العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ

دور البكتريا في تقنية المستقبل «النانوتكنولوجي»

سلوى الذوادي

أستاذ مساعد في التكنولوجيا الحيوية جامعة البحرين

الكثير من الصناعات الغذائية والدوائية والبيئية قائم على نشاط بكتريا مختلفة. فالبكتريا هي كائن دقيق يتحول إلى مصنع ينافس أجود المصانع العالمية في إنتاج منتجات ذات قيمة اقتصادية عالية عند توفير البيئة والغذاء المناسبين لها. إن التوجه الحالي العالمي هو جعل البكتريا تُصنّع جسيمات نانوية للاستخدام في مختلف التطبيقات. تعرف الجسيمات النانوية بأنها تجمعات ذرية بين خمس إلى ألف ذرة بحجم 1-100 نانوميتر (النانومتر هو جزء من ألف مليون من المتر)، فهي بذلك تعد أصغر من البكتريا بكثير.إن تناهي حجمها في الصغر يعطيها مميزات مهمة في الصناعة فهي تتميز بخواص كهرومغناطيسية وبصرية لاتوجد في الجسيمات الأكبر حجماً».

إن الجسيمات المصنعة بيولوجياً من خلال البكتريا تفوق تلك المصنعة كيميائياً من حيث الجودة، وإمكانية التحكم في حجم الجسيمات الناتجة وما إذا كانت مفردة أو على هيئة مجاميع، ولايصاحب إنتاجها مواد ضارة، كما إن إنتاجها سريع يتراوح من ساعات إلى عدة أيام ولا تحتاج إلى إضافة مواد كيميائية كثيرة أثناء عملية التصنيع. فمثلاً «جسيمات الذهب النانوية لها تأثير كبير في قتل الخلايا السرطانية عند التعرض لأشعة الليزر بعد ارتباطها بتلك الخلايا. ولكن للأسف فإن عملية تصنيع تلك الجسيمات كيميائياً» يشكل ضرراً «بالغا» على صحة الإنسان وذلك لاستخدام مواد كيميائية سامة وأحماض ضارة في عملية التصنيع. فتصنيع تلك الجسيمات بيولوجياً هو الحل الأمثل. وقد تم اللجوء فعلياً إلى مصادر نباتية كالقرفة والزيوت والبذور لتصنيع الجسيمات النانوية لتقليل خطر التصنيع الكيميائي إلا أن المحاولة تشوبها عوائق كالنقل للمنتجات النباتية، وتكلفة استخلاص المادة الفاعلة، والوقت، وكمية الإنتاج ومشاكل أخرى متعلقة بخصوصية التطبيق.

من تلك الجسيمات التي تمت دراستها جيداً هي جسيمات الفضة النانوية التي لها تأثير قاتل على البكتريا والفطريات الممرضة فهي تستخدم في تبطين ثلاجات «السامسونج» لتمنع تكاثر الميكروب كما يمكنهم استخدامها في أسقف المستشفيات والطلاء لنفس الغرض السابق، كما أنها توضع في الفلترات التي تستخدم في معالجة مياه المجاري حيث قدرتها العجيبة على قتل البكتريا الممرضة والتي أكدتها مختبرات قسم علوم الحياة في جامعة البحرين بعد تصنيعها بيولوجيا».

وهناك الكثير من الجسيمات النانوية الأخرى التي تجري عليها الأبحاث حالياً ولها آثار تقنية عظيمة كتلك التي تستخدم لانتاج الطاقة النظيفة، وللاستخدام في الأغراض العسكرية، وعلاج الأورام السرطانية، وإنتاج حواسيب ذرية صغيرة، وتحسين وتصغير حجم الآلات الطبية، وايجاد مضادات بكتيرية وفيروسية، وانتاج جسيمات مضادة للأكسدة لها قدرة على مضاعفة عمر الخلايا، وتحسين صناعة الأبواب والمقاعد للطيارات والسيارات حيث تتميز المواد المصنعة بتقنية النانو بالمرونة والصلابة وخفة الوزن. وامتدت تقنية النانو لتشمل تصنيع مواد قادرة على تنظيف نفسها ذاتياً مثل الأصباغ التي تمنع التصاق الغبار والأوساخ عليها والزجاج الذي تهتز حبيباته عند التعرض للأشعة الفوق البنفسجية للتخلص من الأوساخ.

على الرغم من جميع ماذكر من منافع للنانوتكنولوجي إلا أن هذه التكنولوجيا يجب أن تراقب بحرص شديد. إن الكثير من الأبحاث قد أطلق عدم وجود ضرر من تلك الأجسام النانوية إلا أن بعض الأبحاث بينت أن جسيمات النيكل النانوية مثلاً لها تأثير مسرطن على الرئة عند استنشاقها، وبعضها تؤثر سلباً على التنوع الحيوي الميكروبي كما إن تلك الجسيمات المستخدمة في التسميد لقتل مسببات الأمراض النباتاتية تخترق طبقة رقيقة من الثمر مما قد تسبب ضرراً عند تناولها. فلذلك وجب التريث والتأكد من تمام منفعة تلك الجسيمات النانوية مع تقنين استخدامها قبل إطلاقها تجارياً وبالأخص تلك التي تدخل في المأكل والمشرب والملبس.

إقرأ أيضا لـ "سلوى الذوادي"

العدد 4921 - الجمعة 26 فبراير 2016م الموافق 18 جمادى الأولى 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 11:40 ص

      أيونات الفضة

      شكرا للكاتبة على هذا المقال العلمي
      كما أتمنى من الكاتبة أن تطرح موضوعا مستقلا عن أيونات الفضة واستخدام الإنسان لها في العلاج عوضا عن المضادات الحيوية من وجهة نظر علم اﻷحياء في المسألة باعتبارها أحد المختصين في هذا العلم.

اقرأ ايضاً