العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ

القطان: أمَّة الإسلام تتجرع كؤوس الأسى... واليأس والقنوط يهددان العزائم ويجلبان الهزائم

الشيخ عدنان القطان
الشيخ عدنان القطان

الجفير - محرر الشئون المحلية 

26 فبراير 2016

رأى إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، الشيخ عدنان القطان أن أمة الإسلام اليوم «تتجرع كؤوس الأسى، وتسقى صنوف القذى، وتتعرض لويلات الأذى، تمطى عليها الهم بصلبه، وناء بكَلْكَلِه، وألقى بثِقله، وأمطرت عليها سحائب الكيد الثقال، وجثم عليها مكر تزول منه الجبال؛ تآمَر الخصوم، وتدافع الكفر، وتسابق الطغيان، وتسارع الظلَمة، وتفنن المردة»، معتبراً أن اليأس والقنوط والتشاؤم صفات تهد العزائم وتجلب الهزائم.

وفي خطبته يوم أمس الجمعة (26 فبراير/ شباط 2016)، قال القطان هناك «حِيلٌ تُحبَك، وحجج تختلق، وكرامات تنتهك، ومشاعر تداس، وحقوق تغتصب؛ وحشود تتحفز، ووفود تتربص، ومستقبل مظلم، وتحركات مخيفة، وتوجهات مريبة، وقوى شديدة، وقلوب تطفح كُرْهاً للمؤمنين، وصدور تضيق ذرعاً بالعرب والمسلمين، ونفوس تمتلئ غيظاً على الموحدين؛ شَمَّروا عن السواعد، وتوسعوا في القواعد، وتوعدوا بالحروب، وهددوا بالدمار، وقالوا: مَن أشد منا قوة؟ أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة؟! إنهم يمكرون، ويمكر الله، والله خير الماكرين».

وشدد على أن المسلمين يجب أن يلجأوا إلى الله، وأن يحتموا بحماه، ويعتصموا بحبله، ويلوذوا بجنابه، وينطرحوا على أعتابه، ويثقوا بنصره، ويستبشروا بمعيته، فإن فعلوا ذلك لم يضرهم كيد، ولم يمسهم سوء، ولم يصلهم مكروه.

الخطبة التي حملت عنوان «التفاؤل في زمن الفتن والمحن»، أوضح القطان فيها أن «اليأس والقنوط والتشاؤم صفات مقيتة، وسمات بغيضة، تعكِّر الإيمان، وتغضب الرحمن، وتوهن القوى، وتتلف الأعصاب، وتهد العزائم، وتجلب الهزائم، وتورث الحسرة، وتمكِّن للهوان، إذا أسر بها القلب، انطفأ نوره، ومات سروره، وإذا عشعشت في الذهن، أذابت توقده، وأطفأت توهجه؛ ولذلك فإن المؤمن مؤمل في ربه، واثق بنصره، مستبشر بتأييده، متطلع لفرجه، مترقب لكرمه، ينظر للحياة بمنظار ناصع، وقلب مطمئن، ونفس راضية، وروح متفائلة، قد تحيط به الفتن، وتحدق المحن، ويشتد الكرب، ويعظم الخطب، ويحل الهم، ويخيم الغم، وهو يخترق ظلماتها جميعاً بضياء إيمانه، ونور إسلامه، وقوة يقينه، وجمال صبره، وروعة توكله، فلا تزيده المحن إلا قوة، ولا تورثه الفتن إلا صلابة، ولا تملؤه الخطوب إلا تفاؤلاً وإشراقاً، وتوهجاً وإيماناً وتوكلاً».

وأشار إلى أن «الأمة الإسلامية ضربت أروع الأمثلة في الرضا والصبر والتفاؤل والإقدام والثقة، سواء على مستوى الأفراد أو على مستوى الشعوب والدول والممالك، ولقد تعطر التاريخ، وتضمخ الدهر بأبدع النماذج في هذا الميدان، وأصدق الشواهد في ذلك الشأن، وهكذا كان الأنبياء والأولياء والأصفياء على مر التاريخ، تشرق نفوسهم بالرضا، وتتقد ضمائرهم بالبِشر، وتعبق أرواحهم بالتفاؤل».

وفي سياق خطبته، ذكر أن «عودةً إلى هذا القرآن العظيم، وتدبُّراً لآياته، وتأملاً لأسراره، تبعث الرضا، وتنثر الدفء، وتبث الطمأنينة، وتلوح بالبشرى».

وأكد أن «التآمر الخطير، والتحالف المرير على الإسلام وأهله لا يخيف المؤمنين، ولا يثبط الموحدين، ولا يخذل المتقين، بل لا يزدادون إلا ثقة بربهم، وأملاً في خالقهم، وتمسكاً بمنهاجهم؛ وليس معنى ذلك بث روح التواكل والتهاون والتقاعس، بل يجب أن نعمل وأن نجتهد، وأن نعد كل ما نستطيع من قوة، وأن نفخر بديننا، ونباهي بإسلامنا، وننثر عبيره في الناس، وننشر ضياءه للبشرية».

وقال: «إننا مع كل هذه المخاوف والمخاطر التي ذكرناها إلا أننا نرى في ثناياها الفرج كل الفرج، والبشرى كل البشرى، والتفاؤل كل التفاؤل، وذلك لأمور منها: أولاً: أن الظالم عاقبته وخيمة، ونهايته أليمة، وزواله وشيك، ثانياً: أن الكبر والغطرسة من أقوى دواعي فناء الدول، وسقوط الأمم، ثالثاً: أن هذا أكبر دليل على قوة الدين، وهيمنة الإسلام، وسعة انتشاره، وعظيم أثره، وجميل وقعه؛ وإلا لو كان ديناً هزيلاً، أو منهاجاً متهافتاً، لما أثار خوفاً، ولا أحدث فزعاً، ولا أغاظ عدواً... ثم إننا على ثقة بربنا، ويقين من كتابنا، وهو الذي يتردد على أسماعنا، ويداعب قلوبنا».

ودعا القطان إلى الثقة بالله والأمل به، قائلاً: «تفاءلوا بالخير تجدوه، واصنعوا الحياة من حولكم بالتفاؤل، ولا تكونوا معول هدم، ولا سبباً في تقنيط الناس من رحمة الله، وابذروا الخير والأمل، واعملوا على تآلف القلوب واجتماع الصفوف، فمن يدري؟ ربما كانت هذه المصائب والفتن والابتلاءات باباً إلى خير مجهول، ورب محنة في طيها منحة».

وأضاف «مرت الأمة بأزمات وفتن، وابتليت بمصائب، فدفع الله عنها ذلك، وحفظها من كل سوء، وبعث فيها الحياة من جديد عندما عادت إليه وصدقت في حمل دينه واتباع رسوله (ص).

وخلص إمام وخطيب جامع مركز أحمد الفاتح الإسلامي، إلى أن القرآن الكريم سيظهر على كل دين، ويهيمن على كل منهج، ويحطم كل مناوئ، ويخترق كل حجاب، بعِز عزيز وذل ذليل، بإذن الله جل وعلا.. إنها غمة وتزول، وفتنة وتنتهي، وزوبعة وتذوب بإذن الله تعالى؛ إنه كرب وشدة، وعسر ومشقة، ولكن ليلها آذن بزوال، وثقلها منبئ بارتحال، وليس هو أول ابتلاء أو محنة تمر بها أمة الإسلام، فقد تعرضت لمحن كبيرة، ومتاعب جسيمة، ومخاوف مرعبة، فلم تزدد بها إلا قوة، ولم تنل منها إلا الفتوة».

العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً