عامي 2002 و2013، فإن هذا بمثابة تأثير مذهل. 

وأضاف كوروتشانو "تستطيع كولومبيا أن تصنع التاريخ في عام 2016".

كيف سيكون برنامج عمل ما بعد الصراع؟

أوضح كوروتشانو  أن "البلاد ستكون في حاجة إلى استثمارات في البنية التحتية ورأس المال البشري". 

وتابع أن "الوصول إلى أعلى معدلات الرفاه لجميع الكولومبيين يستلزم إدارة السلام بشكل مستدام واستئصال الفقر وتقاسم الرخاء."

ولن تكون هذه بالمهمة اليسيرة. فهي تستغرق وقتًا وهناك الكثير من الجهود التي يجب بذلها. فأوجه عدم المساواة بين المناطق لا تزال كبيرة على سبيل المثال. وقال "نعم، هناك تطورات ولكن الوقت حان لمضاعفة الجهود". 

استعادة الأراضي تعني استعادة الحياة

خلال سنوات الصراع، ترك أكثر من ستة ملايين شخص منازلهم خوفًا على حياتهم.

يقول ألفونسو ميجيا، أحد أصحاب مزارع الماشية ممن استعادوا أرضهم "كنت أذهب إلى الجبال وكان يساورني الشعور بالقلق وكنت أعتقد أنني سأتعرض للقتل. كانت تجربة سيئة فعلًا لي".

وتوضح فيكتوريا ستانلي، كبير أخصائيي التنمية الريفية بالبنك الدولي أنه "إذا كانت الأرض هي الشيء الأساسي الذي تملكه واضطررت إلى تركها، فهذا سيؤدي إلى تعريضك إلى مزيد من الضعف. وبالتالي فإن رد الممتلكات إلى أصحابها يعد أحد سبل مساعدة السكان على استعادة حياتهم في مجتمعاتهم واسترداد هذه الممتلكات القيمة أيضًا".

 والآن لم يسترد هؤلاء السكان أرضهم فحسب بل استعادوا أيضًا سبل كسب العيش.

تتركز الكثير من المبادرات على التعامل مع حقبة ما بعد الصراع. فقد قام البنك على سبيل المثال بدعم كولومبيا من خلال أهداف مرتبطة بحماية حقوق السكان في الأراضي وإضفاء الطابع الرسمي على تلك الحقوق وردها إلى أصحابها، لاسيما من نزحوا بفعل الصراع الذي استمر عقودا طويلة. بنهاية عام 2014 ، نظر القضاة 1852 قضية لاسترداد الأراضي.

والمرأة عليها دور أساسي تنهض به في هذا الجهد. تشير خوانا أليسيا رويز هرنانديز وهي من المستفيدات من برنامج استعادة الأراضي إلى أن "النساء سمح لهن من بداية الأمر حتى نهايته بالمشاركة بصفتهن صاحبات أعمال ومسؤولات عن إدارة تنمية شؤونهن الخاصة".

ثمة قضية أخرى منظورة وهي التعويضات المقدمة إلى الضحايا.

يتولى البنك الدولي إدارة صندوق يضم عدة مانحين لفترة ما بعد الصراع في كولومبيا، وتتمثل الخطوة الأولى للصندوق في تحسين القدرة التشغيلية للحكومة من أجل تفعيل برنامج التعويضات الجماعية. سيعود هذا بالنفع على الفئات المتضررة من السكان الذين كانوا ضحايا الصراع مثل المجتمعات الكولومبية من أصل أفريقي أو السكان الأصليين.

وجه جديد

بُذلت جهود أيضًا لمساعدة الشباب والفئات المتضررة على المضي قدمًا في الطريق نحو المستقبل. فقد حقق مشروع للسلام والتتنمية  أصولًا اجتماعية واقتصادية وبيئية لحوالي 90 ألف مستفيد.

وتم تعزيز أكثر من 600 منظمة عن طريق زيادة مشاركتها في الحياة البلدية الأمر الذي أدى أيضًا إلى تعزيز جهود الدولة على المستوى المحلي.

فعلى سبيل المثال بدأت مجموعة من النازحات نشاطًا لصناعة الملابس بدعم من المشروع.

تقول آنا ليديا جامبوا، وهي واحدة من أولئك النساء، إن المشروع ساعدها على تحسين مهاراتها في مجال الإدارة والاتصال. 
وأضافت "نشعر بالفخر بالإنجازات التي حققناها والأحلام التي حولناها إلى واقع".

هناك مبادرات أخرى تشمل مساعدة الشباب على الهروب من دوامة العنف ونشر السلام من خلال الفنون أو الموسيقى أو الرياضة. يستفيد حوالي 1800 طفل من المبادرات التي يديرها برنامج  "كرة القدم من القلب". 

فمن خلال كرة القدم، يعمل هؤلاء الأطفال على تطوير مهارات مكافحة العنف وتعزيز المساواة بين الجنسين وتشجيع الاستمرار في الدراسة.

وبالمثل، تُدرس إعادة بناء النسيج الاجتماعي ووحدة المجتمع كمادة في المدارس. وفي أنتيوكيا وفي إطار مشروع تعليمي مدعوم من البنك الدولي، يعمل أطفال إحدى المدارس الثانوية على جمع المعلومات من الشيوخ عن تاريخ بلدتهم لاسيجا التي عانت كثير من الصراع المسلح.

تقول أنجي، الطالبة بالمدرسة "يعتقد الناس أننا على ما نحن عليه بسبب النزاع المسلح الذي دارت رحاه على هذه الأرض. لا، فالأمر ليس كذلك! "بل نسعى إلى تغيير وجه بلدتنا".

 





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً